سينما ومرئيات

المئة The 100

بقلم : نغم

إلى اي حد يمكن ان تصل القسوة البشرية؟
إلى اي حد يمكن ان تصل القسوة البشرية؟

يعتبر الخيال العلمي فنا أدبيا و سينمائيا محببا لدى كثير من الناس كونه يصف أمورا قريبة من واقعنا المعاصر الذي أصبح يعتمد على العلوم و التكنولوجيا بشكل كبير ، بل إن هذا الفن يتنبأ بما قد نصل إليه مستقبلا من تطور لم نتصوره من قبل ولو عرضناه على شخص في زمن سابق لاعتبره ضربا من الجنون و السحر. و ما أجمل أن تجلس في أيام العطلة أو كما نسميها الآن (الحجر الصحي) تفتح حاسوبك أو تشغل تلفازك على النتفلكس و تشاهد ما لذ و طاب من أفلام و مسلسلات الخيال العلمي .. أنا شخصيا شاهدت ما لا يعد من الأفلام من هذا النوع و التي غالبا تتمحور حول إحدى هذه الأمور : العلوم ، البيئة ، ارتياد الفضاء ، الحياة على الكواكب الأخرى ، الروبوتات … لكن لم أتخيل إطلاقا أنه سوف يأتي اليوم الذي أجد فيه هذه الأشياء التي أعشقها كلها مجتمعة في مسلسل واحد و هو مسلسلنا الذي سنتحدث عنه الآن ..

عندما يبدأ المسلسل يشدك بشكل سحري لكي تشاهد جميع حلقاته ولا تتوقف حتى تصل إلى موسمه السابع و الأخير .. تدور الأحداث حول المستقبل و تماما بعد سبعة و تسعين سنة من اندلاع حرب نووية دمرت الأرض حيث يعيش الناجون في “الآرك” و هي محطة فضائية مكونة من اثنا عشر سفينة فضائية يعيش بها ما يقارب 2400 شخص تحت قيادة الرئيس “جاها” الذي يحاول جهده انقاد الجنس البشري من الانقراض ، واستمرار مجموعته لصغيرة حتى رجوعهم الى الارض يوما ما ، ولا يتوانى من اجل تحقيق هذا الهدف عن اقتراف أمور غير إنسانية ، حيث عقوبة كل الجرائم حتى البسيطة و التافهة منها هي الموت بالقذف خارج المحطة ..

blank
الناجون يعيشون في محطة مدارية عملاقة

لكن مع مرور الوقت بدأت موارد السفينة بالتدهور و النقصان مما جعل الطاقم يفكر بخطة لإنقاص عدد السكان ، وذلك بالتخلص من مئة شخص ، و وقع الاختيار على مجموعة مراهقين لم يكملوا سن الثامنة عشر كانوا من مرتكبي الجرائم البسيطة و لم يتم الحكم عليهم بالقذف بسبب عدم إكمالهم السن القانوني لهذا تم إرسالهم لمعرفة هل الأرض مؤهلة من جديد للعيش عليها .. و هنا تبدأ المغامرة ..

كانت الأرض جميلة و خلابة تماما كما تخيلوها في أحلامهم ، خضرة و مياه و حيوانات و هواء عليل فبدؤوا بالتخييم و بناء مكان مناسب لهم للعيش ، لكن الشيء الذي لم يكن بالحسبان هو أنهم قد حطوا على منطقة قوم يسمون بـ”الأرضيون” و هم الناس الذين نجوا من الحرب ، يعيشون حياة بدائية مليئة بالعدوانية و الهمجية و لا يعرفون لغة غير القتال ..

blank
يتم ارسال مجموعة من الشباب لاكتشاف وضع الارض

البداية تجعلك تظن أن هؤلاء القوم هم أسوء ما قد يجده أبطالنا المئة ، حتى نتفاجأ بظهور مجموعة أخرى أكثر وحشية من الأولى تسمى “الحصادون” و هم قوم من آكلي لحوم البشر ، و الصدمة الأكبر نجدها في الموسم الثاني من المسلسل عندما تظهر مجموعة أخرى من البشر الناجون يسمون بسكان الجبل ، هنا يشعر المشاهد بالأمل لأنه و أخيرا هناك ناس متحضرون مبتسمون ملابسهم عصرية و طعامهم لذيذ ، لكن للأسف يقع ما لا يخطر على الحسبان فهؤلاء أسوء بدرجات من الأقوام التي قابلوها بالسابق ..

blank
الارض اصبحت مسكونة بمجموعات بشرية وحشية

و يستمر المسلسل على هذا المنوال في كل أجزائه حيث يكون جميع من نجوا من الحرب النووية أسوء بكثير من غيرهم .. و هنا نلاحظ أن للمسلسل طابع فلسفي أكثر من كونه علمي ، فهو يصف الطبيعة البشرية الشريرة التي أدت إلى الحروب و تدمر كوكب الأرض منذ البداية و لم تولد بعدها إلا بشرا أكثر عدوانية يخرجون أسوء ما فيهم في سبيل الاستمرار و إرضاء غريزة البقاء و العيش ..

المقطع الاعلاني الترويجي للجزء الاول من المسلسل

طبعا أنا تكلمت عن المسلسل بصفة عامة و باختصار لكن توجد أمور أخرى لم أتطرق إليها لكي لا احرق جميع الأحداث و أنا لحد الآن لا أعرف النهاية فقد وصلت إلى الجزء السادس و مازلت لم افهم وجهة نظر مؤلفي المسلسل ، لكن في نظرتي الخاصة كمتابعة و متفرجة بدأت في البداية أتبنى فكرة كون البشر جميعهم أشرار و لا يوجد فيهم خير ، و فيما بعد لفت انتباهي جانب من المسلسل و هو التطور العلمي و التكنولوجي الكبير الذي سوف تصل إليه البشرية مستقبلا فبدأت أرى أن اختراعات الإنسان هي ما أفسدته فهذه الأخيرة رغم ايجابياتها الكثيرة إلا أنها أفقدتنا الكثير من الإنسانية و الترابط الاجتماعي ، و ما نراه الآن من تطور في مجال الذكاء الاصطناعي قد ينقلب علينا يوما ما و يجعل حياتنا جحيما ..

و أخيرا الفكرة الأكثر قبولا و إقناعا في نظري هي الحياة نفسها ، فأنا أرجع السبب للأرض و صعوبة العيش عليها لان طبيعة الحياة بحد ذاتها قاسية فنحن نرى دائما القوي يأكل الضعيف في جميع الكائنات المتواجدة و نجد الأرض أحيانا تفاجئنا بأمراضها و فيروساتها و كوارثها الطبيعية و هذا بحد ذاته قاسي و صعب التحمل على الإنسان ، فكما نرى اليوم مع فيروس كورونا الكثير من المفاجآت الغريبة من البشر .. هناك من يتحدوا غيرهم و يخرجون إلى الشوارع و ينشرون الوباء ، هناك حالات لأشخاص يعطسون و يسعلون متعمدين تلويث كل محيطهم لكي يصاب غيرهم .. نحن بالنهاية مجرد بشر ضعفاء تتحكم بنا غرائزنا و يسيطر علينا حب البقاء نعيش في عالم لا نعرف إلا قليلا جدا من أسراره ، فهذا الضعف و الجهل و ذلك الخوف و الألم هم سبب ما نحن فيه من شرور ..

المصادر :

The 100 (TV series) – Wikipedia

تاريخ النشر : 2020-04-07

guest
14 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى