تجارب واقعية من أرض فلسطين 32
نعم أنا جني واسكن وعائلتي في تلك المغارة ونحن مسلمون لا نحب النجاسات |
جاء المساء وكنت في سهرة مع عائلتي وجلسنا نتسامر لوقت متأخر من الليل ، وفجأة واذا بأحدهم يطرق على الباب طرقات هادئة و واثقة ، أصابتنا الدهشة وسألت الأولاد : من الذي يأتينا في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ ونظرت للأولاد وسألتهم : هل تنتظرون أحد ؟ فأجابوا جميعهم بالنفي ، وهنا أمرت أحد أبنائي بفتح الباب ، وحين فتح ولدي الباب فاذا به رجل يبدو في الخمسينات من عمره يستأذن في الدخول ، فقلت له : تفضل يا أخي أدخل أهلاً وسهلاً ، وعلى الفور دخل الرجل إلى المنزل وجلس على الأريكة أمامي لا يتكلم و ينظر الينا فقط ، هنا قلت له : هل أنت غريب عن البلدة فنحن لم نراك قبل هذه المرة ؟ فقال : لا ، لست غريباً عن البلدة بل أنا جارك هنا ، أُصبنا بالصدمة جميعاً ، فقلت له :هداك الله كيف تقول جاري و أنا لم أراك في حياتي ؟ هنا نظر الرجل إلى أحمد أبني وقال له : لماذا أيها الكسول قمت بتمزيق ورقة امتحان الرياضيات خلف سور المدرسة اليوم أيها الغبي ؟ هنا نظرت لأبني أحمد و رأيت علامات الاستغراب على وجهه ! فقلت له : أحقاً هذا ؟ فقال أبني أحمد للرجل : ما ادراك ؟ والله لا أحد يعلم بالأمر غيري ! ثم التفت الرجل الغريب إلى ابني محمد وقال له : ألا زلت تحب ابنة فلان الفلاني ؟ أحسنت الاختيار إنها فتاه جميلة وذات خُلق ، فقلت لأبني محمد : أحقاً ؟ فهز أحمد رأسه خجلاً ، ثم قال للغريب : كيف علمت بالأمر أيها الرجل ؟ والله يا أبي كنت أريد أن أخبرك بالأمر ، ولكن ما ادراك بالأمر أيها الرجل ، من أنت ؟ فضحك الرجل وقال : ألم أقل لكم بأني جاركم وأعلم عنكم كل شيء !
ثم نهض وقال لي : أسمع يا أبا محمد ، أنابيب الصرف الصحي التي أذيتمونا بها يجب عليكم إزالتها ، فقلت له : ما علاقة الأنابيب بك ؟ فقال : تلك المغارة بجانبكم هي بيتي أنا وعائلتي والذي يقف أمامكم هو جني ، نعم أنا جني واسكن وعائلتي في تلك المغارة ونحن مسلمون لا نحب النجاسات و أرجو منك أن تزيل تلك الأنابيب من كهفنا فالجار لا يؤذي جاره ، أرجو منكم الإسراع في الأمر ، ثم نظر الرجل الينا واحدا واحدا ليتلاشى بعدها أمام أعيننا في فضاء الغرفة وكأنه لم يكن موجوداً ، أصبنا بالهلع الشديد والصدمة الكبيرة لما حدث أمامنا ، فأن ترى رجل يتلاشى أمامك فجأة أمراً ليس سهلاً على الإطلاق ، وعلى الفور توجهت أنا وأبنائي إلى المغارة وأزلنا أنابيب الصرف عنها وقمنا بنضح البئر و أعدنا الأنابيب إليه ، ولم نعد نرى ذلك الرجل مره أخرى
فقام أبو سعيد بوصف الرجل بدقه ، هنا انتفض أبو احمد مرتعباً فقلت له : ما بك يا أبو أحمد ؟ فقال لي : إن الرجل الذي وصفه أبو سعيد الأن هو المزارع الذي كان يعمل عندي وقد توفي منذ سنتين بسكته قلبية ! هنا علمنا أن الذي كان يأتي لأبو سعيد كل ليلة هو جني وليس ببشري وقد تمثل على شكل المزارع ، يا لطيف !.
تاريخ النشر : 2020-04-24