تجارب من واقع الحياة

الضمير عدو حي

بقلم : يقطين – المغرب
للتواصل : [email protected]

ألوم نفسي على كل شيء و لا ترضيني جميع أفعالي و كأنني أسعى إلى المثالية

أولاً أريد أن ألقي سلامي على رواد موقع كابوس موقع الرعب الأول في العالم العربي ، و أوجه تحية خاصة للاستاذ اياد العطار و كلمة شكر صادقة على منحه الشباب العربي هذه الفرصة للغوص في عالم العجائب و تمضية الوقت في ما هو ممتع و مفيد .. ثانياً أريد أن أطرح مشكلتي بدون إطالة و التي لا أعرف هل أصنفها في خانة المشكلات النفسية أو الاجتماعية ببساطة .

مشكلتي هي ضميري ، نعم ذلك الكيان الغامض القابع في أعماق ذواتنا و الذي لم يتوصل أحد بعد لتحديد ماهيته الحقيقة ، هل هو شعور أو تفكير أو نتاج خلق و تربية حسنة !
ببساطة يا سادة أنا أملك ضميراً لاذعاً يتعامل معي بكل شراسة و لا يترك لي لحظة أستمتع بها على هواي إذ أنني دائمة التفكير كثيرة الشرود و محبة للعزلة ، أتحدث دائماً مع نفسي و كل أحاديثي هي لوم ، ألوم نفسي على كل شيء و لا ترضيني جميع أفعالي و كأنني أسعى إلى المثالية ، حتى أنني قد فقدت التلقائية في حياتي حيث أسيّر كل أفعالي و أقوالي كما يجب أن تكون و ليس كما أحبها أن تكون ، مراعيةً في ذلك نظرة المجتمع و ساعيةً لنيل رضى الناس .

 أعلم أن هذا خطأ كبير ، فالعيش من أجل الناس رمى بشخصيتي الحقيقية في هاوية الاندثار و ألقى بي في حفرة عميقة من الاكتئاب و العصبية خصوصاً عندما لا أجد من الآخرين نظير معاملتي لهم ، فلطفي معهم فهموه على أنه حاجة و ضعف ، و شيئاً اتخذوه سبيلاً لإهانتي و التقليل معتبرين إياي تلك المتملقة التي ستعود و تبتسم في وجوههم مهما أسمعوها من كلام و أظهروا لها من تعامل جاف ظناً منهم بأنني أفعل ذلك طمعاً فيهم ، و نسوا بأن الله تعالى أمر بالعفو و حسن المعاملة و فوق ذلك لقد استسلمت و أعطيت لنفسي لقب المنافقة و العياذ بالله لأنني لا أصرح أبداً عما يكنه قلبي ، أحتفظ بمشاعري لنفسي و أعامل الناس بما يحبون أن يعاملوا به ، و مؤخراً صرت أتساءل هل أنا بالفعل أفعل ذلك لنيل رضى الله تعالى كما أوهم نفسي أم لنيل رضا من حولي .

قد لا تبدو مشكلتي جدية كفاية للكثير منكم ، و لكن أريدكم أن تؤمنوا بأن أشد صراع يخوضه المرء هو مع نفسه ، و أقسى حوار قد يسمعه هو حواره الذاتي ، صدقاً لم أعد أعرف كيف أعيش ، لقد مللت من هذا النمط من الحياة ، الناس يعيشون على هواهم و يتصرفون بكل عفوية ، و أنا يجب أن أخطط و أحسب ألف حساب لكل كلمة أو فعل و إن لم أفعل يبدأ ضميري العزيز في إلقاء محاضراته علي .

أنا أحاسب نفسي على كل شيء ، على استمتاعي الزائد بوقت الفراغ ، على حديثي غير اللبق مع جارتنا ، على تزيني أو ارتدائي لملابس جميلة ، على عدم زيارتي لأقاربي ، على عرس صاخب ، على عدم إكثاري من النوافل و الطاعات و هذه النقطة بالذات تسبب لي أذى كبير حيث أحس دائماً أنني مقصرة في حق الله سبحانه رغم أنني أسعى جاهدة لأقوم بواجباتي الدينية على أكمل وجه ، و هذا في حد ذاته ألقى بي في براثن الوسواس الذي ينهش عقلي نهشاً ، إذ أشك في كل صلاة و وضوء و صيام ، بل بلغ بي الأمر إلى الشك في أمور أخرى أعظم و العياذ بالله .

جميع من حولي أخبرني أنه علي التخفيف عن نفسي قليلاً ، فالحياة ليست خطاً مستقيماً نسير عليه ، بل يجب أن نطلق العنان من حين لآخر لتفادي الروتين القاتل ، و لكن المشكلة هي أنني كلما حاولت الخروج التخفيف قليلاً من حدتي في التعامل مع نفسي لا تكاد أيام قليلة تمر حتى يستقظ صوته الخفي من جدي و يبدأ بتأنيبي على تقصيري في الأيام الماضية ، فأعود و ألتزم أكثر من السابق باختصار السعادة و الراحة النفسية في حياتي ، صارت بالنسبة لي حلماً صعب المنال و اقتنعت بأنه تحتم علي أن أعيش في هذا الصراع الدائم و الذي قد يكون ابتلاء من الله تعالى

مؤخراً قررت أن أخطو خطوة جديدة في درب التغيير و أن أقلل من اللطف الزائد تجاه الناس ، و الذي أصبح فجوة تنهال علي من خلالها سهام الإهانات ، و هذا فتح علي نافذة أخرى من الصراعات ، فالناس بالتأكيد لم يتفهموا هذا التغيير المفاجئ و كان بديهياً أن يصلوا إلى استنتاجهم السطحي و الذي مفاده أنني بالفعل كنت أظهر اللطف و اللين في التعامل فقط لكسب رضاهم ، و الآن قد أبنت عن وجهي الحقيقي و الذي ينافي الصورة التي عرفوني عليها ، فكان طبيعياً أن يشار إلي بلقب المنافقة .

طبعاً عندما أتحدث عن هؤلاء فأنا لا أعني تلك النخبة الصافية من الناس الذين تربطني معهم علاقات قوية كالعائلة و الأصدقاء المقربين و ما إلى ذلك ، بل أتحدث عمن يمكن اعتبارهم ثانويين في حياتي و الذين خطر لي فجأة بأنه لا حاجة لي بهم و أنه يجب التخلص منهم .

في الآونة الأخيرة بدأت ألاحظ بأن مشادتي الكلامية في مواقع التواصل الاجتماعي قد كثرت ، و جفائي في المعاملة قد أثار اهتمام الكثيرين ممن ألقيت بهم بعيداً و توقفت بين ليلة و ضحاها عن الرد على رسائلهم حتى أن بعضهم قد أرسل لي خطابات كلامية شديدة وبخني فيها وقال أنه ندم على معرفتي ، و بالتأكيد هاته الخطابات كانت كالسهام الجارحة التي تخترق قلبي و تجرح مشاعري ، فأنا كنت طوال حياتي مسالمة و لم أعتد الدخول في الصراعات ..

فأتساءل ؛ ألا يتذكر هؤلاء كل المواقف الحسنة التي فعلتها من أجلهم ؟ ألا يلتمسون أية أعذار ؟ هل كنت حقاً على صواب عندما قررت إنهاء علاقاتي الوهمية أم أنني بالفعل إنسانة شريرة و أنني قد مللت التصنع ، هل إذا خسرتهم سأكون وحيدة ؟ هل يجب علي الاعتذار ؟ ألن أكون منافقة بذلك ؟؟ كلها أسئلة تدور و تدور كالدوامات في رأسي الصغير لأعود في نهاية المطاف و ألقي بكامل العتاب على نفسي الوحيدة .

المهم آسفة على إطالتي في السرد و لكنني عندما بدأت أكتب و بدأت أناملي تتراقص على اللوحة أحسست براحة فجأة و لم أستطع أن أوقفها ، لأول مرة كتبت على هواي و أرجو أن تعذروا لغتي الركيكة فأنا لست معتادة على الكتابة و أريد أن أطرح سؤالاً ختامياً : ماذا بدا لكم أعزائي هل ما أفعله هو تناقض في شخصيتي أم هو من إمارات النفاق ؟ و أتمنى لو تجودون علي بنصائح تؤطر لي كيفية التعامل الصحيح مع الناس بدون أضرار لكلا الطرفين .

 

 

تاريخ النشر : 2018-02-16

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى