أدب الرعب والعام

الانتحار

بقلم : ….. – الجزائر

حياتي رمادية .. يغطيها اللون الرمادي من كل صوب .
حياتي رمادية .. يغطيها اللون الرمادي من كل صوب .

الانتحار ماهو إلا لقاء مع السيد موت بارادتك الحرة …هو فقط أن تمحي اسمك من لائحة المستفيدين من الحياة ..هو أن تشطب اسمك من كتاب الحياة .. وصدقني حينما أخبرك بأن طريقة الموت لاتهم ولكن سبب اختيارك للموت يهم ..

أنا شخص في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات .. لكن حينما أخبرك بأنك ستكذبني لو رأيتني فاعلم بأنني أقول الحقيقة .. فقد حفر علي الزمن آثاره فترى التجاعيد قد ملأت جبهتي وكأنها توقيع وشهادة في نفس الوقت على ما أعاني .. شفتاي اللتان نادرا ما تتسعان لتعبرا عن ابتسامة خير دليل على أن حياتي تعيسة …

مشكلتي أن حياتي ليست بيضاء ولامطلية باللون الأسود .. حياتي رمادية .. يغطيها اللون الرمادي من كل صوب .. وكم اكره ذلك اللون الممل .. فلم ينتج سوى من اتحاد الأسود مع الأبيض .. النور مع الظلام .. السعادة مع الكآبة .. ليتشكل مفهوم جديد هو الملل .. أيامي تتكرر بشكل مقيت .. أستمع لصوت دقات الساعة .. تك .. تك .. تك .. تك .. دون أية جديد ..

في الحقيقة لم أخبركم حكايتي ..انا شخص مصاب بمرض السرطان .. لك الآن أن تتخيل ردة فعلي حينما علمت بذلك من الطبيب .. لا لم أكسر شيئا .. لم أغضب أيضا .. نعم حزنت قليلا .. لكن بدا وكأنني قد توقعت الأمر وتقبلته .. كنت أحس بأني أجلس في الكواليس لأرى شخصا لم يكن سوى الأنا .. جردتني الحياة من الامتياز الممنوح لي والذي لم يكن سوى ” ال” تسببت في تعريفي فبعدما كنت “أنا”.. أصبحت ” الأنا” ثم الآن أصبحت مجرد ” أنا”.. وسلب القدر شبابي .. فهرمت دون أن أعلم متى أو كيف ؟.. فلسرعة الأمر لم أستطع حتى طرح السؤال أو التساؤل ..

وهاقد فاجأني القدر بأمر مرضي .. أذكر كلمات الطبيب التي قالها بنبرة جامدة وسعى جاهدا في رسم ابتسامة كنت أعلم بأنها ليست حقيقية “نعتذر منك أنت مصاب بورم خبيث في الدماغ وأنت في مرحلة متأخرة لذا حتى العلاج الكيماوي ولن يفيدك ” .. في الحقيقة مازلت ولازلت لم أتقبل الأمر .. بل لم أفهم حتى أتقبل ..بعد ذلك وجدت نفسي بأن الصداع يكاد يقتلني .. لدرجة أنه لو ركزت نظرك على الجدار لوجدت آثار دماء كنت قد تسببت في جرح رأسي وذلك حينما ضربته أكثر من مرة بالجدار حتى أوقف ذلك الألم … لكن للأسف .. مذ ذلك الحين وقد تغير طعم الحياة .. تغير لون الحياة بكل بساطة تغيرت الحياة فلم أعلم إن كان علي أن أفرح بأنني وأخيرا سأتخلص منها أو أخاف لأنني أعلم بأنني لست مستعدا لأقابل الموت بعد ..

وها أنا الآن أختار حلا ثالثا من بين قائمة اختيارات لم يكن يتواجد فيها سوى اختيارين مقبولين وكلاهما لهما نفس النتيجة .. الهروب أو الرضوخ .. أختار الانتحار .. على الأقل أعلم بأن صداعي .. سيختفي .. وبمناسبة أن غدا هو يوم ميلادي وكوني كنت أنتظر هذه المناسبة فسيكون يوم ميلادي هو يوم وفاتي ..

تاريخ النشر : 2020-05-30

الأنا

الجزائر
guest
14 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى