مذابح و مجازر

مذبحة يافا .. ابشع مجازر نابليون

بقلم : اسامه مفلاح – مصر
نابليون داخل المدينة بعد انتصاره
نابليون داخل المدينة بعد انتصاره
اود ان أحكي لكم اليوم عن شخصيه لطالما سمعها وعرفها الصغير والكبير ، فهو أبرز قائد عسكري عرفته أوروبا في عصورها الحديثه ، لطالما ارعب اعداءه وحاربهم فى عقر دارهم واذلهم. لقب بفارس الشرق الأوسط .. أنه (نابليون بونابرت) ..

ونحن هنا فى هذا المقال لن نتكلم عن مولده وتاريخ نشأته ولا عن انجازاته وطموحاته ، فنحن في غنى عن هذا ، ولكن سنتكلم عن شيء آخر ربما القليل منا عرفوه عن سيرة هذا الرجل ، الا وهى إحدى جرائمه ومجازره التى لا تعد ولا تحصى ، لكنها هذه المرة ليست في أوروبا ولا النمسا ولا ايطاليا ولا واحده من هذه الأماكن التى ذكرناها ولكنها فى الشرق الأوسط ..

لقد كانت مصر هي بوابة نابليون نحو الشرق ، أحتلها وأراد أن يجعلها مستعمره فرنسيه كبرى لقطع خطوط الاتصالات بين بريطانيا اكبر اعداءه وبين ممتلكاتها فى الهند ، ومن مصر تحرك نحو بلاد الشام ليخضعها لحكمه على أمل ان يثور العرب والاكراد والارمن معه ضد العثمانيين فيسقط حكمهم .. وقد وقعت المجزرة التي اود ان احدثكم عنها اليوم فى فلسطين ، في مدينة يافا المطله على البحر المتوسط ، وحتى لا أطيل عليكم مره اخرى أيها الاخوه الكرام دعونا نسرد احداث هذه المجزرة المريعه فلنتوكل على الله ..

احداث ما قبل المجزرة

blank
معركة امبابة او معركة الاهرامات .. انهزم الممالك امام جيش نابليون

تمكن بونابرت من احتلال مصر عام ١٧٩٨م وذلك بعد انتصاره على المماليك في موقعتي شبراخيت وامبابه .. وذلك لسوء أحوال جيشهم وضعف اسلحتهم مقارنة باسلحة الجيش الفرنسي الحديثة ، فنابليون كان يمتلك افتك واحدث الاسلحه فى ذلك العصر من مدافع وقنابر وبنادق سريعه الطلقات وغيرها.

وبعد الهزيمة فر المماليك إلى الصعيد ، وقسم منهم إلى الشام ، تحديدا فى سوريا ، فخشي نابليون اتحاد المماليك الفارين إلى سوريا مع العثمانيين وعوده اللدود الإنجليز ، خاصه وأن الإنجليز نجحوا فى تحطيم اسطوله فى موقعة ابو قير البحريه بالإسكندرية ، وقد وردت أنباء الى نابليون عن اتحاد والى عكا احمد باشا الجزار مع الباب العالى والاسطول الانجليزى القابع عند سواحل عكا لطرد الفرنسيين من مصر. عندئذ أدرك نابليون ان ايامه فى مصر محدوده لا محاله فقرر أن يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به كما يقال فى المثل المصري ، ولذلك خرج نابليون في حمله عسكريه ضخمه قاصدا بلاد الشام في ١٠ فبراير ١٧٩٩م وتحديدا إلى عكا وذلك لفتحها والنيل من واليها والأتراك والانجليز جميعا.

وفى طريقه إلى الشام استولى على العريش والضفه الغربيه ونابلس ودخل غزه بسهوله بعد فرار أهلها من كثره ما سمعوه عن وحشيه الفرنسيين وقتلهم الابرياء واغتصابهم للنساء وواصل سيره حتى وصل إلى مدينه يافا وقلاعها الحصينه واسوارها المتينه وكان حاكمها في ذلك الوقت الوالى عبد الله بك وبدأ بونابرت فى حصارها.

احداث المجزرة

blank
صورة حديثة لمدينة يافا

لم يستسلم والى يافا للحاميه الفرنسيه المحاصرة للمدينه كما استسلم وإلى غزه من قبل ، وبدأ الأهالى والجنود المرابطين فى حصون وأسوار يافا فى الدفاع والاستبسال من أجل مدينتهم ، وكان عدد الحاميه المرابطه عند اسوار يافا يتراوح بين 2500 – 4000 جندى غالبتهم من الألبان ، مع بعض الإتراك والمغاربه.

نابليون أرسل رسله إلى حاكم يافا يخبره انه سوف يحميه هو واتباعه ولا يؤذيهم بشيء ان سلم القلعه وأمرهم بالخروج دون سلاح ولكن الحاكم رفض أوامر بونابرت ، وبدلا من ذلك قام بتعذيب الرسل وقطع رؤوسهم ورمى بها من اعلى اسوار القلعة امام انظار نابليون وجيشه ..

عندئذ استشاط بونابرت غضبا وأمر بدك اسوار المدينه بلاهواده ليلا نهارا واستمر القصف أربعة أيام ، من 3 – 7 مارس ، واستمرت الحاميه فى الدفاع والذود عن القلعه حتى نفذت ذخيرتهم ونفذ الطعام والعتاد ، وكان قصف الجيش الفرنسي عنيفا إلى حد انهيار احد ابراج سور المدينة ، وبسبب هذه الأحداث والظروف العصيبه التى المت بالحاميه قرر الوالي الاستسلام بشرط عدم المساس به وبحاميته ، وبالفعل فرح نابليون بخير الاستسلام ووعد الحاميه بذلك ونزل حاكم المدينه ومعه اربعه آلاف اسير وسلموا أسلحتهم الفرنسيين مقابل تأمينهم على دماءهم وأرواحهم.

الاحداث الدامية

blank
صورة من المعركة .. نابليون يحث جنوده على اقتحام الاسوار

نظر بونابرت إلى الأسرى فرأى عددهم كبير فاحتار فى أمرهم ، وفى الحال عقد اجتماعا مع كبار قادته وجنرالاته للتشاور فى أمر الأسرى وماذا يفعل بهم ، ورأى نابليون ان الطعام والزاد لا يكفى لهذا الكم الهائل من الأسرى فى حين أن بالكاد الطعام يكفى لجنوده الفرنسيين فقط فاقترح كبار القاده لبونابرت سجنهم ولكن بونابرت رفض بحجة أن السجون والمعتقلات لا تكفى لهذا الحجم الكبير من الأسرى ، وبعد جلسة طويلة توصل القاده إلى حل يتمثل في إطلاق سراح الأسرى جميعا ، وأن يفى بونابرت بوعده لحاكم يافا ، لكن بونابرت رفض بحجه انه اذا أطلق سراحهم ربما تحالفوا مع وإلي عكا ضده ، وبعد تفكير كثير توصل بونابرت إلى حل اخير الا وهو أعدامهم جميعا وقتلهم وسط دهشه القاده الجنرالات حيث رأى نابليون ان أعدامهم سينشر الفزع والرعب فى أهالى المدن المجاورة وتحديدا حاميه عكا وواليها فيدفعهم للاستسلام دون قتال.

وفى صباح ٧مارس ١٧٩٩م انطلقت جحافل الفرنسيين نحو الأسرى وقاموا باطلاق النيران عليهم فى وحشيه لم يسبق لها مثيل وسألت الدماء انهارا وتفنن الفرنسيين فى القتل والتمثيل بالجثث فهذا جندى يقطع رؤوس الأسرى وعملهم قلاده على صدره وهذا جندى آخر تبول على جثث الأسرى امعانا فى الذل والاهانه لهم وهذا جندى يقطع اذان القتلى بلا رقيب ولاحسيب وعندما رأى بونابرت ان الرصاص سينتهى فى اباده هؤلاء الأسرى امر بالكف عن قتلهم بالرصاص وذبحهم بالحراب وبالفعل توقف الفرنسيين عن ضربهم بالرصاص وبداؤو فى ذبحهم بالحراب كالنعاج .. واستمرت المجزره ثلاثون دقيقه بالضبط وافترشت الارض بالدماء وبالجثث وهى مقطعه الاوصال .. وبعد ذلك أخذ الفرنسيين فى ربط وإلى يافا عبد الله بك بالحبال ودخل الفرنسيين المدينه ومعهم الاسير عبد الله بك وقاموا بااعدامه بالرصاص ورميه فى البحر مع جثث الأسرى .. وبذلك وفى بونابرت بعهده مع الحاميه ووعده دون أن يشغل باله بحالهم ولم ترمش له جفن حيال هذه المجزرة الشنيعه وكأن الذى قتلهم صراصير وفئران وليس بشر مثلهم.

اعمال وحشيه أخرى داخل المدينه

blank
استبيحت المدينة لمدة يومين

عندما انتهى بونابرت من أمر الأسرى دخل المدينه وقواته ولم يكتفى بونابرت بااراقه دماء الأسرى بل عمل على قتل الأهالى والمدنيين الابرياء وانطلق الفرنسيين فى اعمال السلب والنهب والقتل والاغتصاب واستباحوا المدينه عن أخرها من اول النهار إلى الليل لمدة يومين ، ولقد روى احد القاده الفرنسيين وهو برييتييه وهو جنرال تابع لبونابرت عن الأعمال الوحشية التى ارتكبها نابليون والفرنسيين بحق الأهالى فقد روى فى احد مذكراته بعضا من الفظائع قائلا :

“دخل احد الجنود الفرنسيين إلى منزل اسرة كبيرة وقام بجمع النساء والأطفال فى باحه المنزل ثم أتى بطفل صغير لا يتعدى عمره عشرة أعوام وقام بقلبه اى الراس من تحت ورجليه من فوق وعلقه على احد السقوف ثم قام الجندى المعتوه بوضع حربة البندقية بين فخذى الطفل ثم شقه نصفين وهو حيا امام صراخ الاطفال والنساء “.

مشهد آخر من المشاهد التى رواها هذا القائد وهو أن جندى فرنسيا قام بااغتصاب إحدى السيدات وبعد أن فرغ من فعلته قام بنحرها بالسكين وبعد ذلك شق صدرها وبطنها وافرغ مابه من محتويات وإمعاء.

ومشهد اخير من البشاعه تفوق حد التصور وهو أن جماعه من الفرنسيين كانوا يسيرون فى احد ازقه المدينه وبينما هما يسيران إذا انهال عليهما وابل من الرصاص من إحدى نوافذ البيوت وبعد ساعات مريره تكبدت فيها الفرقه الفرنسيه خسائر كبيره فى الأرواح استطاعوا أخيرا دخول المنزل وقد ظنوا انهم سيرون كتيبه كبيره من الجنود المسلحين من اهل المدينه ولكنهم فغروا أفواههم عندما راو سيدة وزوجها فقط متسلحين ببندقيه عتمانيه قديمه وعندئذ قامت الفرقه الفرنسيه باخذهم خارج المنزل وقاموا بربطهم ببعضهم البعض اى ظهر الرجل التصق بظهر زوجته ومن ثم قاموا بذبحهما كالخرفان وقام احد الجنود بشق بطن المرأة وهي تحتضر وقام بنزع كبديها حتى قبل أن تفيض روحها إلى بارئها بدم بارد دون مراعاة لأي حقوق النفس والبشريه جمعاء.

وبعد أن انتهى الفرنسيون من اعمال القتل والاغتصاب بداءوا فى نهب وسلب أموال وذهب الأهالى واستمروا الليل كله فى النهب والسلب حتى جمعوا عددا هائلا من الأسلاب والغنائم والأموال بعد أن سلبوا الكثير من ارواح الأهالي واراقه دمائهم.

الطاعون والمذبحة

blank
اسوار مدينة عكا .. هنا تحطمت طموحات نابليون

بعد أن رمى الفرنسيين بجثث الأسرى فى البحر المتوسط تفسخت وتحللت فتلوث الجو ، ولأن الفرنسيين مكثوا أياما فى يافا انتشر الطاعون بفعل تفسخ وتحلل الجثث وكأن الله أراد أن لا تذهب ارواح القتلى هدرا وأراد أن لا ينجو بونابرت بفعلته الرهيبه وسرعان ما فتك الطاعون بالفرنسيين واخذ منهم كل مأخذ حتى قدر المؤرخون ان عدد من هلك من الفرنسيين بسبب هذا الوباء بلغ خمسه وعشرون الفا اى نصف الجيش ، ورأى بونابرت ان بقاءه فى المدينه سيعرض جيشه الفناء ولذلك جمع اغراضه ونادى بالرحيل وابقى عدد قليل من الحاميه لحراسه المدينه وغادر مسرعا إلى عكا ومعه عدد قليل من الجنود بعد ام كانوا لا يحصون من كثرة عددهم فسبحان من يمهل ولا يهمل.

وليس هذا فقط بل نوبارت فشل فى احتلال عكا وخسر عدد كبير من قواته عند اسوارها ولقنهم الوالي احمد الجزار درسا لا ينسى على مر الزمن وهكذا عاد نابليون خائبا إلى مصر يجر اذيال الفشل والخيبه ومراره الخزلان ولم ينل ما اراد ولم ينل سوى سوء السمعه جراء ما ارتكبه من جرائم بحق أهالى يافا والأسرى.

ختاما فى النهايه حتى لااطيل عليكم أيها الاخوه الكرام اود ان اسال سؤال وارجو الرد فى تعليقاتكم .. ما رأيكم فى نابليون بونابرت ، هل هو مجرم خطير ؟ سفاك دماء ام هو فارس الشرق الأوسط وبطلا عظيما ومغوارا ؟.

المصادر :

حصار ومذبحة يافا
– كتاب جرائم نابليون

ملاحظة موقع كابوس : بعض التفاصيل البشعة للمذيحة لم نجد لها مصدرا على النت ، وتبقى العهدة على الرواي.

تاريخ النشر : 2020-05-01

guest
48 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى