تجارب ومواقف غريبة

جحش الليل

بقلم :  عبدو عبد الرحيم العرائشي المغربي – المغرب
للتواصل : [email protected]

جحش الليل
في طريقه تل مليء بالقصب والنباتات الشائكة وبعدها نهر مسكون

عندما كنت صغيراً كنت اسكن بمنطقة ريفية تكثر فيها روايات عن الجن والعالم الآخر ومن بين الحكايات الحقيقية العديدة والتي سبق لي أن سردتها ..

حكاية حارس المستودع 

كنا نسكن قرب مستودع للحبوب كبير جداً يلبي متطلبات السكان من منتجات البذور الزراعية ، وكان لهذا المستودع حارس ليلي وهو كان صديقاً لأبي وسرد عليه قصته ، كان بيتنا قريباً جداً للمستودع لذلك فقد كان أبي وصديقه الحارس وبعض الأصدقاء الجيران يجلسون أثناء الليالي الصيفية قرب المستودع ويسهرون هناك حتى ساعات متأخرة هروباً من حر المنازل .

و لسوء حظ الحارس ؛ كان يسكن بقرية بعيدة نحو ثلاث كيلومترات عن المستودع وكان يستلم دوامه في الساعة 12 ليلاً ولسوء حظه أيضا كان طريقه يمر بأخطر منطقة من حيث حكايات الجن فطريقه تل مليء بالقصب والنباتات الشائكة وبعدها نهر مسكون به شجرة توت لا يجرؤ أحد على الوصول إليها حتى نهاراً ومن ثم يصل للمستودع .

ذات يوم تأخر قليلاً عن دوامه إلى حوالي الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ، وكانت ليلة مقمرة والبدر مكتمل وكل شيء يظهر جلياً بقربك ، وكان الناس قد حذروه من خطورة ما يقدم عليه من المرور بتلك المنطقة خاصة قرب شجرة التوت ، لكنه كان شجاعاً ولا يهاب شيئاً ، وفي تلك الليلة لما وصل لضفة النهر ونزل كي يقطع للضفة الأخرى سمع صوت ركض قربه فالتفت ليجد جحشاً يجري ويجري وألقى بنفسه من الجرف داخل الماء ..

ارتعب الرجل وتسمر مكانه وانتظر أن يعود الجحش للظهور والطفو فوق الماء وتمنى أن يكون مجرد حلم ، لكن ظنه خاب عندما لم يطلع شيء أبداً ، وأبصر مكان السقوط وأثر السقوط وموجات الماء تتلاشى شيئاً فشيئاً حتى تسطح الماء كما كان ، فما كان منه إلا أن أطلق ساقيه للريح حتى لامستا ظهره من الفزع و وصل للمستودع يقطر عرقاً ويتنفس بسرعة ، فاستغرب أبي وأصدقائه من هذه الحال فقص لهم ما رأى ، فتعالت عليه ضحكات السخرية والمرح ، ومن ذلك الوقت أصبح يقطع طريقاً آخر بعيداً.

تاريخ النشر : 2017-08-29

guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى