مذابح و مجازر

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية

بقلم : متابعة موقع كابوس – العراق

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صرخة غامضة تسببت بموت العشرات

كانت ليلة باردة من شهر ديسمبر والظلام قد أسدل ردائه الموحش على البلدة ليغرقها في سكون تام لا يكاد يُسمع سوى نغمات موسيقية ولا يُرى إلا بريق أضواء احتفالية تترائى من خلف زجاج نوافذ إحدى القاعات في مبنى متربع وسط الظلمة ، كانت القاعة الفسيحة تعج بالمدعوين الذين أتوا لقضاء أجواء احتفالية تسودها البهجة والمرح تتخللها ضحكات الأطفال وهم يتراكضون حول شجرة الكريسماس المزينة بالأضواء الملونة والهدايا. إنها عشية عيد الميلاد من عام 1913 في بلدة كالوميت في ولاية ميتشغان بالولايات المتحدة الأمريكية وقد تجمع عمال المناجم مع عائلاتهم للاحتفال بالمناسبة السعيدة ، ولكن على ما يبدو فأن الأوقات السعيدة تنقضي بسرعة ، فما لبثت أن تحولت الاحتفالية إلى كارثة مأساوية ذهب ضحيتها العديد من الاشخاص.

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صورة المبنى الذي وقعت فيه الحادثة .. الحفلة كانت في الطابق الثاني

في وسط الاحتفال ، وبينما كان الحاضرين يقضون أوقات ممتعة ومسلية ، فجأة انطلقت صرخة عالية من قبل أحد الرجال وهو يصيح : “حريق..حريق” ..
دب الذعر في قلوب الجميع واستولى الفزع بينهم وبدؤوا يتراكضون نحو الباب الرئيسي للنجاة بأنفسهم وتفادي خطر الحريق ، لكن الإرباك الشديد أدى إلى حدوث تدافع بينهم بحيث لم يكن هناك فسحة أو مجال للخلاص من شدة الاكتظاظ والازدحام الشديدين ، ونتيجة لهذه الفوضى العارمة تساقط الناس فوق بعضهم مما تسبب في سحقهم حتى الموت ، وكانت حصيلة القتلى 73 شخص من بينهم 59 طفلا.
وكانت المفاجأة الغير متوقعة أنه لم يكن هناك أي حريق ولا حتى رائحة دخان تشير إلى احتمالية اندلاع نار في أي جزء من القاعة ، ومما زاد الأمر غموضاً أنه لم يتم التعرف على هوية الشخص الذي صرخ بوجود الحريق وتسبب بهذ الكارثة المأساوية.

البدايـــــــة

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
كان استخراج النحاس مزدهرا .. صور للعمال في شركة كالوميت وهيكلا

حصلت الكارثة في بلدة كالوميت Calumet Country وتعتبر من البلدات الشهيرة والغنية بمادة النحاس ضمن رقعتها الجغرافية التي تقع في شبه جزيرة كيويناو في ولاية ميتشغان الأمريكية ، وتدعى أيضاً بمدينة النحاس “Copper Country “.

كان استخراج النحاس من الصناعات القوية في بداية القرن العشرين مما شجع الكثير من المهاجرين للقدوم إلى بلدة كالوميت للحصول على وظائف كعمال مناجم ، وبسبب تزايد الأيدي العاملة أصبحت البلدة أول منطقة رئيسية لتعدين النحاس في الولايات المتحدة الأمريكية ويتم انتاج النحاس من قبل ثلاث شركات وهي شركة كالوميت وهيكلا للتعدين وشركة كوينسي راين وشركة كوبر راينج.

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
كانت شركة عملاقة تستحوذ على اكبر واغنى مناجم النحاس

تعتبر شركة كالوميت وهيكلا للتعدين Calumet and Hecla Mining Company واحدة من أعظم الشركات التي تمتلك مجموعة واسعة من أكبر وأغنى مناجم النحاس في البلدة ، كان لدى الشركة أنظمة وقوانين تتبعها لإدارة شؤون المناجم ومنها:

1- نظام العقود : يتم التعاقد مع العامل بموجب عقد ويُدفع له الراتب حسب كمية الصخور التي يستخرجها من المناجم وحسب المعدلات المثبتة في العقد ، ويطبق هذا النظام على العمال الذين يتعرضون للمخاطر الناجمة عن انزلاق الصخور المتساقطة بعد عملية التفجير ، أما العمال المسؤولين عن إزالة هذه الصخور بواسطة عربات الدفع الثقيلة فلا يُدفع لهم بموجب العقود ويعتبرون طبقة أدنى من بقية العمال.

2- نظام الأبوية Paternalism : وهو اجراء يحد من حرية الشخص واستقلاليته على زعم أنه يؤدي إلى ما هو الافضل والأحسن له بغض النظر عن إرادة هذا الشخص ، كان نظام الأبوية منتشر بشكل واسع في مناجم النحاس إلى درجة أن الشركة كانت تراقب حياة العمال عن كثب داخل المناجم وخارجها ، وقد تطور هذا النظام بسبب انه لا توجد بلدات مجاورة تقع بالقرب من منطقة مناجم النحاس لكي يتمكنوا من التزود بالمؤن والاحتياجات الضرورية لذلك قامت الشركة بتأمين هذه الخدمات بنفسها ، عن طريق بناء المنازل والمدارس لعمال المناجم وعائلاتهم وتوفير العلاج في المستشفيات وإنشاء الطرق ومقابل هذه الخدمات كان يُتوقع من العمال أن يعملوا كما يرغب أصحاب المناجم وعدم عصيان أوامرهم.

3- تقنية one-man drill وهي تقنية تستخدم المثقاب أو الحفار الميكانيكي لحفر الصخور في المناجم ويتم تشغيلها واستعمالها بواسطة عامل واحد فقط ، في السابق وقبل ظهور هذه التقنية كانت المناجم تستخدم المثقاب الذي يتم تشغيله بواسطة ثلاثة عمال ويسمى Three-man drill بعد ذلك ظهر المثقاب الذي يعمل بواسطة عاملين Two-man drill إلى أن تطور ووصل إلى one-man drill ، والذي تسبب في تقليص عدد العمال واستبدالهم بتقنية المثفاب الميكانيكي وأدى إلى أن يصبحوا عاطلين عن العمل وبالتالي توفير دخل أقل للأسرة .

4- اعتماد ساعات العمل الطويلة والتي تستغرق من 10 إلى 12 ساعة في اليوم من العمل الشاق والمضني ، وقلة الأجور وعمالة الأطفال .

تلك كانت سياسة الشركة والتي كما يراها العديد من عمال المناجم انها لم تكن عادلة ولا منصفة ، وأن الاستمرار على نفس النهج والمنوال وإجبار العمال على الرضوخ لمطالب الشركة ادى إلى تأزم الوضع بشكل كبير بين عمال المناجم من جهة وبين الشركة ومدراء تلك المناجم من جهة أخرى.

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
سياسات الشركة مع العمال لم تكن منصفة وقاد ذلك الى حدوث اضراب عام

كانت هناك منظمة تهتم بشؤون العمال وتدافع عن حقوقهم وهي الاتحاد الغربي لعمال المناجم The western Federation of Miners ويرمز له اختصاراً (WFM) بقيادة شارلز ماير ونظراً لتأزم الوضع بشكل خطير طلب الاتحاد من اعضائه (وهم عمال المناجم الذين يملكون عضوية في الاتحاد ) أن يصوتوا على مطلبين اثنين فقط وهما الاعتراف من قبل الشركة بالاتحاد كجهة نقابية والطلب الثاني عقد اجتماع مع إدارة الشركة لمناقشة تعديل الاجور وتنظيم ساعات وظروف العمل ، كما صوت أعضاء الاتحاد على إعلان الإضراب في حالة رفض طلبهم ، وبعد ارسال طلبات الاتحاد إلى إدارات المناجم قوبلت تلك الطلبات بالرفض ، وفي يوم 23 يوليو تم إعلان الإضراب.

منذ اليوم الاول تم إغلاق جميع المناجم في البلدة وقطع الطرق المؤدية إليها وتنظيم مسيرات يومية حاشدة للمطالبة بحقوق العمال ، كان أصحاب المناجم بقيادة جيمس ماك نوتن مدير شركة كالوميت وهيكلا للتعدين طلبوا من حاكم ولاية ميتشغان بارسال المساعدة إليهم لحفظ الأمن وقد استجاب الحاكم لطلبهم وقام بنشر قوات الحرس الوطنية وسرعان ما تم الاشتباك ومواجهات عنيفة بينها وبين العمال المضربين واندلاع الفوضى في جميع أنحاء المنطقة .

كان قد مر على الإضراب خمسة أشهر وباقتراب عشية عيد الميلاد كان العديد من عمال المناجم لا يملكون المال الكافي لشراء الهدايا والطعام في موسم العطلات ، لذلك قام الاتحاد الغربي لعمال المناجم بتنظيم حفلة عيد الميلاد عن طريق جمع التبرعات من السكان المحليين ، وأقيمت الحفلة في الطابق الثاني من مبنى القاعة الإيطالية ( وهو مبنى تجاري وترفيهي كان مملوكاً لجمعية الإعانة المشتركة الإيطالية ومقراً لها لإستضافة المناسبات الاجتماعية تم بناؤه عام 1908 ويتكون من طابقين يضم قاعة كبيرة للمناسبات في الطابق الثاني ) .

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صورة للقاعة من الداخل حيث كان يجري الحفل

كانت القاعة مكتظة بالمدعوين والذي بلغ عددهم حوالي 400 شخص كانوا يتناولون الطعام والشراب ويوزعون الهدايا على الأطفال ، وفي غمرة بهجتهم وسرورهم انطلقت تلك الصرخة المدوية التي تنذر باندلاع حريق في المبنى والتي زرعت الرعب في قلوب الحاضرين ، انطلق عمال المناجم مع عائلاتهم وأطفالهم يتدافعون حتى وصلوا إلى الدرج الذي يؤدي النزول منه الوصول مباشرة إلى الباب الرئيسي والخروج من المبنى ، كان الدرج يقع في ممر ضيق بحيث يستطيع شخص أو شخصان تسلقه ويعتبر المخرج الوحيد ، وبعد وصول العائلات المذعورة إلى الدرج أصبح الازدحام لا يطاق وتسبب في تعثرهم وسقوطهم وبالتالي عدم قدرتهم على الحراك مما أدى إلى وفاتهم سحقاً بحيث امتلأ الدرج بحثث القتلى الذين لاقوا حتفهم في محاولة يائسة في الهروب من الموت.

بعــد الكارثـــــــة

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صور الضحايا .. اغلبهم كانوا من الاطفال .. مساكين فقراء اتوا ليستمتعوا بحفل خيري فانتهى بهم الامر الى القبر

بعد الجنازة وانتهاء فترة الحداد على الضحايا كانت هناك تساؤلات كثيرة حول هوية الشخص الذي صرخ باندلاع الحريق ، وحول ما إذا كان هذا الشخص له علاقة بشركات التعدين خاصة شركة كالوميت وهيكلا للتعدين ، تم فتح تحقيق في الحادثة واستجواب الشهود لكن يبدو أن الأشخاص الذين استدعوا للشهادة لم يروا ما حدث ولم يتعرفوا على الشخض صاحب الصرخة ، وبعد ثلاثة أيام من التحقيق لم يتم التوصل إلى حل القضية ومعرفة الجاني.
تم وضع عدة نظريات وفرضيات حول الأسباب التي أدت لحدوث تلك الكارثة وهي:

1 – في وقت مبكر من عام 1914 جاءت لجنة فرعية من مجلس النواب الأمريكي إلى بلدة كالوميت لإعادة فتح التحقيق في الكارثة واستجواب حوالي عشرون شاهد ، ثمانية منهم قالوا أنهم رؤوا الشخص صاحب الصرخة ولاحظوا أنه كان يرتدي شارة ( تحالف المواطنين ) على معطفه والشعار يرمز إلى مجموعة معارضة للإضراب نظمتها شركات التعدين ، أي أن المتهم حليف لتلك الشركات وكان الغرض هو انهاء الإضراب عن طريق القضاء على العمال وعائلاتهم .

2- كانت هناك قصة شائعة مرتبطة بالمأساة وهي أن الباب الرئيسي للمبنى يتكون من بابين وكانا يفتحان للداخل ، وعند وصول الحشود الفارة إلى أسفل الدرج كانت الجموع تتدافع نحو الباب وتضغط عليه بحيث لم يكن هناك مجال لفتحه عن طريق سحبه باتجاههم لانه لا يُفتح عند دفعه للخارج ، والذي يؤيد هذه الفرضية الكاتبة أليسون ك هوجلاند مؤلفة كتاب Mine Town حيث اشارت في مقالة صحفية أن صور الباب الرئيسي التي نشرت مضللة وأنه تم التلاعب بها عن طريق جهاز يسمى Stereopticon وهو جهاز يتكون من عدستين تعملان على إذابة ودمج الصور (مشابه للفوتوشوب).

3- بعض الباحثين كانت لهم تفسيرات أكثر قتامة وهو أن الباب الرئيسي للمبنى كان مغلق من الخارج من قبل أصحاب الشركاب واعضاء تحالف المواطنين ، للقضاء على عمال المناجم.

4- المؤرخ آرثر ثورنر Arthur Thurner ومؤلف كتاب Rebels on the Range : The Michigan Copper Miners Strike of 1013-1914 (اضراب عمال مناجم النحاس في ميتشغان 1913-1914 ) والذي يشير إلى احتمالية وجود حريق فعلي ربما في مكان آخر من القاعة قد يكون في مدخنة المبنى ، لكن الحجة الأقوى ضد هذا الاحتمال ان المحققين لم يجدوا أي شهود يزعمون بوجود حريق كما أن دائرة الاطفاء المحلية التي استجابت لنداء الحريق تشير سجلاتها إلى عدم وجوده.

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صور الجنازة الجماعية للضحايا ..

كان هناك الكثير من المرارة والكراهية من قبل ذوي الضحايا ضد تحالف المواطنين وشركات التعدين ، وكان رئيس الاتحاد الغربي لعمال المناجم شارلز موير قدم شكوى وتوجيه اتهام ضد تحالف المواطنين ورفض التنازل عنه ، لكن أعضاء التحالف قاموا بزيارته في فندقه واطلاق النار عليه دون قتله وقاموا بعد ذلك بخطفه ووضعه في قطار وتهديده بمغادرة ميتشيغان وعدم العودة مجدداً ، بعد وصول شارلز إلى شيكاغو وتلقي الرعاية الطبية قام بعقد مؤتمر صحفي واظهر جرح الطلق الناري ووعد بالعودة إلى ميتشغان ومواصلة العمل في الاتحاد .

على الرغم من التحقيقات في الكارثة لم يتم توجيه اتهامات رسمية ضد أي شخص ، انخفض دعم الإضراب بعد مغادرة المنظمين له واجبروا على الرحيل ، وبعد أن انخفضت أموال الاتحاد (WFM) التي كانت تساعد بها عائلات العمال أثناء الإضراب ، واجهت تلك العائلات صعوبات خلال الشتاء مما أدى إلى التصويت على إنهاء الإضراب في 13 ابريل من عام 1914 ، وطالبت شركات التعدين من العمال الذين يلتمسون العودة إلى وظائفهم أن يدمروا بطاقات عضوية الاتحاد (WFM).

رغم عدم تحقيق مطالب الإضراب في عدم الاعتراف بالاتحاد كمنظمة نقابية تحافظ على حقوق العمال ، كما قلصت الشركات الخدمات التي كانت تقدمها للعمال وعائلاتهم من منازل ومدارس ، وبالمقابل تم تقليل عدد ساعات العمل إلى 8 ساعات وزيادة الأجور للعمال ذوي الطبقة الأدنى وسن القوانين التي تمنع عمالة الأطفال والتخلي عن نظام العقود واستبدالها بنظام الأجور اليومية.

الصرخة القاتلة : كارثة القاعة الإيطالية
صورة لباب القاعة .. لم يبق اليوم سوى هيكل المدخل الرئيسي كتذكار للضحايا في احدى الساحات العامة

كُتب الكثير عن كارثة القاعة الإيطالية من كتب وأغاني وأفلام وتم إحياء ذكرى الكارثة بقلم المغني وودي غوثري Woody Guthrie وهو مؤلف ومغني أمريكي ويعتبر من أهم الشخصيات في الموسيقى الشعبية الأمريكية التي ألهمت أجيالاً متعددة وقد كتب المئات من الأغاني السياسية ، قام بتأليف أغنية عن كارثة القاعة الإيطالية بعنوان Massacre 1913 (مذبحة عام 1913 ) والتي صدرت عام 1941 ، وتم تصوير فيلم مستوحى من أغنية وودي غوثري والذي يحمل نفس عنوان الأغنية .

بقيت القاعة مهجورة لفترة طويلة بعد الكارثة إلى أن تم هدمها عام 1984 ولم يبق منها سوى المدخل الرئيسي على شكل قوس حجري وهو نصب تذكاري وعلامة تاريخية لولاية ميتشغان كذلك يعتبر متنزه تابع لحديقة كيويناو التاريخية الوطنية.

ملاحظة : تعتبر كارثة القاعة الإيطالية نقطة تحول كبيرة في تاريخ نقابات العمال وضربة شديدة الأثر ضد شركات تعدين النحاس ، دفعت ثمنها أرواح العديد من الضحايا ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا عزيزي القارئ ما تفسيرك للسبب الذي أدى لوقوع تلك المأساة هل هي شركات التعدين وحليفها تحالف المواطنين للقضاء على الإضراب الذي كان يهدد مصالحها وسيطرتها ، فإذا كان هذا صحيح فلماذا لم يتم محاكمة تلك الشركات ؟
أم أن توجيه الاتهام للشركات كان افتراء لأنه جاء في فترة عصيبة كان يمر بها الإضراب حيث بدأ يتداعى ويضعف باقتراب عيد الميلاد لدرجة نفاذ الاموال التي تدعمه وأن اتهام الشركات سوف يشكل ضغط عليها للاستجابة لمطالب المضربين ، شاركنا عزيزي القارئ برأيك .

المصادر :

Italian Hall disaster – Wikipedia
Copper Country strike of 1913–14 – Wikipedia
100 Years Ago, The Italian Hall Disaster
Christmas Eve Massacre: The Italian Hall Disaster of 1913

تاريخ النشر : 2018-12-22

guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى