تجارب ومواقف غريبة

طريق الخوف

بقلم : أيوب بن محمد – المغرب

فأصيب هذا السائق بخوفٍ شديد فقد عرف أن صاحب الصوت ليس إلا ما يسمى ببغلة القبور
فأصيب هذا السائق بخوفٍ شديد فقد عرف أن صاحب الصوت ليس إلا ما يسمى ببغلة القبور

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أحبائي القراء ، قرأت قصةً لأحد المشاركين من مصر الشقيقة رواها له سائق سيارة أجرة .. فتذكرت قصةً رواها لي أهلي حدثت مع سائق سيارة أجرة كذلك و هي كالتالي :

كان سائق الأجرة الكبيرة في طريقه من مدينة مكناس نحو مدينة خنيفرة و هما مدينتان تفصل بينهما مسافة 130 كيلومتر ، و مكناس مدينة تقع في ولاية جهة فاس مكناس بينما مدينة خنيفرة تابعة لولاية جهة بني ملال خنيفرة .. و الطريق بين مدينتي مكناس و خنيفرة لا توجد فيه مدن كثيرة فأغلبه يمر عبر الأراضي الزراعية و الجبال والمزارع ، و على طول مسافة تتجاوز 50 كيلومتراً لا توجد أية مدينة أو قرية .. فقط طريق ممتد بين ضيعات و جبال و هي معروفة عند سكان المنطقة باسم أداروش

 انطلق سائق سيارة الأجرة بعدما اكتمل عدد الركاب و كان الوقت مساءً .. و بعدما سار مسافةً لا بأس بها رأى في منطقة أداروش امرأةً واقفةً بجانب الطريق ، فتوقف بالقرب منها ليرى ما خطبها فطلبت منه أن يقلها نحو أقرب مدينة .. لكن السائق اعتذر منها و قال لها أنه لا يمكنه تجاوز العدد المسموح به من الركاب كما أن السيارة ممتلئة ثم انطلق مكملاً طريقه..

حتى الآن كل شيءٍ عادي و استمر في القيادة حتى اقترب من مدينة خنيفرة التي يقصدها ، و في أحد التعرجات رأى امرأةً تقف على قارعة الطريق .. و ما أن اقترب منها حتى وجد نفس المرأة التي صادفها في المرة الأولى ، لقد وجدها بنفس هيئتها و نفس شكلها في هذا المكان الذي يبعد بما يقارب 80 كيلومتراً عن المكان السابق الذي رآها فيه ..

و بدون وعيٍ منه ضغط الفرامل بقوة حتى توقفت السيارة ، و جاءته تلك المرأة فانتبه للمرة الأولى لشكل أقدامها الغريب فقالت له “أنت رفضت أن تقلني معك لكن رغم ذلك لن أقوم بإيذائك .. فأخبرته عن أمورٍ ستحدث له قريباً ثم انطلق لا يلوي على شيء و بصعوبةٍ كبيرةٍ وصل إلى وجهته ، و بعدها فقد وعيه و ظل طريح الفراش لأكثر من ثلاثة أشهر ..

القصة الثانية وقعت في نفس هذا الطريق و حكاها لي أحد أقاربي الموثوق بهم ، حيث يعمل هذا القريب في مجال النقل و يسافر عبر مجموعةٍ من المدن .. و ذات يومٍ و بينما كان عائداً هو و أحد أصدقائه من سفرٍ و كانت الساعة تقارب الثالثة فجراً ، وصلا إلى تعرجات توجد أسفل أحد الجبال فرأيا مخلوقاً مجهولاً و ضخماً جداً يتسلق الجبل ..

ظنا في البداية أنهما فقط يتخيلان لكن مجموعةٌ من السيارات بدأت بالتنبيه بأضوائها – تغير أضواءها من ضوء التقابل لضوء الطريق – ، ثم تمعنا جيداً في الجبل و رأياه كان مخلوقاً غريباً و ضخماً يتسلق الجبل و كان منظره مفزعاً جداً .. و كانت كل السيارات تتسابق للهرب من هذا المكان ..

القصة الأخيرة رواها لنا أحد الأقارب و يقسم بأغلظ الأيمان أنها واقعية و حدثت معه ، كان هذا القريب سائق شاحنة و ذات يومٍ تم تكليفه بنقل كميةٍ ضخمةٍ من البطيخ الأحمر نحو مدينةٍ أخرى .. فتوكل على الله و انطلق لكن بعد مدةٍ من السفر انفجرت إحدى عجلات الشاحنة ثم نزل هذا السائق و مساعده ، فحاولا استبدال العجلة لكنهما اكتشفا أن العطب كبير و يلزم تغيير مجموعةٍ من الأدوات كما أن العجلة الاحتياطية تالفة ..

و بعد تشاور تم الاتفاق على أن يبقى السائق في الشاحنة لحراسة البطيخ بينما ينطلق مساعده لأقرب مدينةٍ لإحضار الأدوات اللازمة بالإضافة إلى عجلةٍ جديدة ، و بما أن الوقت ليل فإنه من الطبيعي ألا يعود المساعد إلا صباحاً .. و دخل السائق في كابينة القيادة و في حوالي الثانية ليلاً سمع صوت سلاسل و وقع أقدام مخيفاً قادماً نحو الشاحنة

و ظل يحاول السيطرة على أعصابه لكن صوت السلاسل بدأ يزداد فأصيب هذا السائق بخوفٍ شديد فقد عرف أن صاحب الصوت ليس إلا ما يسمى ببغلة القبور ..

بغلة القبور في التراث المغربي تشبه تقريباً النداهة في مصر ، و هي امرأةٌ يقال أنها فقدت زوجها و لم تلتزم بالعدة المقررة شرعاً فعاقبها الله بأن مسخها بغلة .. فهي تكون صباحاً إنسانةٌ عادية و تسكن المقابر و ما أن يحل الليل حتى تتحول إلى بغلةٍ تحمل سلاسل ثم تخرج ، و من تصادفه من الرجال يكون مصيره الموت حيث تستدرجه لمكانٍ بعيدٍ قبل أن تمزقه ..

و الغريب أنها لا تستهدف إلا الرجال و لا تمس النساء بسوء ، المهم اختبأ السائق أسفل كرسي القيادة في الشاحنة ثم قام بتغطية نفسه كي لا يظهر و هو يرتجف خوفاً .. فجأة أحس بما يشبه الزلزال العنيف فقد صعدت بغلة القبور هذه فوق الشاحنة و كشفت عن البطيخ فسمعها تغني بصوتٍ عالٍ ، و تضرب الشاحنة و كل ضربةٍ من الضربات تجعل الشاحنة تترنح حتى يخيل إليه أنها ستنقلب في أية لحظة .. ثم بدأت تعبث بالبطيخ فتارةً تأكل منه و تارةً أخرى تقذف به نحو الطريق ..

ظلت على هذا الحال و السائق مختبىء في مكانه لا يتزحزح حتى ارتفع آذان الفجر ، عندها صرخت صرخةً مخيفة و نزلت من فوق الشاحنة و ولت هاربة .. عندها تنفس السائق الصعداء و قد كان يشعر أن قلبه يكاد يتوقف من الفزع ..

أتمنى أصدقائي أن تنال هذه القصص إعجابكم ، و إلى اللقاء في قصصٍ أخرى بإذن الله ..

تاريخ النشر : 2019-04-03

guest
14 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى