منوعات

جريمة فتى الكركند

بقلم : ساحرة الجنوب – أرض الأحلام

جرادي .. فتى الكركند في صغره

غالبا ما يتعاطف الناس مع المعاقين ويشفقون عليهم ، فالمعاق انسان عاجز يحتاج المساعدة ومد يد العون ، هذه حقيقة لا مراء فيها ، لكن كما يقال فأن لكل قاعدة شواذ ، إذ يوجد للاسف بعض ذوي الاعاقة ممن يكون ظاهرهم مدعاة للشفقة اما باطنهم فمخيف من شدة الجبروت والطغيان .. تماما كبطل قصتنا .. ذو الوجه السمح الضاحك والقلب الاسود الحالك ..

جريمة فتى الكركند
حالة اعاقة وراثية نادرة

منذ عام ١٨٠٥م عانت عائلة ستايلز من مرض وراثي نادر جداً يسمى (يد السلطعون) حيث تكون بعض اصابع اليد والقدم مفقودة ، أما الاصابع الباقية فتأخذ شكل الكماشة ، تماما مثل يد سرطان البحر او الكركند ذات الكلاب. هذه الحالة كانت كما قلنا متوارثة في العائلة ، إذ لم يخلو جيل من اجيال العائلة من افراد مصابين بهذه الحالة ، مما جعلهم عاجزين عن العمل بشكل طبيعي ، وبالتالي لم يجدوا مكانا ليسكبوا منه المال سوى العمل في السيرك ، حيث الجمهور متعطش لرؤية هكذا اعاقة فريدة من نوعه.

في ٢٦ من يونيو عام ١٩٣٧م ، ولد فرد جديد من افراد عائلة ستايلز ، اسمه “جراد ستايلز” ، وكان مصاب بنفس الاعاقة المتوارثة في العائلة ، وبدرجة متقدّمة جداً . حيث ليس فقط يديه معاقتان ، بل رجليه ايضا ، ولم يكن يستطيع الوقوف، فكان يستعمل الكرسي المتحرك للتنقل.

عمل “جرادي” لسنوات في السيرك ، وبسبب اعاقة قدمه ، كان يعتمد في كل شيء على قوة ذراعيه ، مما اكسبه قوة بدنية هائلة في يديه والقسم العلوي من جسده.

جريمة فتى الكركند
وجهه يوحي بالطيبة لكنه ابعد ما يكون عن ذلك

جرادي تعرف على زوجتهِ الأولى “ماري تيريزا” في السيرك ، وأنجبت له ابنتين ، دونا وكاتي ، وكانت دونا طبيعية ، أما كاتي فقد ورثت اعاقة ابيها ، لذلك فقد ضمها اليه منذ صغرها في عروض السيرك.
زواج جرادي انتهى بالطلاق بعد سنوات ، فرغم ما تنم عليه ملامحه من طيبة ، إلا أنه كان في الحقيقة شخص شرس وسريع الغضب ، ومدمن خمر ، فكان يعنّف أسرته ويضربهم كل يوم بشكل لا يُطاق ، مما دفع زوجته لهجره وطلبها الطلاق.

تزوج جرادي للمرة الثانية وأنجبت له زوجته الجديدة أبنا وحيدا ، اسموه على اسم ابيه ، جراد ستايلز الثالث ، وكان مصابا باعاقة والده ايضا ، فأنضم هو الاخر الى السيرك في سن مبكرة ، واصبح مع ابيه واخته يعرفون في عروض السيرك باسم عائلة الكركند (جراد البحر).

جرادي كان عنيفا ويسيء لجميع اطفاله ، لكنه على ما يبدو كان يحقد على دونا بشكل خاص ، ربما لأنها كانت طبيعية ولم ترث اعاقته ، كان يضربها كثيرا ويؤذيها ، وبعد سنوات ، حين كبرت البنت واصبحت مراهقة وقررت أن تتزوج بشاب أحبته بشكل كبير .. رفضه “جرادي” بشدّة ، لكن رغم رفضهِ أصرت دونا على الزواج! . الشيء الذي جعل “جرادي” يقتل خطيب أبنته يوم زفافها بدم بارد ، ثم سلم نفسه للشرطة وأعترف بما فعل ..

الغريب ان جرادي لم يزج في السجن ، وذلك نظراً لحالتهِ الصحية . بل وضع قيد الاقامة المنزلية.

جريمة فتى الكركند
صورة له مع ابنه وابنته المعاقان

أنفصل “جرادي” عن زوجتهِ الثانية بعدها ثم قرر العودة الى زوجتهِ السابقة ماري ، ووافقت هي على العودة بعد أن وعدها بأنه ترك الخمر وتغير واصبح انسان اخر .. لكنه للأسف وكما يقال ، الطبع الذي في البدن ، لا يغيره سوى الكفن ، وهذا المثل ينطبق تماما على جرادي ، إذ سرعان ما عاد لسيرته الاولى واصبح يعنف زوجته بأستمرار ويضربها مستعملاً ذراعيه القويتين!..

اخيرا طفح الكيل بماري ، فقامت عام ١٩٩٢م وبمساعدة من ابنها من زواج سابق ، بالاتفاق مع شاب يبلغ من العمر ١٧ عاماً يدعى “كريس”على أن يقتل زوجها “جرادي” ويخلصهما منه ومن عذابهِ! وذلك مقابل مبلغ ١٥٠٠دولار. ووافق “كريس” بكل بساطة ، وبالفعل أرتكب تلك الجريمة البشعة .. وضع رصاصة في رأس جرادي وانهى حياته الى الابد.

الشرطة قبضت على القاتل ، وسرعان ما اعترف على ماري وابنها ، ليقدموا جميع للمحاكمة ، وليحصل القاتل على حكم بالسجن لمدة ٢٧ عاماً ، وحكم على الأبن “غلين” بالسجن مدى الحياة ، اما ماري فقد حكم عليها بالسجن ١٢عاماً بتهمة التأمر والمشاركة في القتل. 

جريمة فتى الكركند
زوجته هي التي انهت حياته

في الحقيقة ، خلال جلسة المحاكمة ، لم ينكر اي أحد من المتهمين أنهم كانوا ينوون قتل جرادي ستايلز .. حيث تحدثت زوجته بكل صراحة عن تاريخه وجانبه السيء والشرير ، وقالت للمحكمة : “كان زوجي يقتل عائلتي كل يوم ، من اعماق قلبي أنا آسفة لما حدث ، لكن عائلتي اصبحت آمنة الآن”.

وهنا تنتهي قصة الحياة البائسة التي عاشها واحد من أشهر شخصيات السيرك في القرن ٢٠م . فتى الكركند أو سرطان البحر .

وهنالك مسلسل تلفازي يدعى (American Horror Story) في موسمه الرابع ، الذي أنتج عام ٢٠١١م قد تناول وعرض قصة “جرادي” في قالب من الرعب.

في الختام

أريد أن أقول عزيزي القارئ أن “جرادي ” نال ما يستحقه بسبب تصرفاته السيئة حيث أنه قتل شخص بغير حق بالأضافة إلى أن القانون لم يحاسبه ،لأنه لم يكن هناك سجن لنفس حالته ، فنزلت عقوبته على يد زوجته تريزا وأبنها.. ولكن يال الأسف فقد نالوا هم أيضاً عقابهم وأرئ أنهم لم يستفيدوا من قتله بشيء سوى الحرية لوقت قصير ولا شيء أخر . لأنهم بالطبع زجوا خلف القضبان لفترة طويلة ودعوا فيها الحياة.

ما رأيك أنت عزيزي القارئ بقصة جرادي ؟ هل كان يستحق الموت أم لا ؟ ماذا كنت ستفعل لو كنت أنت مكان تريزا وأبنها؟!

المصادر :

The Horrific Life and Murder Trial of the Infamous Lobster Boy

تاريخ النشر : 2018-12-18

guest
52 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى