أدب الرعب والعام

سيدة النور 3 – المذكرة الأخيرة

بقلم : محمد الكسار – مصر
للتواصل : [email protected]

وفجأة سمعنا صراخاً من بعيد لعدة أشخاص ، وكأن قوم هذا الشيء سمعوه ويريدون الانتقام منا !

 

– أنا أرى أشياء غريبة في الظلام! وانتم أيضاً يجب علي جميع متابعي أن يقوموا بتشغيل النور دائماً وإلا فأنتم هالكون ، سيظن الجميع أني مجنون أو مخبول لا أهتم بهذا لقد بلغتكم بالأمر ، كل ما أريده هو النجاة من هذه الأمور ولن أضع المزيد من مقاطع الفيديو على قناتي مجدداً ، إنها نهاية العالم ، لن تنفعوني بشيء ، آسف…..

كنت أشاهد هذا الفيديو الغريب بعدما بحثت عن شيء مشابه لقضيتنا على الأنترنت فظهر لي هذا الشاب الذي أصبح قليلون من يتابعوه بعد سنين من شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي، وإن أخذتم برأيي فأنا حقاً أشك في ذلك الأمر فهو مشابه لقضيتنا وقضية عائلة “الجمالي” القديمة…

أدعى “امام” ، أنا شرطي وأنا المسئول عن التحقيق في قضية “ميرنا وأصدقائها” والتي وضعت تحت مسمى قضية “سيدة النور” ، وكنت أتابع بعض المواضيع المشابهة على الأنترنت كما ذكرت ، حتى جاء زميلي الضابط “علي” ليسأل ويستفسر ، وذكر لي ما الذي كان في مذكرة حمدان المبقعة بدمائه.
– ماذا بالمذكرة يا حضرة الضابط ؟
– كما قلت يا ضابط “علي” إن التحقيق إلى حداً ما يشبه ملف التحقيق في قضية القتل الجماعي لأفراد عائلة “الجمالي” صاحبي ذلك المكان الملعون التي أغلقت على أنها عملية انتحار جماعية.
– نعم ، إنه أمراً خارج أيديناً ، إنها شعوذة وسحر وتشبه تماماً ما حدث في قضية حمدان وميرنا وملك واحمد وطارق.
– إذا كانت مجرد عملية قتل فلماذا لم يقتل “ميرنا” وقد اُتيحت له الفرصة ؟
– كيف حالها ؟
– إنها الأكثر حظاً فهي الناجية الوحيدة في هذا الحدث المظلم ، إنها النور الوحيد فيه ، إنها سيدة النور…..

رن الهاتف

– مرحباً ؟
– أنا الطبيب الخاص المشرف على “ميرنا” ، أريد أن أخبرك يا حضرة الضابط أنها فاقت ولكنها في حالة غريبة أرجوك أن تأتي حالاً.
– أنا قادم فوراً…….

خرجت سريعاً من قسم الشرطة متوجه إلي المستشفى وبعد معاناة الازدحام وصلت
– مساء الخير يا حضرة الضابط
– كيف حالك ؟ ماذا حدث لميرنا ؟
– أنا بخير ، ولكن “ميرنا” فلا ، أنا أنصح بعرضها على مستشفى الأمراض العقلية يا حضرة الضابط.
– لم تتسرع في هذا يا حضرة الطبيب ، فما رأته ليس بقليل وأياً كانت حالتها سنتقبلها مؤقتاً فهي تحتاج المزيد من الوقت.
سكت الطبيب قليلاً ثم تركته ودخلت حجرتها الخاصة.

– مرحباً “ميرنا”

يا لها من مسكينة ، كيف لفتاة بهذا السن أن ترى كل هذا ، أدعو من الله أن يشفيها ، إنها كانت نائمة على الجانب الآخر ولم تتحدث حتى الآن ، ولكني تحدثت معها في أمور جانبية ليس لها علاقة قد تجعلها تتحدث أو تخرج من هذه الفاجعة.
– لقد تعاركت مع أحد المارة اليوم وأنا قادم اليكم ، كسر كشاف السيارة الوحيد الذي كان يعمل لدي فالآخر كان يحتاج واحداً جديداً ، أصبحت الآن احتاج كشافين.
تحدثت إلي بطريقة عادية.
– إذاً يجب عليك أن تضعهم في أسرع وقت.
قلت لها أني سأفعل ذلك!

أكملت حديثي معها حتى أصبحت لا تتحدث على الإطلاق ، لا لا إنها نامت ، لا أعرف ما هذا ولكن قد انتابني شعور أني معجب بها ، ربما أنا أشفق عليها أو ما شابه ، لا يحق لي التفكير في هذه الأمور بالطبع ، سأؤدي واجبي المهني فقط وأرحل في سلام ، خرجت من الحجرة وتوجهت إلي الشارع حتى أوقفني متسول يريد بعض المال ، أعطيته جنيهاً واحداً ثم نظر لي بغرابة وقال :
– ما هذا ؟
غضبت منه
– ألا ترضي به ؟ إذاً أعده لي.
نظر لي وعلى وجهه الخوف ثم تحدث
– لقد وصلوا لن نتمكن من فعل شيء! إنهم قريبون.
وهرب مسرعاً وهو يصرخ “إنهم قريبون” ” النهاية تقترب” “كلنا هالكون” 

يا له من مسكين هو الآخر .

ركبت سيارتي التي بدون كشافات أمامية و ذهبت إلي مقر الشرطة الخاص بي ولكن قبل صعودي السلم المؤدي للمقر سمعت صوت مشاجرة خلفي من بعيد فلفت نفسي ونظرت لأجد ذلك الشاب التافه صاحب الفيديو الذي ذكرته سابقاً ، يرفع لافتة مكتوب عليها “لا تطفئ النور” ، زميلي الضابط “علي” يصرخ في وجهه ويقول له “أن يرحل فوراً” ولكن التافه لا يريد الرحيل ، فذهبت لهما وتحدثت بصوت عالِ ” أتريد أن اضعك في الحبس ؟ ” ، قد كان ذلك الشاب أبيضاً بديناً بعض الشيء شعره طويل لأعلى ومجعداً ، يلبس نظارة نظر كبيرة هيكلها أسوداً تحدث بنبضة من الخوف.
– إذا كنتم ستبقون النور ليلاً ونهاراً فأريد ذلك سيدي.
ثم بلع ريقه ونظر لي نظرة طويلة ، فتحدثت
– ألا تعرف ، سوف نقوم بحبسك في مكان تحت الأرض لا يوجد به شمعة ولا طعاماً.

ثم نظر لي وتحدث بخوف وانفعال شديد
– أرجوك أن تفهمني ، إنها النهاية سيدي إذا لم نفعل شيء! يجب علينا أن نقوم بتحذير الناس.
تحدث زميلي الضابط “علي” بصراخ
– ارحل فوراً
ثم بكى ذلك الشاب وهو ينظر إلينا ثم رحل بهدوء وبطء وجلس بعيداً على رصيف تحت عمود النور.

تحدث زميلي “علي”
– أتصدق هذا المخبول ؟ ما التالي ؟
ظللت ساكتاً وتوجهنا سوياً للمقر لنكمل عملنا الشاق ، وبقيت هناك حتى الليل ، وعندما أنهيت كل شيء وخرجت من المقر أجد أن الشوارع خالية من الناس والنور و من بعيد هناك شاب الفيديو هذا في نفس مكانه تحت عمود النور الوحيد الذي يعمل في الشارع وهو واقف يتلفت حوله بخوف ، فركبت سيارتي وتوجهت ناحيته وفتحت الشباك وتحدثت إليه
– ما اسمك يا هذا ؟
تحدث
– اسمي “عمر” سيدي ويلقبوني أصدقائي بعمر ماكدونالز.
– هههههه ماذا ؟ وأين تسكن ؟
– لن أذهب للبيت لا يمكنني الآن.
– اركب السيارة إذاً ، أنا ذاهب للعشاء.

التفت حوله وركب السيارة بجانبي ثم تحدث.
– شكرأ سيدي أنا لم أتذوق أي طعام منذ الصباح.
ذهبت بالسيارة وأثناء الطريق الذي كان غريباً نوعاً ما فقد كان مظلماً وكئيباً تحدثت بسخرية
– لقد قلت لك أني ذاهب للعشاء لا لأطعمك.
بلع ريقه ونظر إلي أسفل ، ثم سألته عما به فتحدث ، لا أتذكر ما قاله جيداً ولكن خلاصة الأمر كانت أنه كان يرى أشياء غريبة في الظلام تحدثه تقول له أنهم قادمون ، وفي تلك اللحظة تذكرت “ميرنا” ولم أشعر بما كان قد يقوله “عمر ماكدونالز” وفجأة كان يصرخ ب”احترس” ، نظرت أمامي لأجد شخصاً واقفاً بمنتصف الطريق ، ضغطت على فرامل السيارة ولكني لم ألحق فقد دهتسه ! وتوقفت السيارة ، لا أصدق هذا ، فتحت باب السيارة ولكن أمسكتني يد باردة بقوة ، فقد كان “عمر” يحذرني من النزول بتلك الكلمات
– لا لا لا إنه منهم لا تنزل سيدي لا تنزل إنه منهم

انتابني شعور بالخوف فأخذت مسدسي وقلت له ألا يتحرك ونزلت من السيارة لأتفقد ما الذي دهسته ، لأجد ما لم أرى من قبل . إنه إنسان يخرج من جسده غبار أسود ذو رائحة كريهة ، يبكي بصوت سيدة في الأربعين ، ثم نظر لي نظرة مخيفة وانقض علي بيديه اللزجتين بسرعة الفهد ، يريد أن يقترب من أذني ويقول شيء ولكن فجأة نور ضرب من خلفي عليه جعل ذلك الشيء يقع أرضا ويصرخ بصوت عال جداً ومزعج ، فنظرت خلفي لأجد “عمر ماكدونالز” بيديه كشافاً موجه ناحية هذا الشيء ، نظرت الي هذا الكائن وهو يصرخ ويحترق من النور حتى سكت فجأة
فتحدث عمر ماكندونالز
– هل مات ؟
– لا أعلم!

وفجأة سمعنا صراخاً من بعيد لعدة أشخاص ، وكأن قوم هذا الشيء سمعوه ويريدون الانتقام منا ! فهربنا مسرعين بداخل السيارة وأدرتها ورجعت للخلف وهربنا حتى اختفى صوت الصراخ فتحدث “عمر” بسخرية مخيفة
– سيدي إذا كنت تريد أن تذهب للعشاء فأنا أعتقد أنه ليس الوقت المناسب.
ما الذي يحدث ؟! أنا خائف ، وفي تلك اللحظة كنت أتخيل “ميرنا” دائماً وأشعر بالخوف عليها ، وبدون تردد توجهت إلي المستشفى بأقصى سرعة السيارة ذات المصباحين المكسورين.

بعد أن وصلنا إلي المستشفى توقفت بالسيارة وقلت ل”عمر” أن ينتظر بالسيارة ولكنه رفض وصمم القدوم معي فوافقت ودخلنا المستشفى لأجد أحد العاملات تتحدث
– حضرة الضابط ، هناك صراخ آتي من خلف المستشفى واتصلنا بالشرطة ولكن لا أحد يرد.

أهذه هي نهاية العالم ؟ فسألتها ماذا يوجد خلف المستشفى ، فقالت لي أنه يوجد مبنى و أناس طيبون وأطفال تعرفهم وظلت تترجى لكي أتفقدها
– حسناً انظري يا هذه أريدك ان تأخذي صديقي “عمر” هذا و تتفقدا حالة “ميرنا” وتتصلا بي على الفور أثناء تفقدي ذلك المبني حسناً ؟ ولا تطفئي النور أبداً ، هناك شيء غريب يحدث في المدينة!

اعطيتها الرقم وذهب ولكن ناداني “عمر” وتحدث
– انتظر ، خذ هذا الكشاف فبالتأكيد ستحتاجه
أخذت الكشاف بالطبع وذهبت متوجها خلف المستشفى والشوارع الكئيبة الخالية من البشر ليلاً
فسمعت صراخاً يأتي من المبنى فأسرعت قليلاً حتى وصلت المبنى وكسرب بابه ودخلت لأجد ظلاماً قاتماً مع رائحة كريهة تشبه رائحة الجثث ، فشغلت الكشاف وناديت
– أين أنت ؟

فظل يصرخ بوضوح صوته صوت ذكر ، فصعدت السلالم مغطياً أنفي بيدي الأخرى واتبعت الصوت حتى وصلت إلي الطابق الثالث ، ووجدت شقة الطابق الثالث هي من يأتي منها الصوت وكانت مفتوحة فدخلت ووجدت شيئاً لا يطمئن ، فهناك رجل يقف أمام شُباك بعيد في الظلام يبرق إلي ولون عينيه المخيفتين أحمر ، شعرت ببرودة وانفاس حولي فأخرجت مسدسي ووجهته ناحيته وهو يصرخ من الحين للحين ثم فجأة تحدث بصوت مخيف!
– أرجوك لا توجه المصباح تجاهي
فتحدثت
– سيدي أريدك ببطء أن تستدير وتنظر للخلف ثم ترفع يديك لأعلى حتى أراهم
فتحدث ببرود مخيف
– حسناً سأستدير وانظر للخلف
ولف ورقبته فقط للخلف تسعون درجة حتى سمعت صوت كسر عظام رقبته ، مما أرعبتني بشدة
ثم تحدث ذلك الشخص
– لقد استدرت لأجلك حان الآن دورك، أريدك أن تنظر حولك

فبدأت أسمع من حولي أصوات مخيفة تضحك وتتحدث بلغة غريبة وأعين لونها أحمر ، تظهر في الظلام وذلك الشخص يتحدث
– أتعتقد أن هذا المصباح الصغير سيحميك ، ستحتاج مصباح أكبر من هذا
– ماذا تريد ؟
– لا تقلق لن أؤذيك أريد فقط منك طلب أخير
– ما هو ؟
– أريدك أن تنشر الخبر اكثر من ذلك أنت وصديقك البدين ، أريدكم أن تقولوا للعالم أن النهاية بدأت اليوم والظلام سينتشر بسرعة الريح وسيغطي العالم ، قل لهم أنهم هالكون لا محالة
– من انتم ؟ ماذا الذي سيفيدكم نشر هذا الخبر ؟
– نحن الظلام والذي سيفيدنا هو خوفكم أيها البشر ، أتعلم أنه أربع منا كانوا جائعين الآن وأنت من أطعمتهم ؟ اشكروه يا اخوتي.
فبدأوا بالضحك وبدأوا يقتربوا مني ببطء وأنا أبتعد عنهم ببطء ، حتى جعلوني على حافة الشُباك ونظرت خلفي لأجد الشارع أسفل ثم اقترب ذلك الشخص من وجهي وتحدث بسخرية
– خذ وقتك
وفتح فمه الكريه وأخرج لسانه اللزج الطويل ووضعه على وجهي ، وأمسك أحد هؤلاء القوم يدي وأخرج لسانه هو الآخر ووضعه على يدي ، القفز أهون ، إلي اللقاء.
قفزت من ارتفاع هائل ، ثلاثة أدوار ووقعت على سيارة مسكينة انتهي بها الحال كما انتهى الحال بظهري وغبت عن الوعي…..

صحوت من تلك الغفلة على صوت نغمة هاتفي الافتراضية فأخرجته وأنا نائم على السيارة
– حضرة الضابط إنها بخير والحمد لله ، ماذا وجدت ؟
– لا شيء كانت مجرد خدعة أنا في طريقي إليكم
– حسناً.
نزلت من أعلى السيارة ظهري يؤلمني بشدة ولكني قادر على المشي فمشيت متوجها للمستشفى حتى خرجت لي العاملة وفتحت الباب الرئيسي وتحدثت خائفة
– ماذا حدث ؟
– لا شيء هل حدث شيء.
– ما الذي يحدث في المدينة يا حضرة الضابط لا يوجد لأحد بالمستشفى غيري أنا والمرضي وأنتم ، أتا خائفة ، وورديتي انتهت ولم تأتِ زميلتي
– لن تأتي ، أريدك أن تغلقي جميع أبواب المستشفى وتبقى هنا اليوم ، الحال ليس آمن بالخارج
ذهبت العاملة لتفقد إحدى المرضى تفقدت حجرة بعض المرضي فكان معظمهم نائم والبعض الآخر يلعب ومنهم من يغني ، أحسدهم على عدم شعورهم بما يحدث الآن.

ذهبت إلى حجرة “ميرنا” ووجدت “عمر” يجلس أمام باب الحجرة وتحدث الي
– ماذا حدث هل كنت تتعشى ؟
– لا بل كنت انا العشاء
– هههه إنها بالداخل

دخلت الحجرة لأجدها نائمة وظهرها كان معرى قليلاً فغطيته وجلست قليلاً ادعو الله أن تشرق الشمس حتى غلبني النوم.
” الظلام يغشو من حولي ،نور خافت بعيد بدى يتضح ما به عندما اقتربت منه ببطء فكانت سيدة جميلة بشدة يغشاها النور ، أرى في ملامحها البادية على وجها أنها تشعر بالخوف ولكنها تطمئني ، يدها التي مسكت يداي بحنان وفتحت فمها وتحدثت بصوت خافت
أنا الشمس السوداء انظر الي جيداً
فنظرت في ضوء ساطع حتى لمع سواد عيناي
لا شيء باق سوى نورها الذي يبتعد بسرعة الريح حتى اختفى
والظلام يمتد تجاهي “
صحوت من ذلك الحلم الغريب لأجد وجه “ميرنا” الجميل أمام وجهي مباشرةً ونور الشمس الدافئ خلفها يزهو وكانت تمسك يدي كما كان في الحلم. فتحدثت
– ماذا تفعلين
– ليس من شأنك أريدك أن تبتعد عني.
فتركت يدي وجلست على السرير وهي تنظر الي
– أتدرين ما الذي يحدث هل تلك نهاية العالم ؟
– ربما ، ؛ريدك ان تخرج الآن اريد ان ابدل ملابسي ولا تجلس معي وانا نائمة مجدداً اتفهم ؟
– اريد التحدث معك انت الوحيدة التي قد تساعديني لفهم ما يحدث
– ….
– بعد ان تبدلي ملابسك حسناً

خرجت من الحجرة التي كانت باباها مفتوح ، وقفلته لأجد “عمر ماكدونالز” نائم على مقاعد الانتظار فتكرته وتمشيت في المستشفى قليلاً اتفقد المرضى وابحث عن الممرضة ، او تلك العاملة ، وفي نفس الوقت اتصل بأشخاص كثيرون ولكن لا احد يرد بالمرة ، لاحظت شيئاً غريباً لقد كان التيار منقطع! نور الشمس لا يدخل بجميع المشفى بل أجزاء بسيطة منها ، فناديت مراراً وتكراراً ولكن الممرضة لا ترد حتى انتفض قلبي عندما سمعت امرأة تبكي من بعيد فوجت باباً مفتوحاً يأتي منه الصوت فبادرت بالدخول ولكن اغلق الباب بقوة شديدة حتى خبط في رأسي ووقعت على الأرض ثم فتح الباب ووجدت كائناً اسوداً امسك بقدمي وسحبني للدخل في الظلام وتحدث

– الم اقل لك ان تنشر الخبر ؟
نظرت لأجده ذلك الكائن الغريب ذو العين الحمراء الذي طلب مني ان انشر الخبر ولكن اتى نوراً شديداً من خلفي فاجأه وأوقعه ارضاً وبدأ يصرخ ويحترق ثم احسست بتشويش في الرؤية واخذت لقطة خاطفة للوراء لأجدها “ميرنا” واقفة صامدة كالأبطال الخارقين تشع نوراً ابيضاً وخلفها “عمر” يسب هذا الكائن بألفاظ خارجة لن اذكرها في المذكرة بالطبع!
– احترق أيها ال……. ، اتريد المزيد من الضوء أيها ال…… ؟

نظرت الي الكائن الذي بدأ يحترق وبدأ يحمر جسده ويخرج سائل لزج مقزز ثم لم اعد اشعر ولا أرى شيء وغبت عن الوعي……….
بدأت اسمع صوت اغنية مألوفة تعلو وتتضح مع صوت سيارة متحركة حتى فتحت عيني وبدأت أرى جيداً في الثالثة ظهراً لأجد “ميرنا” تقود و”عمر” يجلس بجانبها وانا على كرسي السيارة الخلفي ولكن لاحظت ان “ميرنا” و”عمر” ملابسهم تبدو وكأن قطاراً اصطدم بهم ، انا كذلك ! فتحدث “عمر”
– ها هو قادم ! كيف حالك يا إمام ؟
فنظرت له ثم تحدثت ل”ميرنا”
– الي اين نحن ذاهبون ؟
فقالت “ميرنا” و”عمر” انني غبت عن الوعي لم يقارب ثلاثة أيام ! ، ماذا حدث في تلك الفترة!؟
فتحدثت “ميرنا”
– لقد تحول العالم بأكمله الي ظلام في فترة قصيرة جداً
فتحدث “عمر”
– اذن نحن في ضوء الشمس آمنون ؟
– اجل
فتحدث انا عن ما اذا كان هناك حل ؟ فأجابتني “ميرنا”
– اعتقد ان هناك حل اريد ان اذهب الي المطعم ولكني تهت كثيراً
فركزت في الطريق جيداً حتى وجدت علامة “الكيلو” القريبة وقلت لها ان تتجه يميناً وذلك يوصلنا الي شارع المدينة المهجورة ومنها الي شارع آخر المقابل للبنزينة ولكن سنصل للمدينة المهجور قبل غروب الشمس تقريباً وتوجهت “ميرنا” يميناً وهي مسرعة الي تلك المدينة…

عند وصولنا المدينة كانت خالية تماماً فتحدث “عمر”
– تلك المدينة مخيفة لا اريد ان نمكث كثيراً هنا اسرعي يا “ميرنا”
فتحدثت “ميرنا”
– هي فقط ؟ اعتقد ان كل مدينة أصبحت مخيفة الآن
فتحدثت
– كفاكما حديثاً اسرعي قبل غروب الشمس

توجها يميناً واكملنا السير في شارع جانبيه مباني مهجورة مظلمة ينظر عيون الظلام تنتظر آخر ضوء للشمس…….
وصلنا البنزينة مع اختفاء الشمس ، فنزلت “ميرنا” مسرعة الي المتجر وبدأت بصعود السلم ، حاولت الخروج من السيارة ولكن اوقفني “عمر” وتحدث
– اسمع يا حضرة الضابط ، اعتقد ان “ميرنا” هي سبب كل تلك المتاعب ، فأعتقد انها تلاعبت بالسحر الأسود او ماشابه وحدثت تلك الفجعة.

– ربما ! ، لا اعلم ولكن يجب ان نلحق بها ، خرجنا من السيارة وصعدنا السلم ونحن نسمع أصوات هؤلاء الكائنات من بعيد بدأوا بالعبث في المدن المجاورة، ونزلت من فتحة السقف بالمطعم ، لكن الظلام الدامس حولي حتى وجدت نوراً خافتاً من بعيد ، انها “ميرنا” جريت ورائها وكأن المطعم الصغير اصبح صحراء سوداء طويلة آخرها نور “ميرنا” ولكن ظهر عدة كائنات والتفا حول “ميرنا” وهو يهتفون ” الشمس السوداء اكتملي ، اكتملي ” وضمنهم ، “عم حمدان” !
انها بعيدة جداً كلما اقترب كلما تبتعد فناديتها فنظرت ليه وأشارت بأصبعها تجاهي وقالت ، احضروه ، فأقتربت بسرعة رهيبة وأصبحت امامها مباشرة و تلك الكائنات من حولنا.
همست لي دون ان يشعرون
– لا يمكنني المقاومة ، يجب عليك ان تقتلني
فتحدثت
– لا يمكنني يا “ميرنا” ارجوك لا تطلبي مني ذلك
فقالت
– اما هذا او اصبح شمس العالم نورها ظلام دامس ولن يرى احد ذرة من الضوء والمخلوقات الوحيدة التي سوف تعيش ستكون ” مخلوقات الشمس السوداء “

بعد ان سمعت هذا منها غضبت بشدة من تلك المخلوقات ونظرت لهم وتحدثت في غضب شديد
– أيها الحثالة ، اجعلوني انا تلك الشمس السوداء واتركوها
قالت لي “ميرنا”
– يجب ان تفعل ما قلته لك الآن
بتحدث ل”ميرنا”
– “ميرنا” انا …. انا احبك!
خافت جميع تلك الكائنات من حولي وبدأت تقول ” لا … لا ” لا يمكن ذلك ” …. ماذا يحدث ؟
بكت “ميرنا” ثم نظرت ليه وامسكت يدي وعيناي تدمعان ثم بدأت تتحول الي شيء شكل غريب وحجمها بدأ يكبر واصبحت غاضبة بشدة واخرجت صوتاً عالياً وغليظاً وصرخت لمن حولها صرخة أخرجت ضوءاً ساطعاً بشدة جعل جيمع تلك الكائنات تحترق. وبقيت “ميرنا” تصرخ وتصرخ حتى هدأت ورجعت الي شكلها الطبيعي ووضحت معالم المطعم واصبح منيراً الي حد ما ، فوجدت “عمر” ينزل من فتحة السقف وقال
– هل الجميع بخير.
ثم قلت
– كيف حدث ذلك ؟
– لقد قلت انك تحبني … والحب يجعل الشمس السوداء غير مستقرة واخرجت عاصفة شمسية رغماً عني
– اتعنين انك قضيتي عليهم للأبد ؟
– لا …. سيعودون سريعاً … الآن يجب ان اموت والا قد لا تتاح لنا فرصة آخرى
– لن افعل ذلك ابداً يا “ميرنا”
– انا ايضاً احبك يا حضرت الضابط…
اخذت قطعة حادة من الزجاج وانا ابكي حتى قالت لي
– لا تخف ، فقط طعنة في القلب.
يداي ترتعشان ونظرت ل”عمر” وجته حزيناً بشدة وانا لا اعلم ما افعل فتحدثت “ميرنا” وعيناها تدمع
– اريدك ان تعدني ان تدفنني بجانب والداي

فوعدتها وانا ابكي ، ثم ابتسمت لي ، مسكت قطعة الزجاج جيداً وغرزتها في قلبها وانا احتضنها وانظر لها وهي لا تتألم ولا تصرخ ، فقط كانت تنظر لي وتبتسم……..
عاد العالم الي طبيعته مرة آخرى….

….

“تم النظر في تلك المذكرة للضابط المتقاعد “امام” من قبل مختص الأمراض العقلية الدكتور “سليم عبد الرحمن” والمحقق “صالح الدهشوري” وتم التعرف على الجثة “ميرنا” في مطعم “عم حمدان” وتم التعرف ايضاً على جثة “عمر” بشقته وجاري التحقيق في القضايا….”

تاريخ النشر : 2018-12-04

guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى