عجائب و غرائب

القتل الانتحاري ، عندما تقتل الأم أطفالها وهي سعيدة

بقلم : LED – سوريا
للتواصل : [email protected]
يمكنكم مشاهدة الفيديو عوضا عن قراءة المقال

 في العصور القديمة في أوروبا كان الانتحار أمراً متفهماً لدى المجتمع الأوربي، أما في العصور الوسطى فقد أدانت الكنيسة الانتحار، و اتفق رجال الدين على أن الانتحار أشد من القتل.
حيث اعتقدوا أن من يقتل جسداً آخر فهو يقتل جسده فقط، أما من يقتل نفسه فهو يقتل جسده و روحه معاً.
لم يكن الانتحار جريمةً فحسب بل كان يعني أيضاً أن الروح سوف تخلد في الجحيم.

في كتابه “الكوميديا الإلهية” يقول دانــتـــي:”إن العنف ضد النفس أسوأ من العنف ضد الآخرين، وجزاء المنتحرين في الآخرة أن يعيشوا كأشجارٍ ملتوية محرومين من الأجساد التي ألحقوا بها الأذى على الأرض”

بالإضافة إلى الحظر الديني على الانتحار كانت هناك قوانينٌ قاسيةٌ ضده، صنفت إنكلترا الانتحار كجريمة بدءاً من القرن العاشر. و بحلول القرن الرابع عشر استولت المحاكم على ممتلكات ضحايا الانتحار بعد موتهم . لم تتوقف الأمور عند هذا الحد فقد كان يتم التمثيل بجثث المنتحرين بتعليقها أمام الناس أو جرها في الشوارع أو إلقاءها في الأنهار كما أنه لم يكن يسمح لها بالتكريم الجنائزي و لا يسمح بدفنها في المقابر المسيحية ، عوضاً عن ذلك كان يتم دفنها مع جثث المجرمين أو ضحايا الطاعون.

هذه المبالغة في الحظر الديني و القانوني على الانتحار قللت عدد المنتحرين بشكلٍ كبير، إلا أنها أدت لاحقاً إلى نتائج كارثية.

في القرنين السابع عشر و الثامن عشر سادت ظاهرةٌ غريبة في أوروبا عموماً والدنمارك خصوصاً و هي ظاهرة “القتل الانتحاري”.
القتل الانتحاري معناه أن يرتكب الإنسان الراغب في الموت جريمة قتل لينفذ فيه حكم الإعدام بدلاً من الانتحار.
لم يكن وارداً بالنسبة للانتحاريين المخاطرة بارتكاب جريمةٍ بسيطة لكي لا ينتهي بهم المطاف في السجن، أو يحكم عليهم بقطع إحدى اليدين.
إذا أرادوا أن يُعدموا فعليهم ارتكاب جريمة قتل !!

إحدى مرتكبات جرائم القتل الانتحاري كانت امرأةً تدعى “سيسيليا جوهانسداتر”.
كانت سيسيليا امرأةً في الثانية و العشرين من عمرها و كانت تعمل خادمة. كما أنها كانت أماً عزباء في زمنٍ كان فيه الطفل خارج نطاق الزواج يشكل وصمة عارٍ كبيرةً لأمه.
توقف خطيبها عن زيارتها وفسخ الخطوبة لذلك عزمت سيسيليا على الانتحار، و لأنها ستخلد في الجحيم إذا قتلت نفسها غيرت سيسيليا رأيها وقررت ذبح طفلها البالغ من العمر أربعة أشهرٍ فقط ! لم تحاول سيسيليا إخفاء فعلتها بل كانت سعيدةً لأنها ستعدم بسبب جريمتها هذه..
و بالرغم من الصدمة الكبيرة التي يثيرها مشهدٌ كهذا إلا أن سيسيليا لم تكن الشخص الوحيد الذي يرتكب جريمة الموت من أجل الانتحار فقد تكررت هذه الجريمة آلاف المرات !

في أواخر العام 1848 قتلت امرأةٌ هولنديةٌ أطفالها الثلاثة لكي يتم إعدامها، المرأة الموصوفة في سجلات المحكمة بأنها متدينةٌ جداً أوضحت بأنها كانت مكتئبة فقد أصبحت مهووسةً بفكرة أن أطفالها سيذهبون إلى الجنة إذا قتلتهم . و أضافت أنها هي نفسها ستذهب للجنة لأنها تابت قبل أن ترسلها السلطات إلى حبل المشنقة و ذلك أفضل بكثيرٍ من الانتحار و الحكم على نفسها بالجحيم الأبدي.

“آن ماريا ترولسديتر” هي أمٌ أخرى قتلت طفلها الرضيع لأنها كانت مكتئبةً من فقرها الشديد و قبل إعدامها طلبت من الملك السماح بدفنها بجوار طفلها الذي قتلته و سمح الملك بذلك. أعدمت آن مخلفةً وراءها ثلاثة أطفالٍ آخرين بلا أمٍ ترعاهم.

في العديد من البلدان الأوروبية كانت جريمة العقوبة محددة، على سبيل المثال حكم النساء اللاتي يقتلن أزواجهن في إتكلترا كان الحرق على أعمدة الخشب،في حين كان حكم قتل النساء لأطفالهن هو الإعدام شنقاً. لذلك كان معظم ضحايا القتل الانتحاري من الأطفال.

و على الرغم من أن غالبية مرتكبي هذه الجرائم كن من النساء إلا أنه تم تسجبل حالاتٍ لرجال قاموا بجرائم القتل الانتحاري أيضاً.
في عام 1733 على سبيل المثال ارتكب جنديٌ يدعى “كارل هاينريك مينسين” جريمةً لإنهاء حياته عندما كان يسير في الشارع و أطلق النار على بحارٍ من الخلف بشكل عشوائي. أوضح كارل للمحكمة بأنه مصابٌ بالاكتئاب و قد ارتكب جريمة القتل للتخلص من حياته.

يقول أحد المؤرخين :
“حتى أن أحد القتلة كان يغني و هو في طريقه إلى المشنقة، لقد كان يسير بفرحٍ نحو إعدامه معتقداً أنه لم يكن بإمكانه القيام بذلك بنفسه لأنه لو فعل فسوف يصبح ملعوناً”.

أدركت السلطات الدنماركية أن الانتحاريين كانوا يستخدمون النظام القضائي لضمان موتهم و قررت الحكومة إيقاف موجة القتل الانتحاري لذلك أدخلت أساليب الإعدام المفرطة في الوحشية لردع القتلة الانتحاريين ولثنيهم عن ارتكاب جرائمهم.
أصبح المدانون يُجلدون و هم في الطريق إلى المشنقة و يعذبون بملاقط ساخنة تحول لونها للأحمر من شدة حرارتها كما كانت تكسر أطرافهم أو تقطع بعجلات العربات و تعرض أجسادهم في الأماكن العامة.
و الغريب أن العذاب الجديد أدى لنتائج عكسية فقد شجع على المزيد من عمليات القتل الانتحاري حيث أن الانتحاريين مدفوعين بخوفهم من الجحيم أقنعوا أنفسهم بأن التعذيب قبل الموت سيساعدهم في تأمين مكانٍ في الجنة و يحولهم إلى شهداء !

_النهاية_

المصادر :

قناة LED على اليوتيوب

list/ways-danes-avoided-suicide/genevieve-carlton

تاريخ النشر : 2018-07-16

LED

سوريا
guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى