حكاية بابا زركوك – قصة شعبية قديمة
سمعت الأم تهديد الوحش لأبنها فخافت و قررت الهروب مع أطفالها |
في احدى ليالي الشتاء هبت عاصفة قوية اقتلعت الأشجار وسقف منزل الأسرة أيضاً لأن المنزل قديم ومتهاوي ، وما أن حل الصباح حتى كان المنزل قد انهار ونجت الأسرة بأعجوبة و أصبحت مشردة ، و قرر الحطاب أن يجمعوا ما يملكون من أغراض استطاعوا إخراجها أثناء العاصفة و يرحلوا بحثاً عن مأوى أخر حتى يتسنى له بناء منزل جديد.
انطلقت العائلة وسارت طويلاً حتى تعب الطفلان فجلست العائلة تستريح ، فرأت الزوجة نوراً قريباً فأخبرت زوجها ، ذهب الزوج ليستطلع الأمر و عندما عاد أخبر زوجته بأنه وجد منزلاً كبيراً وطلب منها المجيء معه لعلهم يجدون في المنزل من يسمح لهم بالمبيت فيه هذه الليلة ، وذهبت العائلة وطرقوا الباب طويلاً لكن لم يفتح لهم أحد ، فقالت الزوجة : لنعد إلى الغابة فلا أحد يرد علينا ، لكن الزوج رفض وحاول فتح الباب فوجده مفتوحاً فدخل منادياً لكن لا من مجيب ، وهنا اقترح الحطاب أن يبيتوا هنا و في الصباح يرحلون ، لكن الزوجة رفضت قائلة : لا يمكن الدخول لبيوت الناس دون أذن ، ثم أن هذا المنزل يبدو غريباً ومخيفاً وسط هذه الغابة ، لكن الحطاب رفض الخروج قائلاً : إن معنا طفلين صغيرين ، كيف نترك منزلاً دافئاً ونرجع إلى الغابة ؟
وافقت الزوجة على مضض منتظرة الصباح بشوق ، حل الصباح واستيقظت العائلة وانطلقت إلى القرية القريبة وعند وصولهم سأل الحطاب بعض الأشخاص عن المنزل الموجود في الغابة فقالوا : أن صاحبه مجهول وهو فارغ منذ سنين طويلة ، وهنا خطرت للحطاب فكرة فأسر بها لزوجته قائلاً : لما لا نسكن ذلك المنزل أنه متين و واسع و قريب من الغابة التي احتطب منها ؟ لكن الزوجة رفضت بشدة أن تسكن منزلاً لا تعرف صاحبه ، لكنها رضخت في الأخير واستقرت العائلة هناك.
في كل يوم يذهب الحطاب إلى الغابة ليحتطب وتقوم الأم بأعمال المنزل ثم تذهب إلى ينبوع الماء لتملاء الجرار منه و تأخذ معها أبنتها الكبرى ويبقى الولد الأصغر في المنزل ، ولم تكن الأسرة تعرف ما يحدث في غيابها ، كان الطفل يلعب واذا به يسمع صوتاً مخيفاً يهز أركان المنزل يقول : لماذا سكنتم منزلي و أزعجتموني ؟ سوف تكونون طعامي بعد أن تسمنوا و تمتلأ أجسادكم الهزيلة ، ثم يضحك ضحكة شريرة ويختفي.
أرتعب الولد ولم يستطع إخبار والديه خوفاً من الوحش ، ففي كل يوم بعد مغادرة العائلة لأعمالها يخرج له الوحش قائلاً : أنا بابا زركوك ، أبوك غدائي و أمك عشائي و أنت الحلوى التي سأتحلى بها ، ثم يضحك بصوت مخيف و الطفل يبكي من شدة الخوف.
ومرت الأيام والطفل يزداد خوفاً وانكماشاً على نفسه ، لاحظت أمه ذلك وحاولت معرفة السبب لكن دون جدوى فخوف الطفل منعنه ، و ذات يوم نسيت الزوجة احدى جرارها في البيت فعادت اليه وسمعت صوت أبنها يبكي فأنصتت جيداً فسمعت كلام الوحش بابا زركوك ، فأسرعت إلى زوجها تخبره بما سمعت ، لكن الحطاب لم يصدقها ظناً منه أنها حيلة منها لكي يتركوا البيت ، لكن الزوجة أقسمت له ، و لكن دون جدوى ، فاتخذت قرارها بأن تتركه يواجه مصيره وعادت إلى المنزل خفية و أخذت أبنها ومرت بالينبوع وأخذت أبنتها وهربت بعيداً.
في المساء عاد الحطاب إلى المنزل ودخل منادياً على زوجته و أولاده لكن لا أحد رد عليه ، و فجأة خرج اليه الوحش و صُعق الحطاب من منظر الوحش فقال له الوحش : هل عرفتني ؟ فأجاب الحطاب : لا ، فقال الوحش : انا بابا زركوك الذي سرقت منزله واستوليت عليه ، فحاول الحطاب أن يلهيه حتى يجد مخرجاً فسأله : لماذا شعرك مشعث ؟ فقال الوحش وهو مدرك لحيلة الحطاب : ليس لدي مشط ، فسأله مرة أخرى : لماذا وجهك مغبر ؟ فقال الوحش : ليس لدي ماء اغتسل به ، واستمر الحطاب يسأل و الوحش يجيب : لما أنفك متسخ ؟ ، ليس لدي منديل ، لماذا يداك محمرتان ؟ ، ليس لدي قفازات ، و لماذا أظافرك طويلة ؟ ، ليس لدي مقص ، لماذا عيناك جاحظتان ؟ ، ليس لدي نظارات ، لماذا لعابك يسيل ؟ ، لأنني جائع ، وانقض عليه وامسكه ولم يستطع الحطاب فراراً ، و سأله بابا زركوك : من أين أبدأ بأكلك ؟ فقال الحطاب : من الرأس الذي لم يسمع كلام زوجتي ، فالتهمه الوحش وعاد يختبئ في المنزل منتظراً رجلاً أخر لا يسمع كلام زوجته.
تاريخ النشر : 2020-04-09