أدب الرعب والعام

كف الملعونة

بقلم : محمد مهني – مصر
للتواصل : [email protected]

كف الملعونة
أمرأة بجسد محترق عن أخرة و اليد اليسرى منفصلة عن الجسد

 مكان مخيف شديد الظلمة لا استطيع رؤية أي شيء أمامي ، رائحة العفن تسيطر على المكان ، جسدي يتألم بشدة ، عضلات جسدي تتمزق .

أصوات همهمات وصرخات قادمة من العدم ، حاولت بقدر الإمكان أن استعيد تركيزي وأتحرك ولكن جسدي يأبى ذلك ، بعد عدة محاولات أخيراً نجحت و استطعت أن أضع يدي على الأرض واستندت على حائط كان بجانبي ، حتى استطعت أخيراً الوقوف على قدمي ، الألم مازال مستمر لكني تحملت الألم بصعوبة بالغة ، حتى أخرج من ذلك المكان المخيف .

خطوت خطواتي ببطء من شدة الألم و بينما وأنا أتحرك سمعت صوت أشياء تتكسر تحت قدمي لا أعلم ما هو هذا الشيء .

مازلت أتحرك بنفس خطواتي البطيئة ونفس أصوات التكسير الغريب تحت قدمي مازالت مستمرة .

تحركت وتحركت حتى ظهرت فتحة جانبية يشع منها نور أحمر غريب ، تقدمت من هذه الفتحة حيث رأيت شيء غريب ! ساحة واسعة تتناثر على أرضيتها عظام أدمية وفي منتصف الساحة يوجد تابوت ضخم منقوش عليه عبارات غريبة تشبه العبارات الفرعونية .

تحركت أكثر لأتأمل منظر التابوت عن قرب ، لكنني فوجئت بصوت أنين قوي أنتشر في كل أركان الساحة ، فجأة انفتح غطاء التابوت لتخرج منه أمرأة شكلها مفزع ، جسد محترق عن أخرة و اليد اليسرى منفصلة عن الجسد ، كانت تتحرك بشكل مفزع و تتدلى من فمها مادة سوداء لزجة ، وكل جزء من جسدها يخرج منه حشرات غريبة !

أقف عاجز عن النطق والحركة حيال هذا المشهد الذي أرى .

تحركت المرأة بخطوات ثابتة في تجاهي

وقدمي كانت مثبتة على الأرض و تأبى الحركة من شدة فظاعة المنظر .

و إذ فجأةً تحركت الحشرات حتى اقتربت مني ، وفي هذه اللحظة أسمع هذا الصوت يخترق أذني :

– أنت يا أستاذ استيقظ.  

فتحت عيني ببطء ولكن كانت الرؤية ضبابية ، بعد عدة دقائق استطعت أن أرى ذلك الشخص ، كان رجل في الخمسينات من العمر يرتدي جلباب أبيض وعمامة على الرأس ، بشرته كانت سمراء و وجه مليء بالتجاعيد بسبب عامل السن .

بعد لحظات استعدت الوعي وعلمت بعدها أنني في قطار كان قادماً من الأقصر متجهًا إلى القاهرة .

و كل ما رأيته مجرد كابوس ، كابوس راودني عندما ركبت القطار من محطة قطارات الأقصر .

بعد أن توفي والدي سافرت إلى الأقصر على الفور لحضور مراسم الدفن وأكون متواجد في مقدمة من سيحضرون للعزاء .

بعد أسبوعين اضطررت للعودة إلى القاهرة للدراسة، و كان لا يفصلني سوى ثلاث أشهر عن امتحانات أخر العام الدراسي بكلية طب جامعة القاهرة .

مرت عدة أيام بعد هذا الكابوس الغريب بشكل طبيعي ، حتى ذلك اليوم ، كنت أراجع بعض محاضراتي حينها فوجئت بصداع قوي اخترق رأسي ، وتحول بعدها الصداع إلى دوار قوي ثم إذ بالرؤية تُحجب تماماً و لم أعد أرى أي شيء .

نفس المشهد بكل تفاصيله أرى جسدي ملقى على الأرض في هذا الظلام المخيف ثم حاولت تحريك جسدي حتى نجحت محاولات بات بدايتها بالفشل .

تحركت وجسدي يتألم بشدة وتحت قدمي نفس صوت التكسير الغامض أسمعه بكل وضوح 

مازلت مستمر في التحرك حتى ظهرت نفس الفتحة الجانبية ، دخلت إلى هذه الفتحة حتى رأيت نفس الساحة الكبيرة ويتوسط الساحة تابوت ضخم ، المشهد المختلف الذي لم أره في كابوسي السابق هو مشهد أربعة كائنات أشكالهم تشبه الأقزام ، وجسدهم مليء بالشعر واعينهم حمراء تماماً ، و على رؤوسهم قرنان مثل الشياطين و كانوا يقفون بشكل دائري و تتوسطهم المرأة المحترق جسدها عن أخره ، و الكائنات تفعل حركات غريبة تسجد وتركع للمرأة و كأنهم يعبدونها .

مازلوا يسجدون ويركعون، ولكنهم توقفوا فجأة عندما لاحظوا وجودي وسطهم ، نظرت الكائنات لي بنظرة مخيفه تأكدت بعدها بأن ثمة كارثة ستحدث الأن لا مُحال .

حاولت بقدر الإمكان الهروب منهم ولكن ردة فعلهم كان أقوى وأسرع مني بكثير ، و في ثواني و بحركة سريعة تحركت الكائنات تجاهي حيث أمسكوا بجسدي للأعلى لينفتح التابوت وفي لحظه أرى جسدي داخل التابوت .

و قد أُغشي علي بسبب نقص الأوكسجين بالتابوت ليحدث بعدها مثلما يحدث كل مرة ، أفتح عيني لأرى أنني على فراشي وكل شيء طبيعي .

إلى متى سيستمر هذا الجحيم ؟

لكن في هذه المرة رأيت ورقة كانت بجانبي على الفراش وهي نفس الورقة التي رأيتها في الكابوس من قبل .

وأخيراً شيء مادي أمام عيني رأيته في الواقع ولم يكن في كابوسي هذا ، ومن هذه الورقة سأحاول أن أفسر كل شيء يحدث لي .

عندما فتحت الورقة لم أفهم منها أي شيء لأنها كانت مكتوبة بحروف غريبة يصعب قرأتها ، هل هي حروف فرعونية أم ماذا ؟ لا اقدر علي تفسير شيء منها .

نعم ، لا يوجد أمامي غير ” ممدوح ” هو من سيفسر لي هذه الورقة .

ممدوح هو صديق لي طالب بكلية الأثار ويقيم معي بنفس الغرفة ، لكنه الأن في زيارة للأسرة في المنصورة وسيعود غداً، وعندما يعود سأخبره بكل شيء حدث لي ليفسره ، لأنه لو استمر الحال على هذا النحو حتماً سأجن .

قبل الكابوس بأيام :

حينها كنت في الأقصر بعد أن تلقيت مكالمة من والدتي لتخبرني بأن والدي مريض ويريد أن يراني فوراً .

بمجرد وصولي إلى البيت دخلت إلى غرفة والدي وبعد أن اطمأنيت على صحة والدي ، أعطاني صندوق قديم جداً و أوصاني بعدم فتحه الأن .

بالطبع بحر من الأسئلة انهال علي والفضول كان يقتلني ، كنت أريد أن أعلم ما هو الشيء الذي يوجد في الصندوق وما هو الداعي بوصية والدي بعدم فتح الصندوق الأن ؟ .

أخذت الصندوق وخرجت من الغرفة وتحركت بعدها إلى غرفتي ، وبمجرد دخولي سمعت صوت صريخ والدتي يخرج من غرفة والدي .

لقد توفى والدي بعد مقابلتي بدقائق معدودة وأخر مقابلة معه كانت بمثابة وداع ليس إلا ، لكنه وداع أضاف لي كم هائل من الأسئلة لا يوجد إجابة لها غير عند والدي وها هو توفي الأن .

تناسيت أمر الصندوق بانشغالي في مراسم الدفن والغذاء الذي استمر أسبوعين متواصلين .

عاد ” ممدوح ” من المنصورة وبمجرد عودته حكيت له كل شيء حدث معي من أول سفري إلى الأقصر حتى بدأت أحلم بالكوابيس الغريبة .

و كما هو متوقع لم يصدق حرف وهذا من حقه لأن لا يوجد شخص عاقل يصدق هذه الأشياء الغريبة التي تحدث معي .

أعطيت ممدوح الورقة ليفسر لي ما فيها ويخبرني هل أيضاً أمر الورقة ليس حقيقي وهو وهم أيضا من أوهامي ؟ .

بعد أن رأى الورقة أرتسمت على وجه ممدوح الدهشة مما رأى في هذه الورقة لهذا قلت له :

– ممدوح لماذا تنظر لي هكذا ؟

رفع ممدوح وجه لي وبعدها قال لي بلغة استفسار :

– من أين جئت بهذه الورقة ، لا تقل لي بأنك جئت بها من عالم الكوابيس الخاص بك.

كان يقول أخر جملة بكل تهكم ، لهذا أجبته بإصرار : كما قلت ، أنا جئت بها من عالم الكوابيس الخاص بي ، إذا أردت أن تصدق أو لا تصدق هذا شيء لا يخص شخص سواك ، ولكن أقسم لك بأنني أقول لك الحقيقة ، لكن الأهم الأن أريد منك بأن تخبرني ما هو المكتوب بهذه الورقة ؟

ممدوح قال لي كلام غريب لم أستطع أن أصدق حرف منه ولا أعلم ما هو الشيء المشترك في قصة هذه الورقة وبيني أنا .

قال لي ممدوح:  في فترة العصر الفرعوني كانت سيدة أسمها الملكة نفرتيتي زوجة الملك أخناتون ،و قد كفرت الملكة نفرتيتي بعبادة أله أخناتون أله الشمس، ولهذا السبب أمر بقتلها وأيضاً أمر كهنة المعبد بأن يتم تشويه جسد الملكة نفرتيتي، وتم قطع يد الملكة ودفنها في مكان أخر بعيد عن جسد الملكة ، لأن الفراعنة كانوا يؤمنون بأن الجسد السليم فقط هو من يدخل الجنة ولهذا السبب تم تشويه جسدها ، وعندما تُبعث الملكة من مماتها فأن جسدها لا يمس الجنة وتخلد في النار .

لا أفهم شيء و ما علاقتي أنا بهذه الملكة ولماذا تطاردني ؟ كلها أسئلة لا يوجد لها أية إجابة .

في اليوم التالي استيقظت في منتصف الليل على صوت شخص أعرفه يتحدث في أذني ، كان مجرد صوت فقط لا يوجد أحد في غرفتي ، ولكن عندما ترجلت من فراشي وجدت باب غرفتي ينفتح ببطء ، حتى انفتح الباب عن أخره و رأيت شخص يقف عند الباب يرتدي جلباب أبيض ويستند على عصا .

اقترب مني حتى استطعت أن أرى ذلك الشخص ، كان والدي يقف أمام فراشي ويحدثني بجملة واحدة : كل ما تريد معرفته بالصندوق .

كان يكرر الجملة كثيراً وفجأة يختفي من أمام عيني لأستيقظ ، عندما استيقظت تذكرت الصندوق الذي تناسيت أمره بسبب انشغالي بعزاء والدي لهذا قررت السفر إلى الأقصر .

قبل السافر أخبرت ممدوح بأن يسافر معي إلى الأقصر ليساعدني فيما أنا مقبل عليه ، وبالفعل وافق ممدوح ولم يعترض .

لقد وصلنا إلى الأقصر و بمجرد دخولنا البيت وبعد أن سلمت على والدتي واطمأنيت على حالتها ، اتجهت ومعي ممدوح إلى غرفتي لفتح ذلك الصندوق الذي تناسيت أمره ، بحثت عن الصندوق و وجدته كما هو بنفس المكان الذي وضعته قبل سفري إلى القاهرة ، ولم يمسه أحد طوال فترة غيابي ، أمسكت بالصندوق وفتحته ، وعندما فتحته لم نصدق ما رأيناه فيه !

يد أدمية ملفوفة بشيء غريب لم نعلم ما هو هذا الشيء، وأيضاً موجود بالصندوق ورقة ، في هذه اللحظة أمسك ممدوح بالورقة وبدأ في قراءة ما بها :

” منذ خمسة عشر عاماً جاءني شخص يدعي ” لوي هامون ” باحث وتاجر أيضاً في الأثار المصرية القديمة من فرنسا ، قال لي أنه يريد دخول مقبرة توت عنخ أمون سراً وأنا الشخص الوحيد بإمكاني مساعدته ، و سوف يعطيني مبلغاً كبيراً من المال ، وعندما سألته لماذا يريد الدخول سراً وهو شخص من ضمن فريق العمل في التنقيب والبحث بمقبرة توت عنخ أمون ؟

كان رده هو أنه لا يريد أن يعرف أحد بهذا الشيء ، ولا يوجد أحد يعرف المكان السري بقبر الملك أمون غيره هو ، و يريد هو فقط من يكتشف هذا المكان السري .

وافقت على هذا العرض بدون أية أسئلة أخرى ، وبالفعل دخلنا إلى المقبرة ، و مرت أكثر من ساعة و نحن نتوغل في دهاليز المقبرة حتى رأينا فتحة جانبية بأخر المقبرة ، دلفنا إلى داخل الفتحة لنرى ساحة واسعة وفي منتصفها تابوت فرعوني ضخم .

اقترب ” لوي هامون ” من التابوت و حينها قال لي : ساعدني لنفتح هذا التابوت .

و بالفعل ساعدته وانفتح التابوت ، كان يضم شيء ملفوف بطريقة غريبة ، أهذا شيء من تحنيط الفراعنة أم ماذا ؟ لا اعلم ما هو الملفوف  .

بعدها أمسك بالشيء الملفوف و راح يفكه حتى انكشفت ، وعندها علمت بأن هذا الشيء عبارة عن يد أدمية ! الغريب ليس باليد، الأغرب هو أن اليد كأنها يد حية ، يوجد بها حياة ، من ملمسها الساخن والعروق التي تدق أحس بها من بين أنامل يدي ، في هذه اللحظة أعطيته اليد بخوف بعد أن أخذتها منه وتأملتها .

و ما هي إلا دقائق معدودة و إذ باليد تتحرك من بين يد ” لوي هامون ” وتقبض على عنقه و راحت تخنقه وتخنقه حتى انفجرت راسة إلى أشلاء أمام عيني ، رأيت المشهد متوجساً من شدة الرعب ، ولكن سيطر على عقلي شيء واحد وهو ما فعلته ، أخذت اليد وخرجت من المقبرة بأقصى سرعة ، ومن هذا الوقت و اليد تطاردني في كل مكان ، تطاردني في أحلامي ، تطاردني في العمل ، في كل مكان أكون متواجداً به ، أنها تطاردني وتتوعدني بالهلاك

 أتذكر يومها أنني رأيت سيدة وجهها محترق ويدها منفصلة عن جسدها وقد دخلت إلى غرفتي في منتصف الليل  واقتربت من فراشي  وراحت تتوعدني بالهلاك وأنها ستنتقم ، ولكنها قالت لي : لن أنتقم منك أنت بل سأنتقم من أعز شيء تمتلكه.

ومنذ ذلك الوقت لم تظهر لي ولم أشاهد أي شيء غريب حدث خلال هذه الفترة ، ولكن قبل أيام قليلة  جاءت إلي وأخبرتني : أنه جاء وقت الانتقام ، ولهذا استدعيتك يا أبني لأنها ستنتقم ولابد من إرجاع هذه اليد والا ستلقي مصير كارثي وأنا لا أريد أن يحدث لك أي مكروه بسببي أنا في شيء لم لك ذنب فيه .

بعدما أنتهى ممدوح من القراءة أتضح كل شيء أمامي ، والدي هو سبب كل ما يحدث لي ، وشبح الملكة نفرتيتي يطاردني أنا حتى أدفع ثمن ما فعله والدي.

والأدهى من ذلك هو شرط قبول شبح الملكة نفرتيتي لليد و هو أن نقوم بطقوس معينة حتى تقبل اليد و تزول لعنتها ، ولو لم نفعل هذا سألقى مصيري.

عند حلول منتصف الليل دلفنا إلى داخل مقبرة توت عنخ أمون ، بعد اتصالي بأحد أصدقاء والدي في العمل لكي نتمكن من الدخول بدون مشاكل ، و في تمام الساعة الواحدة دخلت المقبرة وبعدي ممدوح ، وأخذنا نتوغل بالسير في ممر طويل و ضيق جدًا  لا يسع لشخصين ، حتى وصلنا إلى غرفة واسعة تحيطها من الأربع جهات نقوش فرعونية كثيرة ، وبعض المصابيح يشبه شكلها الرؤوس البشرية و يخرج منها لهب أحمر كانت إضاءته تضيف إلى ساحة الغرفة منظر أكثر رعباً

 أخذنا نتأمل المكان بتوجس ، بينما نظرت إلى ممدوح الذي يقف أمامي و هو مرعوب من هذا المنظر، كنا نتبادل مع بعض النظرات وكل نظرة منها تحمل سؤال واحد  وهو من أين نتجه بعدها ؟ ، حينها لفت انتباهي فتحة صغيرة أمامي نظرت إليها قليلاً ثم قطعت هذا الصمت قائلاً : سأدخل أنا وأنت انتظرني هنا ، وعندما استكشف المكان من الداخل سأنادي عليك .

بالفعل توجهت ناحية الفتحة حاملاً معي الصندوق الذي يوجد به كف الملكة نفرتيتي ، وكلما توجهت إلى الداخل انخفض مستوى الأكسجين وأصبح التنفس منعدم بعض الشيء ، و مع هذا دفعني إصراري للسير حتى وصلت إلى نهايتها ، وهالني ما رأيت ! عظام أدمية متناثرة على الأرض بشكل لا يستوعبه عقل ، تحركت ببطء حول المكان وصوت تكسير العظام أسمعه كلما خطوت واضعاً رجلي على الأرض ، أصوات همهمات وصرخات من حولي لا أقدر على تحملها، كأنها تخرج من أعماق الجحيم

 توغلت أكثر إلى الداخل حتى ظهر دخان كثيف وُجد من العدم و حجب الرؤية عني تماماً ، وبعد لحظات تشكل الدخان على هيئة جسم ضخم  ثم ظهر أمام عيني بملامحه السوداء و عينيه التي كأنها جمراً من النار، وعلى رأسه قرنان مثل الشياطين ! أخذ الكائن الضخم يضرب بحوافر أقدامه على الأرض حتى خرجت أربعة كائنات  تشبه الكائن في كل شيء ولكنها أصغر منه حجماً ، و بنفس هيئته من الحوافر والبشرة السمراء والشعر المنتشر بأجسادهم وأعينهم الحمراء ونظراتهم التي كانت تضيف لي رعشة قوية بجسدي المثبت على الأرض .

وأكثر ما هالني من هذه الكائنات، أنها كانت تفعل أشياء غريبة حيث تحركت حركة واحدة ، ثم بدأت ترسم دائرة على الأرض ، في لحظتها خرجت من الدائرة أمرأة شكلها مخيف جدًا و بوجه وجسد محترق ويد منفصلة عن الجسد ، وقفت المرأة عدة دقائق فـي الدائرة  والكائنات الأربعة تحيطها ومعهم الكائن الضخم ، أخذوا يسجدون ويركعون لها كأنهم يعبدونها

 كنت أشاهد هذا المنظر بجسد ثقيل لا يتحرك وفم لا ينطق بحرف من شدة فظاعة المشهد ، لكنني حاولت السيطرة على نفسي وأخذت بعدها الصندوق و وضعته تحت أقدام الملكة نفرتيتي ، لكنها فعلت شيء لم أفهمه ، تحركت باتجاهي واطلقت ضحكة قوية أحدثت هزه قوية بالمكان ومن ثم بدأت تتكلم موجهةً حديثها لي:

الموضوع ليس بهذه البساطة ، حتى تزول اللعنة وأقبل تدنيس جسدي عليك بتقديم أضحيه لي وبعدها ستنتهي اللعنة .

لم أفهم ما تقصده بكلامها ثم قولت لها :

عن أي أضحية تتحدثين عنها ؟.

فكان ردها : دم  ، أريد دم بشري لإزاله اللعنة ، بعد كلمتها الأخيرة أختفى كل شيء ، الكائنات والملكة نفرتيتي وحتى الصندوق ، لم أستطع استيعاب شيء مما حدث ، هل كل شيء كابوس أراه أم هو حقيقي ؟ أسئلة لم أجد لها أي إجابة .

قطع تفكيري صوت صرخة قوية تصدر من خارج الفتحة ، حينها سيطر بعقلي هاجس أن هذا الصوت هو صوت ممدوح ، لم أحتمل فكرة حدوث مكروه له ، إن حصل له شيء سأعيش بتأنيب الضمير طول الوقت .

ذهبت مسرعاً إلى مكان الصوت، وعندما وصلت إلى خارج الفتحة رأيت جسد ممدوح ملقى على الأرض  بلا رأس وكل جزء من جسده ممزق ، وبقعة دم دائرية بجانبه !  أسودت الرؤية بعدها ولم أشعر بأي شيء حولي .

استعدت الوعي لأجد نفسي مستلقي بفراشي ووالدتي بجانبي ، وعندما رأتني أفيق انتفضت صارخة من مكانها لتقول لي : أحمد الله على سلامتك يا أبني ، أخيراً أفقت.

بعدما أطمأنت علي حكت لي ما حصل منذ أن وجدوني ، أشياء لا يصدقها بشر ، أنني فقدت الوعي منذ أسبوع وصديق والدي رأني أخرج من المقبرة أصرخ من الرعب والفزع.

وعندما سألتها ماذا عن ممدوح ؟.

قالت لي : لقد وجدوا جثته داخل المقبرة ممزقة ! توفي ممدوح بسببي أنا ، لأنني من قدمته أضحية لهم بغير وعي مني أو أدراك.

بعد عدة أيام استيقظت على صوت همهمات داخل غرفتي ، أهتز جسدي بذعر و أصابتني قشعريرة قوية من ذلك الصوت ، بينما اليد على الأرض تتحرك بسرعة متجهة إلي ! حتى اقتربت من عنقي لتخنقني بكل قوة ، سقطت بعد ذلك على الفراش بعد صراع دام لدقائق لأصبح بعد ذلك جسد بلا روح ! هنا يعم الصمت في كل أرجاء الغرفة لينتهي كل شيء.

النهاية …

 

 

تاريخ النشر : 2018-07-25

guest
14 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى