تجارب من واقع الحياة

الحب شعرة

بقلم : جدل

أشرقت دنياي وتلونت وأحسست برعشة حب وحنان كنت أظن أني فقدتهما
أشرقت دنياي وتلونت وأحسست برعشة حب وحنان كنت أظن أني فقدتهما

 
يا أصدقائي بعد السلام وتمنياتي لكم بعيد مبارك وحجر منزلي ممتع مع أحبابكم.
أذكر قصة لي تتعلق بأهلي و أتمنى أن يكون فيها فائدة لأحدكم إن شاء الله.
 
في طفولتي كما في طفولة أي شخص أخر يقدم الأهل ما يمكنهم من حب وعطاء بمختلف أشكاله حتى يصبح لك ترتيب داخل عائلتك فيتوزع الاهتمام على كل الأخوة ويحاول الأبوان تقديم قدر متساوي من الحب لأطفالهم ، وبالتالي تقل حصتك من كل شيء ولكن ولأنك تتشارك نفس المقدار مع أخوتك فلا تحس بنقص صحيح ؟.
 
عندما بلغت سن المراهقة بدأت أتحول و أبدي انزعاجي من كل شيء ، و ذلك لتأثري بمرحلة المراهقة وما يرافقها من تغيرات جسدية وحسية ونفسية ، وعلى مستوى الدراسة يزداد الضغط فيصبح هذا القدر من الاهتمام الذي يوزعه الأهل على الجميع غير كافي من وجهه نظري كمراهق ، و بما اني لن أحصل على المزيد لانشغال أهلي بالجميع وتركيزهم على حثي للدراسة تأتي المشاكل تباعاً إلى أن تعزل نفسك و تبدأ الأوهام تتشكل داخل رأسك وتبدا تبني قناعات غريبة ومفاهيم مغلوطة عن أهلك و واقعك و جسدك وشخصيتك …الخ.
 
وبالعزلة التي فرضتها على نفسك فأنت تعزل كل من حولك عنك وتستقطب أو تدخل أناس يشبهوك في التفكير أو يشاركونك نفس التوجهات ، وليس هذا موضوعي وإنما الجاني الأخر أو الطرف الأخر وهو الأهل ، فهم في تخبط من شخصيتك وقلة المعلومات التي تشاركهم إياها تفرض منهم الصمت والخضوع لفكرة أنك في مرحلة البلوغ أو المراهقة و أن تصرفاتك الغير مقبولة ستتحسن مع الوقت وتعود إلى طبيعتك مع مرور هذه الفترة
 
ماذا تخسر في مراهقتك ؟.
إن كنت مثلي وتتصرف بعدوانية وتحس أن كل من حولك ضدك و أنك غارق وهم يشاهدونك ولا يساعدوك فستخسر (الحب).
ليس لأن الحب لم يعد موجود و إنما لأنك أنت تريد هذا بتصرفاتك وعزلك لنفسك عن محيطك وتوجيه اهتمامك لداخلك وتفكيرك فلا ترى إشارات الحب من أمك و أبوك ، وهذا يجعل منك دون علمك عاق لوالديك ، لكنك في ذلك الوقت لا تعلم فأنت غارق باختيارك وبالعزلة التي فرضتها على نفسك.

لتمر السنين فتكون أحد أثنين ، إما شاب منحرف و إما صالح ، ولست هنا لأضع الناس في قوالب فأنا أصف الوضع من وجهة نظري فقط ، فقصتي تصفني أنا لوحدي ، فقد كنت ذلك الشخص الذي كبرت منذ سن المراهقة و أنا أرى أهلي مشكلة و أنهم لا يرغبون بي و أنهم يطلقون الأحكام الغريبة و أنهم حاكموني ويحاكموني وحكموا علي بأن أبغضهم و أتمنى أن أعمل و أخرج من البيت لأكون في مملكتي لوحدي بعيداً عنهم ، وكل هذا لأني لم أعطيهم فرصة لأراهم ، فقد كنت أركز على نفسي و رغباتي دونهم ، إلى أن جاء ذلك اليوم وتزوجت ، قصتي تنتهي هنا بعد بضع كلمات ، لأني ببساطة بعد زواجي بيومين أمسكت هاتفي واتصلت على أمي من باب أنهم طلبوا مني هذا، لكن ما حدث هو أني فكرت و ألهمني الله وقلت لنفسي كيف أرد عندما تجيب أمي على هاتفها ؟ وهنا جاءت اللحظة الفارقة ، هل أقول (الوووو اه كيفيك ؟ ) أو أقول (الووو كيف حالك حبيبتي ؟ )

صدقوني و إن أردتم فلاً تغير كل شيء وكل شيء حرفياً ، قلت ( الو اه ماما حبيبتي كيفك ؟ ) وكأن رحمة نزلت على صدري وكأن غشاوة ذهبت عن عيني وكأني أسمع أمي عبر الهاتف و أراها في مخيلتي هي و والدي وقد مضى عمر على رؤيتهما وكأني كنت في غيبوبة وصحوت لا جدهم كبروا وكبر حبهم لي وكأنهم سامحوني على ما مضى وكأنها عندما سمحت تلك الكلمات أرضاها الله عني فأشرقت دنياي وتلونت وأحسست برعشة حب وحنان كنت أظن أني فقدتهما و كانت الغشاوة تعمي قلبي ، وظننت أن الحب الحقيقي سآخذه من زوجتي فقط ، ولكن لا ، و صدقوني إن الإحسان للوالدين لم يذكره الله سبحانه وتعالى عبثاً في القرآن ، عندما طلب منا الإحسان لهما والرفق بهما والتقرب منهما
، واعلموا أن كلما اقتربت من والداك أكثر وجدتهم أقرب اليك و وجدت الله أقرب.
 
هذه قصتي ، رحم الله أهل الجميع ، أنتم اليوم أبناء و غداً أباء ، فرفقاً بهما وتقربوا من الله بهما.
 

تاريخ النشر : 2020-06-10

guest
10 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى