تجارب ومواقف غريبة

أرواح الدراويش

بقلم : عامر صديق – مصر
للتواصل : [email protected]

أخذ يذكر الله وهم يتمايلون على ذكره وأنا معهم في حلقة ذكر لله

 السلام عليكم و رحمة الله وبركاته أصدقائي الأعزاء ، أعلم أني كتبت الكثير والعجيب مما حدث لي أو سمعته من أناس أو أقارب موثوق بهم ، وأعلم أن الكثيرين يسألوني ولماذا أنت بالذات حدث معك كل هذا ؟ والله أني سألت نفسي قبلا هذا السؤال ، ربما لأني منذ طفولتي وأنا أحلامي تتحقق بالضبط ، إلى أن بلغت العشرين من عمري أو ربما كما قال لي والدي رحمه الله أني أتمتع بجلاء البصيرة أو لأني كنت زوهري كما عرفت فيما بعد ، ربما لأنني سافرت وتنقلت كثيراً في مصر وخارج مصر 

صدقوني كنت أقول عن نفسي أني مغناطيس لهذه الأشياء الغريبة ، وأقسم بالله أن كل ما حدث معي واقع وهناك شهود عليه ، ولا أدري هل أتوقف عن الكتابة أم ماذا؟ أخشى ما أخشاه أن أتهم بالكذب لكثرة ما مررت به في عمري الذي تعدى الأربعين عاماً ، ما علينا هذا آخر ما سأكتب في الموقع إلى أن أرى ما سأستقر عليه برغم أن هناك الكثير مما مررت به وسمعته وأود أن أشارك أصدقائي الأعزاء به

 هذه قصتي كالتالي ..

كنت في بداية التسعينات أعمل كمدير لشركة سياحة وأملك بازار وهو محل لبيع التحف والتذكارات اليدوية في البحر الأحمر بمصر وكانت إجازاتي قصيرة جداً للقاهرة بحكم عملي المضغوط ، وكنت أستغل أسبوع الإجازة في شراء كل لوازم محلي حتى أني كنت أعود للمنزل دوماً متأخراً جداً

 وكنت في ليلة من ليالي الشتاء أثناء إجازتي في منطقة الغورية والباطنية بالقاهرة الفاطمية القديمة وسهرت مع صاحب ورشة صنع علب الصدف التي أبيعها في محلي ، وكنت أتعجل أن ينهي ما طلبته لأشحنه في الغد إلى محلي بالبحر الأحمر ، وظللت إلى قرب الساعة الرابعة فجراً معه إلى أن أنتهى و وضع كل شيء في صناديق الشحن المرسالة إلى البحر الأحمر ، وعندما خرجت اصطدمت ببرودة الجو لأن داخل الورشة دافئ جداً وسرت في أزقة المنطقة – لمن يعرفها فهي قديمة تناهز الألف عام وبها الكثير من البيوت العتيقة الخالية أو التي يسكن بها الناس وكذلك أبنية قديمة مهدمة –

وكنت أسير وحدي اذكر الله واسبح بحمده ، و رأيت عن يميني في شارع مبني كأنه زاوية مسجد وشيخاً ذقنه طويلة بيضاء ويرتدي جلباب ناصع البياض يقف على بابه ، وكنت أود دخول الحمام بشدة فسألت هذا الشيخ عن وجود حمام فأشار إلي بدون أن يتكلم بيده إلى مكانه بالداخل وهو يبتسم،  فدخلت ولاحظت أن هناك أشخاص يشبهونه بيض البشرة بذقون بيضاء يجلسون ولفت نظري مبخرة نحاسية كبيرة يخرج منها أزكى بخور اشتممته في حياتي ، وعندما دخلت الحمام وتوضأت بعدها وقلت أصلي قبل الفجر صلاة القيام ، وبالفعل صليت ركعتين  ووجدت واحد منهم يشير إلي أن أحضر إليه

وعندما فعلت أعطاني فنجان بلا يد يشبه فنجان القهوة به جنزبيل ساخن ما زال طعمه إلى الآن في فمي ، وشعرت بعد شربي أن الجو صار دافئ جداً ، وقاموا و وقفوا صفين أمام بعضهم والرجل الذي أعطاني الفنجان يقف على رأس الصفين ودعاني بإشارة أن أكمل صف منهم ، فقد كان كل صف به سبعة وأكملت أنا الصف الذي كان به ستة منهم وصرت السابع ، وأخذ يذكر الله وهم يتمايلون على ذكره وأنا معهم في حلقة ذكر لله وهم يرددون : هو هو هو ، إشارة إلى الله عز وجل

وصدقوني لم أشعر بشيء و كأني أحلق في السماء وملكوت الله عز وجل ، وعندما فرغوا من الذكر جلسوا وجلست وقلت في نفسي عندما نظرت إلى ساعتي سوف أذهب الآن لأصل إلى شارع الأزهر الشريف لأخذ تاكسي و أصل قرب منزلي وأصلي الفجر قرب منزلي ، فأشار لي الرجل الذي كان يرأس الذكر وأعطاني الجنزبيل ، فذهبت إليه فقال لي : من أحب الله أحبه الله و أحبب فيه خلقه ، ومسح على راسي فقبلت يده وسألته الدعاء لي ولوالدي رحمه الله،  فتبسم وأخذ يدعو وغادرت ولم أشعر ببرودة الجو أبداً بل أني شعرت أن المعطف الشتوي الذي ارتديه ثقيل جداً

وخرجت إلى شارع الأزهر الشريف وأخذت تاكسي إلى قرب منزلي وصليت الفجر وعدت إلى منزلي ونمت ، وعدت في اليوم التالي إلي الورشة لأخذ بضاعتي للشحن ، وأثناء ذلك ذكرت لصاحب الورشة ما رأيت بالأمس فنظر لي بتعجب وقال لي : لا يوجد مكان كهذا حولنا في المنطقة ، وهو تربي فيها طفلاً ويسكن فيها ، ولما رأى إصراري على ما رأيت وعشته تعجب جداً وقال لي : تعال معي أريني المكان

 ذهبت معه لنفس الشارع الذي يبُعد عنه حوالي عشرة دقائق ، وسرنا مرتين ذهاباً وعودة ولم أجد هذا المكان بل وجدت مكانه مبني عتيق مهدم جداً ، فقلت : أظنه كان هنا ، فقال : أنه منذ طفولته وهو يرى المكان مهدم هكذا ولولا أنه يعرفني منذ سنوات ويعلم أني لا أكذب وكنت معه قبلها وأني لا أتعاطى أي شيء مخدر أو ما شابه لظن أنني كنت مخدراً ، وأخذت بضاعتي وأنا متعجب ، وبعدها بشهرين عدت إليه لأطلب بضاعة جديدة وعندما رآني طلب مني أن اجلس وذهب وعاد مع رجل كبير في السن جداً وطلب مني أن اقص عليه ما رأيت وعشته

 فقصصت والرجل ينصت باهتمام جداً وقال لي : أن هذا المكان والده وجده و أخبروه أنه كان مكان تكية وهو مكان كان يعيش به دراويش متصوفون يقضون يومهم وليلتهم في الصلاة والعبادة وذكر الله عز وجل ولم يشاهده هو أبداً على حاله ، وأن ما ذكرت يتطابق مع ما ذكره والده وجده ، فأصبت بالدهشة والخرس وأنا أتذكر ما عشته

  مرت سنوات بعدها وبالصدفة كنت في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة و وقفت أمام نفس المبخرة التي رأيتها في الزاوية مندهشاً متعجباً وقرأت تحتها أنها كانت في تكية للدراويش ، وصدقوني إلى الآن لا أعلم ما هذا ؟ وما رأيت ؟ ، هم ليسوا أشباحاً ولا جان فقد رأيتهم وشربت من يدهم وقبلت يد الشيخ ومسح رأسي وأنا كنت بكامل وعيي !

لم اقص هذه القصة أبداً إلا لوالدتي ، فقالت لا تقصها على أحد و إنها إشارة من الله إلي أن أذكره وأطيعه دوماً ، ما رأيكم ؟ أقسم برب العرش العظيم أن هذا ما حدث بالضبط فعلاً ، شكراً فقد أطلت عليكم.

ملاحظة :
كما ذكرت سابقاً كان أهلي و والدي يذكرون لي أشياء في طفولتي ، منذ كنت في الرابعة أني أرى أشياء لا يرونها وأحلامي تتحقق تماماً ، حتى أني رأيت زلزال القاهرة الشهير قبلها بساعة وحذرت اهلي ، و رأيت وفاة والدي وغيرها الكثير ، وكنت أقول فجأة سيحدث كذا وكذا الآن وكان يحدث تماماً مثل ما قلت ، واختارني الرجل لفتح المندل عن دون أطفال العائلة ، كما قصصت سابقا لأن كفي يدي مفتوح كما قال وسافرت كثيراً وقرأت كثيراً جداً ، وكنت أعيش في سفري دوماً وحدي ، والى الآن أحلامي تتحقق ، وعندما أكون في مكان به شيء غامض أشعر به كأن هواه ثقيل ولا أخاف بسهولة ، وقد كان والدي و جدي رحمهم الله مثلي لا يخافون بسهولة وكان والدي يشعر بسرعة بالأماكن المسكونة مثلي تماماً ، شكراً لحضراتكم.

تاريخ النشر : 2019-04-19

guest
51 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى