منوعات

مشاريع خطيرة: كوارث كادت ان تدمر الأرض

بقلم : شهاب صبري – مصر
للتواصل : [email protected]

العلم احيانا يكون سلاح ذو حدين
العلم احيانا يكون سلاح ذو حدين

كي نتحقق من صحة أي نظرية علمية يجب أن نمر أولا بمجموعة من التجارب بشواهد ملموسه، لنستطيع أن نحدد من خلالها مدى قرب هذه النظرية من الحقيقة، وأي فريق بحثي مستعد يدفع ملايين بل ومليارات الدولارات ليثبت مدى صحة الأبحاث العلمية الخاصه به، ويسجل أسمه بين سطور ذهبية تجمع أسماء العلماء على مر التاريخ، والفضول العلمي دائما يعد أحد العوامل الأساسية التي تجعل الباحث يخاطر بأي شيء ليثبت للعالم حقيقة جديدة لم يسمع عنها من قبل، وهذه المخاطرة قد تكون على حساب ملايين من البشر، وخطأ واحد فقط قد يؤدي لنتائج كارثية فتنقلب الأوضاع رأسا على عقب، ووقتها الندم لا يكون له أي قيمة في نظر العالم بأسره، فليست الكوارث الطبيعية فقط من تهدد كوكبنا الحزين، سأحدثكم اليوم أعزائي القراء عن تجارب عبر التاريخ كادت أن تدمر الأرض.

الفطر المدمر لأهم المحاصيل الزراعية

blank

أثناء الحرب الباردة قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن تجرب إستعمال سلاح جديد من أسلحة الطبيعة، وهذا السلاح كان عبارة عن فطر من نوع خاص لديه القدرة على تدمير أهم المحاصيل الزراعية على الإطلاق ألا و هما ( الأرز و القمح ) .. هذه المحاصيل يعتمد عليها ما يقارب من 40% من سكان العالم، وهذه التجربة أدت لتعرض هذه المحاصيل لمرض أطلق عليه إسم إنفجار الأرز ( Rice blast disease ) وكانت النتيجة هي حدوث مجاعة في البنغال عام 1942م أدت لموت ما يقارب 2 مليون إنسان، ومما يجعل هذا الفطر فتاكا هو قابليته على الإنتشار في المحاصيل خلال وقت قصير، يعني ممكن تباد ألاف النباتات بين ليلة وضحاها! ، ومع الوقت قد تتسبب في مجاعة طويلة المدى وبالتالي يموت 3 مليار إنسان على الأقل، فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنتاج 31 مضاد لهذا النوع من الآفات ما بين عام 1951م و 1969م إلا أن تم إبادة كل المحاصيل الزراعية المصابة بالفطر وتم التخلص منها تماما في عام 1973 م.

إستكشاف في باطن الأرض .. عالم غامض

blank

في عام 1970م قرر الإتحاد السوفيتي أن يخترق عالم غامض في باطن الأرض ويبدأ رحلة إستكشافية ومغامرة من الطراز الأول في عملية للكشف عن مركز الأرض وفهم طبيعته والظروف الموجودة به .. وبالفعل بدأوا بحفر حفرة عميقة (Kola Superdeep Borehole) في شمال غرب روسيا، وبذل الإتحاد السوفيتي وفريق العمل مجهودات ضخمة جدا ليصلوا لأكبر عمق ممكن ويقوموا بإختراق طبقات الأرض طبقة تلو الأخرى كي يقتربوا إلى مركز الأرض، ولكن بالرغم من كل المجهودات الضخمة التي تم بذلها لم يتوصلوا سوى لعمق 12 كيلومتر فقط، وهذه النسبة أقل من ربع الواحد بالمئة من الطريق الحقيقي للوصول إلى مركز الأرض.

blank
هذه الخرائب هي كل ما تبقى من المشروع .. الرجل في الصورة يقف فوق الفتحة التي كان يمر منها المثقاب .. وهي مغلقة بالحديد الآن

وفي عام 1992م توقفت عمليات الحفر نهائيا لعدة أسباب، منها مخاوف من إحتمالية توليد حركات تكتونية بسبب إختراق طبقات الأرض بشكل جذري وعمق كبير والتي بدورها ستسبب زلازل عنيفة كارثية ستدمر أي شيء حول هذه الحفرة، وأيضا لأنها قد تحث البراكين على النشاط بقوة وعنف مما سيولد الكثير من الكوارث، بالإضافة لإرتفاع درجة الحرارة والتي وصلت لـ 177 درجة مئوية !
ولله الحمد لم تحدث أي كوارث متوقعة أثناء فترة الحفر.

تقلبات القشرة الأرضية

blank
انفجار قنبلة القيصر السوفيتية .. اقوى واضخم قنبلة نووية في تاريخ البشرية

في الفترة بين عام 1987 م و 1992م قرر الإتحاد السوفيتي وتحديدا الهيئة العسكرية أنهم يستخدموا الحركات التكتونية وتقلبات القشرة الأرضية كي يهزوا الأرض نفسها !!، وكي يفعلوا ذلك قاموا بتفجير 3 قنابل نووية في القشرة الأرضية، وأدى ذلك لتزحزح طبقات الأرض وجعلها تتصادم ببعضها !، وبالتالي حدث زلازل وبراكين عنيفة في المناطق المجاورة، أدت لموت آلاف بل وملايين من البشر، وزعم الرئيس السابق لفنزويلا أن زلزال 2010 الذي حدث في هاييتي والذي مات بسببه 160,000 إنسان كان نتيجة لتجارب مشابهة تمت بفعل الولايات المتحدة الإمريكية .

إنفجار StarFish prime

blank
ضوء الانفجار في السماء انار ظلمة ليل الارض

من أحد أهم الإنفجارات النووية التي سببها البشر هو أنفجار (Starfish prime) ، وكان الهدف منه هو قياس تأثير الأنفجارات النووية في الأرتفاعات الشاهقة، وتحديدا بالقرب من الغلاف الجوي وإنطلاقا نحو الفضاء الخارجي ! ، والدولة المسؤولة عن هذا الإنفجار هي الولايات المتحدة الأمريكية أيام الحرب الباردة، وحدث هذا الإنفجار على أرتفاع 400 كيلومتر تقريبا فوق المحيط الهادي ، وتم حمل القنبلة إلى هذا الارتفاع بواسطة صاروخ ثور الباليستي ، وأدى لإندلاع حوالي من 1.4 ميجاطن من البخار والدخان والغازات .. وهذا يعادل 100 مرة تقريبا قنبلة هيروشيما عام 1945م، ولأن حجم الإنفجار كان أكبر من المتوقع بدأ ظهور المخاوف عند العلماء المشرفين على هذه التجربة بسبب أنه قد يؤثر سلبيا على المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، وهذا يعني أن الدرع الواقي لنا من كل الإشعاعات الكونية الضارة القادمة من الفضاء قد يضعف تدريجيا ولا يستطيع حمايتنا من المخاطر بسبب الأنفجارات .. وسيناريو مثل هذا قد يؤدي لإبادة كمية كبيرة من النباتات والحيوانات ويرفع نسب الإصابة بالسرطان .. بالإضافة بأن كمية الطاقة المنبعثة وقتها أثرت على الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض وكانت كارثة بمعنى الكلمة، ووقتها تحرك الإتحاد السوفيتي لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1967م وعقدوا أتفاق على منع أي عملية تفجير نووي آخر بالقرب من الغلاف الجوي.

السوبر باكز .. مدمر الزيوت البترولية

blank
العالم ذو الاصول الهندية أناندا موهن

عالم البيولوجية الجزيئية أناندا موهن تمكن في عام 1971م من اجراء تعديل وراثي على البكتيريا، وأستطاع من خلال هذا التعديل أن يحصل على أجيال جديدة تماما من البكتيريا أطلق عليها إسم (السوبر باكز)، وهذه البكتيريا لديها القدرة على إستهلاك الزيوت البترولية بشكل إستثنائي، وكان الهدف من إنتاجها هو المساعدة في تقليل التسربات البترولية لأن العلماء كانوا يستخدمون مواد سامة وخطيرة على البيئة كي يتخلصون منها، فكانت البكتيريا هي البديل الآمن. ولأن هذه البكتيريا كانت مبنية على نوع من الجراثيم الموجود في التربة بكثرة في أنحاء العالم فأدى ذلك للقلق من إحتمالية أنتشارها في أرجاء الكوكب، حيث أن لديها القدرة على ألتهام كل الزيوت البترولية الموجودة على الأرض وبالتالي ينفد الوقود من العالم في أقل فترة ممكنة! ، وبسبب ذلك بقيت هذه البكتيريا تحت رقابة مشددة داخل المختبرات ولم تخرج أبدا للعالم، ولو خرجت بسبب خطأ ما فقد تنتشر في التربة وتقضي على جميع الزيوت البترولية، ومع الوقت ينفد الوقود من العالم ونصبح أمام كارثة حقيقية.

مصادم الهدرونات الكبير ( CERN ) .. خطر يهدد العالم !

blank
اضخم مشروع علمي في التاريخ على مساحة شاسعة

من أشهر وأكبر تجارب الفيزياء على الإطلاق هو مشروع سيرن في سويسرا، (Large Hadron Collider) وهو عبارة عن نظام ضخم يقوموا من خلاله بمحاكاة النموذج الشهير لبداية الكون (الإنفجار العظيم ) ، حيث أن المصادم يقوم بإنتاج ما يقارب من 300 تريليون جسيم ذري ثم يقوموا بعملية تسريع شديدة للبروتونات والجسيمات الذرية، ويستمروا بتسريعهم إلى أن يتصادموا مع بعضهم وهم على سرعة رهيبة، فينتج عن ذلك كمية كبيرة جدا من الطاقة تفوق الوصف، وبالتالي يحدث إنفجار يقرب لهم صورة الإنفجار العظيم ليتوصلوا للسيناريو الحقيقي لبداية الكون، وبالفعل أستطاعوا أن يتوصلوا لجسيمات معروفة بإسم بوزونات هيكز أو جسيمات الإله، وهذا على إعتقاد بأن بوزونات هيكز لديها القدرة على منح الطاقة والكتلة للجسيمات الأخرى!!، ومن أكبر نتائج التجربة هو توليد أكبر درجة حرارة على أيد البشر في التاريخ والتي وصلت لـ 5.5 تريليون كلڤن، وهي أكبر من حرارة شمسنا بـ 250,000 مرة تقريبا، ولكن بالرغم من كل ذلك فهناك بعض القلق من العلماء بسبب أن هذه التصادمات السريعة قد تصنع ثقب أسود صغير، ولكن مهما كان حجم هذا الثقب فهو لديه القدرة على إبتلاع الأرض بما عليها.

الأسلحة البيولوجية

blank

سلاح أقل تكلفة ومجهود مقارنة بالأسلحة النووية .. بعيد تماما عن الإنفجارات والرصاصات والبارود .. يعد من أحد أخطر أسلحة الدمار الشامل على الإطلاق .. كافي لإبادة البشرية بل وجميع أشكال الحياة على الأرض .. وهو عبارة عن مجموعة من الميكروبات ويطلق من خلال أنبوبة إختبار .. هذا هو ببساطة السلاح البيولوجي ، سلاح قاتل ، ونحن البشر نريد أن نقتل – ولا أدري لماذا! – ، فهذا هو بالضبط السلاح المطلوب!

أثناء الحرب الباردة أخترع الإتحاد السوفيتي بعض أسلحة بيولوجية منها سلالات من الطاعون المضاد للمضدات الحيوية، وفي هذا التوقيت كان مدير العلاج البيولوجي الذي يقع تحت مظلة المؤسسة السوفيتية كشف على أنهم أستطاعوا أن يستحدثوا أسلحة بيولوجية أخرى على شكل أمراض مثل الجمرة الخبيثة والإيبولا ، ويشهد التاريخ على مدى خطورة سلاح مثل الطاعون والذي قتل حوالي من 50 مليون إنسان في أوروبا في القرن الـ 14، وسلاح مثل هذا لو تم إستخدامه في وقتنا الحالي قد يتسبب في إبادة ملايين من البشر.

أختبار القنبلة النووية

blank

أول سلاح نووي تم إختباره كان في عام 1945م تحت إسم ( إختبار الثالوث النووي) وفي هذا الوقت كانت القنبلة النووية مجرد حبر على ورق وفرضيات لسنا متأكدين من صحتها، إلا أن أتى العالم نيكو فيرمي الحاصل على جائزة نوبل ومعه أدورد تلر الملقب بـ أبو القنبلة الهيدروجينية، وقالوا أن هذه القنبلة يمكن أن تتحقق بالفعل، وبدأوا العمل على المشروع وبذلوا مجهودات كبيرة كي يثبتوا صحة كلامهم، ولكن كان هناك بعض المخاوف الإفتراضية من هذا الإنفجار لأنه قد يأدي لرد فعل عنيف لأنشطار نووي نيتروجيني، والذي قد يدمر بنية الغلاف الجوي للأرض وبالتالي يتلاشى الدرع الواقي لنا من مخاطر الفضاء وتحترق الأرض بما عليها، ولكن الحمد لله التجربة مرت بسلام بأحد القواعد العسكرية الأمريكية للقوات الجوية ونجح الإنفجار بدون أي خسائر كارثية.

 ***

وفي النهاية أختم مقالي – من وجه نظر شخصية – بعبارة بالمصرية أقولها لكل باحث أو عالم يخاطر على حساب الطبيعة
((( لو أنت شايف إن التجارب والعلوم أهم من الطبيعة فحاول تكتم تنفسك وأنت بتستلم جائزة نوبل أو وأنت بتعد في الفلوس ))).

– يا ترى هل هناك تجارب أخرى كادت أن تتسبب في كوارث ولم أذكرها بالمقال ؟؟ ..

– وما هي أكتر تجربة من تلك المذكورة في الكقال شعرت بأنها كارثية وكادت أن تدمر العالم؟؟ ..

– وماذا عن رأيك الشخصي في المخاطرة من أجل العلم؟ هل ترى حقا أنه من الصواب أن نخاطر على حساب الطبيعة أو البشر من أجل العلم والمعرفة ؟! ..

هوامش موقع كابوس :

الأمانة العلمية تتطلب منا احيانا التعقيب والتهميش على المقالات لأننا نود دوما تقديم معلومة دقيقة خصوصا فيما يتعلق بالامور العلمية والتاريخية.
لا يوجد ما يثبت أن الولايات المتحدة كانت السبب وراء انتشار فطريات (Magnaporthe grisea) المسببة لموت محاصيل الحبوب كالارز والشعير ، نتمنى ذكر المصدر.

بالنسبة للحفرة الروسية العميقة ففي الحقيقة سبب توقفها يعود بالدرجة الاساس إلى ظروف الاتحاد السوفيني .. المشروع تلكأ لأنه كان مكلف جدا خصوصا مع ازدياد ارتفاع الحرارة في الاعماق (كما ذكر المقال) والاتحاد السوفيتي كان على حافة الافلاس نهاية الثمانينات ، وتوقف المشروع تماما منتصف التسعينات بعد انهيار الاتحاد .. هذه الحفرة كانت ملهمة لقصة او اسطورة “حفرة الجحيم” المرعبة حيث زعم البعض ان العلماء السوفييت عندما وصلوا إلى اعماق سحيقة جدا سمعوا صوت الموتى وهم يتعذبون في الجحيم بباطن الأرض ، وأن الحكومة السوفيتية (الملحدة) سارعت بالتكتم على الموضوع واغلاق الموقع لكي لا يعرف احد بالسر .. لكن هذه تبقى مجرد اسطورة ، الحقيقة أنه اثناء الحفر لم تحدث اي امور خارقة للطبيعة وانما كانت هناك اكتشافات اثارت تعجب العلماء ودهشتهم حول اعماق الارض منها وجود بعض اشكال الحياة على عمق 7 كيلومترات! .. لمعرفة المزيد يرجى مراجعة المصادر.

المصادر :

Magnaporthe grisea – Wikipedia
The deepest hole we have ever dug
Could The Large Hadron Collider Make An Earth-Killing Black Hole?
Starfish Prime – Wikipedia

تاريخ النشر : 2020-05-28

guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى