تجارب ومواقف غريبة

الأحلام والتنبؤ بالمستقبل

بقلم : رائد قاسم – السعودية
للتواصل : [email protected]

الأحلام والتنبؤ بالمستقبل
كيف يمكن للإنسان رؤية المستقبل أثناء نومه؟

منذ القدم والإنسان يحلم ، وحتى يومنا هذا ظل الحلم لغز من الألغاز وأحد غرائب الحياة التي لم تكتشف بعد ، وقد ورد فيه الكثير من الآراء الدينية والعلمية والميثلوجية، ونسجت حوله آلاف الأخبار والشواهد عند مختلف الشعوب وعلى مر الأزمان ، وورد ذكره في مئات الأسفار ، منها القرآن الكريم ، وفي الثراث العربي عرف ابن سيرين باعتباره أشهر مفسري الأحلام ، وتفسيره في الأحلام يتداوله الناس منذ مئات السنوات وطبعت منه ملايين النسخ.

وعند النظر في تفسير ابن سيرين والكثير من تفاسير الأحلام المشابهة له نجد أنها مبوبة وفقاً للحروف الهجائية ومواضيع الأحلام التي يحلم بها أغلب الناس ، كالحلم بالطلاق ، وسقوط الأسنان ، والموت ، وغيرها مما يراود معظم الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن البشر على الأرض يعيشون منظومة واحدة ومصير مشترك ، رغم الاختلافات والتباينات بينهم.

باعتقادي أن للأحلام علاقات عميقة بالعوالم المحيطة بالعالم الفيزيائي الذي يعيش فيه الإنسان والذي يسمى مجازاً بعالم الدنيا أو العالم الطبيعي ، فالإنسان يرى بحواسه الخمس نطاقاً محدوداً من الوجود الذي يعيش فيه، ولكن عندما يتحرر منه بالنوم فإنه يتمكن من رؤية بعض ما حجبه عنه جسده الكثيف ، وقد ورد في هذا الأمر آلاف الأخبار التي دونتها مئات الكتب لمختلف الملل والنحل، وجميعها تتفق على أن نوم الجسد ينقل وعي الإنسان إلى جسد شفاف ، يمكّنه من الانتقال إلى عالم قريب من عالم الدنيا، وفي هذا العالم يمكن أن يعرف بعض أحداث مستقبل حياته الدنيوية، أو مستقبل الأمة التي ينتمي إليها، وهو ما يسمى مجازاً بعالم الرؤيا ، وهو أحد العوالم الكثيرة التي تحيط بالإنسان، وهو الذي تلتقي فيه أيضاً أنفس النائمين بأنفس الراحلين من عالم الدنيا { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ –الزمر 42-}

ويمكن للجن الدخول فيه أيضاً بسهولة، ولقاء أنفس النائمين وإيصال الرسائل لها والتأثير عليها.
القرآن الكريم يحفل بقصص الأحلام التي تنبأت بالمستقبل ، من ذلك رؤية النبي يوسف (ع) في منامه ، قال تعالى { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ- يوسف 4-} وقد أمر والده النبي يعقوب (ع) بأن لا يخبر إخوته برؤياه حتى لا يزدادوا حقداً عليه.
ولا يقتصر أمر الأخبار عن المستقبل في المنام على الأولياء والعباد الصالحين ، بل إنه لكل الناس ، فعندما كان النبي يوسف في سجنه رأى اثنين من السجناء رؤيتين { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ – يوسف 36-} وقد فسر يوسف حلمهما { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ- يوسف41} وقد صدقت الرؤيتين وصدق تفسيرهما.
وحلم ملك مصر برؤيا علقت في ذهنه وأقلقته { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَقَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ- يوسف44-} فلم يقتنع الملك بجوابهم وأصر على أن حلمه رؤيا لحقيقة ستحدث عما قريب ، وطلب تفسير حلمه ، ففسره له يوسف الصديق { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ – يوسف49}.
وقد صدقت الرؤيا وصدق التفسير ، وتمكن المصريون من مواجهة أزمة اقتصادية كبرى بناء على حلم! وفي هذه القصة القرآنية دلالة كبرى ، إذ تدل على العلاقة المؤكدة والروابط الوثيقة بين عالم الدنيا والعوالم المحيطة به وفي مقدمتها عالم الأحلام.
إن الأخبار في هذا المضمار كثيرة جداً ، يقول الدكتور مصطفى محمود أنه التقى في أواخر عام 1970بأحد أصدقائه وكان شيوعياً ، وقال له بأنه حلم بأن الرئيس جمال عبدالناصر سوف يموت بعد أسبوعين، وذكر له اليوم الذي سيموت فيه، وقد صدق في حلمه ، بالرغم من كونه شيوعيا لا يؤمن بأي دين أو قيم روحية.

ولكن كيف يمكن للإنسان رؤية المستقبل أثناء نومه؟
أجزم ( ولا أملك دليلاً علمياً تجريبياً على ذلك) بأن هذا الكون محكوم بقوة عظيمة فوق إدراك العقل البشري ، متمثلة في الخالق سبحانه وتعالى. والله عز وجل يدير الكون من خلال الملائكة الكرام ، وربما مخلوقات أخرى ، فهم الذين يعلمون بالأوامر الإلهية التي يصدرها الرب وهم الذي ينفذونها ، ومنها ما يمس حياة البشر على الأرض ، سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى الأمم والشعوب ، فتعرف بها المخلوقات التي تعيش بالقرب منهم ، وينتشر خبرها في العوالم ، ومنها سكان عالم البرزخ، ويعرف به بعض سكان الدنيا ايضا ، من خلال الأحلام أو تحضير الأرواح ، وغيرها من الطرق.

والآية الكريمة الواردة في سورة الجن { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا – الجن 9-} دليل على كون الاحدث الدنيوية تقدر في عالم الملكوت لتنزل بواسطة الملائكة الى الأرض وتقع بعد ذلك ، وهذا لا يتعارض مع حرية الإنسان وتحمله لمسئولية مصيره ، فالقدر المكتوب المحتوم يبنى ايضا على أن أفعال الإنسان ، ومستقبله يحدد ويجرى من قبل السماء بناءً على أفعاله {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ- الشورى30}.
أعتقد أن العوالم قريبة من بعضها ، وأنه يمكن السفر إليها من خلال بوابات أثيرية ، تماما كالعمارة التي تحوي في داخلها الشقق المفصولة عن بعضها بالجدران والمرتبطة بالأبواب والسلالم ، والشقق أيضاً تحوي غرف يفصل بينها الجدران وترتبط ببعضها البعض بالأبواب ، حيث لا يمكن الدخول من شقة لأخرى أو من غرفة لأخرى إلا من خلالها ، ولا يمكن للبشر الساكنين فيها من التواصل المباشر مع بعضهم إلا من خلال المرور عبرها.

من ناحية أخرى فإن الإنسان غير قادر على الانتقال بين العوالم بسبب محدودية حواسه وكثافة جسده الذي يجعله محصوراً في نطاق محدد من الوجود ، ولكن عندما يموت هذا الجسد فإنه يتحرر من محدوديته ويتمكن من رؤية معظم العوالم التي من الممكن أن يراها بجسده الأثيري الأقل كثافة من الطبيعي { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ- ق22-} وفي النوم فإنه يتحرر نسبياً من جسده الطبيعي ويتمكن من لقاء سكان عالم البرزخ ( وعالم الجن أيضاً) ، وهذا اللقاء في أحد مناطق عالم البرزخ التي من الممكن أن تصلها أرواح أهل العالمين ( الدنيا والبرزخ).

ومن خلال تحضير الأرواح والجن يمكن أيضاً الالتقاء بسكان تلك العوالم ، والانسان لم يزل بعد بجسده الطبيعي ، من خلال تقارب اهتزازات جسده وحواسه الخمس مع مستوى اهتزازات أجسادهم الأثيرية فيتمكن من مشاهدتهم والتحدث معهم ، فالشخص من الجن أو البرزخ يمكن للإنسان رؤيته إذا ما خفض مستوى سرعة اهتزازاته جسده لتكون في نطاق رصد حواس الإنسان.

وقد تمكن الانسان في هذا العصر من رؤية الكائنات الميكروبية التي لا يمكن له رؤيتها بالعين المجردة ، وذلك بواسطة أجهزة الرؤية المجهرية، وتمكن كذلك من اكتشاف أشعة طيف لا مرئية ، كأشعة إكس ، والأشعة تحت الحمراء ، والفوق بنفسجية ، وأشعة الراديو ، وغيرها مما لا يمكن له رؤيتها إلا من خلال أجهزة الرؤية فائقة التقنية.
إن الأحلام وتحضير الأرواح تعد طرقاً عرفها الإنسان منذ القدم ، وقد يتمكن من اكتشاف طرق أكثر تقدماً ، من خلالها يتمكن من الوصول إلى هذه العوالم واكتشافها وسبر أغوارها.
وأظن أن سكان عالم البرزخ يمكن لهم أن يطلعوا على أحوال عالم الدنيا ، من دون أن يتمكنوا من الاتصال المباشر مع أهلها ، تماما كما نشاهد الأحداث المختلفة عبر شاشات الفضائيات ، من دون أن نتمكن من الاتصال بالأشخاص الذين نراهم ، ومن دون أن يعلموا بأننا نشاهدهم.

من ناحية أخرى فقد اثبتت التجارب العلمية الدامغة أن الحياة الطبيعية ( الدنيا) أكثر كثافة وأقل سرعة ، وأن ثمة عوالم أخرى أقل كثافة وأكثر سرعة ، وهو ما قرره اينشتاين في النظرية النسبية ، الأمر الذي يجعل الزمن نسبياً بين العوالم ، وهو ما ورد في النصوص الدينية كقوله تعالى : { إنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ –الحج47} وقوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ- المعارج4- } وقد أشارت بعض كتب التراث إلى نسبية الزمن من خلال سردها لبعض الأخبار ، من ذلك قصة أذكرها باختصار شديد ، قرأتها منذ عدة سنوات ، حيث حضر شخص متوفى للمسيح ( ع) وقال له بأنه عندما توفي سار في طريق مليء بالأشجار الباسقة والأعشاب الخضراء ، حتى وصل إلى قصر فسيح ، فشاهد فتاةً تلوح له وتطلب منه الدخول ، ولما دخل أخبرته بأن القصر له ، فوقفا يتحدثان ، وأثناء ذلك سقط منها عقد من اللؤلؤ ، فجلس القرفصاء معها يلملم أجزاءه ، وأثناء ذلك جاءه أحد ملائكة البرزخ وأمره بأن يجب روح الله . يقول الراوي بأن هذا الميت متوفى منذ ثلاثمائة عام مضت !!

إن العوالم الأخرى كالبرزخ والجن لا شك في كونها أقل كثافة وأكثر سرعة من عالم الدنيا، إلا أن سكان تلك العوالم يعيشون حياةً منسجمةً مع طبيعة أجسادهم اللطيفة ، لذلك تظهر لهم طبيعة الحياة بأنها صلبة ومادية ، وأن كل شيء حولهم حقيقي ، ولعل الأحلام التي نراها شاهداً على ذلك ، سواء كانت رؤيا ، أي اتصال بالعوالم الأخرى، أو أضغاث أحلام ( الاهتزازات الكهربائية والتفاعلات الكيميائية في الدماغ ) ، فنحن نعيشها في أجواء صلبة ومادية ، بالرغم من كون عالم الحلم ذو كثافة ضئيلة جداً قياساً بالعالم الطبيعي.
وكذلك العالم الميكروبي حيث الأحياء الميكروبية تعيش في نطاق يتناسب مع كثافة أجسادها ، فعندما تقاتل كريات الدم البيضاء الفيروسات والجراثيم فإن معركة حقيقة تحدث ، وعندما تتمكن كريات الدم البيضاء من الفيروسات وتقتلها فإن كل من الخلايا البيضاء والفيروسات الميتة يتخلص منها الجسم بواسطة الخلايا البالعة التي تقوم بابتلاعها.

إن الحلم الحقيقي ( أي الرؤيا) لا يمكن أن يتحقق سوى بمغادرة الجسد والذهاب إلى العوالم الأخرى عبر بواباتها الأثيرية ، وإن الإسقاط النجمي أو الحلم الواعي ، أي قدرة الإنسان على مغادرة جسده بإرادته ووعيه التام يعد تطوراً عظيماً في العلوم الروحية ، وتمكناً من تجاوز القوانين الطبيعية التي تحكم العلاقة بين سكان العالمين ، فالحلم واتصال الإنسان عبره بالعوالم الأخرى يعد هبة إلهية وطبيعة بشرية ، إلا أنه بالإسقاط النجمي واستكشاف القوى الروحية وتنميتها ، وتحضير الأرواح عبر الوسطاء الروحيين ، يعد كل ذلك علما مكتسباً وصل إليه الإنسان وأحاط به بعد توفيق الله بما يتمتع به من مواهب جمة ، مكنته من تجاوز القوانين التي تقيد حركته وتحصره في نطاق محدود وضيق.
وقد مررت كغيري بعدد من التجارب في مضمار الأحلام وتنبؤاتها بالمستقبل أو سفري إلى مناطق دنيوية من خلال جسدي الأثيري ، أذكر بعضها :

في عمر الخامسة حلمت بنمر يطاردني ، أتذكر هذا الحلم منذ أكثر من أربعين عاماً ولم أنسه حتى الآن، كانت تفصلني عنه مسافة ، وكنت بطيئا في ركضي ، ولم يتمكن النمر من افتراسي ، وفي سن الثامنة سافرت إلى مصر ، وفي حديقة حيوانات الجيزة الشهيرة ، اقتربت من قفص أحد الفهود ، ووقفت بقرب فتحة صغير مخصصة لإطعامه. كنت أنتظر والدي وإخوتي عندما التفت إلى وجه الفهد على وقع زئيره المرعب ، وما إن وجهت وجهي له حتى باغتني بمخالبه التي غرزها في رجلي اليمنى محاولاً إدخالي الى القفص لافتراسي ، هرع والدَي نحوي وجراني ، فكنت متوسطا بين الطرفين ، الفهد الذي يجذبني بمخالبه يبتغي افتراسي ، ووالدي اللذين يمسكان بي بكامل قوتهما يرومان إنقاذي منه ، وقد نجوت منه بالطبع ، ولكن بعد أن تدفق الشحم واللحم والدم من رجلي بغزارة ، ولاتزال آثار مخالبه باقية فيها حتى يومنا هذا.

وقبل سنوات حلمت بأني أركب سيارة في جسر بني على طريق رئيسي ، علق الحلم في ذهني أيضا ، وبعد سنوات شيد جسر في نفس الطريق الذي حلمت به.
ورأيت بأني كنت أسير في شارع بحي سكني في منطقة كانت خالية من العمران ، وبعد أكثر من خمسة عشر عاماً شيد في هذا المكان حي سكني ، وكان الشارع الذي أعرف مكانه من الحي في اليقظة قريب جدا من الذي شاهدته في الحلم.
وذات مرة حلمت بأني في وسط خيام بوسط الصحراء ، فرأيت شخص وسألته عن هذا المكان. فقال لي بأنك في الحناكية. عندما استيقظت دونت الاسم حتى لا أنساه ، وبحث عنه فاكتشفت بأنه يعود لمدينة في نجد ، لم أكن أعرفها من قبل أو حتى سمعت بها ، لأنها مدينة صغيرة وغير مهمة.
ولعل أبرز ما حلمت به هو زيارتي لإحدى المدن ( لم أعد أتذكر اسمها الآن) . شاهدت نفسي في شارع تطل عليه قلعة أثرية ، أو مسجد، ومن جهتها اليسرى توجد متاجر متنوعة في شارع فرعي ، رأيت رجلاً فسألته أين أنا ؟ فأجابني بأنني في مدينة… .
فور استيقاظي كتبت اسم المدينة ثم بحث عنها في الأطلس ( لم يكن في ذاك الوقت انترنت) فوجدت مدينة مصرية تحمل نفس الاسم ، والذي أتذكره جيداً بأنها مدينة صغيرة وغير مهمة ولم أكن أعرفها على نحو الإطلاق.
في عام 2000 ميلادية توفي أحد رجال الدين المشهورين في إيران ، بعد ليلتين من وفاته شاهدته وهو يطير في الفضاء وكأنه تائهاً لا يعرف أين يذهب ، ثم شاهدت نفسي في مبنى قديم مليء بالقبور ، ورأيت رجلين يحفران قبراً . فسألتهما لمن هذا القبر؟ فأجابني أحدهما بأنه لفلان ولكنه لا يريد أن يدفن فيه.
بعد عدة ايام سمعت أن مواجهات وقعت بين متظاهرين من أنصاره وبين الشرطة الإيرانية ، حيث كانت السلطات تصر على دفنه في مقبرة ما ، وكان أنصاره يريدون دفنه في مكان آخر بناء على وصيته.
أتذكر عندما كنت في المرحلة المتوسطة حلمت بأني تعاركت مع ثلاث من زملائي ، وفي اليوم التالي جاءني أخي الأصغر وأبلغني بأن ثلاثة من زملائي كانوا يتحدثون عني بسوء أمام جمعا من الطلاب في المدرسة ، وأخبرني بأسمائهم فكانوا الذين حلمت بهم.
ذات ليلة شاهدت أحد الأصدقاء وهو في حالة يرثى لها ، فقد كان في جسمه رضوض عدة ، وكانت يده اليمنى مكسورة . بعد عدة أيام التقيت به وسألته عن أحواله فأجابني بأنه فصل من عمله!

أتذكر الكثير من الأحلام ذات المعنى والقيمة التي شاهدتها في منامي وكنت دائما ما أستيقظ من نومي لأجد الوقت فجرا ، وأعتقد بأني ذهبت مثل غيري لعالم الرؤيا ، تلك المنطقة الأثيرية التي يمكن فيها مشاهدة مستقبل الحياة الدنيا وهو ينشأ، فما يحدث في الدنيا من أحداث له انعكاسات في هذه المنطقة ، نشاهدها على شكل رموز أو ما شابه ، سواء على صعيد الأشخاص أو الأماكن أو الأمم ، علاوة على أن سكان العالم البرزخي يمكن لهم أن يعرفوا حوادث المستقبل ، ويمكن لهم أن يخبروا أهل الدنيا بها عن طريق تحضير الأرواح أو الإسقاط النجمي أو الرؤيا ، أتذكر أني قرأت قبل عدة سنوات تغريدة على تويتر لشاب يقول فيها أنه استيقظ من نومه على وقع إحساس شديد الوطأة بأنه سوف يواجه حدثاً مهماً جداً في حياته ، في المساء نعي الشاب على تويتر بعد أن توفي على أثر حادث مروري.
أتذكر بأني حلمت بأن جسر سيربط بين ضفتي الخليج العربي ، بعد عدة أيام عرض خبر مفاده أن سلطنة عمان نفت الأنباء الواردة عن مباحثات بينها وبين إيران لإنشاء جسر يربط الدولتين.
أتذكر بأني سافرت لبلد ما وعهدت سيارتي لأخي الأصغر ، وحلمت بعد عدة أيام بأنها سرقت، اتصلت به فورا فأخبرني أن السيارة بخير ، ولكن عندما عدت أخبرني أن سيارتي سرقت! ولعدة أيام! حتى وجدتها الشرطة ملقاة على قارعة أحد الطرق!!
و ثمة حادثة اخرى مشابهة ، فقد حلمت بأن سيارتي قد سرقت ، وفي الصباح وعندما كنت ذاهباً للعمل وجدت الباب الرئيسي مفتوحاً !!.

الكثير من هذه الرؤى تقع لنا جميعاً دون شك وبتعزيز قوانا الروحية يمكن أن نطورها ونتجاوز ضعف الحواس الخمس وكثافة جسدنا الذي يحجب عنها القدرة على الاتصال بالعوالم الأخرى ، فالاتصال بالجان وأرواح الموتى ممكن إذا ما تمكنا من تحقيق ذلك ، فهم يعيشون في عوالم قريبة منا.
إن آخر ما حلمت به كان قبل عدة أشهر فقط ، فقد رأيت اظفر اصبع رجلي اليمنى الكبير ينتزع مني ، ثم تمكنت من الإمساك به وإعادته إلى مكانه.
وعندما سافرت إلى مصر في الصيف الفائت تعطل هاتفي المتحرك ، فذهبت إلى متجر هواتف وأصلحته ، ولكن عندما عدت للفندق اكتشفت بأن الذاكرة الخارجية غير موجودة.
عدت للمتجر الذي أنكر صاحبه بأنه أخذها ، فاضطررت أن أرفع عليه دعوى في الشرطة ، وبعد أخذ ورد بيني وبينه اعترف بطريقة غير مباشرة بسرقتها وأعادها!!

إنني متيقن بأننا نحن سكان العالم الأرضي نعيش في مستوى معين من اهتزازات هذا الوجود ، وأن الأحلام ليس سوى منطقة أثيرية ذات اهتزازات أكثر سرعة ، تقع ما بين عالمي الدنيا والبرزخ، نستطيع الذهاب إليها من خلال الإسقاط النجمي أو النوم ، كما يستطيع أهل البرزخ والجن كذلك من الذهاب إليها ، وفيها يمكن رؤية أحبائنا الذي انتقلوا إلى عالم البرزخ ، بل ويمكن أن يأخذونا إلى أماكن عديدة في عالم البرزخ أيضاً ، فالعوالم قريبة من بعضها ولا ينقصنا سوى معرفة أسرار الاهتزازات والترددات والموجات التي تعد أهم أعمدة البناء الكوني ، فالحق سبحانه وتعالى رب العالمين ، والعالمين مفردها عالم ، والعوالم أشبه بأمواج البحر تتلاطم مع بعضها البعض لتشكل في النهاية بحر هذا الوجود اللامتناهي الذي خلقه القدير سبحانه وتعالى.

 

تاريخ النشر : 2018-12-30

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى