أدب الرعب والعام

فوق رماد الرّجال

بقلم : محمد بن صالح – المغرب
للتواصل : [email protected]

فوق رماد الرّجال
ﺷﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﻖ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﺔ آﺧﺮ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﻠّﻴﻞ، ﻭﺃﺩﺧﻠﺖ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻷﺻﻄﺎﺩ ﺃﺧﺮ ﻗﻄﺮﺓ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻷﺳﺎﻣﺔ : ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮّﺓ ؛ ﻓﺮﻗﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺥ !

– ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﺷﻔﺘﻴﻬﺎ ﺣﻤﺮﺍﺀ، ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺭﺷﻴﻖ، ﺃﻧﻴﻖ، ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺤﺒﻨﻲ، ﺗﺤﺒﻨﻲ

ﺃﺷﻌﻠﺖ ﺳﺠﺎﺭﺗﻲ ﺑﺄﺧﺮﻯ ﻓﺎﻧﻴﺔ

– ﺃﻧﺖ ﺗﻜﺬﺏ ﻳﺎ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﺗﻜﺬﺏ

ﻣﺴﻜﻴﻦ ، ﺟﻨّﻨﺘﻪ ﺇﺣﺪﺍﻫﻦّ .. ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻲ : ﺃﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺷﻴﻄﺎﻥ .
ﻓﺘﺤﺖ ﺃﻭﻝ ﺯﺟﺎﺟﺔ

– ﻫﺎﻙ .. إﺷﺮﺏ ﻳﺎ ﺃﺳﺎﻣﺔ ، ﻭﺍﺗﺮﻙ ﻋﻨﻚ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ، ﺩﻉ ﺧﻴﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ

– ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﻛﺬﺏ ، ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻜﺬّﺍﺏ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻨﺎ

– ﺍﺷﺮﺏ، ﻭﺍﺻﻤﺖ

– ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻏﻨﻴّﺔ ﻭ ﻋﺮﻳﻘﺔ، ﻟﻤﺎ ﻻ ﺗﺼﺪّﻗﻨﻲ؟

– ﺗﻘﺼﺪ ﻧﻔﺮﺗﺘﻲ !

– ﺍﻟﻠّﻌﻨﺔ

ﻋﺠﻮﺯ ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﺘﺤﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﻭﺟﻠﺲ ﻓﻲ ﻃﺎﻭﻟﺘﻨﺎ ؛ ﺑﺪﺃ ﻳﺪﺧّﻦ ﻭﻳﺴﻌﻞ، ﻳﺴﻌﻞ ﻭﻳﺪﺧّﻦ ،  ثم سأل :

– ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺎ ﺃﺳﺎﻣﺔ ؟ ﻛﺢ ﻛﺢ ﻛﺢ …

– ﺇﻧﻪ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﺪﻧﺎﻥ

– ﻛﺢ ﻛﺢ …

– ﺇﻧﻪ ﻛﺎﺗﺐ

– ﻟﻢ ﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺃﺩﻳﺒﺎ ﻳﺮتاد ﺍﻟﺨﻤﺎﺭﺍﺕ ﻛﺢ ﻛﺢ !..

ﺃﻛﻤﻠﺖ ﻛﺄﺳﻲ ﺑﺨﻔّﺔ :

– ﻭﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ

– ﺇﺫﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻌﺎﻫﺮﺍﺕ

– ﻻ، ﺑﻞ ﺳﻴﻘﺎﻥ ﺍلقردة

– ﻛﺘﺎﺏ آﺧﺮ ﺍﻟﺰمان

ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻟﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘّﻴﻨﺎﺕ . ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻛﻞّ ﺣﻴﻦ .. ﺑﺪﺃ ﻳﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺠﺎﺩ ﻣﺎﺿﻴة ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻣﺔ

– ﻟﻴﻠﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﺜﻞ ﻟﻴﻠﻜﻢ ﻳﺎ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺃﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠّﻴﻞ

– ﺇﻧّﻪ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﺪﻳﺪ، ﻳﻌﻈﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺠﺘﺮّ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻪ ﺟﺎﻫﻼ . ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻄّﺨﺘﻪ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ، ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻖ ؛ ﻟﺴﺖ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻲ ، ﺃﻧﺎ؟ ﻳﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻨﻚ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﺟﻨﺒﻲ، أو ﺗﻘﺮﺃ ﻛﻠﻤﺎﺗﻲ ؛ ﻓﻤﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﺑﺚّ ﻫﻮﺍﻱ ﻟﻠﻴﻼﻱ .

– ﻟﻢ ﺃﻓﻬﻢ

– ﻭﻟﻦ ﺗﻔﻬﻢ

– ﺃﻭﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﺳﺎﻣﺔ ؛ ﺇﻧّﻪ ﻣﻦ ﻛﺘّﺎﺏ آﺧﺮ ﺍﻟﺰمان

إﺑﺘﺴﻢ أﺳﺎﻣﺔ ﻧﺎﻓثا ﺃﺩﺧﻨﺘﻪ :

– ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﻚ ﺭﻭﺍﻳﺔ؟ ﺇﻧﻪ ﻋﺒﻘﺮﻱ، ﻳﺠﻴﺪ ﻭﺻﻒ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﻴﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻚ

– ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻤﻠﻪ ﻗﺪ ﻳﻔﻮﻕ ﻗﺪﺭﺓ ﻗﻠﻤﻪ .. ﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺑﺎﻷﺣﻼﻡ ، ﺃﺣﻠﻢ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ . ﻓﻼ ﻳﺤﻠﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ

ﻓﻜّﺮﺕ : ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﺃﺧﻴﺮﺍ : ” ﻻ ﻳﺤﻠﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ” ﺇﻧّﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻖّ . ﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﻳﺎﺗﺮﻯ، ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻠﻢ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ؟ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﻛﺴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻣﺜﻼ ..

– ﻓﻘﻂ ﺗﻜﻠّﻢ ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺘﻚ ؛ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺑﺆﺳﻚ ؛ ﻭﺃﻋﺪﻙ ﺃﻥّ ﻗﻠﻤﻲ ﺳﻴﻨﻔﺠﺮ ﻭﺍﺻﻔﺎ ﺁﻻﻣﻚ

– ﺃﻧﺎ كنت يوما من صفوة القوم ، وأوامري تخضع لها الصخور . حتّى إﻧﺘﻬﻰ ﺑﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ .

– ﻛﻴﻒ ؟

– ﻟﻘﺪ ﻗﻀﻴﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﺘﻘﻞ ﺳﺮّﻱ تسع سنوات ظلما ، ﻻ ﺫﻧﺐ ﻟﻲ ﺳﻮﻯ ﺃﻧّﻬﻢ ﺟﻌﻠﻮﻧﻲ ﻛﺒﺶ ﻓﺪﺍﺀ ﻟﻐﻴﺮﻱ .. ﺍﻟﺰﻧﺰﺍﻧﺔ ﻻ ﻧﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻓﻘﻂ ﻇﻼﻡ ﻟﻤﺪّﺓ عقد من الزّمن .

 ‏« ﻛﺎﻥ ﻃﻤﻮﺣﻲ ﻻ ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺻﺒﺎﺡ ؛ إﻧﻔﻠﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻛﺎﻥ ﻭﺩﺍﻋﻲ ﺍﻷﺑﺪﻱّ ﻣﻊ ﻭﻫﺞ ﺍﻟﺸﻤﺲ . ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ؛ اﻧﺘﺰﻋﺘﻨﻲ ﻓﺠﺄﺓ ﺃﻳﺎﺩٍ ﻗذرﺓ ﻣﻦ ﺣﻀﻦ ﺩﻧﻴﺎﻱ ، ﺃﺣﻼﻣﻲ ، ﺳﺒﻴﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺳﻤﺘﻪ ﻟﻨﻔﺴﻲ .. ﻟﺘﻄﺮﺡ ﺑﻲ ﻓﻲ ﺯﻧﺰﺍﻧﺔ ﻗذﺭﺓ تحت الأرض، ﻳﻔﻮﺡ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺧﻢ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ؛ ﻟلتكفير عن ﺫﻧﺐ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ . ﻫﻨﺎ، ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﻛﺄﻥ ﻻ ﻣﺎﺽ ﻟﻲ، ﻛﺄﻧّﻲ ﻭﻟﺪﺕ ﺍﻟﺴّﺎﻋﺔ .. ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﻫﻮ ﺍﻷﺑﺪ ، ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻱ ، ﺣﺘﻰ ﺑﺼﻴﺺ ﺿﻴﺎﺀ، ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻟﻘﺪ ﺳﺤﻖ ﺍﻟﻨﻮﺭ . ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻣﺤﻲ ﺍﻷﻣﺲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ ؛ ﺫﺍﻙ ﻟﻴﺲ ﺃﻧﺎ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ، ﺃﺑﺪﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ . ‏»

– ﺃﻛﻤﻞ

– ﺃﻟمّ ﺑﻲ ﻣﺮﺽ ﺷﺪﻳﺪ ، ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﺳﺄﻣﻮﺕ ، ﻟﻢ ﺃﺗﻠﻘّﻰ ﺃﻱ ﻋﻼﺝ ؛ ﺃﺗﺄﻟّﻢ ﻓﻘﻂ

‏« ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻫﻨﺎ ، ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ، ﺃﻭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ، ﻭﺭﺍﺋﻲ ، ﺃﻣﺎﻣﻲ ، ﺇﻧﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﺸﺘﻢّ ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ .. ﺃﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﻋﺎﻛﻒ ﻻ ﻳﺮﺗﻮﻱ ، ﻭﺍﻷﻟﻢ ﻳﻤﺰّﻕ ﻋﻈﺎﻣﻲ ؛ ﺩﻣﺎﺋﻲ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻋﺎﺭﻙ ﺃﺳﺘﺒﻘﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﺣﺘﻰ ﻧﺸﺄﺕ ﺇﻟﻔﺔ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻵﻻﻡ .. ﺳﺄﻣﻮﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺃﻭ ﻏﺪﺍ ، ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻳﺮﻫﺒﻨﻲ . ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺳﺘﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻭﻝ ﻭﺍﻟﺮّﻓﻮﺵ ، ﺳﻴﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﺯﻧﺰﺍﻧﺘﻲ ﺭﺟﻼﻥ، ﺳﻴﺤﻤﻼﻥ ﺟﺴﺪﻱ ﻟﻴﻄﻌﻤﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺏ، ﺟﺴﺪﺍ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﺒﺸﺮ . ﻏﺪﺍ، ﺳﻴﺮﺣﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺮﻑ ﺍﻟﻬﺎﺭ ، ﺳﻴﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﻫﺒﺔ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻫﻨﺎ، ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺰﻉ ﺑﺒﻄء ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ ‏»

– ﻻ ﺗﺸﺮﺏ ﻛﺜﻴﺮﺍ ؛ ﺃﺭﻳﺪﻙ ﻋﺎﻗﻼ ، ﺃﻛﻤﻞ

– ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻞ ﺍﻟﺴﺮّﻱ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻗﻀﻴﺖ ﻓﻴﻪ تسع ﺳﻨﻮﺍﺕ

– ﻗﻠﺖ ﻟﻚ ﻻ ﺗﺸﺮﺏ . ﻭﺑﻌﺪ؟ ﻫﻞ ﺗﻠﻘّﻴﺖ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎﺕ؟

– ﺃﺑﺪﺍ ، ﺑﻞ أﻧﻜﺮﻭا ﺣﺼﻮﻝ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﺎﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ، ﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﻧﺴﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ، ﺭﻏﻢ ﻣﺮﻭﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ثلاثين ﻋﺎﻡ .

 ‏« ﺇﻧّﻪ ﻛﺬّﺍﺏ ، ﻳﻜﺬﺏ ، ﺑﺌﺲ ﺍﻟﻜﺬﺍﺑﻴﻦ ! ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ .. ﺇﻧّﻪ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺃﻋﺪﺍﺋﻨﺎ ، ﻛﻴﺪ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ، إنّنا نحترم حقوق الإنسان .. ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻢّ ﺗﻤﻮﻳﻪ ﺍﻟﻌﺎﺭ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﺟﻮﺩ ، ﻟﻜﻦ، ﻣﻦ ﻳﻨﺴﻴﻨﻲ ﺃﻧﺎ؟ ﺁﻩ، ﺫﺍﻛﺮﺗﻲ، ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ، ﻋﺪﻭّﺗﻲ، ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻏﺪﻭ ﻣﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻞّ ﻣﻜﺎﻥ . ﻛﻴﻒ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ للنسيان ؟ ﻛﻴﻒ ﺑﻲ ﺃﻃﻤﺲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺫﻱ ﺍﻷﻃﻼﻝ ؟ .. ﺁﻩ، ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮ ﺿﺎﻉ ﻓﺪﺍﺀِ ﻷﻣﻮﺍﺕ، ﻓﺰّﺍﻋﺔ ﻟﻠﻤﺘﻤﺮّﺩﻳﻦ ﺻﺮﺕ ﺃﻧﺎ ، ﻻ، ﺑﻞ ﺻﻨﻌﻮﻫﺎ ﻣﻨﻲ ، ﺛﻢ ﺃﺳﺪﻟﻮﺍ ﻋﻠﻲ ﺳﺘﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ .

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﻐﺪ ﻣﺤﺬﻟﻖ : ﻭﻫﻢ ، ﺃﺣﻼﻡ ﻳﻘﻈﺔ ، ﻏﺮﻳﻖ ﻳﻨﺎﺟﻲ ﺍﻟﺒﺮّ ﻓﻲ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ..

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻤﻮﻥ : ﻓﻔﻲ ﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﻭﺍﻟﻮﻋﻮﺩ، ﻳﻤﻮﺕ ﺍﻟﺒﺆﺳﺎﺀ ﺟﻮﻋﺎ ..ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺃﻧﺎ، ﺇﻧﻪ ﺃﻧﺎ ﻭﺣﺪﻱ ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﻤﺎضي . ﺃﺻﻮﻧﻪ ﻫﻨﺎ، ﺇﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺄﻕ ﻋﻴﻨﻲ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺣﺘﻰ ﺗﻨطﻔﺊ ﻓﻲ ﻧﺴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .. ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﺳﺄﻧﻔﺠﺮ ﺷﺎﻋﺮﻳﺔ، ﺃﺷﺠﺎﻧﻲ ﺳﺘﻤﻸ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ إﻧﺘﻘﺎﻣﻲ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺳﺄﺑﻮﺡ ﻟﻨﻔﺴﻲ، ﺃﻭﺍﺳﻲ ﺣﺎﻟﻲ ﺑﺤﺎﻟﻲ ، ﺃﻧﺎ إﻛﻠﻴﻞ ﻭﺑﻠﺴﻢ ﻟﺬﺍﺗﻲ ﺷﺎﻓﻲ ، ﻣﺼﺎﺑﻲ ﺟﻠﻴﻞ ﻟﻜﻦ، ﻏﺼّﺔ .. ﺁﻩ، ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﺎﺡ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﻝ، ﺗﺪﻕ ﻓﻲ ﺣﻈﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺎﻣﻲ ﺍﻟﺘﻰ ﺳﺮﻗﻬﺎ ﺷﺬﺍﺫ ﺍﻵﻓﺎﻕ ، ﺇﻧﻤﺎ ﺣﻘﻲ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ . ‏»

– ﻳﻜﻔﻲ، ﻟﻘﺪ ﺻﺮﺕ ﺣﺎﻗﺪﺍ

ﻗﺎﻝ ﺃﺳﺎﻣﺔ :

– ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻄﺮ ﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻝ ﻳﺎ ﻋﺪﻧﺎﻥ

– ﻓﻮﻕ ﺭﻣﺎﺩ ﺍﻟﺮّﺟﻞ

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ :

– ﺍﻟﻠّﻌﻨﺔ ! ﻟﻘﺪ ﺫﻛﺮﺗﻤﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺢ ﻛﺢ ﻛﺢ ، ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻳﺎ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﺗﺐ ؟

ﻗﻠﺖ :

– ﺍﻵﻥ ﺍﺑﺘﻠﻊ ﻭﺗﻘﻴﺄ ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻭﺍﺻﻤﺖ

***

ﺣﻀﺮ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ . ﺗﺬﻛّﺮﺕ . ﺇﻧّﻪ أﺧﺮ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﺒﺎﻫﺞ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ، ﻛﻴﻒ ﻧﺴﻴﻨﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ؟ ﺗﺒﺎﺩﻟﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﺳﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﺭﺍﺕ، ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ .
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻧﻘﻀﻴﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﺳﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻧﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﻧﻨﺴﻞّ ﻫﺎﺭﺑﻴﻦ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘﻌﺎﻗﺐ ﺍﻷﻣﺎﺳﻲ ، ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠّﻴﻠﺔ .
ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ﻗﺎﻝ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ :

– ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻜﻢ ، ﺍﻟﺤﺎﻧﺔ ﺳﺘﻐﻠﻖ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﺎ

ﺃﺷﻌﻞ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺃﺧﺮ ﺳﺠﺎﺭﺓ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻨﺎﺩﻝ :

– ﺇﻧﻪ ﻛﺎﺗﺐ ﻛﺒﻴﺮ، ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻓﻪ ؟

– ﺃﻱّ ﻛﺎﺗﺐ

– ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘهي ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻳﻨﺸﺮﻫﺎ ﻭﻳﺮﺑﺢ ﻣﻨﻬﺎ ، ﺳﻴﺪﻓﻊ ﻟﻚ ﺑﻞ ﻭﻳﺰﻳﺪ

ﻗﻠﺖ :

– ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻤﻨﻔﻠﻮﻃﻲ ؟

– ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻪ ؟

– ﺇﻧّﻪ ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺳﺘﻲ

اﻧﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ:

– ﺃﻧﺎ ﻻ ﻳﻬﻤّﻨﻲ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ

– ﻻ ﺗﻐﻀﺐ ، ﻛﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ؟

– ﺃﻟﻒ ﻭﺛﻼﺙ ﺩﺭﺍﻫﻢ

– ﺣﺴﻨﺎ ، ﺳﻨﻌﻄﻴﻚ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺩﺭﺍﻫﻢ، ﻭﻧﺪﻳﻦ ﻟﻚ ﺑﺄﻟﻒ !

– ﻫﺎﺍ؟

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ :

– ﺃﺩﻳﺐ ﻣﻔﻠﺲ ! ﻛﺢ ﻛﺢ ﻛﺢ ﻫﻴﺎ ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ؛ ﺻﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ؛ ﺃﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ؟!

ﺷﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﻖ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﺔ آﺧﺮ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﻠّﻴﻞ، ﻭﺃﺩﺧﻠﺖ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻷﺻﻄﺎﺩ ﺃﺧﺮ ﻗﻄﺮﺓ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻷﺳﺎﻣﺔ :

– ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮّﺓ ؛ ﻓﺮﻗﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺥ !

ﺿﺤﻚ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ ﺳﺎﺧﺮﺍ ﻭﻗﺎﻝ :

– ﺇﺫﻥ ﻻ ﺗﻤﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻝ

– ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ؛ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ أيّها الوسيم

– ﻻ ﺑﺄﺱ ، ﺳﺘﻐﺴﻠﻮﻥ ﺍﻷﻭﺍﻧﻲ !

ﻗﺎﻝ ﺃﺳﺎﻣﺔ :

– ﺃﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﺠﻴﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺰّﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﻣﻮﻗﻴﻦ

ﻗﻠﺖ :

– ﻣﺠﺮﺩ ﺣﻀﻮﺭ ﺃﺩﻳﺐ ﻋﻤﻼﻕ ﻣﺜﻠﻲ، ﺷﺮﻑ ﻟﺨﻤﺎﺭﺗﻜﻢ ، ﻭﺃﻧﺖ ﺫﺍ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ !

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ :

– ﻛﺢ ﻛﺢ ﻛﺢ .

تمت

ﺍﻗﺘﺒﺎﺱ :

‏« “لا ﻳﺤﻠﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ” ﺇﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ، ﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﻳﺎﺗﺮﻯ، ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻠﻢ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ؟ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﻛﺴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻣﺜﻼ .»

ﺑﻨﺼﺎﻟﺢ 2017 .. أدب ساخر – أدب السجون

تاريخ النشر : 2019-01-22

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى