تجارب ومواقف غريبة

الحب والرعب

بقلم : أبو عدي – اليمن

رأيت جسماً أبيضاً على شكل خروف ولكنه كبير، وهو جالسٌ فوق الفراش
رأيت جسماً أبيضاً على شكل خروف ولكنه كبير، وهو جالسٌ فوق الفراش

كان يا مكان ، في قديم الزمان ، لحظة ! ما هذه المقدمة المملة ؟ إذاً فلندع المقدمات عزيزي القارئ الكابوسي الشغوف بكل ما هو غريب وعجيب ومرعب ، ولنرجع بالزمن قليلاً بالتحديد إلى فترة بداية المراهقة بكل ما فيها من طاقة و جنون ، حيثُ كنتُ حينها في المرحلةِ الإعداديةِ وكنا لا نزال نسكن في الريف ، باختصار فقد تعلقت في تلك الفترة بفتاة من فتيات القرية ، قد لا يُسمی هذا حباً بسبب سني حينها وطيش المراهقة أيضاً ،

ولكنه كان تعلقاً إلى حد الجنون ، المهم أن تعلقي بهذه الفتاه قد تسبب لي بموقفين ، أحدهما محرج و فيه قليل من الرعب ، و الآخر من أشد المواقف رعباً التي تعرضت لها في حياتي ، رغم أنه حدث لي بعد أن انتقلنا من الريف بفترة طويله جداً لم أری خلالها هذه الفتاة أبداً ، لنبدأ بالموقف الأول عزيزي القارئ فهيا بنا.

الثعبان :

كما قلت لك عزيزي القارئ بأنني كنت شديد التعلق بهذه الفتاة و كنتُ أختلقُ الأعذار لرؤيتها ، ومن ذلك ذهابي إلى بيتهم يومياً بحجة أن ألعب مع أخيها ( طبعاً كنت لا أطيق أخاها هذا بل كنتُ أستغرب أنه أخوها ، ولكن زياراتي كانت كما تعلم لحاجةٍ في نفس يعقوب ) ، في إحدی هذه الزيارات وبينما كنتُ جالساً مع أخيها نشاهد التلفاز ، دخلت هذه الفتاة علينا (طبعاً حينها هوی قلبي إلی معدتي وأصبح شكلي غبياً ) وبعد أن رحبت بي قالت لي : هل من الممكن أن أطلب منك طلباً ؟ فأنا أريد مساعدتك.

أخوها : لا تصدقها فما تريده منك خطير جداً ولن تستطيع تنفيذه.
أنا : و ما دخلك أنت أيها السمج ؟ دعيكي منه فلو طلبتي مني أن أقلب عاليها سافلها لفعلت.
هيَ: أشكرك على شهامتك وشجاعتك، كل ما في الأمر هو أني أريدك أن تقتل ثعباناً كبيراً رأيته اليوم في الحر (يعني بيت الغنم والبقر) فأبي غير موجود وهذا الجبان لم يرضی بذلك ، و أريد أن أدخل الأغنام قبل حلول الظلام.

أنا: ااا ثثثعبان؟ نعم ، نعم ، لا ، لا تقلقي أبداً ، هذا أمر بسيط جداً ، هيا بنا الأن لكي أقطعه نصفين، أعطيني فأساً حاداً فقط .

وهكذا ذهبت معها إلى الحر، وأنا أُظهرُ الشجاعة واللامبالاة ، وأُبطِنُ الخوف داخلي (دنا بخاف من الصرصار يطلعلي حنش ) كانت هيَ خلفي تضئ لي بمصباح يدوي قديم ، وأنا أمامها أحمل الفأس، قلت لها: أين الكوةُ التي يختبئ فيها هذا الثعبان؟ فأشارت إليها وكانت في آخر الحر ، فكرت حينها أن أتراجع ، ولكن عندما رأيتها تنظر لي بإعجاب تشجعتُ وتقدمت نحو الكوة ، ولكن هذه الشجاعة سرعان ما ذَهَبَت عندما أحسست بشيء مشی سريعاً من فوق رجلي ، ربما كان فأراً أو حشرةً لا أدري ،

ولكنني ما إن أحسست بهِ حتى صرختُ بقوة و تراجعت بسرعة فاصطدمت بها و وقعت معها على الأرض ، وانطفأ المصباح الذي معها، وظللنا نصرخ أنا وهي ونضرب بأيدينا حتى جاءت أمها لترانا مرميان علی الأرض نصرخ بهستيريا، صاحت أمها بنا و قالت: ماذا تفعلان هنا ولماذا تصرخون هكذا ؟ أما أنا فقد انعقد لساني رعباً وخزياً من البنت وأمها ، وأما الفتاةُ فأخبرت أمها بالموضوع وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت، خرجتُ بعدها مسرعاً من بيتهم وأنا أشعر بخزي وخجل وعار الأرض كلها ، وظللتُ أسبوعاً لم أخرج بعدها من بيتنا إلا للضرورة القصوی.

جنيُّ الكتاب :

بعد أن انتقلنا إلی المدينة بفترة طويلة نسيتُ خلالها هذه الفتاة وحبي لها ، وبعد أن أصبح لدي هاتف محمول وعرفتُ عالم الانترنت ، ذات يوم جلست أتصفح مقالاً في أحد المواقع يتحدثُ عن تجارب ومواقف حصلت لأناسٍ قرأوا كتاب شمس المعارف المشهور، بعد أن انتهيت من قراءةِ المقال، قمتُ بقراءة التعليقات، وكان من ضمنها تعليق لأحد الأشخاص يذكر فيه أنه كان يحب فتاةً وأنها سافرت إلی بلدٍ آخر، وأنه استطاع بعد أن قام بتنفيذ خطوات قرأها في كتاب منبع أصول الحكمة ( وهو لنفس مؤلف كتاب شمس المعارف ، أحمد ابن علي البوني ) أن يری حبيبتهُ في المنام ،

في تلك اللحظة عادت لي ذكريات الحب القديم بقوة ، وقررتُ أن أجرب هذه الطريقة لكي أری من كنتُ أحبها ، على الفور أغلقت الموقع بعد أن حفظت الطريقة ، وعندما حان وقتُ النوم تراجعتُ عن قراري لسببين ، الأول أنني قلت لنفسي وماذا سأستفيد من رؤيتها ولعلها الأن خُطِبت أو تزوجت وهذا عيبٌ وحرام ؟ .

والثاني أنه من ضمن خطوات هذه الطريقة أن أكتب في ورقة سورة مريم كاملة على شكل مربعات وأضع الورقة تحت رأسي حين أنام ، وفي هذا عدم احترام لكلام الله ، ولكنني أيضاً فكرتُ في قراءة هذا الكتابِ لأن صاحب التعليق ذكر أن فيه خطوات وطرق للقيام بأشياء خارقة ، قمتُ بتحميل هذا الكتابِ وجلست أقلب صفحاته بصمت ، بدايةُ الكتاب كانت مملة ، تحدث فيها المؤلف عن فوائد الحروف ، والرياضة الروحية ، وأشياء لم أفهمها ، وأما نهايته فكانت فيه عناوين لفصول كثيرة للقيام بأشياء خارقة ، منها كيف تحفظ كل ما تقرأهُ ولا تنساه ، وكيف تحلم بمن تريد ، وكيف تحصل كل يوم علی دينار ذهباً ، و…لحظة ! هل قلتَ ديناراً ذهباً ؟

علی الفور فتحتُ هذا الفصل( كنتُ مفلساً حينها ) وبدأت بقراءته ۔ دون أن أتلفظ طبعاً ۔ ولكن ما إن رأيتُ أن من شروط هذه الطريقة أن تكون في مكان مقفر لا يوجد فيه أحد كالصحراء ، حتى خاب أملي (مكان ليس فيه أحد ، الموضوع فيه حاجة مش حلوة طبعاً ) وأطفأتُ هاتفي ونمت.

في الليل وبينما أنا نائم أحسستُ بحرارة شديدة غير طبيعية أبداً ، استيقظتُ وقمتُ بإزاحة الغطاء عني قليلاً، و فجأةً وبشكل لا إرادي وكأن هناك من شدني ، قمتُ بالالتفات إلى نافذةِ الغرفة لأرى جسماً أبيضاً على شكل خروف ولكنه كبير، وهو جالسٌ فوق الفراش ، ومتكأٌ برأسهِ على زجاج النافذة ، وعيناه حمراوان كالدم وكان ينظر إلى بخبثٍ وحدة ، تماسكتُ على غير عادتي، وظللتُ أنظر إلى عينيه بتركيز لأتأكد بأنني لست أحلم أو أهلوس ،

و في أثناء ذلك قام برفع رأسهِ من النافذة ، عندها أطلقتُ صيحةً حتى قام كل من في البيت ، وأخرج بعض جيراننا رؤوسهم من نوافذ بيوتهم ، أما هو فقد اختفى حين صحت ، وفي الحال دخل إلى غرفتي أبي وأمي وأخوتي ليروني وأنا ألهث وأتصبب عرقاً ، لم أحدثهم بما رأيتُ حينها وقلت لهم بأنه مجرد كابوس ، ونمت باقي الليلةِ في غرفة أخي الصغير متحججاً بأن غرفتي شديدة الحرارة، ولكن في الصباح عندما رأوني وأنا مُصّفَرّ الوجه أخبرتهم بالذي رأيته بسبب هذا الكتاب الذي لم أستفد منهُ لا دنانير ذهب ولا رؤيةً من كنتُ أهوی ، وإنما حصلتُ على كيٍّ بالحديد المحمی أربع مراتٍ في بطني ، جعلني أمشي أحدباً لمدة أسبوعين ( الكيُّ يُستخدم كعلاجٍ عندنا لأي شخص يخاف أو يرتعب بشدة من أي موقف).

في النهاية أعزائي رواد موقع كابوس ، أتمنی أن تكونوا قد استمتعتم بهذا المقال ، و أتمنى منكم أيضاً أن لا تخبروا أم عدي بما قرأتموه ، تحياتي لكم.
 
 

تاريخ النشر : 2020-07-06

guest
62 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى