قصص الافلام

127 ساعة ( 127 Hours )

بقلم : دعاء أحمد خاطر – الاردن

127 ساعة ( 127 Hours )
فيلم مقتبس عن قصة حقيقية ..

عندما شاهدت الشريط الدعائي لفيلم ( 127 ساعة ) اعتقدت – و في الحقيقة – بالغت في الاعتقاد أنني سأرى فيلما هوليوديا مستهلكا بقصد الإثارة الرخيصة ، ولكن ما اتضح أن كاتب الفيلم و مخرجه ( داني بويل ) أجاد انتقاء بطل الفيلم ( جيمس فرانكو ) و بهذا المزيج الرائع اكتمل الفيلم الذي يحكي قصة متسلق الجبال و المغامر ( أرون رالستون Aron Ralston ) ، و قد رُشح الفيلم لست جوائز أوسكار لكنه لم ينل أي منها .

127 ساعة ( 127 Hours )
في الاعلى لقطة من الفيلم اما في الاسفل فصورة حقيقية التقطها ارون لنفسه حين كان عالقا ..

   الكثيرون يتمنون أن يحظوا في إحدى محطات حياتهم بمغامرة لا تـٌنسى حتى يتسنى لهم أن يقصوها على أحفادهم في المستقبل ، و هذا ما حدث مع متسلق الجبال أرون رالستون ، الذي ظهر في بداية الفيلم الذي أُنتج عام 2010م و هو في صحراء يوتاه غرب الولايات المتحدة الأمريكية ، متجها وحده ليشق طريقه في هذه الجبال الصماء الممتدة ، و لكن ما لم يكن يحسبه أرون حتى في أسوء كوابيسه حصل معه عندما انزلق في واد ضيق و ما زاد الأمر سوءا وقوع صخرة تزن قرابة الثمانمئة رطل على يده اليمنى لتحشرها ليُحبس في ذلك المكان الموحش المقفر ، و لك عزيزي القارئ أن ترى حجم الكارثة التي أوقع نفسه فيها عندما تعلم أن صديقنا لم يُخبر أحدا عن وجهته و بالتالي شرع في تحرير يده العالقة مرارا و تكرار لمدة خمسة أيام أردى فيها اليأس قتيلا وحصل على حريته بتصميمه و إرادته و حبه للحياة ، خلال 94 دقيقة من أحداث الفيلم كم سيمر الوقت بطيئا و نحن نشهد معاناة هذا الشاب الذي بدأ يذوي و يقترب من نهايته في ذاك الوادي المنعزل وما زاد الأمر تعقيدا أن جٌلّ ما يمتلكه في حقيبته سكين غير حاد وقنينة ماء وكاميرا صغيرة ، قرر أرون بتر يده بالسكين الصغيرة التي يمتلكها حتى تمكن من تحرير نفسه و الخروج من الوادي حيا يُرزق .

القصة الحقيقية  ( من هو أرون رالستون )

127 ساعة ( 127 Hours )
ارون .. نال شهرة واسعة ..

اتجه المهندس الأمريكي أرون رالستون  (ولد في 27 أكتوبر، 1975) إلى تسلـُق الجبال و بعد الحادثة التي تعرض لها عام 2003 م و التي أدت إلى قطع يده أصبح متحدثا عاما ، ألّف أرون كتابا بعنوان (Between a Rock and a Hard Place ) (بين صخرة و مكان صلب ) و هو عبارة عن سيرة ذاتية تأرخ ما حدث معه في وادي غراند كانيون .

   و فعليا ما حدث مع بطلنا هو ما صوره الفيلم و ما وثقه في سيرته الذاتية وهو وحيد في مكان لا أثر فيه لإنس و لا لجان ، مكان مظلم و مخيف لمدة خمسة أيام متتالية مع يد عالقة حتى أنه ودع أسرته بالكاميرا التي يحملها و نقش اسمه و تاريخ وفاته المفترض على جدار الوادي ، بعد نفاد الكمية القليلة التي كان يمتلكها من طعام و ماء شرب بوله ليبقى على قيد الحياة ، خارت قوى أرون لكنه استرجع بريق أمل لاح له عندما وجد نفسه على قيد الحياة فجرا بعد أن توقع موته ليلا ، فبدأ بقطع يده ليحرر نفسه من ذلك المكان الرهيب استغرقت عملية البتر التي قام بها آرون ساعة واحدة ( خمس ساعات في الفيلم ) ، كسر عظم زنده و لكم أن تتصوروا حجم الألم الذي عاناه و هو يجتث جلده ليصل إلى العضلات و الأعصاب و الشرايين و كل ذلك بسكين غير حادة لا تصلح لتقطيع تفاحة ، فجأة اندفع جسده بعيدا عن الصخرة فوجد الحرية تدغدغ جسده المتهالك المتعب بعد أن خلّص نفسه ، هو شعور مختلط من الفرح بالعودة إلى الحياة و حزن لفقده يده هناك ، تسلق أرون جدار الوادي بيده المتبقية و الذي يبلغ انخفاضه (20 م ) مواجها لهيب الشمس المحرقة في منتصف النهار ، ثم أكمل ماشيا ليصل إلى سيارته التي تبعد ( 13 كم ) ، و  في  أثناء توجهه إلى السيارة قابل عائلة هولندية تقضي إجازتها في الوادي فقدموا له يد المساعدة بإبلاغ السلطات و أُنقذ رالستون بمروحية حملته إلى المستشفى ليتلقى العلاج .

127 ساعة ( 127 Hours )
اصبح متحدثا دوليا لامعا ..

   لاحقا استعادت السلطات اليد المبتورة من فتحة الوادي و رجع رالستون إلى مكان الحادث بعد ستة أشهر في عيد ميلاده الـ 28 مصطحبا طاقم تصوير لنثر رماد  يده و الجزء الغريب في قصتنا أن رالستون لم يتشاءم أو يتطير من هذه الحادثة و إنما واصل تسلق الجبال و لكنه تعلم الدرس عليه بأن يبلغ عن وجهته أينما ذهب و أن يجهز نفسه بالمعدات الضرورية للطوارئ .

   و في النهاية عزيزي القارئ لا بد لنا أن نعترف بأن الإرادة الإنسانية تقتل المستحيل ، و كم يصدق المثل القائل : " و رب ضرة نافعة " على صديقنا ،   فلولا ما حدث معه في ذاك الوادي لما أصبح أرون بعد هذه الحادثة متحدثا دوليا لامعا ، و مؤلفا فذا ، و صاحب فيلم يؤرخ قصته .

تاريخ النشر 24 / 10 /2014

guest
73 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى