أدب الرعب والعام

تَيِّم القلب

بقلم : أحمد أبوفول-ahmed abufool – مصر
للتواصل : [email protected]

بدأ اليكساندر يستفيق ويستعيد وعيه ببطء ويتبين ملامح الغرفة حوله
بدأ اليكساندر يستفيق ويستعيد وعيه ببطء ويتبين ملامح الغرفة حوله

– ماذا تريدين ؟.
– أريد فقط أن أعتذر لك عما حدث سابقاً .
– حسناً ، لكن على أي شيء هل تعتذرين ، على الصفعة أم على الشتائم أم على الركل أم تمزيق ثيابي كأنك شمبانزي هارب من قفصه ؟.
– أتعرف أنك أكثر شخص فظ قابلته في حياتي.
– أجل هذا واضح ، تركتك تركلين وتسبين وتصفعين وجهي بدون سبب.
– لكني ظننتك لصاً ، ولماذا أمسكت بحقيبتي بدون أذن ؟.
– سارعت بأخذ قطتي قبل أن تلمسيها ، لأني سمعتك تتحدثين إلى صديقتك عن حساسيتك من القطط ، ليتني تركتك لتختنقي حتى الموت.
– أعتذر لك حقًا ، كن لطيفًا وأقبل اعتذاري .
– أنا لطيف بقدر معاملتك لي لكن هذا الاعتذار لن يعيد هيبتي كما كانت.
حسنًا ، ماذا تريدني أن أفعل لك ؟.
– لا شيء ، فقط لا أريد أن أراكِ ثانية لا في الحصص و لا في الجامعة ولا حتى في شرفتك و أنا مار بالصدفة.
ثم أخذ يلملم حاجياته وتأبط قطته الصغيرة وشرع يطوي الطريق تحت قدميه بدون أن يتلفت للخلف.
– أنتظر هنا .
– من أنت حتى توجه لي هذا الحديث الصارم.
اعتذرت لك ولكنك لا تكف عن معاتبتي وإهانتي
، أليست فيك روح التسامح ؟.
توقف والتفت لها ببطء والدموع بعينيه وهمس لها
: لقد ضاعت أخر ذكرى من أمي في الزحام ، لقد انقطعت القلادة و سقطت.
– ماذا تريدين أن أفعل ؟.
– أغني لك أنشودة.
دنت منه بأعين زائغة وهي تعاتب نفسها على رعونتها :  لنبحث عنها أولًا ولكن لا تذهب هكذا.
– لا أريد ، فقط دعيني وحدي.
– هيه أنت ، هل أنا ألعب معك ، ستبحث معي عن القلادة ولن تحملني ذنب هذا ، أفهمت ؟.
هذه المرة لم يلتفت ولم يتحدث فقط اكمل سيره بأذن مغلقة و أعين مغرورقة و رأس مطرقة ، ليس هناك طاقة للرد حتى ، لن يتحمل العراك دون أن ينهار باكياً ، لا يريد لهذا أن يحصل ، فقط سينسي ويحافظ على ما تبقي من ذكرياته بداخل رأسه ، جلست على المقعد خلفها وتشعر بضميرها يجلدها بسياط من جهنم و ثم همت لتبحث عن قلادته الثمينة ، شعرت أن ذلك واجب عليها فقد كانت السبب في فقدانها ، حتى وجدتها ملقاة أسفل المقعد الذي كانت تجلس عليه منذ برهة ، التقطتها بلطف وهي تتفحصها ثم فتحت جانبيها لتظهر صورة لامرأة جميلة المظهر وقورة القسمات ولطيفة الملامح .
 فتح باب شقته الصدئ ، سار بضع خطوات بعض الأصوات حوله لم يفهم كنهها ، أسقط القطة و اسقط ملابسه ، حاجياته ، حتى هاتفه توجه إلى السرير ، تقوقع حول نفسه كالطفل في المهد ثم غرق في بحر من الأحلام التي تؤرق ليله الذي لا ينتهي إلا بصباح أشد ألم ، عليه دائماً أن يتصنع الابتسام.
– الكس ، الكس.
– الكساندر ماكسميليان فريدريك هل تسمعني ؟ استيقظ يا فتى هل مت ؟.
يستيقظ علي صوت صديقه و زميله بالشقة التي يسكن بها ليكون قريباً من جامعته.
– ماذا تريد ؟.
أجابه وهو يفتح عينيه ببطء : يا الهي ارحمني ، صاح بها وهو ينظر له من الأعلى ، لقد تبقى أقل من ثلاثين دقيقة للوصول في موعد المحاضرة .
– لن أذهب ، أجابه باقتضاب واغمض عينيه من جديد ، عاد فلاديمير الوافد الروسي برأسه للوراء وهو يحدث نفسه : ما به هذا الفتى ؟.
أخذ حقيبة ظهره و كوب القهوة التي يعشقها صباحاً و رحل ليترك الفتى وحده ، اكمل اليكس سباته العميق الذي لم يهنأ به لحظة من كثرة كوابيسه المفزعة ، فتارة يرى نفسه وسط حفرة من نار تلتهمه كأنها جحيم مستعر وتارة أخرى يرى نفسه يسقط من مبنى شاهق لكنه لا يصل للأرض أبداً ، و في النهاية يرى نفسه محبوس داخل زنزانة بابها صدئ مهترئ و جدرانها ملوثة بالدماء ، استفاق أخيراً من غيبوبته الصغيرة ، نهض عابس الوجه مطأطئ الرأس ، ذهب لنزع ملابسه عنه واستبدالها بعد تنظيف جسده ببعض الماء ، جلس على طاولة الطعام ، أخذ يعد بعض الشطائر لكنه ما إن شرع بالتهامها حتى جاءته نوبة غضبٍ كسر على أثرها الأطباق والمنضدة حتى الكرسي الذي حمله و أصبح يلوح به في الهواء كأنه وحش غاضب ، ثم جلس أخيراً بركن الغرفة يضم فخذيه إلى صدره محيطاً جسده بذراعيه و بدأ يبكي بصمت.
بعد أن رحلت من موقف الحافلات بدأت الشابة بالدراسة بجد واعتكفت على كتبها و أوراقها لعلها تشعر بتحسن ، لكن ما زالت روحها تحترق ندماً وكأنها تضرب بسيطاً من نار الجحيم ، يكفيها نظرة واحدة إلى القلادة حتى تتذكر عيناه الدامعة ، لقد كسر قلبها حقاً ، تشعر بالشفقة الشديدة نحوه ، ثم بدأت تتذكر وجهه الضاحك معظم الوقت حينما كانت تراه في الجامعة أو في حصصهما المشتركة ، لقد كان مهذباً جداً و لم يتحدثا ولا مرة لكن أسلوبه الباسم المهذب و ردوده المقتضبة واحدة مع الجميع ، لم تكن تعلم ابدأً أن بداخله كل هذا البوس والحزن ، و ذهب عقلها بعيداً متعمقاً في مشاعر الأنسان فعجبت له فكان يخفي كل هذا الحزن ببسمة لكنه انفجر غاضباً بسهولة والان وأصبح الوضع أكثر هدوءاً ، اكتشفت أنه لم يكن غاضباً قط ، لم يكن سوى شخص حزين ، شخص أهلكته الأيام ولم يرأف لحاله الزمن ولم تلبث إلا أن أخذت قرارها وصاحت بصوت عالٍ كمن أخذته الحماسة : سأصلح هذا الأمر ، رافعة يدها كأنها انتصرت في بطولة للألعاب القتالية للتو ، بعدها بثواني معدودة جلست وبدأت تفكر كيف تفعل هذا ، ثم ابتسمت وقد عزمت أمرها بالفعل.
– أرى أنك دمرت شقتنا المتواضعة.
– اعتذر عن هذا.
– هل ستخبرني ما بك فجأة ؟.
– فقط كنت أشعر ببعض التعب ولم يرق لي الأمر كثيراً ، لا عليك.
– حسناً لا يهم ، هل أنت بخير الأن ؟.
– بالطبع.
مر اليوم في الحديث و بعض الدراسة وجاء الغد ، أخذ اليكس حقيبته وهبط يهرول على درجات السلم ليذهب في موعده إلى الحصة ، يمر من هنا ومن هناك يتفادى الاصطدام ببائع الجرائد ثم يصل ليجد أن لا أحد هناك بعد ، جلس قليلاً ليعلم بأن الحصة اليوم قد أُلغيت ، عاد أدراجه ببطء حين رآها قادمة اليه ، فتحت فاها وشرعت في الحديث و لكنه نهاها عن هذا قائلاً : لا أريد أن اتحدت عن الأمر ، اعتذر لك لقد كنت فظاً ، هل يمكنك نسيان كل شيء.
– أحم ، أنا أسفة ، لكني لم استطع إلا أن أبحث عن قلادتك الغالية.
– هل وجدتيها ؟ صاح بها بعفوية.
– أجل ، ها هي .
ألتقطعها منها وشكرها جداً على هذا.
– أنا أيضاً اعتذر منك لم أكن أعلم .
– لكن دعني اصلح هذا هيا بنا سأبتاع لك قهوة.
– أنتِ حقاً لستي مضطرة لفعل هذا أنا بخير.
– لا أنا مصرة ، ابتسمت في وجهه وأطالت النظر ، أربكه هذا في الواقع.
– أ أ أجل ، حسناً موافق.
– ممتاز هيا اذاً لنذهب.
بدأ الاثنان يسيران معاً بعض الوقت يتبادلان اطراف الحديث لكنهما لم يتوقفا أبداً عند أي مكان لشرب القهوة كل ما كان هو يريده هو أن تستمر هي بالحديث عن حياتها وعن أحلامها و نفسها تتحدث أيضاً عن مشاعرها و رأيها في الأشياء والبشر من حولها ، وكانت هي تنظر له بضع نظرات جانبية مطولة بدون كلمات فقط تنظر وتشعر بهذا الدفء الذي يشعر به أيضاً ذلك الدفء الذي يغمر الروح نفسها ، اقتربا من بعضهما أكثر في بضع ساعات من الحديث والضحكات والنظرات الخجولة وكان يولد بينهما شيء جديد حتى حان موعد الوداع ، وقف أمام بيتها و بدأ الاثنان يتحدثان بنفس الوقت فأحمر وجهاهما.
– هل يمكن أن نتقابل ثانيةً ؟.
– أجل ، سيكون هذا رائعاً.
أحمر وجهها واطرقت قليلاً ثم تابعت : هل أنت بخير الأن ؟.
ابتسم ابتسامة عريضة ثم قال : سأكون بخير طالما أراكِ ، كل ما كنت احتاجه هو شخص يهتم ويستحق أن أهتم و وجدته.
نظرت اليه واغرورقت عيناها قليلاً وابتسمت في سعادة : إلى غداً اذاً.
– إلى غداً.
عاد كلاهما إلى المنزل دخل، ت الفتاة بيت والديها ، ابتسامة مشرقة ، لأحظ الجميع كم سعادتها حتى شقيقتها الصغرى ، لكن لم يعقب أحد فقط دخلت إلى غرقتها و احتضنت الوسادة وذهبت إلى عالم أحلامها الوردي ، أما الفتى فقد وضع حقيبته بمكانها و هاتفه على المكتب ، رتّب ملابسه بطريقة أذهلت فلاديمير شريكه في السكن الطلابي ، فعقب قائلاً : هل هددك أحد بالقتل ؟.
ضحك اليكس ثم رد عليه : و منذ متى يصبح التهديد بالقتل جميلاً هكذا ؟.
– يا فتى أنت تخيفني ، هل ستموت قريباً ؟  على الأقل أخبرني أو اترك لي بعضاً من الوصايا لأنفذها لك.
ضحك اليكس وقال : لن أموت ، لا تقلق ، بل سأحيا ، ثم تمتم مع نفسه وقال : بل للتو وُلدت.
في صباح اليوم التالي ومع بداية شمس جديدة كانت روح الفتى تحلق في عنان السماء ، لم يستطع النوم من فرط النشاط وتطلعه لليوم القادم ، كان قد استعد ليخبرها عن مشاعره وعن حياته كاملة ، ثم تذكر عندما رأها بحديقة الجامعة ، هرع اليها ، قابلته بلهفة واضحة ثم بادر هو بالحديث وأخبرها : نحن لم نذكر أسمينا ابدأً برغم تحدثنا لما يقارب الخمس ساعات أمس.
ابتسمت الفتاة في حرج و ردت برقة : اسمي جيرمين.
– أنا اليكساندر ، و في بعض الأحيان اليكس و أخرون ينادوني فريدريك ، ثم ضحك.
ضحكت هي الأخرى ثم تلعثمت قليلاً وهي تقول : أريد أن أخبرك بشيء.
رد عليها وهو مبتسم و ينظر في عينيها برقة : أنا أيضاً ، لكن دعيني أخبرك أولاً .
ردت وقد احمرت وجنتاها خجلاً : حسناً ، أنا مستمعة.
فتح فاه لينبس بما داخله وما أن كاد يتحدث حتى تقدم صديقه منه و قال : أرى أنك اكتسبت أصدقاء غيري.
رد عليه وقد خجل من هذا الموقف : أجل ، إنها جيرمين.
قال : أنا أعرفها جيداً فهي زميلتي في صف التاريخ القديم.
ابتسم له في كياسة وعرفها اليه : أنه فلاديمير صديقي في السكن.
ابتسمت له وقد زالت حمرة خجلها : أظن أنه علي الذهاب الأن ، سأترككما قليلاً معاً ، سأحادثك فيما بعد.
– حسناً سأرسل لكِ رسالة لنتقابل فيما بعد.
وما أن ذهبت حتى شارع اليكس في الحديث : ألم تكن تستطيع الانتظار قليلاً فقط.
– هذا هو المطلوب.
– ماذا تعني ؟.
– ابتعد عنها.
ثم رحل فلاديمير دون أن ينبس ببنت شفة أخرى تاركاً اليكساندر يحمل على وجهه أعتى علامات الغضب و ليس ناجماً عن حزنه هذه المرة بل كان غضب خالص ، و لم يتسنى له الحديث معها ثانية قبل ساعة على الأقل قضاها جيئةً وإياباً وسط نظرات زملائه فقد بدا الغضب واضحاً على وجهه ، وما أن رأها ثانية حتى هرع اليها يريد سماع صوتها فقط .
– هل أنتِ بخير ؟.
– هل تسألني أنا ؟ أنت من يبدو كأنه خرج من نزال خاسر مع غوريلا.
ابتسم قليلاً ثم قال : ما زال لدي شمبانزي لأتعارك معه.
قطبت حاجبيها ثم قالت بتهكم : هكذا اذاً.
ضحك و قال : لا عليكِ ، أنا امزح فقط.
– حسناً لن أعاقبك هذه المرة.
– هيا لنجلس هناك.
ذهبا إلى مقعد خالي و بعيد عن باقي الأشخاص الموجودين.
– كنت أريد أن أخبرك بشيء.
– أجل ، أنا انتظر ، هيا لتبدأ في الحديث.
حسناً ، أنا أبن لعائلة ثرية نوعاً ما ، لم أحيا حياة أدمية ، يمكنك قول هذا ، والوحيدة التي تبقت لي في هذا العالم كانت أمي ، قبل أن تذهب إلى الأعلى منذ عام ، كانت أخر معني للعائلة اعرفه ،
صمت قليلاً ثم أردف : عندما رأيتك للوهلة الأولى بعد ما حدث بيننا من شجار كنت فقط أريد أن ابكي و أعانقك و أدعك تواسيني.
بدأت عيناه تدمعان وقال : لم أشعر بمثل هذا الدفء من قبل هنا ، مشيراً إلى صدره.
أعتقد أنني أحمل مشاعر لك وليست مجرد مشاعر بسيطة ، قد يكون الوقت الذي قضيناه بالحديث قليل نوعاً ما لكنني أقسم أنني أحبك.
عاجلته بها فرد عليه : نعم أنا أحبك.
نظرت بعينيه وقالت : أنا أتحدث عن نفسي.
نظر لها وقد أحمر وجهه وتهللت أساريره ، أمسكت بيده وقالت : أظن أنه لا داعي لتتحدث أكثر.
 ابتسم الاثنان في خجل ثم بدأ كلاهما يستعرض أحلامه و ذكرياته والطرف الأخر يستمع وتعبيرات وجهه تتغير من الذهول للفرح وتلك النظرة اللامعة في عينيهما لم تنطفئ ، كانت أرواحهما قد اشتعلت بلهيب أزرق دافئ لا يخفت وانسجما في رقصة طويلة نحو الأبدية ، كان يوماً في غاية الجمال ، إلى أن انسدل ستار الليل أخيراً على العالم الجميل و رجع كل من الحبيبين الوليدين إلى مضجعهما عدى أن لا شيء يسير علي ما يرام كمان نعتقد ، فما أن دلف اليكس إلى الباب حتى عاجله فلاديمير بضربة على مؤخرة رأسه أفقدته الوعي ،
بدأ اليكساندر يستفيق ويستعيد وعيه ببطء ويتبين ملامح الغرفة حوله ، غرفة ذات جدران معدنية صدئة يجلس على كرسي قُيدت يداه خلف ظهره ، ينظر إلى جسد دقيق ممدد أعلى الطاولة أمامه ، ذلك الشعر الذهبي المتدلي والمبعثر حول وجهها مثل خيوط مصنوعة من أشعة الشمس الذهبية ، الملامح الملائكية على المعدن الأصم ، إنها جيرمين ! بدأ يفزع ، ماذا حدث ، ولماذا هو مقيد إلى هذا الكرسي ؟ حتى أدرك أخيراً أنه ليس وحده في الغرفة ، هناك جسدان يقفان في الظل يحضران بعض المركبات في زجاجة ما و يرتدون كمامات مثل الأطباء ، و يقف في الزاوية شخص يعرفه خير معرفة ، بدأ يصيح به : فلاديمير ما الذي يحدث ، لماذا نحن هنا ، لماذا أنا مقيد ، لماذا جيرمين على هذه الطاولة ، ما الذي يدور هنا بحق الجحيم ؟.
رد عليه فلاديمير دامع العينين : لقد قلت لك ابتعد عنها ، لماذا لم تسمع التحذير ؟ إنهم يسعون خلفها و أنت أتيت في الطريق ، لن يسمحوا لأحد أن يعطل أعمالهم.
– ما الذي تقوله ؟ سأمزقكم جميهاً ، حرروني الأن ، بدأ الصراخ يتعالى ، فعبأ أحد الأطباء بعض المخدر ليحقنه به
، هاج اليكساندر عندما قرّب الطبيب الإبرة من رقبته وهو يقول : سيكون قلبك مفيداً جداً ، أرى أنه بأفضل حال.
بادره اليكساندر بأن التقم يد الطبيب بين فكيه و أخذ يعض حتى تناثرت الدماء علة وجهه و لم يرخي فكيه مع صرخات الطبيب ومحاولات الأخر بجذبه حتى فلاديمير قد غادر لكي لا يرى نهاية هذا.
تجاذبوا أكثر من اللازم حتى سقطوا جميعاً حتى اليكس من على الكرسي الخشبي المهترئ الذي بدأ قيده يتفكك ببطء لكن بفعالية وغطى على هذا صوت عظام يد الطبيب التي تتشقق بين فكي المفترس ، وعندما تحرر أخيراً أدخل أصابعه داخل تجويف عين الطبيب الأخر ، لم يستجب للضربات أو حتى لكسر أنفه فقط كان شيء واحد يدور بخلده لن يفقدها ، لن يفقدها أبداً حتى لو كلفه هذا أسنانه ، عينيه أو حتي أطرافه ، سيلكمهم حتى الموت و إن قطعا يديه سيركلهم حتى الموت و إن قطعوهما سيعضهم حتى الموت ، و إن مات سيكونون ملعونين حتى في الموت ، خر الطبيب مفقؤ العينين صريعاً مما جعله يترك الأخر ويذهب ببطء مرعب إلى الطاولة يلقي نظرة على وجه جيرمين النائمة ، يتناول المبضع بين أنامله الملوثة بخلايا عقل الطبيب ، يجذب شعر الأخر إلى الوراء و يذبحه ببطء والأخير ينتفض أسفله كالدجاجة المذبوحة حتى ذهبت روحه العفنة لمستقرها الأخير ، وقبل أن يتنفس اليكساندر سمع صوت عيار ناري يدوي في الغرفة والتفت ليرى رجلاً في حلة سوداء يصوب نحوه سلاحاً نارياً ، يشعر بذلك السائل الدافئ يتسرب من داخل جسده إلى الخارج هاربً وخر صريعاً على الأرض يحاول تمالك نفسه ، وما إن اقترب الرجل منه حتى فوجئ بالمبضع يخترق رقبته و صوت اليكساندر يدوي في مسامعه لتكون أخر كلمات يسمعها : لن أموت ، لن تكون هي ، سألعنك حتى في الجحيم.
الكثير من أصوات الطلقات النارية في الخارج وصوت صافرة الشرطة كان أخر ما يتذكره إلى أن وفقد وعيه من كثرة الأعياء وكثرة ما فقد من دماء
عصابة لتجارة الأعضاء ، قالها الكساندر لجيرمين التي جلست إلى جوار فراشه بالمشفى ، يبدو أنها بداية شيقة لقصتنا معاً ، لا يهم أي شيء طالما ستظلين بجانبي
– لنبدأ قصتنا معاً فأي شيء معك هو جميل.
– ولكن من أبلغ الشرطة ، ولماذا أنتِ من جذب اهتمامهم ؟.
– يبدو أنه زميلك في السكن هذا وقد هرب بعيداً ، أما أنا ففصيلة دمي نادرة للغاية.
– من الأفضل له أن يختفي ولا أراه ثانية و إلا جعلته عبرة للشياطين في الجحيم.
– استرح الأن ، تستحق بعض الراحة.
اتكأ على كتفها واغمض عينيه ليستريح أخيراً بعد كل هذه المعاناة وهو سعيد بأن أميرته أصبحت أخيراً بأمان و بجانبه.

النهاية ….

تاريخ النشر : 2020-01-26

guest
6 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى