تجارب من واقع الحياة

ليتهم يصمتون

بقلم : حنان عبدالله – السعودية
للتواصل : [email protected]

ليتهم يصمتون
أعيش على ذكرى سعادة ماضية

أسعد الله قلوبكم بكل خير
لست بارعة في المقدمات ولكن أحيانا نحتاج بأن يسمعنا من لا يعرفنا حتى لا يتألم أحبتنا
بداية أعيش في قرية الكل فيها متعارف ولله الحمد و بقدر ماهي نعمة فهي أحيانا وبال على المرء فالكل يتدخل في خصوصيات الآخر ، ومن يعيش في قرية أعتقد أنه يعلم ما أعانيه

فأنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة ، عشت حياة سعيدة مع أم محبة متفهمة وأب أنا فتاته الوحيدة بين ستة من الإخوة حفظهم الله ورعاهم
أحببت ابن عمي من طفولتي المبكرة وبادلني الحب بحب صامت وحينما بلغت الخامسة عشر من عمري أرسل لخطبتي ورفضت والدتي لصغر سني ولكي أكمل دراستي فهو يكبرني بتسع سنوات ، وعاود الكرة مرات حتى وافقت أمي بعد أن قام والدي بإقناعها بأنها حتى هي أكملت الدراسة وهي زوجة وأبن أخيه يشببه فلن يقدم لأبنته إلا الحب والمساعدة لإكمال دراستها واشترطت أن لا يتم الزفاف إلا بعد شهادتي الثانوية

وبالفعل عشت أيام خطوبتنا أسعد الأيام ، كل سعادة الكون كانت بين يديً وانتهت السنة الدراسية وأنا ما بين التجهير لحفل زفافي وبين مذاكرتي و بعد الاختبارات بأسبوع أقيم حفل زواجي ومضت الأيام جميلة ، و كعادة الأيام لا تبقى على حال ..

بعد عيد الأضحى المبارك بيوم رحل والدي رحمه الله شعرت إن الكون كله تزلزل تحت قدمي احتواني ابن عمي وحاول تخفيف صدمتي ولكن بعد ستة أشهر من رحيل والدي رحل هو ايضا هكذا بدون مقدمات ، وأي مقدمات يتركها الموت ! حاولت استيعاب ماجرى ظننت أنه حلم وأقسم يا اصدقائي أني لم أعد أفرق بين الحلم والحقيقة ، كنت أظن موته هو الحلم ، كنت أعاتبه وهو يقول لي مجرد حلم حبيبتي هأنا أمامك واستفيق من الحلم حينما لا أستطيع لمس يده

مضت الأيام وأنا لا أستسيغ طعاما ولا شرابا كانت حياتي القراءة في كابوس فقد تعرفت عليه في سنة حزني والكتابة في فيسبوك ، قرأت يوم عن تفويض العبد أمره لله وقلتها بحرقة قلب فوضت أمري لك يارب فإن كنت فقدت أب وزوج فعندي أم وأخوة قلوبهم تحترق لأجلي ونفضت غبار الحزن عني وكنت حفظت من كتاب الله سبعة عشر جزء فبدأت بإكمال حفظه ولم يمر عام آخر على فقدي أحبتي الذي لم ولن تزول مرارة فقدهم من فمي إلا وأكملت حفظ كتاب الله كله ثم سجلت في الجامعة لإكمال دراستي وأحب أن أعيش على ذكرى سعادة أنا متاكدة أن أزواج يعيشون خمسين عاما ولا يشعرون بالسعادة التي شعرتها

ونأتي لما يضايقني الآن ..
أمي وأخوتي لا يتدخلون في اختياري أن أبقى كما أنا ، لكن جارتي وابنة عمي وصديقتي و أشخاص يبعد بيتهم عن بيتنا وأكاد أجزم أن قريتنا كلها تتدخل في موضوع لا بد لي من الزواج ثانية وحرام أن أكون صغيرة وأرملة وغدا لا يبقى لي أحد أن لم أتزوج وأنجب
ثم يدّعون معرفة أحوال الميت فأبي وزوجي يشعرون بالحزن إن لم أتزوج ، أحيانا أتناقش معهم وأحيانا أصمت واقول في داخلي ليتهم يصمتون ولا أعلم كيف يفهم البعض أن الحب يأتي مرة و يتملك كل مشاعرنا ويبقى لآخر العمر

أعتذر للإطالة ولكن شعرت بحاجة لتفريغ شحنة الحزن الجاثمة على صدري .. لكم محبتي

تاريخ النشر : 2018-09-18

guest
44 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى