أدب الرعب والعام

ثقل في صدري

بقلم : ف.يبرح – السعودية

هنا شاهدت وجه أحد المتجمهرين ، كان شاحب و أنفه متهالك من شدة المسح كأنه زومبي
هنا شاهدت وجه أحد المتجمهرين ، كان شاحب و أنفه متهالك من شدة المسح كأنه زومبي

صحوت ببط من النوم ، كان منظري غير مريح وهناك صوت مزعج يتكرر و إحساس غريب ، انقباض في صدري والمنظر كان كئيب جداً ، ثم تذكرت بعض الأشياء ، شاهدت أكثر من فراش على الأرض و فوقها ناس نائمون أو بالأصح متعبين و منهكين.

كنا في ساحة المسجد والسماء سقفنا ، وهناك من وضع لي هذا الفراش على الأرض المتربة ، صدري لا يعمل كما يجب ، و أصبحت عملية سحب الهواء وإخراجه عملية صعبة تحتاج إلى جهد عظيم ، و تُسبب لي الضعف الشديد لقلة الهواء الداخل والخارج.
أصبح أكبر همي فقط أن أسحب و أدفع الهواء ، وأعلم أنني لو نسيت أو ضعفت قليلاً فقط سوف يُغمى علي لقلة الأكسجين.
لم أشاهد وجهي ، لكن لا أحتاج إلى كثير من الخيال لأعرف أنه قاتم يميل إلى اللون الأزرق ! ماذا يسمونه ( بنفسجي؟ ).
ياإلهي ، أريد هواء بسهولة كما كنت أحصل عليه دائماً.
حلقي مسدود بسائل ثقيل لا ينزاح ، وصدري منقبض.
ثقيل .. ثقيل … ثقيل.
وصوت مرعب جداً مع كل زفير وشهيق.
كأنك تسحب سجادة عملاقة ثم تعيدها .
يا إلهي ، لما كل هذا العذاب ؟ .
أريد أن أتنفس.
اعتدلت في الفراش جالساً بصعوبة ، وقمت برش سائل حولي من زجاجة ،  ثم سمعت صوت الضحكة !.
 
هل هناك من يضحك ؟ هل بقي منهم أحد ؟.
 
حرّكت رأسي ببطء واستدارت عيوني ( لا بد أنها حمراء دموية حولها هالات سوداء و إلا كيف تفسر كل هذا الألم ؟ ).

و شاهدت طفل ! كان هناك عائلة كامله يستندون بطهورهم لجدار المسجد ، و بعضهم ممدد في أحواض الشجر الملاصقة للجدار ،  حالهم ليس أفضل من حالي بكثير ، لكنهم لا ينامون في فرش. ثيابهم أسمال مهلهلة .

لا بد أنهم أتوا متأخرين ولم يجدو لهم فراش.
حتى في هذا المكان هناك طبقية.
و ربما تجد من يحسدك على حالك هذا.
نظرت للطفل ، لم أفكر كثيراً ، أنت تعرف الأطفال، إنهم يجدون ما هو مضحك في أسواء الظروف.

لن أستطيع الصبر على هذا التنفس ، سوف أموت اختناقاً لا محالة ، قمت بتثاقل أمشي كالكسيح ، فكرت في زوجتي العزيزة أين هي ؟.
أرجوك لا تخبرني! خرجت من الساحة واتجهت للمدخل الضيق
، وعلى المدخل اعترضت الداخلين و كانوا يبتعدون عني يمين وشمال وعلى وجوههم بعض الضيق و ربما كتموا أنفاسهم.
كنت أصرخ أريد أن أتنفس ، واضح أن صوتي غير مفهوم ، أو أن هذا المنظر أصبح معتاد أكثر من اللازم.

أشار إلي أحدهم و أمسك معصمي كي لا أسقط ، وأخبرني أن هناك إسعاف في الخارج.
سحبت رجلي بصعوبة و شاهدت زوجتي بين الحشد حول الإسعاف ، كانت يدها تنزف و يبدو أنهم أخذو عينة من دمها ، وهنا شاهدت وجه أحد المتجمهرين ، كان شاحب و أنفه متهالك من شدة المسح كأنه زومبي.

طلب المساعدة و رفضوا ، لم يعد لشيء قيمة ، و لا أحد يكترث ، كان المنظر مهين جداً ، كأننا كلاب ضالة.
 
يبدو لي أنني أبتعد عن المكان إلى اللاشيء ، حقيقةً لم أعد أعلم ما أفكر فيه ، أشاهد نفسي من الخارج ، هل هو الموت ؟.
 
*****
 
صحوت من النوم ، الحمد لله أنا أتنفس ، لكن هناك هذا التورم في حلقي كأن قط شرس قام بخدشه بأنيابه الحادة الملوثة ، والصداع اللعين.
اليوم فقط علمت بإصابتي بهذا المرض الجديد.
أتمنى أن لا أصل إلى تلك المرحلة في الحلم ، حتى أخر لحظة في حياتي أريد أن أتنفس.
النهاية …..

تاريخ النشر : 2020-07-19

ف.يبرح

السعودية
guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى