التمحو: لغز من الماضي البعيد
كان هذا الشعب مختلفا عن غيره |
من هم التمحو؟
كانت ملابسهم واشكالهم مختلفة تماما عن المصريين |
كما تدل الرسومات فإن التمحو يتميزوا ببشرة بيضاء وعيون ملونة زرقاء أو رمادية اللون ، ومن المثير أيضا أن لبعضهم شعورا صفراء ، كانوا يربطونها على هيئة جدائل أو ضفائر على جوانب الرأس ، ويزينوا رؤسهم بريش نعام ، أما عن ملابسهم فكانت مختلفة جدا عن ملابس المصريين ، فهى ضيقة وطويلة بحث تكاد تصل لكعب الأرجل ، ومزينة برسوم هندسية ملونة ، إلى جانب أن هذه الملابس مطرزة ، والتحمو كان يعشقون الوشم وبخاصة وشم نيت الذى يرمز لمعبودتهم ، تلك التى عبدت فى غرب مصر فى القدم.
موطن التمحو
بعد أن عرفنا ملامح طفيفة عن هذا الشعب ، لابد لنا من تتبع موطنه الأصلى ، وبخاصة أن هناك إجماع على كونه شعب غير أفريقي ، جاء من قارة أخرى ليستوطن شمال أفريقيا تحديدا مناطق غرب مصر ، فإحدى الترجيحات تقول أنهم جاءوا من شمال أوروبا وعبروا مضيق جبل طارق للمغرب، ومنها توزع هذا الشعب فى الغرب على السواحل ، حتى جاء الوقت وتصادم مع قبائل التحنو ، وقبائل التحنو من الشعوب الليبية القديمة ، وتقول المصادر التاريخية أن التمحو قد قضوا على استقلال التحنو بالتدريج.
بداية ظهور التمحو فى التاريخ المصري القديم
المرأة الواقفة الى اليمين ذات لون شعر وبشرة مختلفة |
أما عن بداية ظهورهم فى التاريخ القديم ، فكان مبكرا فى عهد الأسرة السادسة ، والتى بدأت بحكم الملك تتي عام 2323 قبل الميلاد ، وانتهى حكم هذه الأسرة عام 2150 ، لكن هناك مصادر أخرى ترجع أن للتمحو علاقة سابقة بمصر ، وأن هذه العلاقة تعود لأيام حكم الأسرة الرابعة والتى بدأت بحكم الملك سنفرو فى عام 2575 ق م وانتهت فى عهد الملك جدف بتاح 2465 ق م ، وتلك الترجيحات تأتى فى وقت يؤكد فيه البعض أن صلة التمحو بمصر هى أبعد من ذلك ، وأن الصلة ترجع لعهد الملك خوفو الذى حكم مصر فى عام 2580 ق م ، وأن الملك خوفو قد تزوج منهم ، وزوجته تلك قد انجبت له أبناء ، وبعد العثور على مقابر أسرة خوفو ، لاحظ العلماء فى مقبرة مرس عنخ بالجيزة أن ملابس النساء مختلفة للغاية عن ملابس المصريات فى ذلك الزمن ، ولون عيون النساء تميل للون الأزرق ، ولا تميل للون الأسود ، ولون الشعر أحمر ولون البشرة يميل لكونه أكثر بياضا عن المصريات ، وهناك بعض علماء الآثار من يرفضون لتك النظرية ، ويؤكدون أنهن مصريات ، لكن بشرتهن أفتح قليلا من عموم المصريات ، وينفون عنهم صفة أنهم من شعب أجنبى يدعى ” التمحو”.
استمر التمحو فى التوسع حتى جاءت الدول الحديثة ، فازدادت صلاتهم بمصر عن ذى قبل ، ومن الأشياء التى تؤكد ارتباطهم بمصر بما لايدع مجالا للشك ، هو أن بعض قبائل التمحو كانت ترفد مصر بجيوش من أبنائها للعمل كجنود مرتزقة تحت إشراف زعمائهم ، ومن أهم هذه القبائل الماشواش.
واضح انهم كانوا شعب مختلف في شكله وملبسه |
ما زالت بقايا التمحو منتشرة فى شمال أفريقيا حتى يومنا هذا ، بل إن بعض العلماء يؤكدون أن التمحو هم جدود الأمازيغ فى المغرب والجزائر وغيرها من بلاد شمال أفريقيا ، ومن المعروف أن الأمازيغ هم من الشعوب الأصلية لشمال افريقيا ويتوزعون فى مختلف بلاده ، وكانت لهم رسوم وجدارايات محفوظة فى التاريخ القديم لمصر ، وهذا يدل على أن الحضارات والشعوب تترابط ، وأن التواصل الجغرافي بين الشعوب المختلفة يصنع لنا حضارة ، تخترق العصور وتمضى للأجيال اللاحقة.
ويظل السؤال الذى يلاحق العقول ، هل حقا كان التمحو إحدى القبائل الأصلية لشمال أفريقيا ، أم كانت قبائل عابرة للقارات حتى وصلت لموطنها الجديد ، وذكرت كثيرا فى مختلف النقوش ، ويظل اللغز مبعثرا على صفحات التاريخ ، حتى يأتى يقين معرفة الماضى.
المصادر :
– كتاب موسوعة الحضارة المصرية القديمة د سمير أديب
– Tehenu and Temehu
– تتي – ويكيبيديا
– خوفو – ويكيبيديا
تاريخ النشر : 2020-02-11