تجارب ومواقف غريبة

كتاب الكنوز

بقلم : عامر صديق – مصر
للتواصل : [email protected]

أوقد نارا وأخرج نوعا من البخور وأطلقه وأخذ يقرأ من الكتاب
خرج عليهم رجلا أسودا، ضخم الجثّة، يمسك سيفا كبيرا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أصدقائي الأعزّاء.. قصتي اليوم عايشتها شخصيّا .أنا أنتمي إلي قبيلة الهوارة، واحدة من أكبر وأعرق القبائل في مصر، و بالأخصّ صعيد مصر . وكان جدي لوالدي رحمه الله ينتمي لأحد أكبر قبائل الهوارة بمحافظة قنا بصعيد مصر . وكان رجلا واسع الثراء، يعمل في المقاولات ويمتلك أيضا مقهى كبير في قلب القاهرة . كنت أحيانا أذهب بصحبته أو بصحبة والدي رحمه الله إلى مقهاه هذا وبحكم كوني الحفيد الأوّل من بين أحفاده ، كان الكلّ يحتفي جدّا بقدومي

 

كنت في العاشرة من عمري حين لفت انتباهي أحد أقاربنا الذي كان يعمل في مقهى جدّي و هو رجل في أواخر عقده السادس و اسمه “مختار” و جبهته المضغوط للداخل، بدا و كأنّ أحدهم قام بضغط جمجمته . بدا مختار كأنّه من ذوي الاحتياجات الخاصّة . كان شكله الغريب يخيفني رغم أخلاقه الطيّبة 

 

 ونسيت الأمر وتوفي والدي ثم مرّت الأيّام و توفي مختار رحمهما الله جميعا . و بينما كان جدّي يستعدّ للسفر للبلد للقيام بواجب العزاء، تذكرت ما حكاه والدي رحمه الله لي مرّة حول مختار . فسألته عن سرّ شكل جمجمته الغريب . فذكر لي تفاصيل غريبة لم يذكرها والدي رحمه الله

 

ذكر جدّي أنّه في مقر قبيلتنا في محافظة قنا، كان هناك دار لضيافة الغرباء وعابري السبيل . ومنذ مائتي عام تقريبا، كان يمّر على قبيلتنا المسافرون والحجّاج في طريقهم إلى مدينة قنا، ومنها يسيرون في طريق إلى مدينة القصير بساحل البحر الأحمر (وهي المدينة التي أقطن بها حاليّا ) ومنها يركبون البحر الأحمر إلى الحجاز ومكّة المكرّمة واليمن أيضا.

 

و ذات يوم، حضر إلى دار الضيافة شخص من بلاد المغرب. وترك كتابا مكتوب على رقائق الجلد في جراب جلديّ، مكتوب بلغة غريبة ومليء بالرسوم والطلاسم والخرائط وتركه أمانة لحين عودته من الحجّ . ولم يعد هذا الرجل أبدا و انتقل هذا الكتاب من شخص إلي آخر حتّى استقرّ بين يدي المرحوم ابن عمّنا “مختار” هذا.

 

وفي خمسينيات القرن الماضي، حضر إلى قبيلتنا رجل من المغرب . وقال أنّه حفيد لهذا الرجل صاحب الكتاب . وأنّه لا يريد استرجاع الكتاب ولكنه يعرف كيفيّة الإستفادة منه لانه يحوي جميع مقابر وكنوز الفراعنة وغيرهم في مصر وكيفيّة فتحها واستخراج كنوزها . وذكر أن في جبل الجيوشي والمقطم المشهورين بمصر أماكن لكنوز رهيبة تركها كهنة وسحرة وملوك قدامي وغيرها من الأماكن وانه ليثبت مصداقيته، قال أنّه يوجد هناك مكان لمقبرة فرعونية بها كنز قريب من مقرّ بلدتنا بالصعيد. وأنّه يستطيع فتح هذا الكنز

 

وبالفعل ذهب جدّي وأخو جدي ومختار وبعض من شجعان القبيلة معه ودخلوا في جزء من الصحراء. ووقف وقال:” هنا ! ” وكان الوقت ليلا . أوقد نارا وأخرج نوعا من البخور وأطلقه وأخذ يقرأ من الكتاب .

 

فجأة، اهتزّت الأرض تحت أقدامهم وانفتحت عن درج سلم يقود إلى حجرة في باطن الأرض . وتشجّع جدّي وآخرون وحاولوا نزول الدرج . قال أنّهم عند نزولهم السلم الحجري المؤدي إلي المقبرة، وجدوا تابوتا ضخما مذهّبا و “مساخيط” من الذهب، وكلمة مساخيط تعني تماثيل لأنّه قديما، كان المصرّيون يظنّون التماثيل الفرعونيّة بشر تحوّلوا إلي أحجار و ذلك لدقّة نحتها وتشبّهها الشديد للبشر والحيوانات .

 

وكان يوجد أيضا أوعية برؤوس حيوانات كالصقر والقرد وغيرها.. وطبعا جدي لم يكن يعلم أنّه يصف الأوعية الكانوبيّة التي كان المصريين القدامى يضعون فيها أحشاء وقلب الميّت ولها رؤوس آلهة فرعونيّة تغطي تلك الأوعية لصقر وقرد، وهو ما أكد لي صحة ما يقصّه عليّ

 

هنا، خرج عليهم رجلا أسودا، ضخم الجثّة، يمسك سيفا كبيرا . ففزعوا و ولّوا هاربين وقامت عاصفة رملية فرّقتهم . منهم من عاد إلى البلدة ، ومنهم من تاه في الصحراء ثم عاد . ورفضوا بعدها أن يذهبوا إلى مكان آخر . واحتفظ مختار بالكتاب رغم محاولات الرجل المغربي إقناعه باستخدامه مرّة أخرى . ورحل هذا الرجل المغربي بلا عودة .

 

بعد ذلك ، حاول أخ مختار أن يأخذ منه الكتاب ولكن مختار رفض وأخفاه ولم يطلع أحدا على مكانه فغضب أخوه و عزم على الانتقام منه . وذات يوم، و بينما كان مختار المسكين نائما، فاجأه أخوه وضربه علي رأسه بحجر الرحى اليدويّة، الحجريّة، المستخدمة وقتها . ونجا مختار بمعجزة لكنه صار شبه معتوه ونسي كل شيء بسبب هذه الضربة التي أثّرت على عقله.

 

. و في أوائل التسعينيات، سمعت أنّه أثناء هدم بيت مختار لبناء بيت حديث مكانه ، وجدوا الكتاب . كان المرحوم مختار قد دفنه تحت أرضيّة المنزل لكنّه دفنه كما هو ولذلك تآكل الكتاب ولم يتبقّى منه إلا جزء متهرئ . ولا يوجد به صفحة سليمة .  وعندما زرت بلدتنا رأيت هذا الكتاب وهذه البقايا موجودة حتّى الآن.

 

 والله إنّي لأتعجّب من القصّة ولولا التطابق الشديد في ما حكاه لي والدي ذات مرّة و أخو جدّي أيضا و ما سمعته من جدّي و لولا  أنّي رأيت ما تبقّى من الكتاب بأمّ بعيني وفحصته أيضا ما كنت صدقت أبدا ما سمعت. شكرا  وأعتذر على الإطالة.

تاريخ النشر : 2019-03-24

guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى