ألغاز تاريخية

لغز مقتل عائلة ستاجيا

بقلم : Sara Zaky – مصر

واحدة من اكثر الجرائم غموضا
واحدة من اكثر الجرائم غموضا

مساء 30122000 كانت اسرة ستاجيا تعد العدة للاحتفال باقتراب عام جديد ، وهي من أهم المناسبات في اليابان. كان الأب ميكيو ذو 44 عام يجلس على حاسوبه بينما جلست الام ياسوكوا صاحبة الـ 41 عام وابنتها نينا 8 اعوام يتبادلون اطراف الحديث بينما يلعب الصغير راي في الطابق العلوي .. بالها من أمسية دافئة تقضيها الأسرة .. أمسية ستكون الأخيرة في حياتهم ..

في صباح اليوم التالي قامت والدة ياسوكوا بالاتصال بابنتها كالعادة مثل كل يوم ، لكنها لم تتلق اي اجابة ، عاودت الاتصال مرة واثنتين وثلاثة .. لكن دون رد .. مما أثار قلقها ، فأبنتها دائما ما تجيب اتصالاتها وتتبادل معها الاحاديث الصباحية .. لذلك قررت التوجه لمنزل ابنتها في ضاحية ستاجيا الهادئة الواقعة في اطراف مدينة طوكيو.

blank
صورة لعائلة ستاجيا

قرعت الام جرس المنزل مرارا وتكرارا ، لكن دون مجيب ، فاستعانت بالمفتاح الاحتياطي الذي عندها لتفتح الباب .. دخلت المنزل لتفجح بالمناظر التي رأتها .. فجثة زوج أبنتها ، ميكيو ، غارقة بالدماء وبها طعنات كثيرة ، لتتجه للبحث عن ابنتها فتصطدم الجدة المكلومة بجثة ابنتها وحفيدتها مصابين بطعنات متفرقة .. آملت الجدة عندما لم تجد جثة الصغير راي ان يكون مازال علي قيد الحياة ، لكن سرعان ما خاب أملها عندما صعدت إلى الطابق الأعلى لتجد جثة الصغير مخنوقا في فراشه.

سرعان ما انتشرت اخبار الجريمة وتسببت بهزة في المجتمع الياباني الهادئ ، خصوصا وأن عائلة ميازوا كانت تتمتع بسمعة طيبة ..

بدأت الشرطة سريعا في تحقيقاتها والاستماع الي الشهود. احد الشهود ابلغ المحققين بأنه رأى رجل مجهول يسير بجوار منزل ميازوا ، بينما قال شاهد اخر انه سمع اصوات شجار تأتي من اتجاه منزل ميازوا.

قامت الشرطة بجمع الأدلة من منزل العائلة المغدورة لتتوصل إلى سيناريو عما حدث للاسرة … بحسب المحققين فأن تمام الساعة الـ 10:30 مساء كان آخر نشاط محسوس للضحايا حيث أن الاب ميكيو فتح بريده الالكتروني.

في هذا الوقت كان القاتل او القتله قد قاموا بقطع خطوط الهاتف عن المنزل .. وقام القاتل بتسلق شجرة واقتحام المنزل عن طريق نافذة مفتوحة في الدور العلوي ، ليجد نفسه امام الطفل راي فقام بخنقه في التو حتي لفظ انفاسه..

في هذه الأثناء سمع الاب جلبة في الدور العلوي فهرع الى هناك لبجد نفسه وجها لوجه امام القاتل ، فأشتبك الرجلان ، وتمكن الأب من ضرب وجرح القاتل، لكن هذا الأخير أخرج سكينا كبيرة وطعن الأب في رأسه طعنة قوية انكسر بسببها نصل السكين.

بعد أن أجهز على الأب أتجه القاتل للدور الارضي وهاجم الأم ماسوكوا وابنتها بالسكين المكسور أولا ، ثم أستل سكينا آخر من مطبخ الأسرة وأجهز عليهما .. وبحسب الشرطة فأن طعناته على جسد الأم وابنتها كانت أشد وأعمق مما دفع بعض المحللون لفرضية أن القاتل ربما يكون يحمل حقدا تجاه النساء بصورة عامة.

blank
منزل عائلة ستاجيا حيث وقعت الجريمة

هل ترك القاتل منزل الاسرة بعد ذلك ؟ … كلا .. حيث قالت الشرطة انه أمضى مدة تتراوح بين 2-10 ساعات داخل المنزل حيث ذهب الي الحمام وقام بمعاجة جرحه وقام بقضاء حاجاته، وبعدها اتجه الى المطبخ وقام بتناول بعض الطعام والفواكه بأريحية من ثم قام باستعمال حاسوب ميكيو حيث وجدت الشرطة نشاط جديد علي انترنت في الواحدة بعد منصف الليل اي بعد مقتل الاسرة بساعتين. وأخيرا اتجه القاتل الى غرفة المعيشة ليتمدد على إحدى الآرائك ويأخذ غفوة.

وعلي عكس من معظم الجرائم فقد عثرت الشرطة على الكثير من الأدلة في ساحة الجريمة ، وكأنما القاتل لم يكن مباليا بترك آثاره في كل مكان ..

قامت الشرطة بتحليل فضلات القاتل في المرحاض، وبعض الخيوط من ملابسه ، والسكين التي استعملها في جريمته .. لكن الدليل الأهم كان بصمات الاصابع وعينة من دم القاتل سقطت من جرحه.. لكن البحث في قاعدة البيانات الخاصة بالشرطة اليابانية لم تقد إلى معرفة صاحب البصمات ، مما جعل المحققين يستنتجون بأن المجرم لم تكن له اي سوابق سابقا .. أما تحليل الحمض النووي لدماء القاتل فقد كشفت أن القاتل من عرق مزدوج ، حيث يحمل جينات يابانية واخرى من جنوب اروبا ، وانه شاب عمره يتراوح ما بين 20-35 عاما.

blank
منزل العائلة .. المجرم تسلل عبر نافذة بالطابق العلوي

بالرغم من الادلة الكثيرة لم تتوصل الشرطة إلى هوية القاتل مما دفعها لعرض مكافأة مقدارها ثلاث ملايين ين لمن يدلي بأي معلومات تساعد في حل لغز مقتل الاسرة.

لكن رغم المكافأة المجزية لم تحصل الشرطة سوى على معلومات قليلة ، إحداها أتت من سائق تاكسي اخبر الشرطة أنه اصطحب ثلاثة رجال من منطقة مجاورة لمنزل الضحية و كان عمرهم يتجاوز الاربعين وأنهم ظلوا صامتين طوال الرحلة ، وعند نزولهم وجد السائق آثار دماء في المقعد الخلفي ، لكن الشرطة لم تستطع ربط الدماء بالعينات المأخوذة من مسرح الجريمة.

شهود آخرين قالوا ان ميكيو كان قد تلاسن بصوت عالي في الايام السابقة للجريمة مع مجموعة من المتزلجين وقائدي الدراجات النارية في الحديقة المجاورة لمنزل الاسرة لما كانوا يحدثونه من ازعاج وضوضاء ، وانهم ربما قرروا الانتقام منه .. لكن هل يستدعي هذا الشجار العابر كل هذه الضغينة؟.

blank
صورة لسكين تشبه تلك التي استخدمها القاتل

رغم مرور السنوات لم تتوقف الشرطة عن التحقيق في القضية ومحاولة الوصول إلى أدلة جديدة تقود إلى القاتل، حتى أن مكافأة المساعدة في حل الجريمة وصلت إلى 20 مليون ين مؤخرا.
وفي علم 2018 توصلت الشرطة الى المزيد من المعلومات عن القاتل قائلة بأنه كان يحمل حقيبة ظهر فيها مجموعة من الاوراق والاقلام المضيئة ، عليها اثار من رمال ، وان القاتل ربما كان في 15-20 من العمر ، وأنه ربما يكون مهاجر او متسلل من البلاد القريبة ويستغل قرب المنازل المستهدفة من محطة القطار ليقوم بارتكاب الجرائم ثم يلوذ بالفرار مستخدما السكك الحديدية.

وربما يكون القاتل من كوريا الجنوبية حيث بتحليل خيوط الملابس التي تم العثور عليها سابقا تم التوصل الي نوع الماء التي تم غسلها به موجودة بكثرة في كوريا الجنوبية وليست متوفرة في اليابان ..

ليبقي اهم سؤال .. ما هو دافع الجريمة؟؟

وقد تعددت الاقاويل في هذا المجال ما بين الانتقام من العائلة نتيجة وضعهم المالي العالي ورغد العيش ، خاصة بعد ان تم الاعلان عن منح الاسر المقيمة في هذا المكان 10 ملايين ين لترك منازلهم لضمها للحديقة المجاورة.

وقد يكون الدافع هو السرقة ، لكن ليس سببا قويا حيث أن القاتل لم يأخذ سوى أشياء قليلة من منزل الضحية على الرغم من الوقت الطويل الذي قضاه في المنزل.

وهناك أيضا فرضية تذهب إلى أن القاتل شخص مريض نفسيا يستثار عند رؤية الدماء وربما فسر ذلك شدة الطعنات الموجهة لياسوكوا وابنتها.

لكن رغم كل الفرضيات والتأويلات تبقى جريمة مقتل عائلة ستاجيا لغزا يستعصي حله حتى يومنا هذا .. بل هو من أكبر الألغاز الجنائية في اليابان عند الاخذ بنظر الاعتبار برود القاتل وهدوءه ودمويته.

ما رأيك أنت عزيزتي القارئ ؟ .. هل لديك تصور معين عن سبب الجريمة ؟

المصادر :

10 Gruesome Facts Of The Setagaya Family Mystery
Setagaya family murder

تاريخ النشر : 2020-01-05

sara zaky

مصر
guest
60 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى