تجارب ومواقف غريبة

تجارب واقعية من أرض فلسطين 22

بقلم : المعتصم بالله – فلسطين

جلبت دماء القتيل هذا العفريت العنيد وأراد أن يستولي على المزرعة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، أتيتكم اليوم بقصة تحمل في طياتها بعض الأحداث المؤسفة والتي يجب أخذ العبر منها وكذلك في الوقت نفسه تحمل بعض الأمور الغريبة والخارقة للطبيعة ، ونظراً لحساسية بعض الأحداث في هذه القصة فقد قررت استخدام أسماء مستعارة لأصحاب القصة وكذلك عدم ذكر المناطق التي وقعت بها الأحداث

والان لندع صاحب القصة يخبرنا عن أحداثها ..

أنا أبو علي أعمل مزارع و لي قطعة أرض زراعية كبيرة يمر أسفل منها شارع يوصل القرية بالمدينة ، وقد اعتدت أن أرتاد ارضي وقت المواسم الزراعية وفي أيام محددة من السنة ، في أحد الأيام وأثناء تجوالي في سوق البلدة واذا برجل يتجه نحوي بخطوات سريعة وما أن وصلني حتى علمت من تعابير وجهه أن هناك كارثه قد وقعت ، فقلت له : ما الأمر ؟ فقال لي : يا أبا علي أذهب إلى أرضك فوراً فقد وجدوا بها قتيلاً جثته في غاية التشويه 

وقع الخبر علي كالصاعقة ، وعلى الفور انطلقت نحو مزرعتي فوجدت الناس محتشدة في المزرعة وكانت الجثة ممده على الأرض ، وما أن وصلت للمكان واخترقت الحشود واذا بي أرى أبشع منظر رأيته في حياتي ، فقد كانت الجثة تعود لشاب من أهل القرية وكانت الجروح تكسو جثته بالكامل وقد حُطم صدره فيما يبدو بصخرة كبيرة ، يا إلهي ما الذي فعل هذا ؟ ولكن لا جواب ، فقد كانت الناس في صدمه كبيرة وكل ما استطعت الحصل عليه هو أن الجثة قد وُجدت في ساعات مبكرة في المزرعة ولا يعلم أحد ماذا جرى

 وما هي إلا مدة زمنية قصيره حتى وصلت سيارة الإسعاف وقاموا بأخذ الجثة لتشريحها ، وبعد ذلك تم تسليمها إلى أهلها لدفنها ، والغريب في الأمر أن أهل القتيل لم يبدو غضباً أو تأثراً كبيرا لما حصل مع أبنهم ، فاستغربت من الأمر وعزمت على معرفة السبب ، لذلك صبرت عدة أيام وكان لي صديق من أهل المغدور فالتقيت به وقلت له : ما هي قصة قريبك ، وما سبب عدم تأثركم الشديد لما حصل ؟ فقال الرجل : أعلم يا أبا علي أننا كنا نتوقع حدوث هذا الأمر عاجلاً أم أجلاً ، فقلت له : والسبب ، ما الذي فعله قريبك كي يستحق القتل ؟ فقال الرجل : قريبي هذا يُدعى غسان وقد كان طالباً في الجامعة وقد كان مستأجراً شقة تقع في الطابق السفلي للبيت وكان صاحب البيت أباً لفتاه جميلة وطفل صغير وقد اعتاد صاحب المنزل أن يرسل الطعام لغسان مع أبنته ، فقد كان رجلاً كريماً وكان يعتبر غسان أخاً لابنته وكان يؤمنه عليها

ومع مرور الوقت أصبحت هناك أُلفه بين غسان والفتاه ولكنها كانت تعتبره كأخيها ، ولكن غسان هذا كان ذئباً في جلد أنسان ، ففي أحد الأيام وأثناء تواجد الفتاه في شقته استغل غسان خلو المنزل من أهل الفتاه و راود الفتاه عن نفسه ، فصدمت الفتاه مما فعل وأرادت الهرب من الشقة ولكن اللعين قام بإمساك الفتاة رغم توسلاتها له ولكنه لم يأبه لها ولم تحرك في قلبه أدنى قدر من الإنسانية وقام باغتصابها ثم هددها بالقتل إن هي أخبرت أهلها ، ولم يراعي لها أو لأهلها أي اعتبار

 وبالفعل لم تخبر الفتاه أهلها خوفاً من الفضيحة أو سوء العاقبة ، مرت الأيام والأمور تسير كالمعتاد ولم تخبر الفتاه أهلها ما حدث معها وخاصةً أنه وعدها بالزواج حالما ينهي دراسته ، ولكن ما لم يكن في الحسبان أن الفتاة حملت و أصبح بطنها يكبر شيئاً فشيئاً وبدأ يظهر بوضوح ، هنا و في إحدى الليالي قام غسان بجمع أغراضه من المنزل بعد معرفته بأمر الحمل و فر هارباً عند أقاربه في الأردن ، أما الفتاه المسكينة فقد انكشف أمرها وأخبرتهم بعدما نالت من العذاب الشديد بكل شيء

 وبالطبع تم قتل المسكينة بحجة غسل العار ، و بعدها أقسم أباها أن عليه قتل غسان ثاراً لشرفه ، وأصبع هو وأخوته يترقبون أي معلومة عن غسان ، و بعد مرور عدة أشهر عاد غسان إلى قريته بعد أن اطمأن على عدم وجود من يلاحقه وقد اعتاد بعد عودته أن يسهر في قهوة القرية لساعات متأخرة من الليل ثم يعود إلى بيته ماراً في الطريق الواقع أسفل مزرعة أبو علي ، و تشاء الأقدار أن يراه أحد أقارب الفتاه في أحد الأيام أثناء عودته للمنزل ، وعلى الفور أخبر والد الفتاه فسر لذلك سروراً عظيماً

 وعلى الفور قام بجمع عدد من الرجال وانطلقوا نحو قريتنا في اليوم التالي مختبئين بين أشجار مزرعتك يا أبو علي ، وتأتي الليلة السوداء ويعود غسان كالعادة إلى منزله ماراً بطريق المزرعة ليتفاجأ بعدها بالرجال يحيطونه من كل الجوانب ، أصيب الغسان بالرعب الشديد فتقدم نحوه أبو الفتاه وقال له : هل تذكرني يا غسان ، أهكذا هو رد الجميل بأن تعتدي على أبنتي ؟ اليوم ستنال عقابك أيها الوغد ، أمسكوه يا رجال

هنا صار غسان يبكي و يترجى وأنه لم يقصد ولكن بلا فأئده ، فكل توسلاته ذهبت أدراج الرياح ، فقد قام الرجال بطرحه أرضاً ثم أخرج أبو الفتاه خنجراً وقام بتمزيق جسده ، وغسان في قمة العذاب والألم ، بعدها أمر والد الفتاه بإحضار حجراً ضخماً ليتم ألقاءه على صدره فمات مسحوقاً ، وهذا ما حدث يا أبا علي ، اذا قريبك هذا بالفعل يستحق ما جرى له وأظنه الأن يا صديقي يتنعم في الجحيم ، لا رده الله هذا الخائن

 ولكن لم تكن هذه إلا البداية ، و بعد مرور عدة سنوات على هذه الحادثة يقول أبو علي : في أحد الأيام ذهبت أنا و زوجتي وأبنتي الصغيرة إلى المزرعة وقد كان لي منزل فيها ، وبعد يوم عمل طويل وشاق وأثناء تناولنا لطعام لاحظت أبنتي تنظر من شباك المنزل وتبتسم و تشير بيدها نحو شيئاً معيناً ، فاستغربت من الأمر وقلت لها : لمن تبتسمين يا بنيتي ؟ فقالت : للرجل الواقف بين الأشجار يا أبي ، فقلت لها : أي رجل ؟ وهرعت نحو النافذة لأرى ما الأمر ؟ وكأنه خُيّل لي ، كان ظل أحدهم بالفعل يقف هناك ، ثم قلت : لا عليك يبدو إنه انعكاس لشيء ما

بعدها بأسبوع وأثناء وجودي في المدينة وقد تأخر علي الوقت واذا بزوجتي تتصل بي وأخبرتني بصوت مرتجف بأن هناك شخصاً خارج المنزل يجري بسرعة كبيرة بين الأشجار ، وعلى الفور هرعت نحو المنزل ولكن لم أجد أحد هناك ، ولكن زوجتي أكدت لي بأن هناك شخصاً بالفعل وأنها لم تكن تتوهم ، طمأنت زوجتي وخلدنا بعدها للنوم

 ولكني كأني سمعت خطوات شخص ثقيلة تسير على سطح المنزل ، فما كان مني إلا أن نهضت وخرجت من البيت ونظرت للسطح ولكني لم أرى أحداً ، فاستغربت من الأمر وحسبت أنني أتخيل ولم أعر الأمر أيه أهميه ، بعدها بعدة أيام لم يحصل شيء غريب حتى جاء ذلك اليوم كنت جالسا في البيت وقت المساء وإذ بي أسمع صراخ رجل وكأنه ينادي على أحد ما ، فخرجت من البيت وإذ بي أرى سيارة متوقفة وسط الطريق و رأيت السائق ينظر إلى المزرعة و يحدث شخصاً ما ، فاستغربت من الأمر

 وحين وصلت إلى السائق سألته : مع من تتحدث يا أخي ؟ فقال لي : مع الرجل الواقف بين الأشجار هناك ، فنظرت باتجاه الأشجار فلم أرى أحداً ، فقلت له مستغرباً : أي رجل ؟ فنظر الرجل مرة أخرى للأشجار وقال : عجيب ! أين اختفى أقسم ؟ لك أنني رأيت رجلاً هناك وسألته عن الطريق الموصل للمدينة فخفت أن يكون هناك لص قد اقتحم مزرعتي و خفت أن استطلع الأمر لوحدي ، فقلت للسائق : بالله عليك هلا رافقتني لننظر في أمر الرجل ؟ فقال السائق : لما لا ، وخرج من السيارة و رافقني إلى حيث كان الرجل يقف ولكن لم نجد أحد ، فقال السائق : عجيب ! أوكد لك أن الرجل كان يقف هنا وأنا كنت أنادي عليه ، و فجأة صمت الرجل فالتفت اليه لأرى ما أمره واذا بي أرى السائق يشير لي بيده نحو السيارة بيد مرتجفة

وحين نظرت نحو السيارة واذا برجل يجلس في الكرسي الخلفي للسيارة وعلى الفور أحسست بقشعريرة تسري في جسدي ونظرت نحو السائق وقلت له : من هذا ؟ فقال : لا أعلم ، لم أصحب أحد معي ، وصرنا بعدها نتقدم نحو السيارة وقلوبنا تكاد تتمزق من شدة الخوف ، نعم هناك رجل بالسيارة ، يا إلهي ! من هذا ؟ و ما أن صارت المسافة بيننا وبين السيارة مسافة بسيطة حتى سمعنا صرخة مدويه خلفنا فاستدرنا نحو الخلف والخوف يكاد يقتلنا ولكن لا أحد ، وحين استدرنا نحو السيارة كان الرجل قد اختفى فقلت للسائق : اركب سيارتك وأرحل من هنا فوراً ، وعلى الفور انطلق السائق بسيارته وقال لي : مزرعتك مسكونه عليك المغادرة فوراً

 و وقفت هناك في وسط الشارع وأنا أرى السيارة تختفي عن ناظري ، بعدها نظرت بين الأشجار وصحت بصوت عالي : من أنت أيها اللعين ، ما الذي تريده مني ؟ أخرج و واجهني إن كنت رجلاً ، ولكن لا مجيب ، وبعدها قررت العودة للمنزل ، وما أن خطوت خطوة واحده واذا بي أسمع و كأن شيئاً أو طائراً ضخماً طار من بين الأشجار ، لدرجة أن الأشجار اهتزت بعنف ، ثم صوت ارتطام شديد كأنه نيزك سقط على الأرض

بعدها نعم أنه هناك يظهر من بين الأشجار ، يتقدم نحوي بخطوات بطيئة مترنحه ، وقفت في منتصف الطريق مشدوهً انتظر وصول هذا الشيء إلي ،  يا الهي ما هذا ، أهذا أنت غسان ؟ واذا بالرجل ما هو إلا غسان بجسده الممزق وصدره المسحوق يقف أمامي وجهاً لوجه ، لم أعلم حينها ماذا افعل ، وفجأة واذا به يصدر صرخة عظيمه كادت تصيبني بالصمم ، وما كان مني إلا أن هرعت نحو المنزل و ظننت أني بأمان 

واذا بي أسمع خطوات تتجه نحو باب المنزل وصرخة أخرى جعلتني أخرج من المنزل مسرعاً ، وحينما أصبحت خارج البيت وإذ بي أُمطر بوابل من الحجارة كادت أن ترضخني ولكن الله سلم ، وحينما ابتعدت ونظرت خلفي رأيته يقف بجوار باب المنزل يرمقني من بعيد ، فقلت له : أيها الشيطان سوف أعود وأخرجك من أرضي ،  من الجيد أنك تقمصت شخصية رجل أشد منك أجراماً ، وفي اليوم التالي ذهبت للمدينة و رويت لأحد أصدقائي ما حدث ، فقال لي : حالتك هذه لا يصلح لها إلا الشيخ أبو المنذر ، فقلت له : هيا لنحضره ، وبالفعل قمنا بإحضار أبا المنذر للمزرعة فقال لي ولصديقي : ابقيا هنا ومهما سمعتموه من أصوات إياكم أن تدخلوا

 ثم دخل المنزل و هو يقرأ آيات من القران بصوت عالي واذا بأصوات وأنين تصدر من المنزل والشيخ يقرأ القران ثم يأمر أحداً بالخروج وأصوات الصياح تزداد ارتفاعاً حتى صار المنزل يهتز و كأنه أصيب بزلزال وبعدها لا شيء هذا كل شيء ، فخشينا على الشيخ ، وإذ به يخرج من باب المنزل وقال لي : لا عليك ، تستطيع العودة للبيت ، لقد جلبت دماء القتيل هذا العفريت العنيد وأراد أن يستولي على المزرعة ولكنه الأن رحل ، ثم قام بتحويط المزرعة ، ومن يومها والأمور هادئة ولم نشعر بأي شيء والحمد لله.

تاريخ النشر : 2019-02-22

guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى