طوائف و معتقدات

الفتاة الوحيدة في العالم

بقلم : sara zaky – مصر

اراد والدها ان يحولها الى امرأة خارقة!

الفتاة الوحيدة في العالم هي قصة حياة مود دايدر او فلنقل هي قصة عذاب مود علي يد والدها رجل الأعمال الفرنسي لويس دايدر .

بدأت القصة عام 1937 عندما سيطرت فكرة الانسان الخارق – المستوحاة من فلسفة نيتشه حول مفهوم الانسان الاعلى او ما فوق الانسان – على عقل لويس دايدر , فقرر ان يحصل علي ابن لا يقهر . لكن لأجل ذلك يجب أن تكون له زوجة ليس مثل بقية الزوجات , زوجة يربيها على يده ويحشو عقلها بأفكاره المريضة لكي تتقبل بسهولة كل ما يصدر عنه , وقد تفتق ذهنه عن فكرة خبيثة لتحقيق هذا الغرض …

توجه الي زوجين من العمال الفقراء العاملين بأحد المصانع وعرض عليهم أخذ طفلتهم “جانين او جيني” ذات الستة أعوام ليوفر لها العيش الرغيد و التعليم المناسب في مقابل ان ينسوها تماما من حياتهم كأنها لم توجد … فوافقوا وحصل دايدر على الطفلة ..

هكذا بدأت خطة دايدر, فها هي الطفلة التي سيربيها لتصبح فتاه مناسبة لانجاب الطفل الخارق (السوبر).

الفتاة الوحيدة في العالم
صورة لمود مع والدها .. الاب يبدو اشبه بشخصية فيلم رعب!

في الثامنه والعشرين من عمرها انجبت جيني طفلتها (مود) بطلة قصتنا لتزداد سعادة دايدر باقترابه من تحقيق هدفه.

دايدر كان يعتقد ان تربية الطفل بدنيا و نفسيا و عصبيا على تحمل الضغوطات والتعذيب , وهو السبيل الوحيد لجعل الانسان لا يقهر .. في الحقيقة كان ديدار متأثر بظروف الحرب العالمية الاولى والثانية التي عايشها , اراد طفلا بأمكانه خوض تجربة المعتقلات العسكرية والخروج منها حيا وسليما جسديا ونفسيا.

وبدأ بتطبيق ذلك على مود وهي في الثالثة من عمرها فمنعت من التحدث مع الناس , وفي الواقع هي لم يكن بأمكانها الحديث لأحد لأن دايدر اشترى منزلا معزولا في الريف واسكن العائلة فيه من اجل اجراء تجاربه بحرية. حتى أمها ممنوع عليها الاقتراب منها , او احتضان اي من ابويها , ممنوع الخروج من المنزل او مشاهدة التلفاز , حتى الهاتف وضعه دايدر في صندوق خشبي واحتفظ بالمفتاح في جيبه طوال الوقت , واذا ابدت مود اي نوع من المشاعر كان عقابها انقطاع الاتصال البصري بين والديها لمدة سته اسابيع متتالية

في الخامسة من عمرها بدأ دايدر فاختبار اتزان الكحول على ابنته , حيث كان يجبر مود على شرب كميات من الخمر ثم يجبرها على السير بانتظام دون خلل ..

(كان ابي يعتقد ان من يستطيع التحكم بنفسه تحت تأثير الخمر يستطيع فعل أي شيء) هكذا وصفت مود تفكير أبيها.

في الثامنه من عمرها كان يجبرها أبيها على لمس سياج مكهرب مرتين على الأقل اسبوعيا .. وكان يقوم بتركها في منزل ريفي منعزل بمفردها لعدة أيام. 

المشي على حافة منحدر صخري كانت رياضة دايدر المفضلة لمود.

أصيب دايدر بخيبة أمل عندما اكتشف خوف مود من الفئران فقام بحبسها بغرفة مظلمة مليئة بالفئران لتبقي مود واقفة لساعات في ركن الغرفة تستمع لأصوات الفئران وهي تجري هنا وهناك.

الفتاة الوحيدة في العالم
مود تقف امام المنزل الذي تربت فيه بطفولتها

والغريب أن دايدر قام بتعليم مود مختلف أنواع العزف على الالات الموسيقية حيث كان يقول لمود فقط الموسيقين قادرون علي النجاة في المعسكرات !!

ولكن أين كانت أم مود (جيني ) من كل هذا … لك أن تتخيل عزيزي القارئ حالة جيني وهي طفلة أخذها دايدر من أحضان والديها الفقراء لتكون نواة لمشروعه فهي مغلوبة على أمرها تماما وهي ضحية أيضا لدايدر.

عندما بلغت مود السابعة العشر بدأت ثوراتها الصغيرة ضد هوس والدها الذي رأى أن الحل الأمثل هو تزويجها لرجل في الخمسين من عمره , لكن معلم الموسيقي تدخل أقنعه بتزويجها من رجل في الخامسة والثلاثين من عمره , كل ذلك ومود لم تتجاوز الثامنه عشر.

الفتاة الوحيدة في العالم
مود الان في الستين من عمرها .. زوجة وام وسعيدة في حياتها .. لكن اطياف الماضي لم تفارقها ..

وسرعان ما طلقت من زوجها الأول لتتزوج مارك الذي عاملها هو ووالدته بمنتهي الحنان بعد أن كانت انسانة جامدة لا تستطيع التعامل أو التحدث من الغرباء نتيجة تربيتها القاسية.

تقول مود أنها تعلمت العطف من الحيوانات حيث سمح لها والدها بتربية كلب وحصان لولاهما لكنت تلخصت من حياتي منذ رمن بعيد.

مود الان في الستين من عمرها تعمل كأخصائية نفسية , وكتابها “الفتاة الوحيدة في العالم” تصدر قائمة الكتب في فرنسا .

المصادر :

– Maude Julien: How I escaped from my fathers cult

تاريخ النشر : 2018-07-31

sara zaky

مصر
guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى