تجارب من واقع الحياة

هوس الكمال

بقلم : مؤيدxt – دنيا العجائب

هوس الكمال
أعاني هوس الكمال و المثالية

سلام ممزوج بقطرات العسل وشذى العطور أهلا بكم أخواني واخواتي في هذا الموضوع الجديد. أود ان تشاركوني همومي المجتمعة في هذا الهم الكبير هوس الكمال والمثالية
نعم هذا ما أعانيه ، لن اعرفكم بنفسي فأنتم تعرفونني لكن سأخبركم عن إحدى ابرز صفاتي الغريبة عن مجتمعي تماما ، المثالية البراقة.

نعم انا مثالي منذ حداثة سني شكلا وتصرفا ، الحمد لله إيجابيات هذا الأمر كثيرة وهو نعمة كبيرة لكن الحكمة تقول :كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده ، هذه النزعة ممتعة ومؤلمة في آن واحد ، عندما ترى نفسك منتجا وناجحا بامتياز لكنك متعب من الداخل.
إليكم ما اؤمن به إذا استطاع اي شخص تحقيق اي هدف فأنا قادر على تحقيقه ، وهذا مبدأي في الحياة وانا اعيش وفق هذه المقولة فلا اكف عن التخطيط والتمرس والتقدم وانا اشبه برجل آلي مبرمج برمجة دقيقة دقة لا متناهية تخيلوا الترتيب والمثالية في حل الفيزياء أسطر الورقة وفق حسابات هندسية وتمرنت مع مؤقت للوقت حتى لا استنزف وقت الاختبار.
معلمي يقول لي : ألا تتعب ، كيف ترتب ورقتك هكذا ؟؟؟ هل أنت صيني ؟؟؟؟( لدقتهم)

في كل الصفوف الدراسية كانت عبارة مرتب على صفحات فروضي المدرسية روتينية.
النظام يجري بدمي سأدعوكم لرحلة ميدانية لغرفتي لتروا المثالية  كل شيء مرتب وفق الزاوية والسانتيمتر!
امي تقف متعجبة كيف ارتب ملابسي هكذا وفق تدرجات الالوان، والكتب وفق الاحجام والاطوال ، كما لدي خزانة معدة لاعادة التدوير أصنع من القمامة تحف فنية ومن قطع الخشب القديم رفوفا جميلة.

الحمد لله انا سعيد لكن الامر اشبه بالوسواس القهري الملح ، ولن انسى ان اقول لكم حسابي لنفسي وقسوتي معها ، هل يمكن تخيل فرد يعاقب نفسه نعم انا ، مرة خسرت درجة في الفيزياء لخطأ تافه ، عاقبت نفسي بحفظ ٣٠ قانون اكبر من صفي ، ودائما ما أستمتع بمعاقبة نفسي بأعمال مملة او اكرهها لكسر سطوة نفسي الامارة بالسوء ولدي مخطط للوقت واهداف بعيدة وقريبة المدى وكل يوم أحاسب نفسي عليه  ، أنام الساعة العاشرة واستيقظ الثالثة للصلاة ومراجعة القرآن فقد ختمته حفظا ، تستهويني قراءة قصص العباقرة والعلماء والحضارات المزدهرة وكل الناجحين.

اطمح ان اكون مشهورا وفيزيائيا لامعا، الوم نفسي على كل صغيرة وكبيرة ، وأحسب كل شيء بحسابات عميقة ، لدي بيت شعري يؤلم روحي علقته بالقرب من سريري حتى لا انام كثيرا : قال المتنبي : ولم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على التمام
هذا البيت الشعري يمثل كل ما يوجع قلبي و يخيفني.

اريد أن اكون كاملا من كل النواحي شكلا وتصرفا مع ربي ونفسي وغيري.. ناجحا ولامعا مشهورا ومؤثرا حتى اصبت بالقرحة من كثرة القلق والتفكير.  
اتمرن يوميا ساعتين ليكون لدي بنية قوية و أدرب عقلي ثلاث ساعات لأكون حاسبة بشرية ، وأحفظ الكثير من المخططات الفيزيائية والمعنوية.

حتى في علاقتي مع غيري أعطي افضل ما عندي و مع ذلك أعاني من تأنيب ضمير وإليكم مثالا قرأتموه في قصتي مع صديقي ( ومن الحب ما قتل) ضميري يلح علي انني مقصر معه مهما فعلت إنها المثالية القاتلة ، طبعا انا دربت نفسي أن لا انتظر من العالم أن يكون مثاليا فالمثالية عندي أحادية الجانب.. من طرفي فقط لأنك كلما رفعت سقف التوقعات من هذا العالم ازددت احباطا وخيبة أمل.

معلومة قد تفيدكم ، حب الكمال الجنوني بدأ في الصف الخامس عندما فزت في مسابقة للتهجئة في اللغة الانجليزية على مستوى مدارس البلاد وكرمت تكريما في حفل ضخم.

أريد مشورتكم هل أستمر هكذا والدي يقول أنت تحرق أعصابك ومعدتك ومعلمي يؤنبني على شدة الدقة لدي وأنها ستجعلني أتراجع في اختبار البكالوريا لكنني لا اظن ذلك أنا أحسب كل شيء وله قدر معلوم لدي.وامي تغضب لهوس الترتيب في غرفتي وهم لا يعرفون انها طبيعتي .

مع الاخذ بعين الاعتبار ان هناك مشرف تبناني كصاحب موهبة وطالب مثالي وقد أنتقل لمدرسة اخرى في الصف التالي ، وهناك مرشدة ومسؤولة تربوية لدى عدة مدارس اخبرتني أنني قد اكون أعاني من( متلازمة الكبت النفسي المنخفض) . دخلت موقعا اجنبيا متخصصا واجبت عن اختبار المتلازمة والنتيجة انها لدي لا ادري انا لا اقتنع بذلك.

أختم بعبارة لغسان كنفاني”لا تمت قبل أن تكون ندا لا تمت”

كل الحب.

تاريخ النشر : 2018-05-03

guest
43 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى