سؤال الأسبوع

للخيانة عنوان اسمه الإنسان

بقلم : بنت بحري

للخيانة عنوان اسمه الإنسان

الخيانة مؤلمة .. خصوصا عندما تأتي من أقرب الناس ..

منذ أن وطأت قدم الإنسان على سطح هذا الكون و هو يخون و يغدر ليس فقط بالغرباء بل حتى بأقرب الأقرباء ! .. الجميع مستباح متاح عند هذا الكائن! .. يقدم على الخيانة و كأنها هواية يمارسها في أوقات فراغه وليست قصة هابيل و قابيل بمجهولة عنا ، فها هو الأخ يغدر بأخيه و يرديه قتيلا من أجل إطفاء شهوة الطمع! .. و من يومها و مسلسل الخيانة الذي يلعب فيه الإنسان دور البطولة المطلقة لم يتوقف يوما! ..

من منا لم يعرف " بروتس" هذا الخائن الذي شارك بدم بارد في قتل من وثق فيه و أعطاه الأمان و الذي وقف أمام الجماهير المحتشدة والدم لم يزل يتساقط من يده قائلا "قتلت قيصر ليس لأنني أحبه قليلا بل لأنني أحب روما كثيرا" ، فكل خائن يختلق لنفسه ألف عذر و عذر ليبرر خيانته و يريح ضميره الميت أصلا ! ..

وهذا أدهم الشرقاوي الذي كان بمثابة روبن هود مصر و الذي وقف ضد المحتل الانجليزي الذي فشل في الإيقاع به فأستعان بصديقه " بدران" الذي ابلغهم عن مكانه فحاصروه حتى سقط قتيلا ، وتقول السيرة الشعبية : ( يا أدهم و صابك رصاص الغدر جوه القلب . . يا أدهم عشان الرصاص بلا حياة و لا قلب) ! ..

و هذا يهوذا الأسخريوطي التلميذ الذي خان معلمه السيد المسيح بأبخس الأثمان و الذي ندم يوم لا ينفع الندم ثم قتل نفسه ! ..

حتى أن روائع الأدب العالمي لم تخلو يوما من قصص الغدر فهذا هاملت يأتيه شبح والده و يخبره أن عمه قد قتله بصب السم من قدح ممتلئ في أذنه ، قتله غيلة بجبن و خسة وأن عمه هذا كان على علاقة آثمة بأمه الملكة " غرترود" أثناء حياته و بعد مماته! .

أما قصص الخيانة الزوجية فحدث و لا حرج ! ألاف القصص عن أزواج خائنين و زوجات خائنات يتلاقون سرا مع عشاقهم لينهلوا من كأس اللذة الحرام متناسين هذا الرباط المقدس الذي ربطهم بشركائهم و الذي تعاهدوا فيه أمام الله أن يصون كل منهما الأخر . .

عمر الخيانة من عمر الإنسان و هي ملازمة له حتى قيام الساعة .

ونقاشنا لهذا اليوم سيدور حول هذه الكلمة "الخيانة" .. فنرجو أن تفتح لنا أسارير قلبك وتحدثنا بصراحة .. هل تعرضت يوما للخيانة ؟ .. لكن قبل أن تجيب لا بأس أن نتعرف أولا على بعض أشكال الخيانة :

فهناك صديق خائن ، يطعنك من الخلف وأنت الذي وثقت فيه وأعطيته ظهرك . وهناك حبيب خائن لم يصن عهود الهوى .. وهناك زوج وزوجة وقعوا في مصيدة الخيانة فدمروا حياتهم وأسرهم ..

والخيانة قد لا تكون بالفعل فقط ، بل حتى الكلمة التي تغتابك وتنال منك قد تكون جارحة ومؤلمة جدا حين تأتي ممن أحببتهم ووثقت بهم .

وهناك خيانة الأهل .. نعم .. الأب والأم .. حين لا يقومون بواجباتهم تجاه أبنائهم ، حين يكونون مهملين ولا مبالين .. فهذه خيانة .. والأبناء أيضا .. حين لا يصونون حقوق آبائهم وأماتهم ويجازون الإحسان بالعقوق .. فهذه خيانة .

حتى العامل والموظف يكون خائن حين يختلس ويسرق من رب عمله الذي وثق فيه وسلمه ماله . أما خيانة الأوطان فكانت في السابق أسوأ وأصعب أنواع الخيانة ، أما في أيامنا السوداء هذه فقد أصبحت أسهل الأنواع وأكثرها شيوعا .. لذا لا داعي للحديث عنها .

على العموم .. نكرر سؤالنا : هل تعرضت يوما للخيانة ؟ .. كيف كانت وممن ؟ .. وهل تركت آثارا على حياتك وسلوكك ؟ .. هل أصبحت تشك وترتاب في الآخرين ؟ .. أم مازلت توليهم ثقتك بسهولة ؟ .. وهل قمت أنت – ولنتكلم بصراحة – بخيانة ثقة الآخرين يوما ما ؟ ..

تاريخ النشر 17 / 01 /2015

guest
204 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى