تجارب من واقع الحياة

عندما تلوم شخصاً أذاك منذ سنين : كيف تكون النتيجة ؟

بقلم : منير – لبنان

إياك أن تلوم شخصاً قاسي القلب
إياك أن تلوم شخصاً قاسي القلب

تحياتي زوار موقع كابوس والعاملين فيه ، سأحكي لكم قصة حصلت معي منذ سنتين و أخذت منها درساً قاسياً.

أنا الأن في 55 من عمري وشقيقي الأكبر عمره 58 عام ، شقيقي الأكبر يعتبر نفسه المسيطر وهذا ليس من قريب فمنذ بدأت أكبر أي في العاشرة كان يضربني اذا سبقته لأي أمر تحت مسمع و مرأى أبي وعمتي و جدتي دون أن ينهروه أو يردعوه. واستمر الحال على ذلك سنين و سنين تخللها بعض الأحيان فترات ود ومحبة منه تجاهي ( لا يجوز أن أنكر الجيد و أذكر السيء ) إلى أن شاءت الأقدار أن تزوج و حصل على عقد عمل من خلال أهل زوجته في أميركا ، كان هذا أيام سنين الحرب في لبنان ، طبعاً الجميع فرح له و أكيد صرنا نمني النفس ببعض الحوالات بالدولار في الوقت الذي كان فيه سعر الدولار في لبنان يرتفع إلى أن تأكلت الرواتب في لبنان وأصبحت لا تكفي 3 أيام.

في هذا الوقت كنت موظفاً كمحاسب في شركة مواد غذائية و كبقية الناس صار راتبي لا يكفي أكثر من 3 أيام.

من حين لأخر كان يرسل النقود إلى أبي وعمتي الذين أصبحا في عمر ال 65 و لم يكن لهما راتب تقاعد ، بطبيعة الحال كان يصلني القليل من هذا المال وفي هذه الأثناء أيضاً رزقه الله بولد ذكر اطلق عليه أسم أبي ـ بعد أن زادت مصاريف أخي بدأ يتأفف من أرسال النقود وضاقت الأحوال أكثر وصرت أناشده أن يساعدني للذهاب إلى أميركا لأعمل و أرسل النقود إلى أهلي فيخف العبء عنه ، فقال : أن شاء الله.

ومرت سنة وعدت وذكرته بالموضوع فصار يتمنع بحجة أن القوانين صارمة في أميركا و حتى لو أتيت بتأشيرة سياحة قد تعرض نفسك للترحيل اذا ضبطتك الشرطة ، و من ثم وعدني بالبحث عن الطريقة المثلى لاستقدامي.

ومرت سنة ثانية وثالثة و أنا أنتظر و كان يأتي أحياناً إلى لبنان لرؤية الأهل و لقراءة الفاتحة عن روح جدتي  ومن ثم يسافر من جديد و يتركني مع أحلامي ويترك عبئي على شقيقتي التي كانت تعمل كمدرسة وكانت تحظى بالكثير من الدروس الخصوصية التي تعادل راتبها ، و لكنني كنت أخجل من نفسي أن شقيقتي تصرف علي ولم استطع العمل بدوام ثاني لأن عملي ينتهي في الخامسة.

ومرت السنون و السنون وكان والدي قد توفى و عمتي أيضاً و كان قد رُزق بولدين أخرين وأحواله “طيبة ” و اشترى شقة في لبنان وكنت أنا أكتوي بنار القهر قهر الرواتب الضئيلة التي تحسنت قليلاً بعد انتهاء الحرب ولكنها لا تكفي لمشروع الزواج ، و كانت أمي تذكره بي فيقول لها : ” إن شاء الله ، الأن ظروفي صعبة ” و بقيت في عملي كمحاسب حتى 2008 م و أفلست الشركة و بدأت أبحث دون جدوى فمهنة المحاسبة صارت مهنة أنثوية ( مطلوب أنسة للمحاسبة ) فصرت أعطي دروساً خصوصية للصفوف التكميلية و كانت أختي قد تزوجت و صار لديها أبنتين فلم تعد تعطيني كما كانت من قبل ، إلى أن أصيبت أمي بجلطة دماغية أقعدتها كلياً في الفراش و أصبحت تأكل وتشرب وتتنفس اصطناعياً ، و رست القرعة علي للاهتمام بها (كانوا يعطونني إكرامية جيدة ) و كان شقيقي الأكبر قد نقل عمله إلى لبنان مع شركة أميركية و صار يأتي مرة في الأسبوع لرؤيتها ،

و في احدى المرات كنت أقوم بالاهتمام بأمي ( تغيير الحفاض – حقنها بالدواء – شفط السائل السيء من رئتيها عن طريق الة شفاطة – تغيير كيس الثلج الذي يبرد كيس الأكل السائل – و في الأخر تنقيط بعض نقاط القهوة في فمها لكي تشعر بأنها ما زالت على ما يرام.

كان شقيقي الأكبر يشاهد كل شيء فقال لي : الله يعطيك العافية ، الله يغنيك و يرضيك ، فبادرته بالقول : منذ 30 سنة وأنت تبيعني كلام.
لم ينبت ببنت شفة ، لكن بعد يومين بدأت أتعرض للمتاعب منه ومن بعض إخوتي و حتى من ناطور البناية (بواب العمارة) فمن المؤكد أنه كان يرشيهم لاستفزازي لأقوم بضربهم أو شتمهم فيضعني في السجن ، لي صديق محامي حكيت له ، فقال لي : لقد ضربته على الوتر الحساس حين قلت له ” من 30 سنة تبيعني حكي” لقد اعتقد أنك حاقد عليه و تريد أذيته بينما أنت قلت ذلك بموضوعية ، هذا النوع من ” الأخ الأكبر” المدلل يعتبر الملامة تهديد ،  اذهب واعتذر له و طيب خاطره بأنك كنت تمزح و أن موضوع الهجرة إلى أميركا صار من الماضي و الأولوية الأن للاهتمام بالوالدة العزيزة. و هكذا كان و هدأت ” العاصفة” و تعلمت درساً بأن لا ألوم قاسي القلب على شيء فيؤذيني.

و أنت عزيزي القارئ إياك أن تلوم شخصاً قاسي القلب “شرير” رجلاً كان أم أمرأة على شيء فتلقى العقاب الذي تلقيته ، أجعل همك في قلبك و أدعو عليه في السر فهذا أضمن لك.

تاريخ النشر : 2020-04-23

guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى