أدب الرعب والعام
سر الزرقة
للتواصل : [email protected]
ما سرّ زرقتك يا شفشاون ؟ |
-1
تجَرَع حمزة ما فضل من قهوته المرّة ، وقام بعُجالة ناظراً في شاشة هاتفه النقال ، لم يبق من الوقت الكثير.
أخرج حافظته واستلّ منها ورقة نقدية زرقاء مدّها للنادل المتأنق ، فأمسكها هذا وعلى وجهه بعض الضيق.
– أليس معك عملات صغيرة يا سيدي ؟.
حرّك حمزة رأسه نفياً ، فزفر النادل وهو يفرد الورقة بتوتر وينظر حوله مراراً باحثاً عن سبيل لصرف المائتي درهم في مثل هذا الصباح الباكر ، ثم لم يلبث كثيراً حتى هرول مُسرعاً بخطوات واسعة عندما لمح حارس السيارات البدين الذي ينقذه عادة من ورطة (الصّرف) ، وارتفع مع هرولته صوت رنين القطع المعدنية المصطكّة في جيبه الأمامي.
وقف حمزة مكانه أمام باب ذلك المقهى الرباطي ، وبدا هادئاً وهو يُدير رأسه في الناس والسيارات المتسابقة منذ الصباح الباكر ، ماطّاً شفتيه عجباً من أحوال الدنيا.
لطالما كان يعجب من مقدرة الناس على شراء السيارات بالخصوص ، فقد صارت عنده علامة من علامات ( النجاح ) في جيله الذي تفشّت فيه البطالة حتى النّخاع ، وصار العمل أشبه بمعجزة خارقة تستحق أن يشهدها الناس وتُقام لها الحفلات والأعراس ! درسَ حمزة الحقوق ثم انتقل للصحافة حُلمه الأوّل ، والآن هو يتدرّب بمقر جريدة من الجرائد الرائدة في المغرب.
تسع وعشرون سنة ، أسمر اللون ، بُنّي العين ، خفيف شعر الرأس ، طويل القامة على شيء من النحافة ، والغالب على طبعه الخجل والانطواء ودقة الملاحظة ، مع الانكباب على القراءة والكتابة بغزارة عجيبة.
يُعاني من كل ما يمكن أن يعاني منه مُعظم الشباب العربي في الألفية الثالثة ، فقر وعزوبية و وحدة ، وعدم استقرار في كل ما ينبغي الاستقرار فيه ! علاوة على عيوبه الشخصية التي منها ما هو عليه الآن ، التأخّر في المواعيد ! جاءه النادل أخيراً وهو يلهث ، ودس كومة من الأوراق والعملات في كفه ، منتظراً أن يتفضّل عليه بإكرامية جزأ وفاقا ، ولكن حمزة ما لبث أن انطلق مهرولاً – دون حتى أن يُدقّق في حسابه – ناحية محطة القطار المقابلة للمقهى ، وعينه مُعلّقة على الساعة الضخمة فوق بناية المحطة ، والتي كانت تُشير إلى السابعة إلا خمس دقائق.
الجو غائم غامض والسحب تخفي وراءها ما تخفي ، وحمزة لا يدري ما تؤول إليه مهمته الصحفية الأولى.
– – –
2
– السلام عليكم.
ألقى عامل التذاكر التحية بآلية ، وقد أطل بوجهه من مقصورة القطار، ناقراً بشيء معدني على بابها الزجاجي.
رد حمزة السلام و وضع الرواية التي كان يقرأها جانباً ليُخرج التذكرة من جيبه.
كانت هناك في المقطورة – قُبالته – فتاة مُحجّبة تضع على الأرضية حولها الكثير من الحقائب السوداء ، سلّمت التذكرة بدورها بأدب للعامل الذي نظر فيها بسرعة ثم ردها ، فعادت الفتاة الصموت كما كانت ، تنظر شاردة من خلال النافذة إلى بنايات المدينة الناعسة وهي تولي مُسرعة للوراء ، وقد التصقت قطرات ماء دقيقة على الزجاج.
أراد حمزة استكمال قراءته ولكنه شعر برغبة مفاجئة للتمشي ، فخرج من المقصورة يلتفت يمنة ويسرة ، ثم قصد نهاية القاطرة جهة اليمين حيث رأى مساحة فارغة.
أسند ظهره على جدار العربة متأملاً المنظر في الخارج ، وشرد ذهنه بعيداً ، مع صوت قطر المطر على السطح.
– – –
شفشاون .. المدينة الزرقاء.
لم يزرها من قبل قط ، وكم غمرته الفرحة لما علم أن مهمته الصحفية الأولى ستكون هناك ، إنها فرصته الذهبية لاستكشاف هذه المدينة العجيبة.
لم يكن ما أعجبه فيها لونها الأزرق المثير كما رآه على الصور، ولا شوارعها الشعبية الضيقة ، ولا السلالم الحجرية الصاعدة النازلة ، لا ، بل ما أثار انتباهه – أكثر من كل ذلكم – هو عمرانها الأصيل ، ذاك الخليط السحري من الطابع العربي الإسلامي بأقواسه ومآذنه ، والطريقة الأمازيغية المحلية بزخارفها وفسيفسائها ، وهالة الأندلس التاريخية التي تغلّف كل ذلك وتحوطه.
لقد نجحت هذه المدينة بالذات في الحفاظ – إلى حدّ كبير – على أكثر تلك المعالم العمرانية الأصيلة ، ثم جاء اللون الأزرق – من مكان ما – ليُبرز ذلك كله ويشدّ إليه الناظرين ، في زمن صار أكثر عمراننا بشعاً قبيحاً ، تمجّه النفوس الأصيلة ، فما عاد ثمّة في شوارع أكثر حواضرنا سوى مكعّبات متراصة ، تضيء الأضواء من نوافذها ، وتتدلّى الملابس الداخلية من شرفاتها ، لا لون يميزها و لا ذوق تُعرف به ، ولا هوية تنتسب لها ، حتى صار يُقاس الإبداع في العمران عند أكثر الناس بطول البنايات وكمّية الزجاج فيها !.
ذلك أن الغرب شاء لنا أن تكون النوافذ والأبواب والألوان كما نرى ، بحجة ما يُسمّى (العولمة) و(الحداثة) و(الانفتاح) – أي انفتاحنا نحن عليهم وليس العكس – و ربما لأن هذا أسرع في الإنتاج ، وأسهل في التشييد والبناء ، وأكثر دراً للمال والأعمال ، وهو أسرع وأسهل وأنفع لهم طبعاً ولشركاتهم ، وليس لنا نحن من ذلك إلا الفتات.
كَتب حمزة هذه الملاحظات الشخصية ، التي لم يكن متأكداً من إمكانية نشرها ، وكتب تحتها مقتطفات تاريخية مما عثر عليه في الشبكة حول المدينة.
كان عليه تقديم التقرير بعد ثلاثة أيام ، حيث المفروض أن يُجيب عن التفسير الحقيقي لزُرقة المدينة من بين كل التفسيرات المتداولة ، وهذا كان موضوع تحقيقه الصحفي.
فما سبب زُرقتك يا شفشاون ؟.
– – –
3
– لا عليك .. هذا سهل.
قالها حمزة وهو يحمل حقيبتين سوداوين من حقائب الفتاة لينزل بهما سلم القطار الذي استقر في محطة الوصول ولم تكونا – في الحقيقة – سهلتي الحمل كما أدّعى !.
– شكرا أستاذ..
– حمزة .. اسمي حمزة.
– شكراً أستاذ حمزة ، أنا ريم ، أسكن هنا بشفشاون.
– اه جميل ، لي الشرف.. و.. رافقتك السلامة.
ثم انصرف فجأة حاملاً حقيبته بخطوات سريعة ، وهو يمسح جبينه كأنما يتصبب عرقاً مع أن الجو بارد ! ربما كانت هذه أطول محادثة له مع أنثى غريبة عليه ، ولذلك احتاج بعدها لبعض الوقت حتى يعود لهدوئه واتزانه ، وتختفي ابتسامة (ريم) تلك من بين عينيه ، فقصد أول مقهى وجده بجانب المحطة ، وتناول ثمة قدحاً من (البيصارة) الشمالية وبعض الفطائر المغموسة في العسل ، فنشط بدنه وتفتحت عيناه الناعستان ، وجعل يتأمل المدينة من حوله وقد أمسك المطر.
لاحظ حركة السكان والسيارات و ميز العمران البسيط المريح للعين ، ثم انتبه إلى أن اللون الأزرق الذي يبدأ في الشق الأيمن من المدينة ويستمر إلى حدود البصر.
وبحركة لا شعورية رفع كأس الماء عن فمه ، ومرر ظهر يده على فمه وهو مُثبت نظره حيث الزرقة..
لقد استيقظ فضوله.
– – –
تقع في شمال المغرب ، وبالضبط في جهة طنجة. و تتموقع عند سفح جبل (القلعة).
تأسست سنة 1471 ميلادية ، على يد مولاي علي بن راشد ، لإيواء مسلمي الأندلس بعد طردهم من طرف الإسبان ، كما كانت بمثابة قلعة للمجاهدين ضد الاستعمار.
تمتاز بكثرة الحرف التقليدية ، والمنتجات المحلية ، والمشاهد الطبيعية ، ويعتبرها البعض سادس أجمل مدينة في العالم.
وهي من بين الحواضر المغربية ذات الطابع الأندلسي ، حيث نتج عن هجرات المسلمين (الموريسكيين) ظهور هذا العمران المتميز وتوسّعه.
اشتُقّ لفظها (شفشاون) من اللفظ الأمازيغي “إيشاون” والتي تعني “القرون” ، مع كلمة “شف” أي ” أنظر القرون ” !
– – –
سأل كثيراً عن نزل متواضع يُناسب ما معه من المال ، فكثير من الفنادق هنا خاص بالسياح ذوي الدولارات والأوروات ، وخلال بحثه وسؤاله امتلأت عيناه بذاك اللون الأزرق الحالم ، أزقة ضيقة ، أقواس في كل مكان ، سكان بسطاء يتكلمون بتلك اللكنة الجبلية الساحرة ، سلالم حجرية صاعدة ونازلة ، لا تكاد تميزها العين أحياناً لاختلاط زُرقتها بزُرقة الأرضية والجدران !
حقاً إن صاحب فكرة الزرقة هذه جريء غاية الجرأة ، فلو أنصت للقواعد و(العلوم) الغربية – كما نفعل نحن اليوم – لما تأتّى له أن يُبدع هذه الفكرة ، ولكن من هو صاحبها أصلاً ؟.
محلات بزارات وما فيها من منتوجات محلية ملونة ومزركشة ، ومزهريات معلقة وموضوعة ومصفوفة على طول الأحياء الشعبية.
اصطدم فجأة بشيء في طريقة وهو يتأمّل.
– – –
4
تأوّه متقهقرا للوراء ، فإذا برجل غريب الهيأة واقف أمامه ، كان طويل الرقبة ، واسع العينين ، ذو لحية خفيفة مشعثة ، معتمراً قبعة دائرية من قصب ملون ، كان يرمقه بوجه بارد.
تحرّج حمزة وابتسم ، واعتذر ، ولكن الرجل لم يُحرّك ساكناً ، واكتفى بالنظر إلى عينيه في ثبات.
هل هم غير معتادين على الأجانب لهذا الحد ، أم ماذا ؟.
انصرف حمزة وهو يتلفّت للوراء كل خطوتين متعجباً من أمر الرجل ، ولم يدري لماذا ظن حينها أن بؤبؤ عين الرجل ليس على ما يُرام ! أم تُراه كان أعمى ؟.
جاهد نفسه لينسى ما كان و يُركّز على مهمته ، فجدّ في المشي قاصداً إلى نُزل وصفه له طفل قبل قليل ، يقع في نهاية هذا الحي.
كان يمشي بخطوات سريعة ، ويسمع رجع صدى خطواته وتلاحق نفسه في ذاك الحي الضيّق.
مرت بجانبه قطة حليبية اللو ، فتوقفت تنظر إليه بطريقة آدمية أزعجته ، وذكّرته كثيراً بنظرات الرجل قبل قليل ، فهزّ رأسه طارداً تلك الخواطر الغريبة ، مواصلاً الخطو..
ثم لاحظ أن برودة الجو قد تزايدت ، وتلبّدت غيوم السماء أكثر فعادت إضاءة المكان غريبة جداً ، خليط بين الرمادي والأزرق ! توقف ليُخرج المعطف الذي حشره صباحاً في حقيبته الظهرية ، فشرعت الأمطار في الهطول فجأة ، قبل أن يتمكن من ارتداء المعطف واعتمار قبعته قطنية الأطراف.
ثم استطرد في المشي بسرعة وهو يدسّ يديه في جيب معطفه ، لماذا كلما توغّل في الحي زادت زُرقة الجدران ؟.
“حسن.. هذا ما علي الإجابة عنه على كل حال “
طوال مشيه في هذا الزقاق كان يشعر – من حين لآخر – بنوافذ تُفتح و وجوه تطل ، ولكنه لم يولي ذلك كثير أهمية ، فالفضوليون في كل مكان ، إلا أنه الآن يُحسّ – أو يخُيّل إليه – أن سُكان الحي كلهم يطلّون عليه من نوافذهم ! توقف و رفع رأسه ليشهد مشهداً عجبا !.
– – –
نظر إلى أعلى ليرى – في مثل لمح البصر – عشرات الوجوه تُطل من النوافذ ، ثم اختفت بغتة دفعة واحدة ، في منظر مهول ، لدرجة أنه لم يميز وجهاً واحدا ! وفي الحقيقة ميّز حمزة أشياء غريبة جداً في تلك اللمحة الخاطفة ، إلا أن عقله نفاها تقريباً في عملية آلية لا قِبل له بها.
أشياء كتلك التي ظن أنه رآها لا يمكن أن يراها المرء في وضح النهار ، كلا ، أنت مجنون يا عقلي ، وأنت حولاء يا عيني !.
حسن ، يُمكننا وصف ما أصاب حمزة الآن بالفزع ، فقد توقف عاجزاً عن التصرف ، ملتفتاً كالأبله في كل اتجاه ، وقد انتابه شعور غريب بأن الحي صار أكثر إظلاماً من ذي قبل ، كأن عشرات الخيالات حطّت على جدرانه ، أو كأن زرقة الجدران تحولت إلى لون أقرب للسواد ، أم هي الغيوم من تلعب لعبة الألوان هذه ؟.
ما هذا الذي يحدث ؟ وكيف يكتب ما خاضه وأحسّه قبل قليل في تقريره ؟ بل كيف يصفه أصلاً – ولو لنفسه – هو الذي اعتاد كتابة الخواطر، و وصف المشاعر ؟.
أفاق من صدمته قليلاً فوجد أنه يقف تحت شلال هادر من الأمطار ! شرع يركض ممسكاً قلنسوة معطفه ، حريصا على ألا ينظر إلى فوق.
“ما هذا الكابوس الذي أعيشه ؟ هل شربت شيئاً في القهوة ؟ “.
ثم لم تمض بعد ذلك دقيقة أو دقيقتين حتى كان يقف أمام باب أزرق ضخم ، مكتوب فوقه بخط يدوي عتيق (نزل الموريسكي الأخير).
– – –
5
– تفضل..
قالتها امرأة أربعينية وهي تمدّ يدها مرحبة ، ثم توجهت لمكتبها العتيق وجلست مبتسمة وهي تفتح سجلاً أمامها ، و قرأ حمزة أسم (منيرة) على لافتة فوق المكتب.
طلبت اسمه وبطاقته فأجابها حمزة بأدب ، ثم مدت له مفتاحاً ذو شكل غريب عليه رقم 13.
– شكراً.
توجه حيث أشارت له (منيرة) ، إلى سلّم لولبي عتيق أزرق اللون ، وصعد درجاته.
الغرفة كانت بسيطة الأثاث ، متوسطة الحجم ، وقف عند نافذتها لحظة يُطلّ على الأمطار الهاطلة ، ومنظر جبلي بالغ السحر ، إلا أن تركيزه كان لا يزال مشوشاً بفعل الأحداث الغريبة التي خاضها قبل قليل ، ولذلك قدّر أنه يحتاج لبعض النوم.
غيّر ملابسه ودخل الحمام الملحق بالغرفة ، ثم خرج بعد قليل ليستلقي على السرير ناظراً للسقف بشرود ، كان يفكر في عشرات الاحتمالات والحوارات كما يحدث عادة عندما نستلقي على الأسرّة.
ثم أغمض عينيه.
– – –
عندما فتحهما نظر في هاتفه فوجد أنها الواحدة ظهراً ، استدار في فراشه فانتبه لأول مرة للوحة على الجدار ، وما إن نظر للوجه الذي فيها حتى اعتدل في فراشه مذعوراً ! لقد كان وجه الرجل نفسه الذي اصطدم به في الطريق ، نفس الملامح ، واللحية المشعثة والقبعة القصبية والنظرة المصممة الباردة.
قلّص حمزة عينيه مستغرباً ، محاولاً فهم ما يحدث ، لكنه عجز تماماً عن ربط هذه اللوحة بالرجل.
ثم لما أحسّ أن وجود اللوحة صار خانقاً لأنفاسه (حرفياً ) ، حمل الهاتف العتيق بجانب السرير و أتصل بالرقم المكتوب عليه.
– نعم ، أنا حمزة من الغرفة 13 ، أرجو أن ترسلي عاملاً ليزيل اللوحة التي على الجدار ، إنها.. إنها تُقلق راحتي.
– المعذرة سيدي ، أي لوحة ؟.
– هناك لوحة على الجدار جهة اليمين لرجل غاضب أو.. لا أدري.
– أؤكد لك سيدي أننا لا نضع لوحات في الفندق. هناك مرايا فحسب في الجهة التي ذكرت.
صُعق حمزة مرة أخرى والتفت ناحية الجدار ببطء ليجد حقاً ما قالته المرأة ، مجرد مرآة بريئة خالية بإطار عتيق !.
– – –
بعد جولة مسائية منعشة في المدينة عاد حمزة للنّزل ، وصعد الدرج بخفة وهو يسمع حواراً ما ناحية مكتب الاستقبال.
توقف بدافع من الفضول وسط السلم ، كان يرى نصف جسد المرأة خلف ستارة ، وكانت تتحدث مع أحدهم بلغة غريبة ، قدّر أنها اللكنة الجبلية التي تخفى عليه بعض كلماتها ، ولكنه سرعان ما استبعد أن تكون هي لما سمع مخارجا حلقية غريبة ، تُشبه العبرية لحد ما !
واصل الصعود وحانت منه التفاتة أخيرة قبل أن يغيبه السلم لتتسع عيناه رعباً ، لقد رأى نفس ما ظن أنه رآه في حادثة (الوجوه المطلة).
رأى المتحدث للمرأة خلف الستارة و رأى قروناً !
ركض بسرعة للغرفة وقد قرر الرحيل من هذا المكان المجنون ، أولج المفتاح بصعوبة في الباب فلم يفتح.
“هل غيروا القفل ؟ “.
حاول فتح الباب مراراً بعنف وعصبية ، وبعد عدة محاولات انفتح أخيراً ، إلا أن هذا لم يبدد شكوكه (المؤامراتية) التي بدأت تتصايح بداخله ، إذ وجد كراسته مفتوحة على سريره ، ما يعني أن أحداً كان يعبث بحاجياته ! وجدها مفتوحة على الصفحة الأخيرة ، حيث العبارة ( فما سر زرقتك يا شفشاون؟ )..
هنا اختلط كل شيء في ذهنه ، نظرات القطة الآدمية ، ونظرات الرجل الذي بؤبؤه يُشبه بؤبؤ القط كثيراً إلى حد ما..
الوجوه المطلة والقرون التي خُيّل إليه رؤيتها !
أسم شفشاون الأمازيغي أو (شوف القرون ! )
وأخيراً تذكر ما قاله الطفل الذي أرشده للفندق عندما سأله عن نزل في مكان شديد (الزرقة) ، حيث قال ببراءة وقد ظنها دعابة حينها :
– تقصد فندقاً للجن الأزرق ؟.
النهاية ……
تاريخ النشر : 2020-05-02