أدب الرعب والعام

جاري

بقلم : عبدالقادر محمود – مصر
للتواصل : [email protected]

إنه يحدق بي يبدو أنه قد رآني وأنا انظر له

 

أطفأت نور الغرفة بسرعة وجلست على ركبتي في أحد أركانها ولكنه ما يزال يحدق بي يبدو أنه قد رآني وأنا انظر له

قبل ذلك بساعات …
الساعة 8:00

-انتظر يا عبد الله أنت لم تتناول فطورك بعد
-المرة القادمة أنا الآن متأخر عن العمل قلتها وأنا أتجه نحو الباب
-حسناً ولكن لا تنسى أن تشتري شيء لتتناوله
-حسناً أمي .. مع السلامة

………………………………….

دخلت مصلحة الضرائب وفورا وجدت صديقي علي أمامي
أردف سريعا مبتسماً : موعدنا الساعة 7
-التزم أنت فقط بمواعيدك يا أستاذ
-أوكيه يا عوبد

وكالعادة ينتهي عملنا الساعة 2 بعد الظهر

………………………………..

أخرجت مفاتيحي فاتحا بها باب منزلي وتوجهت إلى المطبخ
-هل مازال الطعام لم يطُبخ
-5 دقائق وسيكون الطعام جاهز
-وما هو الطعام ؟
-أنت تعلم ما هو
-نعم ولكنني أريد أن أسمعها مرة أخرى
-الطعام بط
-الله

……………………………….

بعد هذا الطعام لا يستطيع أحد أن يقاوم النوم
اتجهت إلى سريري وطلبت من أمي أن توقظني الساعة السادسة والنصف

………………………………

-ماذا أقول لكِ , هناك الكثير من الذي يمكن أن يقُال وان انتهى الكلام سأشتري من عند البقال وإن انتهى الحديث سأشتري لكِ الفوانيس
-يا سيدي لقد اتفقنا على عدم التفوه بكلمة من الشعر
-ماذا بكِ يا رحومة أريدكِ أن تكوني صبورة
-كلمة أخری وسأقتلك وأريح البشرية
أردفت ضاحكا : يا رحمة يجب عليك أن تدعمي موهبتي
-يا عبد الله أخرجنا من المزاح الآن وقل لي متى ستتقدم لخطبتي
-ربنا يسهل
-نعم !!
-اقصد الخميس القادم
ردت بدهشة وفرح : أنا لا أصدق
-أنا أيضا .. لذا علينا تأجيل الموضوع إلى أن يصدق كلانا

آه يا ذراعي كانت تلك الوقعة من فوق السرير اقوي من سوابقها ولكنه كان حلم رائع .. يا تری كم الساعة الآن
نظرت إلى المنبه بجانبي .. إنها السادسة والنصف
تسألت بداخلي لماذا لم تأتِ أمي لإيقاظي
نهضت متجها إلى الصالة وأنا أنادي أمي وأبي بصوت عالي
سرت في أرجاء المنزل ولكنه لا يوجد أحد وليس من عادة والدي الخروج
أخرجت الهاتف وطلبت أمي
“الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليا”
وأبي كان كذلك
لن أخرج من المنزل قبل أن أعرف أين هم لذا قررت أن اتصل بـ علي وألغي موعد السابعة
“الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليا”
غريبة !! منذ متي وعلي يغلق هاتفه !
ويا تري أين ذهب والدي ربما لجدتي ولكنهم لا يذهبون هناك سوي الجمعة

حسناً أنا لن أخسر شيء .. سأذهب إلى جدتي وأرى إن كانوا هناك ..
اتجهت إلى غرفتي لأرتدي ملابسي وأثناء ارتدائها لاحظت شيئا غريبا
جاري الذي يسكن بجانبي أراه يقف خلف النافذة الزجاجية ولقد كنا في الليل لذا استطيع أن أرى ظله ينعكس على النافذة بوضوح وهو يمسك بسكين ويقطع بها شيئا لا استطيع رؤيته جيدا ولكنه يبدو كالجسد .. ظللت أنظر له مندهشا بما يفعل .. فجأة حرك وجهه وكأنه ينظر لي من خلف النافذة ، أطفأت نور الغرفة بسرعة وجلست على ركبتي في أحد أركانها ولكنه ما يزال يحدق بي يبدو أنه قد رآني وأنا أنظر له ولكنه فجأة رحل بعيدا عن النافذة .. أنا لن أتحرك من مكاني ربما ينتظرني في السلم ..
إذا بي أسمع صوت طرق على الباب
تصلبت في مكاني دون إصدار أدنى صوت وبعد دقائق وجدته عاد مرة أخري أمام النافذة وبسرعة جريت نحو باب المنزل .. فتحته واتجهت نحو السلم فجأة سمعت صوت يناديني .. صوت أعرفه جيدا
-عوووبد … يا عوووبد
التفت خلفي ووجدته يخرج من منزل جاري : من ؟ علي!
-تعال .. تعال
-ماذا تفعل هنا
-تعال فقط

اتجهت معه بخطوات بطيئة نحو منزل جاري
كان الباب مردودا
دفعته إلى الأمام وفجأة وجدت الجميع يصرخ
كل عام وأنت بخير يا عوبد
بعد وقع الصدمة ضحكت متجها إلى الداخل قائلاً
-ما هذا يا جماعة .. تحتفلون بعيد ميلادي أم تريدون قتلي
جاءت أمي تجاهي قائلة
– نرد لك جزءا من مقالبك .. كل عام وأنت بخير
وأبي جاء تجاهي أيضا وقال : كل عام وأنت بخير يا بني
-جاري يجب عمل المقالب بضمير
عم سعيد : بيتي مفتوح للمقالب .. كم عوبد لدينا ؟؟ .. كل عام وأنت بخير يا حبيبي
نظرت إلى علي قائلا : وأنت يا صديقي … بعت صديقك بكم قطعة جاتوه ؟
أردف ضاحكا : كل عام وأنت بخير يا صديقي
-يا جماعة لتلك المناسبة السعيدة دعوني القي آخر قصيدة لي

تعالت الأصوات معترضة
-هكذا إذن ! لن يأكل أحد قبل أن يسمع .. اسمعوا ..
عيد ميلادي يا عيد ميلادي يعني جاتوه وتورتة و زبادي
رفع علي يده قائلا : ممكن سؤال
-نعم
-ما علاقة الزبادي بالموضوع
-هذه وزن وقافية وأشياء أنت ما تعرفها
-القصيدة تجوع دعنا نأكل الأول حتي نسرح في جمال القصيدة ولا نسرح بجمال الطعام بها
-حسنا هذا سبب مقنع فلنأكل أولا ..

تعالت صيحات الفرح
أكملت قائلا : لا تفرحوا كثيرا .. سأقول القصيدة بعد الأكل ولن انسى

…………………..

انتهينا من تناول الجاتوه وكنت قد تناولت الكثير لن اقدر على قول شيء ..
قمنا بشكر جارنا واتجهت أنا وأبي وأمي وأخذت علي إلى منزلنا
ودخلت غرفتي فتلك الغرفة نشاهد بها أفلامنا المفضلة وأنا من محبي أفلام الرعب للغاية وقد شهدت تلك الغرفة على أكثر الأفلام رعبا
-هل هناك فيلم سهرة جديد يا عوبد
-نعم , فيلم جديد واعتقد انه سيعجبنا للغاية
-ما هو ؟
-فيلم يدعي The Truman Show فيلم كوميدي ورائع للغاية .. يكفيني رعبا الليلة
رد ضاحكا : حسنا يبدو جيد .. لا نود أن نتأخر على العمل غدا اجعلنا ننهي السهرة سريعا
-وهل هي تلك أول مرة نتأخر عن العمل ؟
-هناك مشرفة جديدة في العمل ولا نود أن نخسر عملنا
-مشرفة جديدة ؟ لم أكن اعرف
-جاءت اليوم مشرفة جديدة تدعى لميس
-لا تقلق قصيدة شعر واحدة وتسامحنا وينتهي الأمر
-نعم سينتهي أمرنا فعلا
ضحكت قائلا : هيا نبدأ ولا نضيع وقت

…………………………………..

انتهى الفيلم وقد كان فيلما رائعا للغاية
أردفت قائلا : ما رأيك بالفيلم ؟
-رائع جدا .. هل أعجبك ؟
-أصبح من أفلامي المفضلة .. اغلب أفلام جيم كاري كذلك .. لقد اكتفيت رعبا اليوم يكفي شكل العم سعيد وأنا أراه من النافذة قلتها مشيرا إلى النافذة التي رأيته منها
نظر لي علي باستغراب قائلا : ولكن عم سعيد لم يدخل المطبخ من الأساس ثم أن النافذة التي تشير إليها ليس نافذته .. نافذته هي التي بجانبها

نهضت مفزوعا ناظرا إلى النافذة قائلا : نعم , إنها ليست نافذته بحق
-لماذا أنت مفزوع هكذا
حكيت له ما رأيته عندما كنت بمفردي
صمت قليلاً ثم أردف قائلاً : ما الدليل أنه كان يقطع جثة ربما كان يقطع شيئاً عاديا
-لا ، الشيء الذي كان يقطع لا يبدو أبدا أنه كان طعام
-تلك أوهام فقط بسبب كثرة أفلام الرعب .. صدقني هذه تهيؤات فقط

…………………………

استيقظت في اليوم التالي واتجهت إلى عملي كالعادة
جلست بمكتبي جانب صديقي علي نظرت له قائلا : كيف الحال ؟
-الحمد لله بخير وأنت ؟
-أنا الحمد لله تمام
نظر لي وكأنه شعر أنني لست بخير
جاءت رحمة وهي موظفة معانا في العمل .. جلست على المكتب الأخر
-أهلا رحمة
-أهلا عبد الله .. كيف حالك ؟
-أنا بخير الحمد لله .. وأنت كيف الأحوال ؟
-أنا بخير الحمد الله
-دائما بخير إن شاء الله
-أنا وأنت إن شاء الله
نظرت إلى الأوراق أمامي وبدأت العمل .. لم اشعر بنفسي إلا وهي تدق الثانية بعد الظهر

……………………….

دخلت من باب المنزل متوجها على المطبخ ولكنني شعرت أن أمي حزينة سألتها : ماذا بك ؟
ردت في حزن : جارتنا أم محمود ابنها لم يرجع إلى البيت منذ أمس وليس هو فقط ومعه أصدقاءه عمر ونبيل اللذان كانا يلعبان معه

بدأت أتذكر ما رأيته أمس عبر النافذة
-ماذا بك ؟
-لا شيء أمي
توجهت إلى غرفتي .. شعرت أنني لا أستطيع النوم لذا نهضت واتصلت بـ علي ..
-ما رأيك أن تأتي لنجلس مع بعضنا قليلا
-ما بال صوتك
-سأقول لك عندما تأتي
-حسننا أعطيني ربع ساعة وسأكون عندك

………………………………………………………

أردف على قد بدأ عليه القلق : كلامك منطقي ويمكن أن يكون حقيقي ولكن يجب أن يكون معنا دليل قاطع
-إذن ماذا يجب أن افعل ؟
-نفعل يا صديقي .. أنا لن أتركك تواجه شيء كهذا بمفردك
-علوه أنت أكثر من أخ .. أشكرك جدا على هذا
-يا عوبد قلت لك انه لا شكر بين أصدقاء ..

أخدنا نفكر ماذا يمكن أن نفعل ثم أردف علي فجاه قائلا : سنقوم بمراقبته ونعرف خطواته بالضبط
-حسنا
جلسنا نفكر ماذا سوف نفعل بالتحديد وقد قمنا بأخذ أجازة من العمل
وفى اليوم التالي أخذنا اليوم كله نراقب جارنا هذا … وعرفنا كل تحركاته ومن أهمها انه يغيب عن البيت من السابعة صباحا إلى 4 عصرا ويعيش بمفرده
بينما أنا واقف بجانب شرفتي مع علي أردفت قائلا :
-يجب أن نتخذ خطوة أخري
-وما هي ؟
-سأتسلل إلى بيته واعرف ماذا يحدث بالضبط
-هذه مخاطرة كبيرة .. أليس لديك فكرة أخري
-المخاطرة واجبه في هذه المواقف ولو أنها لن تكون مخاطرة ما دمت أنت هنا تراقب بينما أنا داخل منزله

انتظرنا لليوم التالي .. وقفنا بجانب الشرفة نراقبه وبمجرد أن استقل عربته ورحل .. نزلت مسرعا وتسللت إلى منزله ..
منزله يبدو طبيعيا للغاية وكل شيء على ما يرام
فجاه رن هاتفي .. انه علي .. أجبت عليه مسرعا
-ماذا هناك ؟
-عد بسرعة .. انه قادم

اتجهت مسرعا نحو الباب وخرجت من منزله وفورا كنت داخل منزلي .. كنت على وشك أن اكشف .. دخلت إلى منزلي وأنا الهث من الفزع .. استرحت قليلا وشربت كوب ماء ناظرا إلى علي الذي يبدو انه منتظر مني أن أقول له أنني وجدت جثة بداخل منزل جاري
نظرت له قائلا : لا
-لا , ماذا ؟
-لا لم أجد الذي تفكر فيه
-لم تجد جثة أو أي شيء يدل على انه قاتل .. بقع دماء على الأقل
-لا لم أجد ولا أي شيء
-ولكن لحظة واحدة .. ما الذي جعله يعود بتلك السرعة ويترك ما يفعله ويرجع إلى بيته مسرعا كأنه يعلم أن احدهم قد تسلل إلى منزله
خبطت جبهتي بيدي قائلا : لقد نسيت انه رآني عندما رأيته أنا من هنا .. لابد انه يعلم أنني قد كشفت أمره وأراقبه
-كيف نسينا ذلك ..

ظللنا نفكر قليلا في ماذا نفعل وربما يعتقد أننا معنا دليل إدانته
-ربما .. ولكن ما الحل الآن !
-أنت تعلم أن أبي وأمي يذهبون إلى جدتي يوم الجمعه وأنا اذهب معهم ونبقى هناك إلى صباح يوم السبت
-نعم
-تلك المرة أنا لن اذهب معهم .. وسنرحل أنا وأنت من منزلي ونتركه فارغ دون أن يكون هناك احد به
-هل تقصد انه ربما يتسلل إلى منزلكم
-ربما .. سنرى هذا غدا

……………………………………………

يوم الجمعة

-لماذا لن تأتي معنا يا بني
-معذرة أمي ولكن سأخرج مع صديقي علي قليلا
-أنت معه طوال الأسبوع .. ألا يجب عليك أن تري جدتك وتسلم عليها
-سيحدث .. سأخرج مع علي قليلا وائتي عليكم عند جدتي
-حسنا

رحل والدي من المنزل واتصلت بـ علي .. قابلته أمام بيتي .. ثم رحلنا إلى مقهى بعيد عن بيتي ..

جلسنا في المقهى تقريبا ساعتين لن أتحمل الجلوس أكثر منهما
توجهنا إلى منزلي .. فتحت باب المنزل بحذر وتوجهت بخطوات بطيئة نحو غرفتي وكان علي يسير خلفي بحذر .. نظرت إلى مكتبي شعرت أن هناك شيء حدث به لا اعلم .. ولكن لم يكن مرتبا بهذا الشكل
أردف علي : يبدو انه لم يأتي إلى هنا
-حسنا إذن يجب علينا أن نسلم دليل إدانته إلى الشرطة غدا قلتها غامزا
أشرت له بيدي أن يكمل الحديث
-نعم أنت على حق ..
-يبدو أنني لن أعود إلى جدتي .. يا ليتني اشتريت طعام قبل أن اصعد .. ما رأيك أن نشتري طعام ونكمل سهرتنا
-نعم فأنا اشعر بالجوع .. هيا بنا
نزلت من منزلي مسرعا وسط دهشة علي بما حدث ..
أردف قائلا :
-أتمزح ! هل معك دليل إدانته ؟
-ليس معي بالتأكيد ولكنه قد وضع مسجل صوت أسفل مكتبي ليستمع إذا كان معنا دليل أم لا وما الذي ننوي فعله
-وماذا سنفعل إذن

…………………………………………………….

بعد ساعة عدت أنا وعلي إلى المنزل
دخلت غرفتي و أمامي كان يسير علي
وفجأة أحسست بفوهة مسدس موجه على رأسي من الخلف
-قف مكانك ولا تتحرك أنت وصديقك
دخل رجل شرطة من خلفه وثبت المسدس على رأسه قائلا
-اثبت مكانك .. انخفض وضع سلاحك على الأرض
انخفض ووضع سلاحه على الأرض ثم وضع الضابط بسرعة الكلبش في يده ..
وقامت الشرطة بتفتيش منزله ووجدت به مكان سري ليس به فقط جثث الأطفال المفقودة وإنما جثث أخرى لم يتم التعرف عليها بعد

-الحمد لله يا عوبد .. لولا فكرة إبلاغ الشرطة كنا مقتولان الآن
أجبت ضاحكا : الأبطال يقُتلون في أفلام الرعب فقط يا علوه

تاريخ النشر : 2018-12-10

guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى