اكلي لحوم البشر

شهر دون نوم

بقلم : محمد بشير – الجزائر

تجربة رهيبة .. هذا ما سيحصل لك اذا لم تنم لفترة طويلة!
تجربة رهيبة .. هذا ما سيحصل لك اذا لم تنم لفترة طويلة!

حوالي الساعة الواحدة ليلا، تململ الصداع حول رأسي، تضعضع دماغي، أصابني الأرق وتلبسني شبح السهر، فلا أنا قادر على فعل شيء مفيد، ولا قادر على استعطاف شبح السهر عساه ينسلخ بعيدا عني، أحدق في سقف غرفتي في ضجر.. وعلى حين غرة، راودني تساؤل في ماذا لو بقيت مستيقظا لشهر كامل؟..

تلبسني التساؤل فأحاط مخيلتي، أغمضت عيني لوهلة وأبحرت في سماء تخيلاتي، لكن فضولي لم يشبع، وحبي للبحث جعلني أنهض من مكاني مسرعا لمكتبي، فتحت حاسوبي وشغلته، ثم اتجهت للمكتبة، أين بدأت أقلب كتبي العلمية، لكن دون جدوى؟ لا إجابة شافية، عدت لحاسوبي وبدأت في تقليب مواقع أجنبية علمية، لأصطدم بتجربة روسية مثيرة للقراءة…

ففي سنة 1940 إبان الحرب العالمية الأولى، قام عدد من الباحثين الروس بتجربة مثيرة هدفها معرفة مدى تأثير حرمان النوم على الجنود في الحروب المتوقع حدوثها، حيث أن الباحثين جلبوا خمسة سجناء محكوم عليهم بالسجن المؤبد، وطلبوا منهم البقاء مستيقظين لمدة شهر كامل مقابل الإعفاء عنهم وإطلاق سراحهم، فوقع السجناء على وثيقة القبول، فالمجازفة تستحق حقا؟ فإما أن تعيش أو تموت وأنت تحاول..

blank
جلبوا خمسة سجناء محكوم عليهم بالسجن المؤبد

ادخل السجناء لغرفة معزولة، بها قناة لضح الأكسجين مع غاز ‘ النوكلاييف’ الذي يساعد السجناء على البقاء مستيقظين دون رمشة عين، كانت الغرفة مليئة بالمؤن الكافية لأشهر، مع خزانة للكتب، ونافذة زجاجية لتسجيل تصرفات السجناء، وأربعة ميكروفونات في كل زاوية بالغرفة، بالإضافة لدورة مياه أقصى يسار الغرفة، كل متطلبات الحياة متوفرة، على السجناء أن يبقوا مستيقيظين فقط، لنيل الحرية..

مرت الأيام بشكل طبيعي، لكن في اليوم التاسع بدأ سلوك السجناء يتغير، فجن أحدهم، فقام بالصراخ بأعلى صوت، ثم بدأ يركض في الغرفة، شمالا ويسارا، ثم سقط وبدأ يتخبط أرضا كالذي يتخبطه الشيطان من المس، والغريب في الأمر أن بقية السجناء لم يهتموا لأمره قط…
بعد اليوم العاشر، انتقلت العدوى لبقية السجناء، فقاموا بتمزيق أوراق الكتب، ولطخوها بلعابهم وبرازهم، ثم ألصقوها على النافذة الزجاجية، فحجبوا الرؤية كليا، ثم انقطعت أصواتهم وعم صمت مريب أرجاء الغرفة……

بعد مرور 24 ساعة، أصيب الباحثون بالقلق لعدم وجود أي إشارة صوتية من الغرفة، بالرغم من أن جهاز الغاز يشير إلى أن السجناء أحياء، قرر أحد الباحثين مخاطبتهم عبر الجهاز الصوتي قائلا:

– أيها السادة، سندخل الغرفة لفحصكم، ابتعدوا عن الباب وانبطحوا أرضا دون حراك، وإلا أطلقنا عليكم النار، حافظوا على هدوئكم رجاء..

ليأتيه صوت أشبه بالهمس عن أحد السجناء:
– لا نريد افراجا ولا فحصا، نحن أموات أحياء الآن، أكلة لحم البشر…

أصيب الباحثون بالجزع والقلق، ففروا جميعا إلى منازلهم، بينما تبقى الباحث المهووس حد الجنون، بدأ ينادي على السجناء بالميكروفون، لكن لارد؟ فقرر قطع ضخ الغاز على الغرفة، وما إن فعل ذلك، حتى تعالت أصوات السجناء وتوسلاتهم الجنونية، طالبين إعادة ضخ الغاز مرة أخرى، اضطر الباحث للاتصال بأمن المختبر، وبحلول منتصف الليل، دخل الغرفة رفقتهم، فوجد ما لم يكن متوقعا ؟؟

اقشعر بدنه، توجس في نفسه خيفة، كانت الغرفة معفرة بالدماء برائحة كريهة حد الغثيان، الأحشاء سابحة في وحل الدماء المتخثرة، وماكان صادما أكثر وهو أن السجناء لم يستهلكوا أي طعام بالغرفة، بل تغذوا على أنفسهم وأحشائهم، فكانت أجسادهم ممزقة من كل جانب، لدرجة بروز عظامهم وأوردتهم.

blank
توفي جميع السجناء إلا واحدا

توفي جميع السجناء إلا واحدا، كان قد أنشب فكيه في عضلات ساعده ثم بدأ في الصراخ والضحك الهستيري المرعب، وقطرات الدم تتساقط من بين فكيه بغزارة، أمر الباحث عناصر الأمن بحقنه بالمورفين ثم أخذه لغرفة العمليات، أين بدا السجين كما لو أنه يرغب في اخبار الباحث بشيء ما؟

جلب الباحث ورقة وقلما، رمى السجين القلم وبأصبع يده الملطخ بالدماء المتخثرة كتب: ‘اقطعوا أعضائي، اجعلوني أتلذذ، استثيروا اللذة أكثر….’

بدأ الباحث في الصراخ قائلا: لماذا فعلتم في أنفسكم هذا، قل لي، قل لي…

حرك السجين رأسه، ثم حدق للباحث وبصوت تقطعه التنهدات، مع حشرجة وصعوبة في النطق ردد:
– حتى نبقى مستيقظين، حتى نبقى مستيقظين…..

وبعد قراءة هذه التجربة المرعبة والمثيرة التي أخذت مني عدة ساعات من البحث، راودتني فكرة جنونية أكثر، فماذا لو صنعنا غازا أقوى من النوكلاييف ثم أطلقانه بكل بقعة في العالم، فهل سنشهد على ظهور عصر الأحياء الأموات؟ أو بالأحرى الزومبي..؟

#محمد_بشير
https://www.facebook.com/mohamedbachir13

تاريخ النشر : 2019-12-29

محمد بشير

الجزائر
guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى