نساء مخيفات

الطفلة بيث .. مشروع سفاحة تم إحباطه

بقلم : أماني المعمري – سلطنة عمان
للتواصل : [email protected]

اغلى امنيات هذه الطفلة هي ان تقتل والديها وشقيقها طعنا بالسكين!
اغلى امنيات هذه الطفلة هي ان تقتل والديها وشقيقها طعنا بالسكين!

قد يعرفها البعض من العنوان ، و قد يعرفها آخرون حين يرون صورتها ، و آخرون سيعرفونها و هم يقرأون ، رغم شهرة هذه الصغيرة إلا أني أجزم أن هناك من لم يسمع بها بعد ، لذلك نحن هنا .. نكتب قصصاً نذكركم بها ، نبهركم ، نحزنكم ، و نروي لكم ما قد يسلب النوم من أعينكم.

قصة اليوم مأساوية و مروعة بحق ، سبق و سمعنا الكثير من قصص تعنيف الأطفال مثل سيلڤيا ليكنز ضحية إنديانا التي رافقتني قصتها وقتاً طويل ، و الطفلة ماديسون التي تهشمت جمجمتها على يد زوج أمها بواسطة سخان ماء كبير ، و الكثير من الضحايا الذين عساهم يرقدون آمنين في قبورهم ، لكن طفلة التعنيف الناجية هذه التي تدعى بيث توماس خلقت منها تلك التجربة الحياتية السيئة وحشاً يرغب في التدمير و القتل ..

ولدت لأب يقضي يومه بالثمالة ، و أم لا تتذكرها، إذ توفت والدتها حين كان عمر بيث عاماً ، و لها أخ رضيع ، وقد بقيا معا تحت رحمة والدهم السكير. وحين ولج المسؤولون من دار الرعاية إلى المنزل أرهبهم منظر الرضيع الجائع الذي كان شبه عارٍ إلا من حفاضة متسخة و بقع البول تلطخ جسده كله و قفصه الصدري بارز و الحليب الذي وجب أن يكون دافئاً في زجاجته كان رائباً كمية البكتيريا فيه قادرة على إنهاء جسده المتهالك ، أما أخته فكانت في حالٍ أردى و أمر ، تبين أنها تعرضت للإغتصاب مرات عديدة من قبل والدها الذي من المفروض أن يكون اليد الحانية لا الصافعة ، لكنه الواقع المر الذي ينغص هناء العيش دائماً و يأتي بقصصه بين دفتين من وجع!

blank
تم تبني بيث وشقيقها من قبل زوجين في غاية اللطف والحنان

تبنت الصغيرين عائلة رحيمة، لقد أهدتهم الحياة لـ بيث بعد شقاء قصير لكن بقى أمده و أثره مطبوعاً لا يُمحى ، كان تيم و جولي توماس الوالدان اللذان تبنيا بيث و شقيقها جون قد إنتظرا لما يقارب ١٢ عاماً محاولين الإنجاب بلا طائل ، تيم كان كاهناً أو قس كاثوليكي يرغب في التكفل بصغير و تبنيه ، وكانت زوجته جولي تشاركه هذا الأمل ، وكم كانت فرحتهما كبيرة عندما تلقيا اتصالا هاتفيا سارا من دار الرعاية يعرض عليهما تبني طفلين شقيقين ، بيث مواليد ١٩٨٣ كان عمرها حينها عاماً و نصف ، و جون مواليد  ١٩٨٤ لم يتجاوز ٧ أشهر بعد.

أراد الزوجان تربيتهما خير تربية ، و إعطاء طفلٍ محروم الحنان الذي يفيض به قلبيهما المحروم من الأبوة والأمومة ، وكذلك توفير المأوى لهما والحياة الرغيدة السعيدة ، لكن الزوجان لم يكونا مدركين ابدا أن لهما تاريخاً وحشياً على يد منجبٍ ظالم ، و لم يحسبا أن الطفل الذي يربيان سيرغب يوماً في قتلهم.

blank
في الظاهر كانت بيث طفلة طبيعية وسوية .. لكن من الداخل كانت تتآكلها رغبات مجنونة وشريرة

لم تكن عائلة توماس تعلم عن المتاعب التي تنتظرهم حين رحبوا بصغيرين راعشين ( بيث و جون ) تحت كنفٍ دافئ ، لم يروا الشيطان الذي يسكن الملاك بيث إلا بعد موقفها الأول حين وجدوها جاثمة تحاول سلب جون روحه ، حتى تكررت مواقفها العنيفة ناحية أخيها ، مرة تركله في مناطق حساسة من جسده ، و مرة تقوم بطعنه بالدبابيس ، حتى قرر الوالدين أن يقوما بقفل بابها ليلاً إحتراساً و حذرا مما قد تفعله بجون أثناء نومهم.

لقد تكونت لدى بيث فكرة عدائية تجاه الناس و الحياة ، تمقت شعور الآخرين بالراحة و السعادة و تريد لهم العذاب ، لقد كبرت و نمت ، لكن لم ينمو معها الشعور بالألفة و الأمان لأنه لم يُخلق معها في نشأتها البائسة. ولم يكن الصغير جون هو الضحية الوحيدة لشقيقته بيث بل حتى كلاب البيت الأليفة لم تسلم من العذاب ، فقد كانت تطعنها بالدبابيس محاولة قتلها و تقول أن ذلك يعجبها و لا تريد التوقف حتى حين يطلب جون و والدتها منها ذلك ، و ذات مرة جلبوا طيوراً الى البيت و راقبت بيث حركة والديها في المنزل حتى إختلت بالطيور محاولة قتلها ، لكن جولي رأتها و طلبت منها إعادتها على الفور للقفص ، لكن بيث مصرّة على القتل و بالفعل وجدوا الطيور في اليوم التالي مكسورة العنق طريحة ميتة.

هذا جزء قصير من مقطع طويل لبيث مع طبيبها النفسي .. هنا تصرح بحقيقة رغباتها وكيف انها تتمنى ان تقتل شقيقها الصغير – وحاولت ذلك عدة مرات – وكذلك والديها وكذلك لديها رغبة بقتل الحيوانات

بالتدريج وسعت بيث و زادت في قائمة ضحاياها أو من تريدهم ميتين ، صرّحت بذلك علانية لوالديها ، و كانت تصرخ فيهما أنها تريدهما و شقيقها جون أن يموتوا حميعا ، وتحولت هذه الاماني الى توجس وخوف لدى الوالدين بعد أن أمسكت جولي ببيث و هي تسرق سكاكين المطبخ و تحاول تخبئتهم.

إشتهرت قصة بيث حين أجرت مقابلة مصورة في عام ١٩٩٠م مع طبيب أطفال نفسي متخصص في معالجة ضحايا العنف المنزلي ، حينها كانت تبلغ السادسة و النصف من عمرها ، و من هنا ذاعت أخبارها المروعة و ضجت دور الرعاية و المتبنين من الأسر بالقلق و الأرق من هول تصريحات صبية مازال من في عمرها يتعلم أحرف الهجاء ، لقد باحت بيث بمشاعرها و نواياها للطبيب بكل أريحية وسهولة و عبّرت عن رغبتها في قتل جون و والديها طعناً بالسكين و أنها ترغب بأن يشعروا بالألم ، و كانت خطتها أن تقتلهم أثناء نومهم حتى لا تعرقلها يقظتهم.

وتم بث فيديو آخر لها بعد عدة أعوام مع مجموعة من الحيوانات و تم طرح عدة أسئلة عليها بعضها من المقابلة السابقة ، لكن المريح أن إجابتها تغيرت صوب موجة أكثر إيجابية و لطف و أفصحت عن حبها و رحمتها بالحيوانات ، تلقت بيث العلاج النفسي اللازم الذي ساعدها في التحول من مشروع طفلة قاتلة متسلسلة إلى صبية تعيش حياة عادية هادئة ، وأبدت الكثير من الشعور بالذنب حيال أفعالها القديمة رغم أن لا ذنب لها فيما تكوّن لديها من مفهوم مشوّه للحياة.

blank
بيث توماس .. تجاوزت جراح الماضي وهي الان ممرضة وانسانة محبة واجتماعية

أين بيث اليوم ؟ من السار جداً معرفة أنها أصبحت ممرضة ، و بما أنها تجاوزت تلك الفترة الغائمة من حياتها إنها اليوم تكشط هذا الضباب عن أطفالٍ آخرين ، و تعيد لهم مفاهيم حياتية غائبة عنهم كما كانت غائبة عنها ..

أخيراً لازلت أتمنى لو أن هناك من أنقذ سيلڤيا من مخالب الشريرة غريترود كما أنقذوا بيث ، أن يُقتل طفل أو مراهق أو يُعذب على يد ما يقارب الـ ٣٠ شخصاً يبدو رواية أسطورية مبالغٌ فيها لكنها نقطة سوداء حالكة في تاريخ ولاية إنديانا حتى اليوم ، يتم حتى الآن إشعال الشموع في الكنائس في يوم الطفل العالمي في ٢٠ نوفمبر من كل عام لكل طفل قُتل و عُذِّب إزاء الإهمال و الإساءة من قبل والديه أو أقاربه .

هوامش موقع كابوس : القصة مبنية على قصة واقعية بثتها قناة سي بي اس عام 1992 ، واثارت في وقتها ضجة بسبب الطبيعة والافكار العدوانية الغريبة للطفلة ، لكن للتنويه ، بيث كان لها شقيقة اخرى تدعى ستيفاني ، كانت تتعرض للاغتصاب على يد والدها ، وحين بدأت تقاومه وتصده قام بتوجيه غرائزه المريضة نحو ابنته الصغرى بيث.

المصادر :

Child of Rage
Stunning transformation of Beth Thomas, TV’s ‘Child of Rage’ psychopath
لمشاهدة فيديو الطفلة وحديثها الغريب (بالانجليزي) : يوتيوب

تاريخ النشر : 2020-02-05

أماني المعمري

سلطنة عمان
guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى