تجارب من واقع الحياة

حكايتي مع الموت

بقلم : شومان محمد – مصر
للتواصل : [email protected]

رأيت النيران تشتعل بالمحركات من أثر الاحتكاك بالأرض
رأيت النيران تشتعل بالمحركات من أثر الاحتكاك بالأرض

لقد رأيت الموت وشعرت فعلاً به وكأن الأمر وشيك ، فقد ذهبت إلى المطار وصعدت إلى الطائرة وجلست بمقعدي  وتأملت وجوه المسافرين معي والمضيفات فوجدتهم كلهم وجوه مشرقة تملؤها الحياة ، ثم قمت بربط حزام الأمان وأقلعت الطائرة بكل يسر وسلام ، و هذا يدل على براعة قائد الطائرة ، و بسبب طول فترة الطيران قررت أن أتصفح المجلة الفنية واقلب في صفحاتها حتى يمر الوقت ، واستمرت الطائرة في الطيران حتى اقتربنا من وجهتنا واستعدت الطائرة للهبوط وعندما حاول قائد الطائرة الهبوط وجدنا أن احدى عجلات الطائرة لامست أرض المطار والأخرى لم تعمل ولم تلمس أرض المطار، وبالتالي بدأت مقدمة الطائرة في الاصطدام بالأرض ، و رأيت النيران تشتعل بالمحركات من أثر الإحتكاك بالأرض ، و رأيت مقاعد الطائرة ومن عليها من ركاب تتطاير في السماء والنار تحرق بعضهم ، و رأيت حقائب السفر تحترق وتطير ، و في أثناء ذلك شعرت أن الموت قد اقترب وكنت مستعد لأستقباله وانتظرت انفجار الطائرة في أي لحظة ، ولذلك أسندت ظهري بالمقعد و أغمضت عيناي حتى لا أرى ما يحدث فيكفيني أن أسمع صراخ المسافرين وصوت احتراق وارتطام الطائرة ،

و في هذه اللحظة تمنيت الموت لأتخلص مما أسمع و أشعر و قد ملأني الخوف ، وفي أثناء ذلك تذكرت الأحبة ممن على قيد الحياة وتذكرت ابني الرضيع و زوجتي الجميلة وتذكرت الأحبة الذين ماتوا مثل والدي الذي توفي منذ بضع سنين وانتظرت الموت كالذي أتعبه العمل الشاق طوال اليوم وينتظر النوم ليرتاح ، وشعرت بالبهجة لأني سوف الق الأحبة ، وعندما حانت اللحظة لم أشعر بألم و لم أفقد وعي و يقظتي ، وشعرت أن كل أرواح الأموات والأحياء الذين احبهم حولي في هذه اللحظة ينظرون إلي

، وفجأة وجدت نفسي استيقظت من النوم وكنت أعتقد أن ما أمر به حقيقة و واقع ، وبكيت بشدة ليس لأن الموت مخيف بل لأنه شيء عظيم ومهيب يجب علينا جميعاً الإستعداد له ، فما حدث لي كان كابوس الموت تجربة شعرت أثناءها أني مستيقظ وأن ما يحدث حقيقي.

وتذكرت ما قالته لي أمي ذات يوم حتى لا أخاف من الكوابيس والأحلام المفزعة : أنه لا يمكن أن أموت بسبب كابوس ، ولكني تعلمت لاحقاً أن هذا قد يحدث ، وقد يكون تفسير الموت في المنام كما جاء عن ابن سيرين أنه قد يدل على انتهاء نمط حياة أعيشه وبداية نمط آخر ، لأن الموت في الحقيقة كذلك ، وعلينا جميعاً ألا ننسى أننا سوف نموت يوماً ما فذلك يجعلنا أن نستغل كل لحظة في حياتنا وأن نتقى الله في أعمالنا ،
وقد أجاب أحد الأطباء النفسيين عن أكثر ما يقوله المترددين على عيادته فقال : أنا لا أرغب أن أموت وحيداً ،

أنا دائم التفكير في الموت مما حرمني لذة الحياة
، أنا أرغب في الحصول على بعض المتعة قبل الموت ، وعلينا جميعاً أن نتذكر قول الله عز وجل ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ سورة القصص 77 ، والمعنى أن علينا بجانب التمتع بالدنيا أن نستعد للأخرة بالعمل الصالح ، وشكراً لكم.
 
 

تاريخ النشر : 2020-01-22

guest
8 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى