بقلم : أحمد – المغرب
|
كانت تقف سيدة غريبة الشكل تلبس ملابس بيضاء ربما جلباب أو مجرد ثوب كالذي يلبسون في المستشفيات |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أولاً اللهم أهل علينا هذا الشهر الفضيل بالخير وغفران الذنوب ، و أود أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع الإلكتروني الرائع كابوس ، والشكر لرواد الموقع أيضاً ، أما بعد.
مررت بمجموعة من المواقف في الأونة الأخيرة ، والتي كان لها دور في تذكري لأحداث غامضة إلى حد كبير جابهتني منذ أمد بعيد.
القصة الأولى حدثت لي شخصياً ، أما الثانية فقد حدثت مع الوالدة ، على كل هلموا معي الآن للإبحار على متن سفينة الماضي .
كان عمري ما بين 5 -6 سنوات تقريباً على ما أذكر، أنذاك كنت ألعب خارجاً مع أصدقاء الحي ، قرب الشارع الرئيسي الذي كان يعج بالسيارات ، المشاة ، البائعين المتجولين ، والدكاكين وغيرها من المحلات التجارية ، وبينما نركض خلف بعضنا البعض متناسين الزحام و شتائم الناس الذين نرتطم بهم عن قصد أو عن دون قصد ، توقفنا لبرهة قرب محل أحذية بجانب زقاق مظلم بعض الشيء ، كان باقي الأطفال يتحدثون ، فابتعدت عنهم قليلاً لأركز نظري على بائع كان يشتم و يسب بينما ينظر أحياناً إلي وأحياناً حوله ، المهم كانت أمامه هيكل ناموسية (سرير) حيث يعرض عليها الملابس للبيع ، لكنها كانت فارغة ، هذا عادي ربما أنتهى من عمله و جمع الملابس المتبقية ، لكن الغريب في الأمر أنه وبجانب الرجل كانت تقف سيدة غريبة الشكل تلبس ملابس بيضاء ربما جلباب أو مجرد ثوب كالذي يلبسون في المستشفيات ، أما وجهها فقد كان رمادي اللون ومتسخاً كملابسها ، كما أن لها شعراً كأنه لم يُمشط منذ سنين حتى التوت خصلات شعرها مع بعضها ،
ولكن ما زاد صورتها رهبة هي تلك العينان الجاحظتان اللتان يكتسيهما السواد بوضوح مخيف ، كانت واقفة هناك تحدق بي أنا وحدي ، في تلك اللحظة أحسست كأنما مسحت الدنيا حولي من الناس ليبقى المشهد على هذا الشكل ، ظلام الليل وضوء أحمر خافت جداً ، أنا و هي تنظر لي فقط ، هكذا كان السيناريو لبضع لحظات قبل أن يشدني صديق لي من كتفي قائلاً : هيا لقد ذهب الأخرون ، ليختفي ذلك العالم ومعه تلك المرأة الغريبة ، مرت الأيام والأسابيع لأتناسى ذلك الموقف المرعب ، آنذاك كنت أدرس في المسيد (الكتاب القرآني ) فخرجنا للاستراحة ، كان بجانب الكتاب القرآني زقاق مائل بحكم تواجده بالقرب من الجبل المسيج الذي كان يقع بنهايته ، جذبتني رجلاي الصغيرتان إلى هذا الأخير، كنت اجري مرة ، ومرة ارمي بالحجارة على زجاجات خمر فارغة ، لتلتقط عيني و يا للمفاجئة نفس المرأة ! نعم ، لكن كانت هذه المرة تقف بالقرب من منزل مهجور ملاصق لسياج الجبل بالضبط ، كان ذا باب حديدي صدئ متشرب بصباغة حمراء و زجاجات متكسرة مع بعض الزبالة – أعزكم الله – متناثرة بجانبيه ، نعم ، كانت تقف هناك تحدق بي فقط تحدق كالمرة الماضية ، لتختفي بعد مناداة الفقيه لي والأطفال هناك بالدخول معلناً انتهاء الاستراحة .
لا زلت أحفظ قسمات وجهها إلى حد الأن ، و تلك المسحة على وجهها كأنما تبتسم ابتسامة خافتة تحمل ألف معنى ومعنى.
جالس أحضّر مع والدتي الحلويات بحكم قرب الشهر المبارك ، ونتبادل الحديث ، لتقص لي بعد إلحاح مني لها عن حادثة وقعت لها عندما كانت بسن الثامنة من عمرها ، حسناً سأقصها لكم على لسانها ، على بركت الله .
ملاحظة : حدثت هذه القصة عندما كانت والدتي تعيش مع عائلتها في (عرسة) منزل يتوسط حديقة ضخمة تملئها الأشجار والخضروات المغروسة .
في يوم من أيام فصل الشتاء كنت ألعب مع إخوتي على حافة ساريج (مخزن) مياه كبير ، ندور و نتقافز وضحكاتنا المرحة تملئ المكان ، فجأة فقدت توازني لأقع أسفل مياه الساريج ، و بما أنني كنت ألبس فستاناً كبيراً تشرب بالمياه وأثقل علي الحركة لأقاوم بدون فائدة المياه من حولي ، لكن وللطف الأقدار كان زوج عمتي هنالك فقفز في المياه المتدفقة وحملني ليصعد بي ، في ذلك الوقت كانت أمي قد حضرت وأفراد من العائلة لكنني تجاهلتهم و ركضت بعيداً عبر الحقول وأشجار الزيتون بعد مدة عائدة إلى البيت ليطمئن علي والداي ، ولكنني كنت مريضة فحضرت لي أمي بعض الأدوية وشوربة ساخنة كما رتبت فراشي لأنام ، في منتصف الليل وبعد نوم أفراد أسرتي خرجت إلى الحديقة و ابتعدت قليلاً ، وبينما أمشي على الأرضية العشبية الرطبة بين أعواد القصب أحسست كأنما شيئاً يحثني على الرجوع في كل خطوة أخطوها حتى رجعت قليلاً وافترشت الأرض واضعة رأسي بين رجلاي ، بعد لحظات سمعت حركة في الجوار لتظهر لي فتاتان تهمسان وتضحكان في مثل سني وتلبسان نفس الفستان الأبيض ، إحداهما كانت تحمل كأس ماء أو حليب ، قالتا بصوت واحد : مرحباً خذي اشربي هذا ، فقلت : لا ، أشربا أنتما أولاً ، فشربا فلم يبقوا لي إلا القليل فغضبت ، فقالتا : ما بك ؟ قلت : لا شيء ، ثم تكلما بنفس ذلك الصوت الموحد : هيا معنا ، فرفضت رغم إلحاحهما ، فردا علي : حسناً كما تريدين.
بالمناسبة طوال المحادثة لم أكن استطيع النظر إلى وجههما فكأنما أحد يضغط رأسي إلى تحت فلا أرى إلا الجزء السفلي منهما ، في النهاية استطعت رفع رأسي بعد أن همتا بالمغادرة لتختفيا بسرعة كأنما بلعتهم الأرض أو تناثرتا مع الرياح ، بعد ذلك دخلت المنزل وأنا أفكر فيما كانت ستأوول إليه الأمور لو قبلت عرضهما بالذهاب معهما .
هذا كل شيء و شكراً على القراءة ، و إلى قصص أخرى بإذن الله .
تاريخ النشر : 2020-05-02