أدب الرعب والعام

الرقم السري

بقلم : رائد قاسم – السعودية
للتواصل : [email protected]

ينتابها الفزع الرهيب و تشاهد السيدة العجوز وقد اشتعلت في جسدها النار وهي تصرخ صراخاً فضيعاً
ينتابها الفزع الرهيب و تشاهد السيدة العجوز وقد اشتعلت في جسدها النار وهي تصرخ صراخاً فضيعاً

يدخل عليها وهي مستلقية على السرير الذي لا تستطيع مغادرته أو ممارسة أية مقاومة ، سرعان ما ينضم اليه أربعة أشخاص أخرين ، يجلس بقربها.

– أين أنا ؟.
– أنت هنا.
– من أنتم ؟.
– لا تسألي كثيراً.
– لماذا لا استطيع مغادرة هذا السرير؟.
– لأنك سجينة فيه ، ولكن من دون قيود.
– كيف ذلك ؟.
– إنه العلم يا مايا ، مكننا من الانتقال من المستوى الذي نعيشه من المادة ولكنه لن يحررنا منها لأن المادة والطاقة متلازمان أبديان.
– ماذا تريدون مني ؟.
– الرقم السري.
– كنت متيقنة من ذلك.
– الرقم السري يا مايا.
– لن أعطيك إياه.
ينظر اليها بوجه تمكن منه الغضب ولكنه يبادر إلى كتمه .

يأمرها أن تنظر إلى عينيه ، تعرض عنه ، إلا أن رجاله يدنون منها ويحاصرونها بنظراتهم.
– انظري إلى عيني يا مايا ، إن ذلك أفضل من نظرات رجالي المرعبة.
تنظر إلى عينيه.
– ماذا ترين ؟.
– مستحيل ، إنني أرى ناطحات سحاب.
– رائع ، إنك تبلين بلاءً حسناً ، إنك على خطى التحرر من أسر الأبعاد التي تكبلنا ، فإن تحررنا منها سيكون للوجود رؤية جديدة لم نعدها من قبل.
تشعر بصداع عنيف ، تصرخ صراخاً مدوياً ثم يُغمى عليها.

تفيق من إغمائها ، تشاهد نفسها وسط جسر ضيق على ارتفاع شاهق يربط بين ناطحتي سحاب .
– لا تتحركي كثيراً و إلا سقطتي.
هكذا تسمعه من دون أن تراه .
تنقلب على بطنها ببط شديد ثم تضع يديها على الجسر بحذر وهي في قمة الذهول.
– أين أنا ؟.
– أنتِ بين الحياة والموت ، الموت الذي لا يمكن أن يتغير طعمه أبداً.
تنظر إلى الأسفل فترى نفسها على الجسر في علو شاهق ثم تشعر ببرد شديد.
تتحدث إليه وهي في شدة الخوف والضعف.
– أرجوك أخرجني من هنا.
– الرقم السري يا مايا ؟.
تجهش بالبكاء .
– إنه مجرد أربعة أرقام متتابعة، اعطني إياه لتنتهي مأساتك للأبد.
– حقاً ؟.
– لا شك في ذلك ، وتعودين إلى زوجك و أبنائك.
هيا يا مايا لا تضيعي الوقت.
تبكي بكاءً شديداً.
يلح عليها بعنف.
الجسر يتأرجح بها .
– هيا أعطني الرقم يا مايا.
يتأرجح أكثر ، تمسك به بكل قوتها.
– الرقم السري يا مايا.
– أخرجني من هنا أولاً.
يتأرجح بقوة أكثر ، يعلو صراخها ، تبكي بكاء عارماً ، دقات قلبها تتسارع بشدة ، سرعان ما يغمى عليها.
يكشف عليها الطبيب و يحقنها بمادة مهدئة.
– كادت تموت ، ضربات قلبها كانت سريعة جداً ، إنها بحاجة إلى الراحة التامة إن كنتم تريدون أن تتحدثوا إليها ثانية.
هكذا يقول الطبيب الذي ينهي عمله ويغادر من فوره.

ينظر إليها بحقد ، يدخن سيجارته التي لا يخرج منها الدخان ولا يشعر بها أحد غيره ثم يخرج من الغرفة بهدوء.
ما إن تستعيد شيء من قوتها حتى يعود إليها مرة أخرى.
– في المرة الماضية تمكنت من إنقاذك ولكن قد لا أستطيع ذلك في المرة القادمة.
تعرض عنه.
– اعطني الرقم السري لينقضي عنك هذا العذاب ، إنه مجرد رقم يا مايا ، رقم من ضمن مليارات الأرقام التي لا نهاية لها.
– هيا يا مايا ..هيا.
تشعر بدوار و إنهاك ، سرعان ما يغمى عليها مجددا..
تستفيق لترى نفسها على سطح عمارة .
– أين أنا ؟ كيف جئت إلى هنا ؟.
تشاهده واقفاً على بعد عدة أمتار منها .
– أنت !.
يجيبها بنبرة ماكرة :
– مايا، عندما يغمى عليك آخذك إلى حيث أشاء.
– مستحيل.
– المستحيل هو المستحيل ذاته يا مايا ، أنظري .!
تشاهد زوجها بين أيدي رجاله .
– يا إلهي !.
– مايا لا تستسلمي ، لا تعطيهم الرقم السري.
يدنو منها ويمسك بإحدى يديها بقوة .
– بل اعطني الرقم يا مايا ، إن لم تفعلي سيموت زوجك.
تجلس القرفصاء و تبكي.
يجلس القرفصاء هو الأخر و يسألها :
– هل تريدين رؤية زوجك وهو يُقتل ؟.
– ( بنبرة عالية وحادة ) هل تتوقين لرؤيته جثة هامدة مهشمة ؟.
يخاطبها زوجها :
– لا ترضخي لهم أبداً يا مايا.
يرد عليه موجه كلامه لمايا :
– أنقذني نفسك و زوجك ، مايا إنها مجرد أربعة أرقام.
تبكي بكاءً عاتياً.
ما بين حياة زوجها وما بين الأرقام الأربعة تقف مايا عاجزة.
– مايا يبدو بأنك لا تحبين زوجك.
تنظر له بوجه مرعوب وحائر.
ثم تنظر إلى زوجها.
يأخذونه إلى حافة العمارة .
تحاول الذهاب إليه إلا أنهم يمنعونها.
– لا تقلقي علي يا مايا.
– سيقتلونك يا عزيزي.
– لا يهمني ذلك.
تنظر له بجدية .
– حسناً سأخبرك بالرقم السري.
زوجها : لا يا مايا ، لا تفعلي ذلك.
– إنه: 2،6
ثم تسقط مغشياً عليها .
سرعان ما تستيقظ ، تجد نفسها بالقرب من غابة ، تشاهده يتقدم نحوها فتنهض واقفة..
– أكملي الرقم السري.
تتطلع له بخوف و وجل.
– ما بك ؟ لا تخافي ، اكملي و حسب.
– أين زوجي ؟.
– سيكون كل شيء على ما يرام.
– أين زوجي ؟.
– مايا، لا خيار أمامك سوى أن تخبريني.
– إن قتلتموه لن أخبرك ، و إن كان حياً أريد أن أراه أمامي.
– مايا ، لا تتحديني ، كل شيء تحت سيطرتي ، و أنتِ أسيرتي.
تتراجع إلى الوراء ثم تتملكها الشجاعة فتفر إلى داخل الغابة.
– مايا ، ستندمين.
تركض بأقصى سرعة إلا أنه كان ورائها ،
ترى من بعيد شخصين وهما يجمعان حطب و يضعانه في سيارتهما ، تلوح أمامها سبل النجاة ،
يرونها وهي مقبلة عليهما مسرعة.
– أرجوكم إنه رجل شرير يطاردني.
تحتمي بهما بينما يقف في مواجهتهما.
– تعالي يا مايا ، لن أؤديك ، أعدك بذلك.
أحد الرجلين:
– أرحل و إلا اتصلنا بالشرطة.
يضح ضحكة مجلجلة .
– كل شيء في هذا الأفق ملكاً لي، أنا الإله هنا.
سرعان ما تُطلق عليهما نيران مباغتة فيسقطان قتلى.
تصرخ بخوف وتفر مرعوبة .
– إلى أين ستذهبين ؟ لا فائدة من الهرب ، إنك تهربين مني إلي.

تركض بأقصى سرعتها حتى تتقطع أنفاسها ، تلتفت خلفها فلا ترى أحداً ورائها ، تبحث في الأرجاء فترى كوخاً صعيراً ، تتوجه له على الفور ، تشاهد أمرأة جالسة على كرسي بمفردها ، تذهب إليها فتباغتها بسؤالها :
– من أنتِ ؟ وما ورائكِ ؟.
– أرجوكِ اتصلي بالشرطة.
– لا أرسال للهواتف المتنقلة في هذه الناحية ،  يتوجب علي الذهاب إلى خارج الغابة ولن أغادر الكوخ حتى يأتي زوجي.
– أرجوك الأمر خطير.
– اهدئي وارتاحي قليلاً وسوف يكون كل شيء على ما يرام.

تدخل إلى داخل الكوخ لتحضر لها غداء و ماء بينما تستلقي على الكرسي لترتاح ، إلا أن النار تشتعل في الكوخ ، ينتابها الفزع الرهيب ، تشاهد السيدة العجوز وقد اشتعلت في جسدها النار وهي تصرخ صراخاً فضيعاً وسط النيران الملتهبة ، يمتزج صراخها بأجيج النار بينما تفر مايا من الكوخ المشتعل ، تسمع أزير الرصاص خلفها.
يناديها قائلاً :
– الرقم السري يا مايا.
لا تستطيع الاحتمال فتخر مغشياً عليها.
تفيق من غشيتها ، تجد نفسها مطلقة السراح ، تتسأل لما تركها و لم يمسك بها ؟ تتطلع في كافة الاتجاهات ثم تقرر بسرعة أن تسلك الطريق الأكثر أتساعاً بهدف الخروج من الغابة ، تمشي بحذر ، وبينما هي كذلك تسمع أصوات أطفال يبكون  ، تحاول اكتشاف المكان الذي يتواجدون فيه ، تخمن أنه في الاتجاه الأيمن فتسلكه على الفور ، تتقدم بخطى ثابته ، وكلما تقدمت أكثر سمعت بكاء الأطفال بوضوح أكثر ، حتى تجد نفسها وقد دخلت مكان يتوسطه بئر ماء ، ما أن تطأه حتى تشاهده و رجاله يحيطون به.

تستعد للهروب إلا أنه يبادرها بالكلام قائلاً :
– إلى أين يا مايا ؟ يبدو بانكِ لم تنظري جيداً.
تشاهد رجلين ممسكين بطفليها الاثنين وقد تمركزوا على حافة البئر.
لا تصدق ما تراه إلا أنهما ينادينها ببكاء شديد ، تسارع الخطى نحوهما إلا أن رجاله يمسكون بها ويمنعونها من التقدم إليهما.
– حانت لحظات الحسم يا مايا.
– ماذا تقصد ؟.
– إما الرقم السري و إما …..
– إما ماذا ؟.
– سألقي بطفليك في هذا البئر.
– يا إلهي !.
– لم تتركي لي خياراً يا مايا ، أحياناً علينا أن نتخذ قرارات تفوق كل قسوة نعرفها لنظفر بما نريد.
– أو تفعل ؟.
– و لما لا ؟ لو كان الأمر متعلق بكوكب مليء بالمخلوقات وكان عائقاً أمام تحقيق ما أسعى إليه فلن أتردد بتدميره وقتل كل من يعيش فيه.
– لا يمكن أن تكون مخلوقاً عاقلاً فضلاً عن كونك بشراً.

– الشيطان رحيماً بالشياطين ولكنه لا يعرف الرحمة بالبشر.
يلوح بيديه على أطفالها.
– الرقم يا مايا و إلا …
يمسكان بالطفلين وهما يبكيان بشدة ويستعدان لرميهما في البئر.
– توقف.
تقولها مايا بحزم.
– ماذا يا مايا ؟.
– الرقم السري هو ( 2646 )
يمسك بهاتفه النقال و يجري اتصالاً مباشراً مع أحد الأشخاص و يأمره بالتأكد من الرقم ، يجيبه بأنه صحيح.

– حسناً أمامك خمس دقائق فيزيائية للعثور على الرقم السري الجديد وسحب كل الأرصدة في البنك و إلا فسوف تُقتل على الفور.
– أطمئن يا سيدي ، خمس دقائق كافية.
يرتمي طفلاها في حضنها إلا أنه يدنوا منها قائلاً :
– مايا ، لقد انتهت مهمتك ، أمضي إلى حيث تشائين.
– أخشى أن تقتلني .
– مايا ولماذا أفعل ذلك ؟ خذي أطفالك و أرحلي من هنا بهدوء ، اذهبي من ذاك الاتجاه وسوف ترين نفسك في الطريق الرئيسي ، هيا زوجك بانتظارك.
– أهو حي حقاً ؟.
– مايا ولما اقتله؟ أنا لا أقتل إلا اذا اضطررت إلى ذلك فقط.

تمسك بأطفالها وتغادر المكان من فورها ولكنها توجه أنظارها للخلف فتراه مع رجاله ينظرون لها بريبة.

تمشي مع أطفالها بأقصى سرعة إلا أنهما يخبرونها بأنهم يشعروا بالجوع والعطش ، تطمئنهم بأنهم سوف يصلون إلى الطريق الرئيسي قريباً ويذهبون إلى البيت و أن والدهم بانتظارهم ، يستمرون في المشي حتى يصلون إليه .

– ألم أقل لكما ؟ ها نحن قد وصلنا أخيراً ، علينا فقط أن نستقل أي سيارة عابرة لتوصلنا إلى البيت.
إلا أن ضباب كثيف يسود الأجواء بسرعة عاتية ، تتوارى مع أطفالها تحت احدى الأشجار خوفاً من تصدمهم سيارة عابرة ، ثم تطمئن أطفالها بأن كل شيء على ما يرام ، إلا أن الضباب يزداد كثافة وكأنه يلتهم كل شي حولها و أن الوجود يختفي شيء فشيء أمام ناظريها ، الضباب الهائل يطغى على كل شيء فيحيله إلى عدم.

– ما الذي يحدث؟ هل هذا هو الموت؟.
تمسك بطفليها وهما يقولون لها بأنهم خائفين فتطمئنهم بأن الرب سيحميهم .
تحتضنهما وتغمض عينيها لثواني ثم تفتحهما فترى أن كل ما حولها ليس سوى عدم و أن الضباب قد أطبق عليهم وليس أمامهم أي منفذ للنجاة منه.
دقات قلبها تتسارع ، تشعر بأن أمراً رهيباً سوف يحدث ، يقترب الضباب ككتلة مبهرة من أطفالها ، تحاول احتضانهم بإحكام إلا أنه يأتي عليهما من الخلف ليبدأن بالاختفاء ، يبكيان بكاءً عظيماً ، تطبق عليهما بكل قوتها إلا ،ن الضباب يلتهمهما شيئاً فشيئاً حتى يختفيان تماماً ، تقع على الأرض وتنتابها نوبة بكاء عارم ، دقات قلبها تنبض بجنون ، تبتل الأرض بدموعها ، تصرخ صراخ عاتياً إلا أن الضباب سرعان ما يهاجمها لتختفي هي الأخرى.

تفتح عينيها لتشاهد زوجها وهو يبتسم ، تحاول النهوض إلا أنه يطلب منها عدم بدل أي مجهود.
– لا تقلقي يا حبيبتي ، كل شيء سيكون على ما يرام.

– أين أطفالنا ؟.
– إنهم بخير ، لا تقلقي .
– ولكن ماذا يحدث ؟ أنني أكاد…
يضع يده على فمها بلطف
– لا تسالي كثيراً يا عزيزي.
تسمع ضجة وصخب ثم تشاهد رجال الشرطة وهم يقتادونه مع رجاله وأيديهم مكبلة .
ينظر لها بمكر و برود قائلاً :
– مايا لقد أنتصرتي أخيراً ، ولكن العذاب الذي أصابك سيبقى أثره في نفسك إلى الأبد.
يساقون إلى سيارة الشرطة التي يبدأون منها رحلة عقاب طويلة ، بينما تُنقل مايا للمشفى.
يصعد زوجها معها لسيارة الإسعاف إلا أن في ذهن مايا أسئلة لا تكاد تُحصى بحاجة إلى إجابات سريعة.

– أرجوك أخبرني ما الذي حدث لي ؟ إنني لا أكاد أصدق ما جرى لي ، لم أعد افرق بين الحقيقة والوهم.

– إنه الشر يا مايا عندما يمتزج بالعلم ، لقد عذبوك لينتزعوا منك الرقم السري و لكنه عذاب بالتكنلوجيا ، لقد جعلوا جسدك يحاكي العذاب والخوف والرعب ، جعلوك تعيشين حياة افتراضية لا تكادين تفرقين بينها وبين الحياة التي تعيشينها بجسدك.

– كيف ذلك ؟ لقد كان كل شيء حقيقي أمامي.
– كان حقيقياً فعلاً ، من خلال وجود اصطناعي يحاكي المادة والطبيعة ، نقلوا وعيك إليه و أصبح جسدك متفاعلاً معه كما لو أنه بداخله ، فعندما تسقطين على الأرض فأنت تشعرين بذلك وجسدك يتفاعل معه كما لو أنه سقط بالفعل ، وعندما يُطلق عليك الرصاص فإن عقلك يصدق بأن مادة قاتلة تعرضت لها فعلاً  وحينها يتفاعل جسدك مع الحدث و تموتين.

– يا إلهي.
– إنها تقنية واعدة يا حبيبتي ، ستفتح أفاقاً جديدة للبشرية ، ولكن هؤلاء استخدموها خدمةً لأغراضهم الشريرة.
– هل كدت أموت هناك ؟.
– نعم ، دقات قلبك ارتفعت إلى مرحلة كدت فيها تفقدين حياتك و لكنهم عالجوك بسرعة ، لانهم كانوا بحاجة إليك ، وعندما توصلوا إلى الرقم السري و دخلوا على النظام للبحث عن الرقم الجديد عرفنا مكانهم وتمكنا بذلك من إلقاء القبض عليهم و إنقاذك.

– يا للهول ! كيف لي أن أفرق بين الحقيقة والوهم بعد اليوم ؟.
– الحقيقة يا غاليتي هي التي تعيشينها بكيانك ، وتشعرين بها بوجدانك ، وتحكمين بها ضميرك
وتتحدين كل مصاعبها بإرادتك.
تذهب بهما سيارة الإسعاف للمشفى لتغادر بعدها إلى منزلها لتبدأ مع أسرتها الصغيرة مرحلة جديدة من حياة الحقيقة والأمل.

النهاية …….

تاريخ النشر : 2020-02-03

رائد قاسم

السعودية
guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى