منوعات

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة

بقلم : بنت بحري – جمهورية مصر العربية

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملكة نازلي .. الملك فاروق .. الملكة فريدة

‏ قصتنا عن ملكتين ملأ صيتهما الدنيا شرقها و غربها ، الأولى بطيشها و رعونتها وبنزواتها التي لم يكن لها حدود و لا خطوط حمراء ! .. و الثانية بأخلاقها و التزامها و حشمتها و أعمالها الخيرية التي قدمتها لشعبها .

‏و العجيب أن كلتا الملكتين عاشتا تحت سقف واحد على الرغم أن الأولى على النقيض من الأخرى! .. مختلفتان اختلاف الأرض و السماء ، واختلاف النار و الماء ! .

الملكة نازلي .. الأم

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فؤاد الاول وزجته الملكة نازلي

كانت نازلي منذ نعومة أظافرها جامحة لا تتقيد بأعراف و لا تقاليد تضرب بالقيم و المبادئ عرض الحائط ! .. كانت مثالا صارخا للمرأة اللعوب ، تلك المرأة التي تنتظر أن تفجر أنوثتها و مفاتنها أمام فحلها المرتقب ! .. لا يكبح جماحها شيء و لا تقف في وجه شهوتها قوة و لا سلطان ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
صورة نادرة للملكة نازلي في ريعان شبابها .. زوجها كان يكبرها بعشرين عام ..

‏ تمردت على زواجها من السلطان ” أحمد فؤاد ” حتى أنها هربت يوم عقد قرانها إلا أن أهلها أجبروها على أتمام الزواج منه، كان يكبرها بعشرين عاما ، يغار عليها بشدة و يجبرها على عدم كشف وجهها أمام الغرباء و كثيرا ما كانت تخالفه فيضربها و أحيانا يحبسها داخل أسوار القصر و يحرمها من رؤية صغارها و كان يعين وصيفات لها من عشيقاته إمعانا في إذلالها و كسر غرور الأنثى بداخلها ! .

وكانت نازلي تنتقم منه بطريقة غريبة فلم تترك أحدا من الضباط أو رجال الحاشية إلا و أقامت معه علاقة آثمة لكسر هيبة السلطان وإظهاره في صورة الزوج المغفل ! .

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حال امرأة من هذا النوع يموت عنها زوجها و تصبح حرة طليقة لا رادع و لا زاجر لها، انطلقت نازلي كالفرس الجامحة تنهل من كأس كل متعة حتى الحرام منها و لا ترتوي ! . ملأت فضائحها مع الرجال كل مكان في مصر حتى ضباط الاحتلال كان لهم نصيب في مخدعها ! ، حتى قابلت رئيس الديوان الملكي” أحمد حسنين باشا ” و كان متزوجا و لكن لم يكن سببا كهذا ليقف في وجه رغبة ملكة عاشت عبدة لرغباتها و شهواتها ! . كانت تعلن حبها له في كل مناسبة دون خجل! ، حتى أذعن الباشا بالنهاية و تزوجها عرفيا ، البعض يقول سرا بدون علم ابنها الملك فاروق ، و البعض الأخر يؤكد علمه وأنه من طلب من الباشا ذلك للسيطرة على مجونها ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
رئيس الديوان الملكي .. احمد حسنين باشا ..

كانت تغير عليه غيرة عمياء حتى أنها عندما علمت بعلاقته بالمطربة أسمهان أمرت بإصدار أمر ملكي بطردها من مصر ، و ملأت الصحف حينها أخبار النزاع النسائي بين نازلي و أسمهان حتى أن تلك الأخيرة تحدت نازلي قائلة : ” أنا لست مطربة عادية .. أنا أميرة” ، وبعض الشكوك في مقتل أسمهان تشير لنازلي وابنها حيث سقطت العربة التي كانت تستقلها أسمهان في ترعة أثناء ذهابها لرأس البر و هرب السائق و لم يعثر له على أثر ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
اسمهان وميمي شكيب

وعندما علمت بعلاقته بالفنانة ” ميمي شكيب ” طلبت من الريحاني مدير الفرقة التي تعمل بها أن يطردها فأثرت الفنانة الانسحاب لعلمها أنها لا طاقة لها بنزال نازلي .

ظلت الحال هكذا حتى قتل الباشا في حادث سيارة على يد سائق انجليزي مخمور على” كوبري قصر النيل” .

‏و بموت الباشا عادت الملكة إلي عاداتها القديمة حيث الحفلات الماجنة و العشاق الذين تستبدلهم أكثر من استبدالها لملابسها ! نتيجة لذلك ساءت علاقتها مع الملك ” فاروق ” ، فتحججت بمرضها بمرض الكلي لتسافر للخارج لتفعل ما يحلو لها ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملكة نازلي مع ابنتيها الاميرة فتحية والاميرة فائقة

كانت صورها و علاقاتها تملأ الصحف الأمريكية والأوربية دون اعتبار لمركز ابنها و لا لعمرها الذي وصل لمرحلة الشيخوخة و لا لمكانة البلد العريق الذي أتت منه ، لم يكن يهمها إلا إشباع رغباتها التي كانت كالبئر الذي لا قاع له ! .

حتى وصل بها الأمر أن تقيم هي وابنتها الأميرة فتحية علاقة آثمة مع موظف بسيط بالقنصلية يدعى “رياض غالي”، و عندما أرادت أن تزوجه للأميرة رفض فاروق لأنه كان من ديانة مختلفة ، إلا أن نازلي أصرت على أتمام الزواج ، و عندما علم فاروق بالأمر استشاط غضبا و أصدر مرسوما ملكيا جرد فيه الملكة الأم و الأميرة من امتيازاتهما وألقابهما الملكية و مصادرة أموالهما داخل مصر .‏

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
زفاف الاميرة فتحية

سلمت نازلي و فتحية ما تبقى معهما من أموال لرياض الذي خسرها كلها في مشاريع فاشلة، نشبت الخلافات بين فتحية وزوجها فأطلق الأخير عليها خمس رصاصات وأرداها قتيلة ثم حاول الانتحار إلا أنه أنقذ في اللحظات الأخيرة و قدم للمحاكمة و حكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما قضاها مشلولا أعمي لأنه أطلق الرصاص على رأسه أثناء محاولته الانتحار.

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
خلال مشاركتها في تشييع جنازة ابنها الملك في روما

أما نازلي فقد عاشت وحيدة في حي يقطنه الفقراء بعدما كانت تتنقل بين رحاب القصور الملكية ! .. و هذه هي النهاية الطبيعية لملكة لم تتقن في حياتها إلا ألعاب الفراش ! .. لم تفلح في شيء أكثر من فلاحها في التمايل و المداعبة و الممازحة لكل من كتب على ظهره ذكر حتى يسلم و يذعن لرغباتها رافعا الراية البيضاء على جسدها ، فقد كانت لها طرقها الماجنة التي تتحطم أمامها صخور الذكور و تتحول إلى فتات لا تقوي على مقاومة مفاتنها.

الملكة فريدة .. الزوجة

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملكة فريدة في أوج شبابها

مقالنا اليوم ليس مقالا تاريخيا بقدر ما هو إنساني يصف شعور ملكة هي في النهاية امرأة كباقي النساء يعتصرها الألم حينما يتركها زوجها الحبيب ليقضي لياليه في أحضان غيرها ! .

بعض النساء تنتقم و تصول و تجول من أجل كرامتها المجروحة، و البعض الآخر يصبر أملا في الصلاح أو إذعانا لأوامر و نواهي قلبها الذي أرتحل إلي دنيا العشق ممسكا بيد هذا الحبيب .

والملكة الفريدة ” فريدة ” زوجة الملك “فاروق” من النوع الثاني ، و كيف لا و هو أول رجل يطرق أبواب قلبها و تستجيب له دون أدني مقاومة منها؟ و هو أول يد تلمسها ، و أول قلب يحيط قلبها و يحتويه.

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
مصر الملكية .. أحبت ملكتها .. صور من القاهرة في الاربعينات ..

ملكة أحبت شعبها فأحبها شعبها و عملت من أجله فخرج من أجلها .

سميت فريدة لأنها فريدة من نوعها لا شبيه لها، كانت عنوانا للرقة و الأنوثة الهادئة ، محبة للرومانسية ،تكره كل ما هو صاخب. أسمها الحقيقي” صافيناز ذو الفقار” أما فريدة فهو الأسم الذي أختاره لها الملك ” فاروق” تيمنا بما كان يفعله والده السلطان ” أحمد فؤاد” الذي قابل في إحدى رحلاته للخارج منجما إيطاليا أخبره أن حرف سعده و حظه و تعويذته السحرية هو حرف “الفاء”.

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
كانت في الخامسة عشرة حين قابلت فاروق أول مرة .. صورة الملكة في ريعان الصبا ..

‏ كان عمر فريدة خمسة عشر عاما حينما قابلت فاروق للمرة الأولى وقد كان ذلك في حديقة القصر ، رأته واقفا و الفتيات يتجمعن حوله و يتقربن إليه و لكن فريدة ما كانت لتفعل مثلهن فحياءها و تربيتها يمنعاها من ذلك، فما كان منها إلا أن ذهبت و جلست بجوار والدتها ، و عندما لاحظ فاروق أنها الفتاة الوحيدة التي لم تتودد إليه ذهب هو إليها و ألقى التحية و تعرف عليها .

بعدها بأيام قلائل تلقت عائلة ذو الفقار دعوة ملكية من الملكة الأم “نازلي” تدعوهم فيها لمرافقة العائلة الملكية في رحلتهم الشتوية إلى أوربا ، و قد كانت الأيام التي قضتها فريدة في تلك الرحلة هي أسعد أيام حياتها بحق كما صرحت.

كان فاروق دائم التودد و التقرب إليها ،يعاملها معاملة لا تحظى بها غيرها، يخاف عليها بشدة حتى أنها عندما سقطت ذات مرة أثناء التزلج على الجليد هرع إليها و حملها بين ذراعيه و وصل به الأمر أن عنف أخواته الأميرات على ذلك!‏ .

‏ في هذه الرحلة أدرك فاروق أن تلك الفتاة هي فتاة أحلامه التي لطالما تخيلها في صحوه و منامه، ومن غير فريدة تستحق أن تتربع على عرش مصر بجواره؟

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الزفاف الملكي .. الملك فاروق والملكة فريدة

بعد العودة فوجئت أسرة ذو الفقار بالملك يقف أمامهم طالبا الزواج من فريدة في أقرب وقت بعد أن بلغ شوقه لها عنان السماء، و رغم صغر سنها و أمام إصرار العاشق الولهان أذعن والدها و أقيمت الاحتفالات في جميع أرجاء المحروسة، أحتشد المهنئون في العاصمة ليشاهدوا موكب ملكهم و زوجته الجميلة المحبوبة و التي كانت تنتمي لعائلة عرفت بروحها الوطنية، زينت الشوارع بالأنوار التي أحالت ليلها نهارا في مشهد بديع ، ارتدت العروس فستانا صنع خصيصا لها في باريس بأكمام طويلة بناء على رغبة فاروق الذي كان شديد الغيرة عليها.

بعد إتمام مراسم الزفاف توجه العروسان إلى قصر إنشاص حيث الهدوء و السكينة وجدير بالذكر أن هذا القصر تم فيه توقيع ميثاق جامعة الدول العربية.

كانت فريدة تقول : ( منذ لحظة زواجي أحببت الشعب و كنت دائما أعيش مع أحلامهم و أحس بآلامهم ) .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فاروق والملكة نازلي والملكة فريدة ..

بعد العودة فضل فاروق ألا يترك أمه و أخواته و أن يعيشوا جميعهم في قصر واحد و هذا القرار كان من سوء حظ فريدة! , فما كان لشخصية متسلطة مثل نازلي أن تترك فريدة و شأنها ! تقمصت دور “ماري منيب” في فيلم (الحماوات الفاتنات) كأحسن ما يكون و أذاقتها العذاب بألوانه ! حولت حياتها لجحيم خاصة عندما أنجبت ثلاث أميرات و لم تنجب ولي العهد.

كانت نازلي كثيرا ما تقول لها : ( أنا جبت لفؤاد ولي العهد لما نشوف أمته هتجيبي لفاروق ولي العهد)! و كأن تلك المسكينة تمتلك عصي سحرية تضرب بها فيأتي المولود ذكرا !

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
مع ابنتها الاميرة فريال

تحولت جدران القصر إلى قضبان حبست بداخلها فريدة و أحلامها ! حتى فاروق الذي كان يمنحها الصبر بوجوده بجوارها أخذ من أمه أسوأ الصفات! أنغمس في ملذاته و أتبع شهواته و كأن جينات الفساد انتقلت إليه ! و هذه كان البداية لتوتر العلاقة بين فاروق و فريدة وكذلك بداية انهيار و سقوط عرش الأسرة العلوية ! .

كانت زوجة أبيه الأميرة ” شويكار ” تحاول أن تدفع به إلي حياة اللهو و العبث بإقامة حفلات الفساد التي تجلب فيها الفتيات الكاسيات العاريات من كافة الجنسيات ! و ما كان علي فاروق إلا أن يخطو داخل البستان ليقطف الزهرة التي يود تذوق رحيقها ! ناسيا زوجته الجميلة و الأميرات الثلاثة و وطنه الذي كان يئن تحت أغلال الاحتلال!‏ .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فاروق الاول .. من الصبا إلى الشباب .. اظن لا يختلف اثنان على ان الرجل كان وسيما .. لا عجب بعد ذلك ان يكون زير نساء ..

و كثيرا ما فكرت فريدة في تركه لكنه في كل مرة كان يتعهد لها بالتوبة عن تلك الحياة متعللا أنه يفعل ذلل للهروب من سخط الشعب عليه و يقول : ( أنا عارف أنه لن يتبقي ملوك غير ملك انجلترا و ملك الكوتشينة) . فكانت فريدة تشفق عليه و تصدقه و لكنه في صباح اليوم التالي ينسي عهوده و وعوده و لا يتذكر سوي غوانيه و عاهراته!‏ .

أصبحت أخبار علاقاته النسائية تصل إلى فريدة في قصرها خاصة علاقته مع أهل الفن ! فالعلاقة بين أهل السلطة و أهل الفن علاقة أبدية لا تنتهي أبدا!.‏

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
كاميليا .. من اجمل فنانات العهد الملكي .. واشهر عشيقات الملك فاروق

وكانت علاقته مع الفنانة كامليا من أشهر علاقاته النسائية و كان يقضى معها الليالي الماجنة في قصر” عابدين” , فبدلا من أن يدير شئون الحكم كان يدير شئون رغباته ونزواته ! وكثيرا ما كان يصطحبها في رحلاته إلى الخارج على يخته “المحروسة” , نفس اليخت الذي حمله خارج مصر بعد عزله من الحكم! .

حتى أنه اشترى لها فيلا لتكون مكانا لهما بعيدا عن أعين المتلصصين ، وهناك من يؤكد أن دخول كامليا لحياة الملك لم يكن وليد الصدفة بل كان بترتيب وتخطيط من الموساد ، حتى تكون قريبة من رجال القصر ومن أماكن اتخاذ القرار، خاصة في فترة حرب فلسطين، وهو ما كان , فقد كانت كامليا تعلم أدق التفاصيل وتصل إلى مسامعها القرارات قبل أن يعلن عنها رسميا وهو ما كلف الملك ومصر الكثير ! وهناك من يشيع أن ما حدث لها بعد ذلك ما هو إلا انتقام منها على فعلتها، فقد تعرضت لحادث طائرة غامض لقيت فيه حتفها والغريب أنها لم تكن ضمن الركاب حتى اعتذر احدهم فحلت هي محله والأغرب أن هذا الراكب هو الكاتب الصحفي “انيس منصور”، ولم يعثر أبدا على جثتها وكل ما عثر عليه فردة حذائها ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الامبراطورة فوزية .. حسناء الاسرة الملكية .. صورة مع زوجها شاه ايران وابنتها الوحيدة

حتى زوجة طبيبه الخاص “ناهد رشاد” لم تسلم من شباكه الغرامية! وكان لها تأثير قوى على الحياة السياسية في مصر ذاك الوقت مما جعلها تظن أنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من اقتناص التاج الملكي لفريدة خاصة بعد أن خصص لها فاروق جناحا خاصا بجوار جناحه وعينها وصيفة لأخته الأميرة ” فوزية “بعد طلاق الأخيرة من شاه إيران” محمد رضا بهلوي “، ويقال أن الملك كان يعلق لها صورة عارية بالحجم الطبيعي على أحد جدران قصوره ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فاروق مع الملك عبدالعزيز والرئيس الامريكي روزفلت

كل تلك العلاقات في جانب وحادثة ” ليلى شرين” في جانب أخر! .. فتلك الفتاة التي واعدها الملك لمقابلته في القصر لقضاء ليلة بالألوان الطبيعية ولكنه نسى الموعد وذهب في اجتماع عاجل (بيتعب الملك) ! فضبطتها فريدة على مدخل جناحه وتحت تهديد سلاحها اعترفت الفتاة فائقة الجمال اعترافا مكتوبا ذيل بتوقيعها بعلاقتها الآثمة بالملك وبأنها كثيرا ما التقت به في جناحه بينما الملكة في جناحها تغط في النوم ! ولم تكتفي المرأة المكسورة المجروحة بداخل فريدة بذلك بل أصرت على إبلاغ النائب العام بالواقعة كاملة وكانت فضيحة من العيار الثقيل ! .

غضب فاروق غضبا شديدا من تصرف فريدة الغير مسئول من وجهة نظره خاصة بعد أن خرج الشعب يعايره بعلاقاته النسائية قائلا : ( أين الغذاء والكساء يا ملك النساء؟) , ولم يكتفوا بذلك بل عايروه بتصرفات أمه في الخارج قائلين : (يا فاروق يا ويكا هات أمك من أمريكا) و ( من لا يحكم أمه لا يحكم أمة) .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملكة فريدة مع بناتها ..

ولا يسعنا ذكر علاقات فاروق الغرامية دون أن نذكر مهندس تلك العلاقات سكرتيره الإيطالي “انطوان بولى” الذي كان يؤدي دور القواد بكل جدارة! مهامه تنحصر في جلب الفتيات إلى فراش الملك ! وأحيانا كان يأخذه في جولة بالسيارة الملكية لانتقاء الفريسة بنفسه إمعانا في الإخلاص بعمله ! .

كان فاروق يترك فريدة كل ليلة ليرتمي على صدر كل عاهرة تقدم نفسها على مذبح الرغبة الحرام للراغبين ! .

أمام تلك التصرفات المشينة بدا فاروق أمامها كالعاري حتى من ورقة التوت التي تستر عورته! سقط من فوق عرش قلبها ليسكن بئر وماخور من الفسق والرذيلة ! .. وهنا طالبته بحريتها وكرامتها المسلوبة وأمام إصرارها لم يجد فاروق مفرا من المثول لرغبتها فتم الطلاق رسميا في عام 1948 ، وبالرغم من هذا الطلاق إلا أن رابطة الحب التي جمعت قلبهما لم تنقطع يوما , فقد أهدى لها قصرا لتعيش فيه هي والأميرة الصغيرة وسمي بقصر الطاهرة، ويومها خرجت كل طوائف الشعب تنادى

(خرجت الطاهرة من بيت العاهرة) و (خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة) .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فاروق مع زوجته الأخيرة الملكة نريمان التي انجبت له وريثا للعرش فؤاد الثاني .. وإلى اليسار صورة الملكة فريدة في السبعينيات .. اختفت عن الاضواء وانشغلت بالرسم ..

وفى محاولة من فاروق لتهدئة الشارع المصري أشاع أنه طلق فريدة لخيانتها له مع أحد الأمراء ! ولكن من كان ليصدق هذا الهراء ؟ فالنقطة الوحيدة المضيئة والمشرفة في حياة هذا الملك كانت هي فريدة التي رغم ما فعله معها إلا أنها لم تتزوج بعده فكانت كلما تقدم أحد لخطبتها تقول : ( من تتزوج فاروق لا تستطيع الزواج من أحد بعده ) .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
الملك فؤاد الثاني (غير متوج) في زفاف ابنه الامير محمد علي أمير الصعيد على الاميرة نوال حفيدة الملك ظاهر شاه ملك افغانستان ..

في الآونة الأخيرة صرحت الكاتبة ” لوتس عبد الكريم” التي رافقت الملكة في السنوات الخمس الأخيرة من حياتها أن الملكة عادت للملك في منفاه بموجب عقد شرعي رسمي لم يكن يعلم به إلا هي والأميرة الكبرى “فريال” ولكن فريدة أخفته خوفا على إقامتها في مصر من رجال الثورة! . لذلك سمع جميع الحضور نحيبها وبكائها في جنازة فاروق بروما بل أنها ذهبت بعد ذلك للسادات لتطلب منه نقل رفات زوجها الحبيب إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي نزولا على وصية فاروق قبل وفاته وقد كانت تتمتع باحترام وتقدير من الجميع وما كان السادات أو غيره ليرفض طلبا لمحبوبة الشعب فريدة .

فعلت هذا من أجل رجل أهدر كرامتها بجانب أنوثتها وطعن في أعز ما تملك المرأة ! ولكن ما عساها تفعل والقلوب مسيرة لا مخيرة ! .

خرجت الطاهرة من بيت العاهرة
تشييع الملكة فريدة .. 1988 ..

هل تصدق عزيزى القارئ أن ملكة نبيلة كتلك الملكة ماتت معدمة فقيرة لا تملك شيئا؟ حتى القصر الذي أهداه لها فاروق أممته الدولة ! كانت تعيل نفسها برسم اللوحات ثم عرضها للبيع وكانت لوحاتها عبارة عن وجوه مرعبة وعيون مفزوعة دماء وأشلاء ! لأنها كانت تؤمن بالسحر حتى أنها كانت تعتقد أن الملكة نزلى استخدمت السحر ضدها لتعذبها في حياتها! ولها في هذا الشأن حادثة مشهورة مع الدكتور مصطفى محمود ، فقد هاتفته ذات يوم ليفسر لها حادثة حدثت لها أثناء نومها حينما استيقظت من نومها فوجدت خاتمها الملكي الذي بإصبعها قد انكسر من باطن اليد وفقد جزء منه فسألته عن مدى صحة شكوكها ان هذا الفعل غير عادى وهو من عمل الجان ؟ فرد عليها كعادته مازحا : ( مفيش عفاريت ممكن تعمل كدة اثناء نومك، لكن اذا كان هذا خاتم الملك والملك لله وحده فالأحسن أن تتبرعى به) .
ولكن فريدة ما كانت لتتبرع بهذا الخاتم بالذات لأنه الذكرى الوحيدة المتبقية من فاروق ملك القلب .

الخاتمة :

رغم أن فريدة ماتت إلا إن سيرتها العطرة ما زالت يتردد صداها في ربوع المحروسة فشتان الفرق بين ملكة عاشت لنفسها مثل الملكة نازلي فعاشت صغيرة وماتت صغيرة , وملكة عاشت لغيرها مثل الملكة فريدة فعاشت كبيرة وماتت كبيرة.

تاريخ النشر 31 / 01 /2015

guest
178 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى