أدب الرعب والعام

دردشة الدم

بقلم : أحمد محمود شرقاوي – مصر
للتواصل : [email protected]

ظهر على الشاشة كانت صورة لصنبور وهو يقطر قطرات من الدم الأحمر
ظهر على الشاشة كانت صورة لصنبور وهو يقطر قطرات من الدم الأحمر

 
الملل ؟.
أتعرفون حقاً ما هو الملل ؟ .
تعالوا إليّ يا أطفال لأخبركم أنا ما هو الملل.
تعالوا إلى معلمكم وكاتبكم و ربما قاتلكم في النهاية.

الملل هو الصديق والعدو ، الصديق الذي يبحر بك إلى كل ما هو مجهول وشيق ومخيف ، والعدو لأنه يتسبب في سقوطك في أمور مروعة في النهاية وقد يتسبب في مقتلك ، أو ما هو أسوأ من القتل.
 
******

صوت إشعار جديد على هاتفي من موقع مجهول ، إنها المرة العاشرة الذي يأتيني هذا اليوم ، صورة فتاة في غاية الجمال تحتل الجانب الأيسر من شاشة الهاتف ، وعبارة من فوقها تقول ” تعرف على فتيات جميلات معنا ، وما يدريك فقد تجد توأم روحك ؟ “.
و………..

قبل أي شيء تعالوا أخبركم من أنا.
أنا شاب في الرابعة والعشرين من العمر ، انتهيت من فترة تجنيدي منذ أيام وقد سقمت بمرض الملل ، الملل من كل شيء وأي شيء قد تتخيله أيها البائس ، لا عمل ، لا زوجة ، لا حلم ، لا طموح ، لا أمل ، ومنذ متى وبلدنا قد تعطينا شيئاً لنحلم بالحصول عليه يوماً ، أقمت بيات بغرفتي كما الضفادع وبقيت لعشرة أيام لا أخرج منها ، خيالاتي تسوقني نحو كل شيء ، أرى زوجتي التي لا أعرفها حتى الآن بعين الخيال وهي تعاتبني بدلال ، أرى نفسي أقف أمام الجماهير وهم يكرموني بسبب روايتي الجديدة ، ألم أخبركم بأنني كاتب ولكني مغمور لأقصى مدى ؟ اشتاق حقاً للحديث مع شخص مجهول وخاصة لو كانت أنثى ، فراغي العاطفي يحمل بين يديه سكيناً و يمزق أوصالي دون شفقة. حتى لو كانت أنثى من الجان فلا مانع لديّ ، وبدأت أجول في عوالم الشبكة العنكبوتية دون أية موانع ، المواقع الإباحية ؟.

لا ، هي لا تستهويني ، ثم هناك مانع أكبر وهو ديني ومبادئي وكم لا بأس به من المعلومات التي تخبرني بأن تلك المواقع مضرة وقاتلة في آن واحد.

و جاءتني الرسالة و قررت الدخول لهذا الموقع.
#دردشة_الدم
بدأ الموقع في التحميل وما ظهر على الشاشة كانت صورة لصنبور وهو يقطر قطرات من الدم الأحمر ، شعرت بأثارة عجيبة تسللت إلى كياني حينما ظهرت صفحة الموقع من أمامي وبالأعلى كُتب ” موقع الدم ” لم تكن سوى صفحة خالية من أي شيء و لا أعرف كيف أتعامل ، نظرت بحيرة إلى الهاتف وظننت أن الهاتف قد تباطء عمله أو أن شبكة الأنترنت في جوالي ضعيفة ، وفجأة اهتز الجوال في يدي بعنف مما جعلني انتفض وكاد أن يسقط من يدي على الأرض ، نظرت في الشاشة و رأيت صورة وتحتها كلمة تقول : نهلة تود التواصل معك فهل تقبل ؟.

بالطبع أقبل ومن هذا المجنون الذي يرفض الحديث مع فتاة غريبة لن يراها في حياته ،  إنه الحماس العجيب والرغبة المدفونة في نفوس الرجال.
ضغطت على كلمة أقبل فظهرت شاشة غريبة فارغة ولم تظهر سوى لوحة المفاتيح الخاصة بي.
– الو.
– الو.
– نتعرف ؟.
– أنا نهلة.
– أهلاً نهلة ، أنا سالم.
– مرحباً بالغالي.
– مرحباً بك.
– لماذا جئت إلى هذا الموقع ؟.
– الملل.
– وأنا أيضاً أشعر بالملل الشديد.
– كم عمرك ؟
– 24.
– يا للروعة ! إنه نفس عمري.
– في أي شهر.
– اليوم الأول من شهر عشرة.
– أحقاً ؟.
– لما هذا التعجب ؟.
– لأنه نفس اليوم الذي وُلدت فيه.
– يبدو أنها ستكون صدفة جميلة حقاً.
– من أي بلد ؟.
– مصر.
– من أي مكان بمصر ؟.
– حلوان.
– لا أصدق ، أنا أيضاً أسكن في حلوان.
وسقطت في دائرة من التعجب والانبهار بتلك الشخصية المجهولة ، نهلة يا له من أسم جميل ! وبدأت أتذكر مهاراتي في الإيقاع بالفتيات ولكني وجدت أمي تدلف إلى غرفتي وتطلبني لعمل شيء ما ، كتمت غيظي وكتبت لنهلة :
– معذرة ًسأحادثك عما قريب ، ولكن كيف سأجدك
؟ .

ترقبت لحظات وشعرت باضطراب وخوف لعلها تخرج ، فجاءني الرد.
– أنا سوف أجدك فلا تقلق أبداً يا توأم روحي .
أصابت كلماتها قلبي من الداخل وغازلني شعور جميل ، انتهيت سريعاً مما كانت أمي تحتاجه مني وعدت من جديد لأفتح الموقع.
نفس الصنبور وهو يقطر قطرات الدم ثم الصفحة الفارغة ، لحظات واهتز الهاتف لأرى صورة فتاة وعبارة تقول.
” دنيا تود التواصل معك ، فهل تقبل ؟ “.
شعرت بالإثارة ولكني تذكرت نهلة ، هي من أبحث عنها لا غيرها ، رفضت الطلب وبعد لحظات اهتز الهاتف و رأيت عبارة تقول :
” نانسي تود التواصل معك ، فهل تقبل ؟ “.
ما أجملك من موقع وما أجمل فتياتك ! رفضت وأنا أقسم في نفسي أنني سوف أجيب في المكالمة القادمة حتى لو كانت ليليث شيطانة الموت.

صمت ، انتظر أن يهتز الهاتف ولكن دون جدوى ، دقيقة ثم خمسة ، ثم ربع ساعة ، نصف ساعة ، ساعة ، لا شيء ، بدأت ألعن نفسي لأنني لم أجيب على الفتاتين ، بدأت أدقق النظر في الشاشة لأبحث أنا عن زوار الموقع ولكن دون جدوى ، لا شيء إطلاقاً على الصفحة ، أصابني الضيق وهممت بإغلاق الموقع كله وحذف عنوان الرابط من الهاتف ، وقبل أن أفعل بلحظة اهتز الهاتف و وجدت عبارة ، نهلة تود التواصل معك ، اضطربت نفسي وتهدجت أنفاسي واستجبت إلى الطلب.

– أعتذر على التأخير.
– لا تعتذري.
– شكراً لأنك لم تجب على الفتاتين.
– ؟.
– ما بك ؟.
– كيف عرفت بأمرهما ؟.
– أنا أعرف كل شيء يا توأمي.
– وما هذا الموقع العجيب وكيف تتعاملين معه وصفحته فارغة ؟.
– لا تتذمر فأنا لا أحب الرجل المتذمر.
– إن لم تعطيني إجابة شافية فسوف أخرج من المحادثة للأبد.
– وهل تتركني وحدي يا توأم الروح.
شعت بغضب شديد وأنا أرى نفسي جاهلاً ويراودني شعور بأن هناك من يتلاعب بي.
– سلام.
– حسناً أنتظر؟.
– ؟.
– هل تقبل دعوتي على فنجان قهوة ؟.
– متى ؟.
– اليوم.
– امممممممممم
– لا تفكر كثيراً فأنا حقاً أشتاق إليك.
– حسناً في أي مكان ؟.
– أنا أجلس في كافيه بحلوان الآن فهل ستأتي ؟.
– أنا غير متحمس.
– لا ، بل أنت متحمس ، سأنتظرك بعد ساعة.
– ……………
– اممممم ، أحلق ذقنك تلك فهي غير لطيفة.
نظرت بذهول إلى الهاتف فتابعت هي.
– لا تنظر هكذا فأنا أثمل من نظرة عينيك.
– كيف ترينني ؟.
– سأخبرك بكل شيء فقط ارتدي ملابسك وتعال إليّ.
– و كيف سأجدك ؟.
– أنا من سيجدك.

ساورني قلق عجيب وبدأت أفكر جدياً في التراجع وعدم الولوج لهذا الموقع ثانية ، وسمعت صوت جوالي يعلن عن استلام رسالة ، فتحت الرسالة بشرود فوجدت
” الرجال لا يخشون شيئاً فلا تتردد فأنا حقاً أشتاق لك “.
نظرت بخوف إلى الرسالة ثم بالأعلى لم يكن هناك أي رقم ، فقط كلمة Blood.
ارتديت ملابسي وقررت أن أحسم هذا الأمر ، وإذ برسالة جديدة تأتيني وتقول :
” أنت كسول جداً ، حتى الآن لم تخرج من المنزل ، وتذكر الرجال لا يخشون شيئاً يا توأم الروح “.
أثارتني كلماتها وشعرت بالتحدي ، ثم ما المشكلة ؟ سأقابلها في كافيه أمام العامة فلا شيء قد يحدث ، ثم هل سأخشى من مجرد فتاة ؟.

خرجت من منزلي سريعاً وكان لا بد من سيارة لأصل سريعاً فأنا أقطن في حي مجاور لحلوان ظت أشرت لسيارة أجرة و وصلت إلى محطة حلوان ، وقفت أنتظر و أنظر يمنةً ويسرة بلا وعي ، أحاول أن أتوقع القادم ولكن دون جدوى.

لحظات وجاءتني رسالة تقول :
” أحسنت يا توأم الروح ، الأن هل تسير في خط مستقيم ؟ “.
لا أدري لما شعرت بإثارة عجيبة وأنا أتخيل نفسي وقد سقطت الفتاة في شباكي وأصبحت متلاعباً بها و رددت لها كل هذا ، سرت في خط مستقيم لدقائق حتى جاءتني رسالة جديدة تقول :
” الأن اتجه إلى جهة اليمين ناحية ماركت الحياة “.
فعلت هذا وأنا ارتجف من التوتر والإثارة ، كيف تعرف بوجودي و تحركاتي ؟.

جاءني هاجس جعلني ابتسم ، ربما يكون أحداً من أصدقائي ويفعل مثل هذا ، ولكن هل سيتحكم صديقي بموقع كامل ؟.
 
” الأن توقف و أصعد إلى تلك البناية التي على يسارك “.
وقفت أتطلع للبناية بشعور لا يمكن وصفه ، قلق وخوف وحماس ونشوة واضطراب و …..
” لا تتردد ، هيا تحرك يا توأم الروح فأنا انتظرك”
كانت بناية طبيعية تماماً حتى لا تساورك الشكوك ، صعدت سريعاً على الدرج حتى وصلت إلى الدور الأول.
” انتظرك في الدور الثالث ” رسالة جديدة
 
صعدت بشغف و خوف لمعرفة ما يحدث لي ، وصلت إلى الدور الثالث ، وتنهدت بعمق حينما رأيت على الباب مكتوب كلمة ” كافيه “
دفعت الباب ودخلت ، كان مكاناً واسعاً مريحاً ،  المقاعد تتراص بنظام مدهش على الجانبين ولكن العجيب أنه لم يكن هناك أحداً ، نظرت هناك فكانت تجلس مولية ظهرها لي ، طرقت على الحائط المجاور ببطء و أنا أجاهد الاضطراب الذي أصابني فالتفتت لي.

يا الله ، لقد كانت جميلة بحق ! تقدمت ببطء نحوها فنهضت من مكانها وابتسمت ابتسامة عذبة بريئة.
أشارت لي كي أجلس فجلست متأملاً إياها ، كانت شعرها كالموج بلونه الأحمر وعينيها زرقاء بلون السماء الصافية ، تنحنحت و قلت لها :
– مرحباً أنا …
– سالم أعرف هذا ولا أحب تلك الطرق التقليدية
يا لجرأتك أيتها الجميلة.
– أمم حسناً المكان فارغاً ، لماذا ؟.
– لأنني صاحبة الكافيه يا سالم وقد أغلقته اليوم لأجلك ، ثم هذا المكان له زبائن قليلون جداً.
– ماذا تقصدين بقليلون ؟.
– لا عليك ، ولكن أخبرني ما هذه الوسامة يا فتى ؟
شعرت باضطراب شديد وابتسمت لها ابتسامة واسعة ، وهنا تقدم نادل منا وقدم لنا كوبين من العصير.
– الأن أخبريني بكل شيء ؟.
– أنت عجول جداً يا سالم.
ثم أخذت كوبها و راحت ترتشف منه جرعات ، فعلت مثلها من باب الذوق وقلت :
– في الحقيقة أنا عجول جداً يا توأم روحي.
– حسناً ، أنا صيادة يا سالم.
– ماذا ؟.
” اعرف أن معلوماتك قاصرة جداً عن الأنترنت المظلم ، ولكني سأخبرك بما فعلته أنا ، هذا الموقع من تصميمي و أنا أجلب من خلاله الفرائس لأقوم بعملي ، ألم تصلك رسالة منذ أيام على الماسنجر تقول : هل أنت طويل الشعر أم قصير ؟ وضغطت أنت على كلمة طويل ، من هنا اخترقت حسابك كاملاً و عرفت كل المعلومات اللازمة عنك ، لماذا أنت ؟ لأنك تقطن في حي حلوان وأنا من صيادين حلوان ، لا ، لا انتظر وستفهم كل شيء ، المهم بعد أن اخترقت حسابك أرسلت لك دعوة للموقع ولم أمل منك فكنت أعرف أنك ستسقط في النهاية ، وجئت أنت للموقع الذي صممته أنا ، و من هناك استطعت اختراق هاتفك نفسه ، لا تسأل عن كيفية فعل هذا لأنه يلزم سنوات وسنوات من التعليم.
الأن أصبحت أنا وأنت ، أراك من خلال الكاميرا وأحدد موقعك من خلال موقع الهاتف ، حادثتك وحادثتك ، ثم قررت اللعب فحادثتك باسم مختلف و صدقاً فقد أعجبت بك و بإخلاصك لي ، حطمت أعصابك بالانتظار وما إن رأيت غضبك وعزمك على أغلاق الموقع قررت أن أحادثك ثم دعوتك إلى هنا وكنت أراسلك عن طريق خاصية معينة موازية لشبكات المحمول لا يعرفها سوى رواد الأنترنت المظلم ، أما عن هذا المكان فأنا أمتلك تلك البناية كاملة ولم أعطي شقة واحدة لأحد ليكون الجو مناسب لي لأصطاد ، أما اختيارك فأنا لا أختار سوى من يقطنون قريباً مني ولا يمكنني أن أصطاد أحداً من مكان أخر لأن كل منطقة ولها الصياد الخاص بها ، وكم كنت ساذجاً حينما صدقت أنني أبلغ من العمر ما تبلغه أنت و و و “.

نظرت لها وأنا أشعر بدوار فظيع وقلت:
– ل ل ل ل لماذا كل للل هذااا ؟.
– ستعرف بعد لحظات يا توأم روحي.
ثم مالت الدنيا بي وسقطت في ظلام دامس ليس له قرار ، وكان أخر مشهد رأيته هو كوب العصير.
أفقت لأجد نفسي أجلس على مقعد حديدي مكبلاً فيه بأصفاد حديدية في غاية الصلابة ، شعرت بالرعب والضيق وبدأت أهتز بعنف ، ولكن المقعد كان مثبتاً بالأرض والأصفاد كانت قوية ، انهارت قوتي بعد لحظات بسيطة ونظرت أتطلع لما حولي ، غرفة حمراء بلون الدم ومن أمامي ثلاثة شاشات كبيرة وأظهر أنا عليها ، أرى نفسي أنظر لنفسي وكأنها مرآة ، أرى نفسي بوضوح وأنا مكبل بطريقة يستحيل الفرار منها ، لحظات وظهرت نهلة أو من كانت تدعي أنها نهلة ولكنها قد تكون ميلينا أو ديمونا ، ابتسمت لي و راحت تلتف من حولي في دلال.

– أنظر إلى تلك الشاشات يا صغيري هل ترى هذا الرقم الصغير أعلى الشاشة ؟.
– نععععم ، أراه.
– أتعرف ماذا يعني ؟
– لا .
– إنه يشير لعدد المتواجدين في غرفتي ، إنهم قد تخطوا العشرة الأف تخيل أن هناك عشرة الأف شخص قد دفعوا لي لكي يشاهدوك وأنت تلاقي أصنافاً من العذاب حتى تموت.

أصابني وقتها فزع رهيب ورحت أتحرك بعنف ، و لكن كلما كنت أزداد في الحركة كان الألم يزداد. هبطت دموعي على خدي و قلت لها :
– أرحميني فأنا لم أفعل لك شيئاً.
قبضت على رأسي بقوة هائلة وقالت بصوت صارخ :
– أنا أيضاً لم أفعل شيئاً ، من فعلوا هم من يدفعون ليشاهدوك هكذا.
بكيت لها كما الطفل فصاحت في غضب شديد ، ها قد تحولت القطة الوديعة إلى نمرة شرسة.
– لا تبكي كما الأطفال لأنني أمل سريعاً من البكاء.
وفجأة تذكرت شيئاً فقلت:
– ألم تقولي أنك أُعجبت بي لأنني لم أجيب على الفتاتين وكنت أنتظرك أنت ؟.
– نعم ، قلت.
– حسناً ارحميني لأجل هذا ؟.
– أنا حقاً لم أتعرض لشاب قد فعل هذا و أثبت أنه مخلص.
ثم نظرت لي بشرود وظلت تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهي تفكر ثم قالت :
– أنا لا أريد قتلك هم من يريدون ، فهل يمكنك إقناعهم كي يتركوك حراً ؟ لقد دفعوا وما سيقولونه سأفعله أنا.

كان عقلي مصاباً بالشلل ولكنها كانت حياتي التي ستنتهي ، لذلك التهمت الهواء من حولي وانطلق عقلي يفكر كالصاروخ وقلت لها :
– هل هم يشاهدون ما يحدث هنا فقط أم يتابعون كل شيء منذ البداية ؟.
– يتابعون كل شيء من خلال كاميرا هاتفك ويتابعون محادثاتي معك.
– حسناً ، لو تحدثت أنا لهم فهل سيسمعونني ؟.
– نعم ، فهم يسمعون حديثنا الأن ويصل لكل شخص بلغته الخاصة.
التقطت أنفاسي سريعاً وحاولت السيطرة على نفسي وقلت :
” أنا لدي ما قد يجعلكم تشعرون بالإثارة أكثر من هذا “.
لحظات وظهرت على الشاشة عبارات كثيراً ترجمت للعربية :
ماذا لديك ؟.
هات ما عندك ؟.
نحن ننتظر ؟.
تنهدت في عمق وقلت:
” أنا كاتب ولدي الكثير من المتابعين ويمكنني أن استقطب لكم عشرة أشخاص إن أردتم لتشاهدوهم وهم يقتلون.
 
تقدمت نهلة من الشاشة وضغطت على عدة أزرار ثم قالت لي :
– لقد أنشأت استطلاع رأي و إن تخطى عدد الموافقون إلى النصف فسأتركك.
– ومتى سينتهي هذا الأمر ؟.
– دقيقة وينتهي.
ما إن قالتها حتى ظهرت النتائج ، نسبة ثمانون في المائة يوافقون ، صرخت في حماسة فرأيت عبارات على الشاشة تقول :
” إنه شاب مثير حقاً ، فلنرى ما يمكنه فعله  “.
” إن لم يفعلها فادفنيه حياً أو أحرقيه “.
حررت نهلة يدي ثم حررت المقعد ودفعتني حتى الشاشة ثم قامت بفتح صفحة الفيس بوك الخاصة بي وقالت : أمامك ثلاثة ساعات و إن لم تستقطب عشرة أشخاص للمجيء فأنت في حكم الأموات.
 
واشتعل عقلي بالوقود و رحت أفتش عن الفكرة التي ستروق للعامة ، ثم بزغت في عقلي فكرة كالنجمة في قلب السماء.
وكتبت قصة بعنوان دردشة الدم ، وانتظرت حتى تروق للعامة ، وها قد قرأوها وأعجبت الكثيرين من المتابعين ، الأن قد أنشئت لي نهلة استطلاع رأي وقد أرسلته لكل من علق على القصة.
” هل تود مناقشة الكاتب في قصته ؟ “.
لقد ضغط الكثيرين على نعم.
الأن أنا أرسل لهم رسائل لأعرف ما مدى قبولهم للقصة ؟.
الأن أنشئ صفحة خاصة وأدعو البعض لنقاش قصة ” دردشة الدم “.
لقد قبل الدعوة مئة لدخول الصفحة ، نتحدث ونتحدث و نتحدث.
الأن هناك دعوة لندوة في كافيه لمناقشة القصة مع الكاتب ، نعم ، سأرسل لكم العنوان عن طريق الصفحة هنا ، لقد وافق عشرون شخصاً على القدوم.
لا تنسوا الموعد فالندوة غداً في الثانية عشرة ظهراً.
ماذا ؟.
لقد راق الأمر للمشاهدين ويريدون المزيد ، حسناً سأرسل دعوات جديدة.

أنتظر دعوتك يا قارئي العزيز لتناقشني في قصتي ، أنتظر دعوتي يا توأم روحي و يا حبيبي و يا ملاكي.
 
النهاية …… 
 
 

تاريخ النشر : 2020-03-24

guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى