تجارب من واقع الحياة

الورطة

بقلم : إيمان – المغرب

لم أستوعب لماذا يظهر لي بأنه رجل حقير دون المستوى وأنا متأكدة أنه ليس كذلك
لم أستوعب لماذا يظهر لي بأنه رجل حقير دون المستوى وأنا متأكدة أنه ليس كذلك
 
أهلاً أصدقائي صديقاتي ، أنا في ورطة حب لم أستطيع أن أنجو منها ، قبل ذلك أعرفكم عن نفسي أنا إيمان أبلغ العشرين من عمري ، حالياً أصبحت أعيش الروتين نفسه من المنزل إلى المعهد ، طبعاً هدفي الأن هو حصولي على دبلوم ، أحبائي بالنسبة لدراستي فكل شيء سيكون على ما يرام أما على المستوى العاطفي فأنا لم أعرف الاستقرار بعد.

خلال السنتين الماضيتين خفق قلبي لشخص صادفته في طريقي لا أدري ماذا حدت لي أثناء تلك اللحظة ، لا أدري لماذا أثار انتباهي هو بالضبط من وسط المارة ؟ صدقوني ملامحه لم تكن غريبة عني رغم أن تلك كانت لأول مرة أراه فيها ، تعابيره بدت لي مألوفة  لدرجة شككت هل أنا في الواقع ؟ الكل صار فجأة والكل ذهب في طريقه وأتى اليوم الذي سيجمعني به القدر للمرة الثانية ، نظراته كانت غامضة وما لا حظته صديقتي أنه كان لا يبعد النظر عني بينما أنا فكنت أنظر إلى عينيه بنظرة سريعة وأحيانا كنت أتجاهل النظر بالمرة ، لن أنسى ذات مساء تشجعت ونظرت إلى عينه و قلت أحبك في داخلي ، تلك النظرة لا زالت مترسخة في ذهني إلى حد الأن و دائماً كنت أستحضرها عندما أكون بأمس الحاجة لتذكر شيء جميل حصل معي ،

كان يبدو لي من عينيه أنه مختلف عن باقي الرجال ، صدقوني فأنا أحببته و رأيت الأمان في عينيه ، لم يكن مجرد إعجاب فقط لأن شعوري فاق ذلك ، مر وقت طويل الأيام والشهور وأنا أراه من بعيد نتبادل النظرات في صمت وكما في كل ليلة كنت أصنع قصص لنا في الخيال هكذا كنت أحس بأنه معي ، دائماً كنت أبحث عن فرصة واحدة لأقول له بأعماقي : أحبك لأخبره و أول ما فكرت فيه هو يجب أن أكتب كل ما أحس به في ورقة وأسلمها إياه في حالة التقيت به ، تخيلوا معي ، عرفت اسمه ومكان عمله فقط بالصدفة والمفاجأة الكبيرة أني عرفت مكان سكنه حيت رأيته يدخل المنزل حينما مررنا أنا وصديقتي الوحيدة أحد الأزقة ، كما رأيته فجأة يشتغل في إحدى البنوك بينما كنت أشاهد حالي في زجاج البنك ، ما حدت معي كما يحدث في أفلام الحب الرومانسية لكني قد عشت الأحداث في الواقع ، فبعدها علمت وقت دخوله وخروجه وفي كل مرة كنت أصنع الصُدف كي أراه و في معظم الوقت أمر من جانب البنك وهو في الداخل يعمل ، أحياناً أتأمل فيه و هو لا يراني وأحياناً أخرى يراني و أراه ، ثم كثيراً ما كنت أتجاهله عندما أشعر بأنه ينظر إلي ، كذلك سبق لي و رأيته عديداً من المرات جالس في مقهى تقع بالجوار حيث يشتغل أخي ، فكلما كنت أزور أخي في العمل إلا وأراه يحتل الكراسي المتقدمة ينظر إلى الخارج أو يشاهد مبارة كرة القدم ، و حصل مرة أن تقابلنا قرب المقهى ، أوقف دراجته وعيناه مركزتين علي ثم تقدم بأمتار نحو الداخل ليتلفت كل واحد منا ويحدق في الأخر ، وبعدما عرفت اسمه أصبحت أبحث عنه في مواقع التواصل الاجتماعي لأعثر عليه و بعد بحث طويل ويخفق قلبي سعادة ثم أرسلت له في حينها رسالة طويلة وهو نفس الكلام الذي كتبته سابقاً على الورقة وهكذا اعترفت له بحبي وشعرت براحة كبيرة ، ما أضحكني هو عندما بدأت الكلام ب السلام “الهندي الأسمر” أخيراً وجدتك ، على فكرة إنه لقب يناسبه وسبق لي وناديته به في الخيال .

لنعد إلى ردة فعله ، فمباشرةً بعدما سألني عن أحوالي طرح علي السؤال الذي من المؤكد طرحه:
أخبريني فقط من أنتِ وهل أعرفكِ ؟.
هنا اختفت كل الإجابات من عقلي واكتفيت بالقول : إنك لا تعرفني .

ظل يحدثني ليعرف من أكون بينما أنا فقد كان أغلبية كلامي غامضاً أو هزلياً ، وقبل أن يتعرف علي وصفني على أني شخصية مختلفة وموهوبة ، ظل مصرا ليعرفني و بدأ يطرح علي بعض الأسئلة : هل ترتدي حجاب ؟ لذلك قربته من تفاصيلي وقلت : لا ، فأنا لا أرتدي حجاب و زيادة على هذا أنا طويلة القامة مثل العمود الكهربائي ، و في صباح أحد الأيام و بينما كنت ذاهبة إلى العمل صادفته في طريقي و بدأ يدقق في ملامحي بغرابة ، و في المساء بعدما عدت إلى البيت توصلت برسالة منه مضمونها :
أنت ، أنا متأكد ، لقد رأيتك هذا الصباح !.
فسألته : هل كانت تلك لأول مرة تراني فيها ؟.
قال : لا ، كنت أراك من قبل ، ثم صمت وقال : مع أحد الشبان.
أجبته : تقصد أخي.
قال: ربما .

شيئاً فشيء أصبحت أعرفه أكثر ، علمت يوم ميلاده وأهم شيء علمت أن لا وجود لفتاة في حياته حيث اعترف لي بأنه رجل مهمل وحتى إن أعجبته فتاة سيظل بعيداً لأنه بطبعه لا يحب كثرة الحديث لهذا فهو يفضل أن يظل خارج أي علاقة عاطفية ، قال أيضاً : أنا مهمل لدرجة كبيرة وكنت أعتقد أن هذا هو عيبي الوحيد.

قلت : عليك أن تفتخر بنفسك لأنك هكذا أعتقد وجدت شرطاً واحد عن فارس أحلامي ينطبق عليك تماماً ، ثم قمت بأرسال له المزيد من الشروط و بعد انتهائه من القراءة أخبرني بأنه قد تفاجأ بل إنه أحس كأنني أتحدت عنه ، انتظرت قدوم و قت مناسب وكم تمنيت موعد بيننا ولو لأول وآخر مرة ، كنت أريد أن أسمع نبرة صوته ، أريد أن أحيا في جاذبية عيناه ، أريد أن أسمع ضحكاته التي كنت أراها عن بعد وأسمعها في أحلامي ، أريد أن يصبح حلمي حقيقة لكن لم أحظى بأي لقاء لأن المفروض أن يبادر هو بذلك ، أغلبية رسائلي كانت تضم نوعاً من التسلية إما صور أو فيديوهات مضحكة أو بعض الحماقات التي قمت بتسجيلها في شريط صوتي لأني من طبيعتي مرحة أمتلك خيالاً واسعاً و لا أحب كثرة الجد ، كان معظم كلامي يسبب له الضحك ، أتعلمون ؟ تعودت عليه وأعطيته مكاناً خاصاً و كان يحفزني ويشجعني عندما أكتب قصة وأشاركها معه ، كنت سعيدة بالرغم من أحاديثنا المتقطعة لسبب ردوده المتأخرة أحياناً و دائماً كنت في انتظاره ،

ذات مرة اقترحت عليه أن نقوم بتحدي طلبت منه كي يحضر دراجته وأحضر أنا دراجتي ونقوم بسباق لنرى في الأخير من الفائز ، فقال: هل تتكلمين بجد ؟ كيف تريدنا أن نتسابق وأنت عندما تريني في الشارع تتصرفين كأنك لم تريني و كأني شخص غريب ؟.

المهم لم يتحقق شيء و فشلت أولى مخططاتي ، ربما ظن بأني أمزح معه ، و بعد أيام صرح لي في بعض الأسطر وقال: أنا فقط شخصية في الخيال أنت أعجبت بي كما أعجبت بك أنا أيضاً ، لكنك تبدو لي تعيشين في الخيال كما أبدو لك أنا أعيش في الواقع ، في إحدى الليالي الأخيرة من رمضان فاجأني حيث سألني : متى سوف نلتقي ؟ و أرسل لي رقم هاتفه و طلب مني كي أرساله فوراً عبر الوتس اب فلم أوافق وأقول : نعم ، رغم أنني كنت أنتظر بفارغ الصبر ذلك اللقاء فأرسلت : مهلاً ، لكن بأي صفة سوف ألتقي بك ؟.
رد: بصفتك معجبة بي .

لم يشأ القدر أن نلتقي هذه المرة أيضاً ، لكن لابأس ربما في وقت لاحق سيكن لنا لقاء ، انتظرت معظم الوقت ثم أرسلت ذات مساء يوم السبت إلى رقم هاتفه رسالة نصية وعزمته على غداء يوم الغد ، لكنه تعذر لي بأنه لا زال يشعر بتعب السفر فلنلتقي فيما بعد .

حسناً تفهمت الأمر وتركت كل شيء للأيام ، بعد مرور تقريباً خمسة أشهر عن بداية تعارفنا أخبرني بأنه لديه خطيبة ومن ذلك الحين قطع الحديث معي بصفة نهائية أما أنا فلم أصدق ، كنت أظن أنه يمزح معي لكن فهمت أن المزاح لا يدوم طويلاً لأستغرب وأجده قد قام بإلغائي من لائحة الأصدقاء على الفيس بوك رغم ذلك لم أعاتبه أصلاً ، لم أفهم شيء و بعد حيرة كبيرة قررت كي أسئلة لأخر مرة ، هل فعلاً لديه خطيبة أو اخترع تلك الكذبة لأبتعد عنه ؟

في كلتا الحالتين لن أسامحه ، أردت الحقيقة فقط كي أخرج من حيرتي وكي أضع حداً لأوهامي لكني لم أتلقى أي جواب رغم تكراري للسؤال مرات عديدة ، لا أعلم لماذا كان يتجاهل سؤالي مغيراً الموضوع و كأنه كان يتلذذ بعذابي وحيرتي ؟ وما زادني استغرابا هو عدم تقبله كلمة أخي حيث قلتها له يوماً وقال : إياكِ أن تعيدها مرة أخرى أنا لست أخوك . لم أفهم والصدمة الكبيرة أن آخر مرة طلب مني كي يراني وأختفى بينما أرسلت : متى هذا اللقاء ؟.

قال : حسناً ، لنلتقي في منزلي.

لم أستوعب لماذا يظهر لي بأنه رجل حقير دون المستوى وأنا متأكدة أنه ليس كذلك ، لقد كان دائماً يحترمني ، لا أعلم ما الذي جعله يتصرف معي هكذا ؟ لن أنسى.

أيضاً عندما قال لي : بأنه رجل شرير من الأحسن أبتعدي قبل أن تندمي ، لم أفهم ماذا قصد بكلامه ؟. الأن مر وقت وطويل لم نتحدث ، لقد أخذت قرار لا رجعة فيه كي لا أسأل عنه ، لكني لا زلت أنتظر رسالة منه يوضح لي فيها كل شيء ، مع العلم لا زلت أراه و لا زلت أمر من أمامه وأنا متأنقة وهو لا زال ينظر إلي بنفس الطريقة ، أرجوكم ماذا سأفعل ، هل أذهب إليه وأكلمه وجهاً لوجه ، أو أضع النهاية وأكمل حياتي كأنه كان حلماً وانتهى ؟

لكم جزيل الشكر وفي انتظار نصائحكم.

تاريخ النشر : 2020-03-03

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى