سينما ومرئيات

المليونير المتشرد..”عندما ينتصر القدر”

بقلم :  وفاء سليمان – الجزائر

المليونير المتشرد..
قصة فتى قاده حظه إلى الفوز

” الفقر أسوأ أشكال العنف”

المهاتما غاندي..

من منا لا يعرف أن الفقر أسوأ كوابيس البشرية, والسبب الأساسي في الكثير من المشاكل المتفشية في مجتمعاتنا كالمرض والجهل وانتشار الجريمة ,قال عنه الفاروق رضي الله عنه أنه لو كان رجلاً لقتله,وهذا يوضح مدى بشاعته وتأثيره السلبي على الناس.

ولكن الوضع مغاير في قصة الفيلم التي سنرويها اليوم ,حيث سنتحدث عن فقر كان سبباً في تحويل متشرد يقطن الأحياء الفقيرة والعشوائية إلى مليونير بين ليلة وضحاها ,فكيف حدث هذا ؟.

المليونير المتشرد..
بوستر الفيلم

فيلم”Slumdog millionair”أو “المليونير المتشرد”,هو واحد من الأفلام الناجحة بامتياز بإجماع الجماهير والنقاد,شارك بعدة مهرجانات عالمية وفاز بالعديد من الجوائز و من أهمها الأوسكار لعدة فئات والكرة الذهبية وغيرها الكثير, مقتبس عن كتاب للكاتب الهندي فيكاس سوارب بعنوان”سؤال وجواب” أو QA.

الفيلم من فئة الدراما مدته 120 دقيقة عرض عام 2008 ,من إخراج “داني بويل”سيناريو وحوار ” سايمون بوفوي” من إنتاج شركتي”Celador Films” و”Film4production” البريطانيتين,بطاقم تمثيل هندي ,وتدور أحداثه داخل العاصمة الاقتصادية لبلاد الهند”بومباي”أو مومباي حالياً “.

المليونير المتشرد..
يذهب للمشاركة في برنامج من يريد أن يصبح مليونيرا

يحكي الفيلم عن الشاب “جمال مالك” المسلم ذو الثمانية عشر عاماً ,والذي يجسد شخصيته الممثل الهندي الصاعد آنذاك “ديف باتيل” ,تقوده المصادفات بصفته يعمل كصبي شاي في أحد شركات التسويق الهاتفي إلى المشاركة بالبرنامج الشهير”من يريد أن يصبح مليونيراً “بنسخته الهندية , ويستطيع الإجابة على جميع الأسئلة والفوز بالجائزة الكبرى وسط حيرة وشك الجميع , وأولهم مقدم البرنامج والذي يقوم بدوره الممثل الهندي المعروف”أنيل كابور” إذ من غير المعقول أن يجيب حثالة ذا خلفية علمية بسيطة أو معدومة على جميع الأسئلة, فيقوم الأخير بزجه بقسم الشرطة عقب انتهاء الجزء الأول من المسابقة, فتتلقفه يدي المحقق “الممثل الهندي عرفان خان”, وبعد استجوابه يقص جمال له حكاية كل سؤال والذي له ارتباط وثيق بماضي حياته مذ كان طفلاً,وتلك كانت بداية الفيلم .

المليونير المتشرد..
يسقط في بركة من البراز في سبيل الحصول على توقيع الممثل الشهير

يعود جمال بذكرياته مع كل سؤال يسأله الضابط عن كيفية الإجابة عنه , فيتذكر كيف كان يحاول الحصول على صورة موقعة من طرف النجم الهندي ” أميتاب باتشان” بعد نزوله بالطائرة على إحدى المطارات القريبة من الحي الفقير الذي كان يقطنه, وبعد جهد كبير وإسقاط نفسه في بركة من البراز يستطيع الحصول عليها ولكن أخاه الأكبر” سليم” يقوم ببيعها, وهذا يفسر معرفته بإجابة أول سؤال”من قام ببطولة فيلم زانجير؟” (السلسلة) والذي يعد أشهر أفلام أميتاب في السبعينيات..

يتابع جمال حكايته بأنه لم يعرف إجابة السؤال الثاني لولا طلب مساعدة الجمهور وهو الشيء الذي أثار استغراب المحقق باعتبار السؤال سهلاً جداً..

مع بداية عام 1992 انتشرت الصراعات الطائفية بين المسلمين والهندوس, وقام هياج شعبي بالعاصمة بومباي قتل على إثرها الكثير من كلا الطائفتين, وكانت أم جمال وسليم من بين الضحايا ولهذا يتذكر جمال صورة الإله الهندوسي “راما” بعد أن وضعه الهندوس داخل أحياء المسلمين أثناء الشغب, فكان جوابه « قوسا وسهماً» صحيحاً على سؤال “ماذا يحمل الإله راما بيده عند تجسيد صورته”..

المليونير المتشرد..
يلتقي بالفتاة لاتيكا

بعد هروبهما من الأحداث يلتقي جمال وسليم بالفتاة ” لاتيكا”والتي تجسد شخصيتها وهي شابة الممثلة “فريدا بينتو”,وتصبح صديقتهما والفارس الثالث من رواية”الفرسان الثلاثة” الذي لا يذكران اسمه,بعد أن نصب سليم نفسه
الفارس”أتوس”وجمال الفارس”بروتوس”.

يقع الثلاثة بيدي رجل العصابات الخطير”مامان”, فيقودهم إلى وكره الذي يضم مجموعة كبيرة من الأولاد الذين يعملون لصالحه في التسول, ويعلمهم ساعتها النشيد”دارغان دو غنشان”ليقوموا بترديده أثناء العمل, وهنا يعلم جمال بأن كاتب هذا النشيد هو الشاعر الهندي”سورداس”،، وبذلك يستطيع الإجابة على سؤال “من كاتب هذا النشيد؟”,ويفوز بالمائتي وخمسين ألف روبية.

لم يتوانى “مامان” ولمضاعفة الأرباح على أكتاف الأولاد من أن يقوم بوسم أعينهم بغية إفقادهم البصر للحصول على تعاطف أكبر من الناس أثناء التسول, لم يكن جمال يعلم بالأمر ولكن سليم يخلصه في الوقت المناسب ,ويفر الاثنان سوياً تاركين لاتيكا بين أنياب “مامان” لعجزهما عن إنقاذها..

المليونير المتشرد..
يعيش جمال و سليم حياة الترحال على متن إحدى القطارات

يعيش الاثنان حياة الترحال على متن إحدى القطارات ,تنتهي بهما إلى قصر “تاج محل” بمدينة أغرا الهندية حيث يحتالان على الأجانب و ينتحلان شخصية دليلين سياحيين  يقصان عليهم معلومات تاريخية وهمية, ويسرقان أحذيتهم بهدف بيعها و كسب المال,وخلال تلك الفترة لم تغب لاتيكا عن بال جمال فيقرر العودة إلى بومباي والبحث عنها..

أثناء سيره بالأحياء المعدمة ببومباي بحثاً عنها يجد جمال أحد الأولاد العميان الذين وسمهم “مامان” يستجدي الناس مالاً, فيعرفه ويقرر أن يتكرم عليه ويعطيه ورقة نقدية بقيمة 100دولار, فيخبره الفتى أن صورة الرجل المطبوعة عليها هي للرئيس الأمريكي” بنجامين فرانكلين” ويدله على مكان لاتيكا والتي أصبحت تعمل كفتاة تسلية لدى “مامان” , وبهذا يدرك جمال فوراً إجابة سؤال المليون روبية”الصورة المطبوعة على ورقة المائة دولار لأي سياسي تعود؟..”

سؤال المليونين و نصف كان”من مخترع المسدسات ذات الساقية الدوارة”؟

المليونير المتشرد..
الممثلة فريدا بينتو في دور لاتيكا

يمضي جمال وسليم لتحرير لاتيكا ويقتل سليم “مامان” بمسدس من نوع كولت للمخترع صاموئيل كولت, وتلك كانت الإجابة على السؤال, ويستأجر الثلاثة غرفة بفندق يعود إليها سليم مساء بعد أن يعقد اتفاق عمل مع “جافيد” منافس مامان في الجريمة ويطلب من جمال تركه بمفرده مع لاتيكا , يرفض جمال ولكن إصرار سليم وخوف لاتيكا يجعله يخرج دون رجعة .

بعد عدة سنوات وأثناء عمله كعامل يقدم الشاي في شركة هاتفية يتزود جمال بالكثير من المعلومات الثقافية, والتي بقيت عالقة بذهنه وهذا ما جعله يعرف إجابة سؤال”في أي مدينة بريطانية يقع سيرك كامبريدج؟” والتي هي “مدينة لندن” ,فيربح الخمسة ملايين روبية,و يستغل فرصة أتيحت له للبحث عن لاتيكا وسليم على جهاز الكومبيوتر التابع لموظف أمّنه عليه,يعجز في العثور عن لاتيكا لكنه يجد سليم فيقصده ويطلب إليه أن يخبره عن مكان لاتيكا لكنه ينفي معرفته به, يتبعه جمال خلسة حتى يعرف منزل جافيد, يتحين فرصة وجوده خارج المنزل ويدخل إليه ليجد لاتيكا ويعترف لها بحبه ولكن خوفها من جافيد يمنعها من المضي معه.. فيخبرها أنه سينتظرها كل مساء الساعة الخامسة عند محطة القطارات.

بقي سؤالان على الفوز بالجائزة الكبرى, يتابع المحقق قصة جمال باهتمام بالغ بعد أن كانت مجرد تحقيق,ويستشعر الصدق في كلامه, يسترسل جمال في حكايته و يروي للمحقق كيف أجاب على سؤال العشرة ملايين روبية بفعل الحظ,كان السؤال “من هو لاعب الكريكت الذي أحرز أسرع ضربة في التاريخ” ؟ويخبره كيف حاول مقدم البرنامج”بريم كومار” خداعه لما كان في الحمام أثناء الاستراحة وكتب له رقم الإجابة على المرآة,ولكن جمال لم يثق به فقام بحذف إجابتين لتبقى إجابة المقدم مع أخرى فيختار جمال الثانية”جاك هوبز” ويفوز بالعشرة ملايين روبية,ويقرر أن يكمل للسؤال الأخير, ولكن وقت الحلقة ينتهي فيؤجَل السؤال للحلقة الموالية.

يتم إطلاق سراح جمال من قبل المحقق ليتركه يعود لإكمال البرنامج ,وتقع أحداث أخرى بالتوازي مع هذا التوقيت, يشاهد كل من لاتيكا وسليم جمال على نشرات الأخبار, يشعر سليم بالندم لما فعله, فيأخذ هاتفه الجوال ومفاتيح سيارته ويعطيهما للاتيكا, ويطلب منها الهرب ويسألها أن تسامحه.

كان سؤال العشرين مليون روبية ضربة صاعقة على جمال إذ كان آخر سؤال يتوقعه,”كتاب ألكسندر دوماس الفرسان الثلاثة, اثنان يعرفان باسم أتوس وبروتوس فما كان اسم الفارس الثالث؟”,يطلب جمال أن يستعمل آخر وسيلة مساعدة وهي الاتصال بصديق فيتصل بسليم يرن قليلاً إلى أن تجيب لاتيكا وتخبره أنها بأمان وهربت بمساعدة سليم ولكنها لا تعرف الإجابة.

يأخذ سليم جميع أموال جافيد ويضعها في حوض الاستحمام ويتمدد وسطها ممسكاً بمسدسه, منتظراً جافيد الذي علم بتهريبه للاتيكا,وأثناء دخوله يطلق عليه النار فيرديه قتيلاً ويموت هو بدوره على يد رجال جافيد.

المليونير المتشرد..
يفوز بالجائزة الكبرى

يقرر جمال أن يعتمد على الحظ فيختار الإجابة الأولى وهي “الفارس أراميس” ولحسن حظه كانت الإجابة الصحيحة ويفوز بالجائزة الكبرى تحت تصفيق وهتاف الجماهير,بعد انتهاء البرنامج يهرع  إلى محطة القطار حيث يلتقي بلاتيكا وينتهي الفيلم بمشهد رومانسي بينهما ختامه إجابة على السؤال الذي ظهر بأول الفيلم عن كيفية مقدرته على ربح الجائزة وماهي تلك الإجابة إلا “إنه القدر”..

ختاماً

قد تكون قصة الفيلم خيالية,ولكنها لامست جوانب مأساوية من الواقع الذي نعيش فيه, وعكست ما يحدث في العالم من استبداد واضطهاد وتجبر على أناس ذنبهم الوحيد أن أقدارهم كتبت عليهم ذلك, فهل سيأتي يوم وترحمهم كما رحمت “جمال مالك”؟..

المصادر :

فيلم المليونير المتشرد
Slumdog millionaire -Wikipedia

تاريخ النشر : 2018-05-02

وفاء

الجزائر
guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى