أدب الرعب والعام

لقد اختاروني أنا !! فما العمل ؟!

بقلم : نهى الراعي – مصر
للتواصل : https://www.facebook.com/Noha.Ayman.elraey

لقد اختاروني أنا !! فما العمل ؟!
خلصنا و فك أسر الروح المعلقة .. فك الأسر

 
كنت أعيش حياة هادئة بعض الشيء لكن انقلبت حالتي وحياتي رأساً على عقب عندما عدت إلى بلدي ورجعت إلى بيتي الذي تركته عاماً كامل .. كل يوم كنت أستمع إلى أصوات صاخبة .. أصوات نزاعات ومناوشات لرجل وأمرأة .. أصوات قادمة من الشارع الخلفي والذي أستطيع رؤيته من شرفتي الخلفية ..
في بادئ الأمر لم أكن أهتم ولا أعيرهم انتباهي وتركيزي أو أتسلل لشرفتي كي أُطالع مصدر الصوت ..

تمر بعض الأيام ويصدف وجودي في شرفتي في توقيت نزاعهم .. لم أستطع كبح جماح فضولي وليتني ما فعلت !.. أسوأ ما قد يحدث لك عزيزي عندما لا تسيطر على فضولك وتتركه يأخذك كما يحب ..

وقفت في شرفتي أُطالع بحماس تلك المناوشات التي اعتدت أن أسمعها كل يوم ، ولكن اليوم أنا أشاهد وأستمع جيداً وأحاول تفسير الكلمات وأضع الاستنتاجات لسبب نزاعهم هذا !.. وجدت أن الصوت قادم من شقة في الطابق الأخير من العمارة الخلفية لمسكني.. شقة نوافذها مفتوحة على مصراعيها ويعمها الظلام تماماً ولا تستطيع أن تشاهد أي شيء …. لحظة !.. هناك خيال يتحرك ..خيال لشخصين.. خيال الرجل والمرأة على الأرجح ..
تسلل إلى قلبي الخوف في تلك اللحظة وتبادر إلى ذهني سؤالاً لم أجد له إجابة .. لماذا يتشاجرون في الظلام الدامس هذا ؟!

في اليوم التالي تعمدت أنني حين أسمع صوتهم أذهب إلى شرفتي لأتابعهم .. وهنا غلبني فضولي للمرة الثانية للأسف !..
سمعت نفس المناوشات ورأيت نفس الخيال ولكن فجأة حدث مالم يخطر على بالي مطلقاً ..لقد سكت الصوت فجأة في نصف الحديث ورأيت الخيال يقترب أكثر ناحية النافذة المفتوحة .. خيال كليهما ينظر إليّ ثم تعالت صوت ضحكاتهم وانفتحت النافذة أكثر !!!
لأول مرة في حياتي تُحبس أنفاسي هكذا .. لأول مرة في حياتي أشعر بالرعب هكذا .. شعرت بالبرد يتسلل جسدي وركضت إلى داخل البيت وأغلقت الشرفة ..

حاولت أن أركز قليلاً وجدت أن ذلك الشجار يحدث كل يوم في نفس التوقيت وأن باقي اليوم تكون النوافذ مغلقة وأنني لا أستمع لأي صوت أخر خلال اليوم .. الأغرب من هذا وذاك أنني لم ألحظ أحداً غيري يحاول أن يسترق السمع ويقوده فضوله مثلما يقودني ، وكأنه لا أحد يسمع تلك الأصوات غيري !!
لم أشعر بالراحة ليلتها ولكني حاولت أن أطرد كل أفكاري المخيفة وأخلد إلى النوم في الظلام كما اعتدت .. لكن حدث ما خطر ببالكم فعلاً .. نعم أرى خيالهم وهم يضحكون كلما اطفأت المصابيح وعندما أشغلها يختفون !!.. لم أكن أتخيل أبدا .. أنا أراهم حقاً

شعرت أنني لن أحيا كثيراً في تلك الحالة .. قررت أن أذهب لحارس تلك العمارة لأفهم منه ماذا يجري هنا ؟؟
جلست أفكر كثيراً في رد فعل الحارس عندما أسأله عن سر تلك الشقة .. قادني عقلي بأنه سينكر كل شيء وينسبه لخيالاتي أو أنه سيكذب عليّ.. لم أفكر في رد أخر منطقي ..
المفزع حقاً أنني عندما سألته عن سر صوت التشاجر الذي أسمعه كل يوم رد بلامبالاة بأن نعم يحدث ذلك كل يوم فعلاً !!

ثم تابع وقال ( نعم يحدث هذا في شقة الدكتور سامح ومدام هدى أو شقة الأستاذ علي والأستاذة مي أو أخيراً في شقة المهندس إبراهيم ومدام جميلة ) !!!

لم أحرك ساكناً سوى أن علامات البلاهة وعدم الفهم طغت على وجهي وعندها أكمل حديثة ليضيف على خوفي خوفاً ورعباً أكثر !!

قال لي أنها شقتهم كلهم .. كل منهم سكن البيت مع أسرته في توقيت مختلف .. دكتور سامح ومدام هدى أول من سكنوا البيت وفي يوم سمعنا صوت مشاجرة كبيرة وبعد ثلاث ليال داهمت أُنوفنا رائحة كريهة جداً .. أبلغنا الشرطة التي قامت بدورها وكسرت الباب لنجد أنهم مقتولين وجثثهم هامدة متعفنة .. وجاء تقرير الطب الشرعي ليثبت أن كل منهم سدد طعنات للأخر ونزفوا إلى أن فارقت أرواحهم أجسادهم!!..

أغلقت الشقة قليلاً ثم تم عرضها للبيع ليسكنها بعد ذلك الأستاذ علي وزوجته وكانت نهايتهم نفس النهاية السابقة بالحرف !! ثم أتى بعد فترة المهندس إبراهيم وزوجته مدام جميلة .. لا داع لأخبر سيادتك أن النهاية واحدة !!
كل أسرة ماتت بنفس الطريقة ..
كل أسرة ليلة موتها كانوا يتشاجرون مشاجرة كبيرة ..
جميعهم كانت مشاجراتهم في تمام الساعة 2 بعد منتصف الليل .. أعتقد أنه نفس التوقيت الذي تستمع فيه لذلك الصوت .. أليس كذلك؟!!..

لم يلتفت إليّ ليستمع إلى جوابي وأكمل بأن الشقة مغلقة منذ شهرين وأن الجميع أصبح لا يعيرهم اهتمامه كي لا يرى خيالهم عندما يجلس في الظلام !!! .. عندها نظر إليّ بطرف عينه وقال ( بالتأكيد رأيت خيالهم ينظر إليك في الظلام أنت الأخر )!!..
وجدت نفسي أبتعد عنه بدون أن أنطق بأي حرف ذاهباً إلى بيتي وقد قررت أنني لن أعيرهم انتباهي ولن أتكلم في هذا الموضوع مرة أخرى وأنني سأترك هذا البيت قريباً جداً .. لكن للأسف !
لم يكن من حقي أن أقرر هذا !! ليس من حقي أن أملك قراري !!
صرت أرى خيالهم كثيراً في بيتي ولم يكن في الظلام فقط بل أصبح في أي وقت !!.. مهلاً مهلاً .. لم يكن خيال شخصين فقط بل أكثر!!
وكانوا ينادونني بصوت جهوري مخيف ويقولون ( خلصنا و فك أسر الروح المعلقة .. فك الأسر .. فك الأسر وخلصها من العذاب )!!

امتلكني الرعب وركضت مسرعاً إلى حارس تلك العمارة المشؤومة وقصيت عليه ما رأيته وسمعته .. انقلبت ملامح وجهه وقال لي أنه يُقال أن روح الدكتور سامح وزوجته مازالت تسكن البيت وأي أحد يسكن مكانه يموت بنفس طريقة موتهم .. ويُقال – وهو الأقرب للصواب – أن البيت ملكاً للعفاريت تقتل كل من دخله وسكن فيه وأن من أعطاهم هذا البيت هو الدكتور سامح بنفسه لأنه كان مولعاً بقراءة التعاويذ والطلاسم والتواصل مع هذا العالم وها قد انقلب السحر على الساحر !!..

سكت قليلاً ثم قال أنه قد وقع الاختيار عليّ وأنني لابد أن أخلّص روح الدكتور سامح .. بالتأكيد روحه معذبة لأنهم قد يكونوا قد أمروه بقتل زوجته ونفسه وأمروا روحه بعد ذلك بأن تقتل أي أحد يسكن البيت مثلاً!!.. لا أعلم ولكن وقع عليك الاختيار لتقوم بعمل ما سيقولونه لك فيما بعد ولن تستطع الفرار أبداً .. ليتك ما رجعت .. ليتك ما استمعت لفضولك وراقبت ما يحدث .. لقد دخلت منظومتهم وعليك أن تنفذ أوامرهم بالحرف كي تنجو ..

بالفعل ظهروا لي مجدداً.. بالفعل طلبوا مني شيئاً ولابد أن أقوم به كي أنجو ..
لقد طلبوا مني أن أقتل ذلك الحارس وأضع جثمانه بتلك الشقة .. إما أن أنفذ أو أموت أنا !!!

ترى ماذا أفعل ؟!!

أكتب لكم كلماتي علّها تقع في يد أحد ما في يوم ما وفهم ذلك اللغز .. إن مات الحارس فقد أكون أنا من قتله وإن مت أنا فقد يكون هم من قتلوني أو الحارس نفسه مثلاً عندما يأمروه بهذا!!

تاريخ النشر : 2018-09-30

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى