أدب الرعب والعام

الكنز على بعد خطوات

بقلم : جاسر – مصر

وحين ازاح الغطاء عن المومياء الاثرية ، وجد قناع مثل قناع الملك توت عنخ آمون
وحين ازاح الغطاء عن المومياء الاثرية ، وجد قناع مثل قناع الملك توت عنخ آمون

الثراء السريع هو حلم لطالما داعب خيال الكثيرين ، إمتلاك ثروة ضخمة بمجهود قليل ، ومما يحفز العديد من المغامرين في خوض هذا السبيل هو نجاح آخرين وإمتلاكهم ثروة حقيقية .

باسل شاب مكافح تخطى الثلاثون عاما ، نصف عمره تقريبا قضاه بين أعمال مختلفة ، إكتسب خبرة لا بأس بها في العديد من الأمور ، ولكن كان المال دوما شحيحا ، لذلك قرر أن يخوض تجربة خطيرة ويتحمل نتائجها وحده ، فإما أن يرتقي بمستواه المعيشي والمادي ، وإما قد تكون النتائج اسوأ بكثير مما هو عليه الحال .

كانت البداية بحلم ، عبارة عن مكان محدد واضح المعالم قرب موضع سكنه ، وكان عبارة عن مقبرة أثرية ترجع للعصور الرومانية بالإضافة للأثار الفرعونية الموجودة فيها ، كنزا كبيرا بحق ، ولكن يا تري لمن يكون هذا الكنز ؟ 

 كان هذا السؤال يداعب خيال باسل بشكل يومي وكلما مر على المكان المقصود يشعر بأنه يتميز بمعرفة قد لا يحصل عليها غيره ، فلا أحد يعلم ماذا يوجد أسفل الشارع المغطى بالأسفلت ، ولا يمكن لأحد أن يتوقع أن هنا شيئا ذو قيمة . الحلم كان شديد الوضوح ، يختلف عن اي حلم آخر ، كانت تفاصيلة دقيقة وكأنها هدية لشخص بعينة أو رسالة سرية مشفرة لا يمكن لأحد أن يعرف محتوها غيره .

هنا قرر باسل أن يخوض تجربتة بنفسه بدون علم اي شخص آخر ، حتى أصدقائه المقربين إليه ، كان يعتمد على ذكائه وقدراته الذاتية وحسب ، قام بإستجار شقة تقع بالدور الأرضي قريبة من الموقع المقصود ، وأقنع مالك العقار بأن المكان سيكون مخزن خاص ببعض الأجهزة المنزلية الجديدة ، ومنذ اليوم الأول أحضر معه معدات للحفر داخل معلبات كرتونية مرسوم عليها اجهزة منزلية كما هو متفق عليه ، لم يكن لباسل اي خبرة في مجال الحفر والتنقيب ، ولكن كان يملك الحافز لفعل اي شيء يوصله إلى هدفه.

المكان الذي يعرفه كان يفصل بينه وبين الشقة المستأجرة حوالي عشرة أمتار وعلى عمق اربعة أمتار ، المهمة شاقة جدا على فرد واحد ، ولكنة تحمل كل المشقة والمجهود وحدة وبدأ بالحفر .

كان ينقل التراب الخارج من الحفر يوميا في صناديق الكرتون ويضعها في سيارتة القديمة حتى يبتعد مسافة كبيرة ، وفي مكان معين كان يفرغ الصناديق من الردم والتراب ، ويعود ادراجة .

وبعد ثلاثة اشهر من العمل المتواصل استطاع ان يقطع شوطا كبيرا وان يقترب من هدفه ، كان الفاصل متران فقط ويصل لمكان المقبرة وحين تم القياس عشرة امتار بالتمام وجد امامه حائط مبني بالحجر الجيري ومنقوش عليه بضع رسومات وكتابات غريبة لم يفهم ما المقصود منها ، ولكنه كان في غاية السعادة فقد شعر أخيرا ان مجهوده لم يضع سدا ، وانه أمام خطوات من تحقيق حلمه.

خرج من النفق واستلقى على الأرض يفكر بالكنز وتشابكت أحلامة مع الآمال المتعلقة بالمال ، وغالبه النعاس ، وفي المنام رأى نفسه قد دخل إلى المقبرة فعلا ووجد فيها كل ما وجده في الحلم الأول ،

تابوت كبير وسط غرفة مربعة ويوجد حوله العديد من التماثيل الذهبية الصغيرة ، وقارورة بها سائل شفاف لزج فتحها وكان السائل يسيل على ذراعه لا يعلم كيف ، فاق من الحلم وقد اخذته الحماسة لإكمال ما تبقى ، أخذ الأدوات والمصباح الكشاف ونزل إلى النفق واستعد لإكمال الحفر ، واخذ يطرق علي الحجر بهمة ونشاط حتى تهشم الحجر وبدأ يظهر ما خلفه ، وهنا حدث ما لم يكن في الحسبان وجد باسل رائحة قوية جدا انبعثت من خلف الحجر المكسور ، اصابته بالدوار واصبحت الرؤية مزدوجة ثم مشوشة وبعدها فقد الوعي .

وبعد حوالي ١٠ ساعات افاق باسل في مكانه ، ووجه المصباح الى داخل الحفرة الصغيرة التي صنعها في الحائط ، فوجد وصفا مطابقا لما حلم به سابقا ، فنسي ما كان من امر الرائحة واكمل الحفر ودخل بالفعل الى المقبرة .

كان باسل يملك من الشجاعة والذكاء ما لا يملكة الالاف من الشباب غيره ، وصل إلى مراده أخيرا وقام بإستخراج كل ما تحتويه المقبرة من تماثيل صغيرة وقواني فخارية واشياء أخرى وترك المومياء لآخر خطواته ،

وحين أزاح الغطاء عن المومياء الأثرية ، وجد قناع مثل قناع الملك توت عنخ آمون ذهبي مرصع بالأحجار الكريمة ولكنه كان ثقيل جدا ، حاول ان يزحزحه عن مكانه فلم يستطع ، وما بين محاولة واخرى وجد نفسه مستلقيا على المومياء يحاول ان يحركها من مكانها ، وبدون سابق إنذار انغلق باب التابوت عليه وهو في الداخل!! 

وفجأة حل الظلام الدامس !! من الذي اغلق الفتحة ؟!! ماذا حدث ؟ ، لا توجد اجوبة لقد كنت على بعد خطوات من تحقيق الحلم ، هل سأموت الآن وأنا مستلقي على هذا الكائن المخيف ! ، لا لا يجب ان يحدث هذا لابد أن اقاوم 

اخذ باسل يدفع غطاء التابوت بكل ما اوتي من قوة ولمدة خمس ساعات بلا جدوى ، أخذ يفكر فيما حل به ، وتفجرت قوتة الكامنة فدفع الغطاء بقوة لا يعلم مصدرها ، فتحرك الغطاء وسمع تهشم عظام المومياء من تحته ، وسقط الغطاء على الأرض وتحرر أخيرا من تلك اللعنة التي كادت ان تفتك به ،

باع باسل المحتويات التي عثر عليها بملايين الدولارات ، وتحقق حلمه أخيرا ، ولكنه أصبح عقيما لا ينجب الأطفال ، وحار اطباء العالم في مرضه فلم يتوصلو إلى دواء ، وأكمل حياته بمفرده كما كان قديما

،جاب العالم شرقا وغربا ، ولكنه إستسلم لقدره ، وعرف جيدا ان لكل شيء ثمن.

تاريخ النشر : 2019-09-22

جاسر

مصر
guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى