منوعات

نيرمال بورجا: النسر الأبقع النيبالي

بقلم : امرأة من هذا الزمان – سوريا
سرعان ماتحول هذا الهاجس إلى فكرة مجنونة تبلورت في عقل المغامر الشاب
سرعان ماتحول هذا الهاجس إلى فكرة مجنونة تبلورت في عقل المغامر الشاب
السلام عليكم أعزائي الكابوسيين…
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر….
بيت شعر مشهور طالما تغنينا به ك تعبير رمزي ل ملاحقة الأحلام والطموحات بشجاعة وقوة مهما كانت العوائق والتحديات للخروج من الحضيض والصعود الى قمم الأمجاد …
ولكنه في قصتنا اليوم ليس كناية ولا دلالة لطموح صعب المنال بل هو حرفيا طموح شاب بمناطحة كل قمة تتخطى السحاب …

بطلنا هذه المرة هو شاب أراد غيوم السماء حدودا لطموحه وربما في بعض القمم ذهب مافوق الغيوم…

Nirmal Purja Magar

279

نيرمال بورجا المعروف عالميا بإسم” نيمس” أحد العسكريين القدامى من فرق القوات الخاصة التابعة للجيش البريطاني .. ولد في الجزر السفلى للنيبال .. بدأ بممارسة التسلق كهواية للتسلية في عام٢٠١٢.. ولكن سرعان ماتحولت تلك الهواية لهاجس لتحقيق المجد ورغبة لاتنتهي بالبقاء فوق قمم الجبال .. حتى أنه استقال من عمله العسكري ليتفرغ لحياته الجديدة على طرقات الجبال الوعرة وبين برودة ثلوجها وقسوة مناخها..

كأنه أحس بأن هذه البيئة هي اﻷمثل له ليثبت لنفسه قدراته البدنية الخارقة و قوة شخصيته وطبعه ألحاد وحسه القيادي..

ولكن سرعان ماتحول هذا الهاجس إلى فكرة مجنونة تبلورت في عقل المغامر الشاب حيث أنه وضع نصب عينيه هدفا بتسلق القمم الـ ١٤ اﻷعلى في العالم والتي يزيد ارتفاع كل منها عن ٨٠٠٠ متر …

قد يسأل البعض نفسه هل (نيمس)هو أول من فكر بتنفيذ هذه المغامرة شبه المستحيلة…واﻹجابة هي : لا عزيزي الكابوسي.
فقد سجل التاريخ عدة محاولات ناجحة ﻷشخاص كانو بجنون بطلناو حققوا حلمهم شبه المستحيل واهمهم:Reinhold Messner:اﻹيطالي اول شخص استطاع تسلق القمم الـ ١٤من دون اﻹستعانة باﻷوكسيجين وقد تطلب منه هذا اﻹنجاز ١٦عاما لتحقيقه مابين عامي ١٩٧٠و١٩٨٦.
و البولندي صاحب الرقم القياسي عالميا بـ 8 سنوات- Jerzy kucuzska .

وهنا قد يتسائل البعض مادام غيره قد حقق هذا اﻹنجاز شبه المستحيل فما المميز إذا بنيمس؟؟واﻹجابة أعزائي بأن الشيئ المميز وغير المسبوق بطموحه هو الخط الزمني ألذي وضعه لنفسه  بتحقيق طموحه بوتيرة أسرع بـ ١٠مرات من أقرانه أي أراد للحلم مدة لا تتجاوز الـ ٨شهور لتحقيقه…..

تخيل عزيزي القارئ أن تكون أمام ماراثون ..الرقم القياسي في تحقيقه كان عداء قطعه بنصف ساعة.. ثم يأتي من يقول لك سأنهيه ب ٣دقائق؟؟؟!!!هذا تماما ماسعى إليه بطلنا…

Project Possible :

7007

(مشروع الممكن) اﻹسم الذي اختاره مغامرنا الشاب لمشروع حلمه والذي لم يأخذه الأغلب على محمل الجد في البداية لما يواجه تحقيقه من صعوبات وتحديات سواء كانت مادية.. سياسية .. جوية وبيئية.. أو مفاجأت خبأها له القدر سنراها لاحقا….

ولكن كالعادة يظهر دور الصديق في وقت الضيق…فقد تطوع أربع من أصدقائه المتسلقين النيباليين ليكون معهم فريقا لوجستيا ذا خبرة ..وبعض من أصدقائه الذين قدموا مساعدات متفرقة ..مع القليل من المساعدة البريطانية بعيدة المدى…..ليبدأ التخطيط الفعلي لوضع الحلم حيز التحقيق.

0562

الصعوبات التي واجهها :

الصعوبات المادية : من المؤكد أن مشروعا ضخما  كهذا كان بحاجة لإمكانيات مادية ضخمة وهذا مالم يجده نيمس في بدايات التحقيق الفعلي لمشروعه فاضطر للإستعانة بماله الخاص حتى استنفذه ثم قام بعدها برهن منزله و من ثم قام بمساعدة بعض أصدقائه بحملات لجمع المال اللازم وعمل مع فريقه كمرشدين تجاريين خلال الرحلة ولكن كل ذلك لم يكن كافيا ف مشروع كهذا بحاجة لراع رسمي حتما. وفي المراحل النهائية وعندما فقد المغامرون اﻷمل باستكمال الرحلة تدخلت دار Bermont للساعات لتنقذ الطموح وتدعم نيمس بالمبالغ الكافية ﻹنهاء رحلته.

الصعوبات السياسية:

فوجود هذه القمم في بلدان مختلفة كان يحتم على الفريق الخضوع للإجراءات الروتينية من تصاريح عبور حدود وموافقات امنية وإذونات للسماح بتسلق جبالها… واكثرها صعوبة التصريح الذي انتظره من حكومة الصين لتسلق القمة اﻷخيرة الواقعة في التيبت.. وأجبرتهم على الإنتظار لمدة طويلة جالسين بانتظار الموافقة لتسلق القمة الـ ١٤.
الصعوبات الجوية والبيئية:فوعورة تلك الجبال وصخورها الحادة القاتلة وبرودة جوها وثلوجها ليست حقائق تخفى على أحد ولكن اﻷجواء كانت في بعض اﻷحيان تصبح مميتة نتيجة للأنهيارات الثلجية و العواصف القوية كالعاصفة التي هبت بعد حصولهم على اﻹذن المنشود من الصين الشعبية والتي أخرتهم لـ ٢٧يوما أخرى زيادة فوق وقت التصريح حيث كان تسلقهم للجبل اثناء العاصفة سيعرضهم للموت المحتوم ولكن و بعد ان اصبح الجو ملائما بالحد الأدنى لفريقه أعلن نيمس عن انطلاق رحلتهم الأخيرة الى قمة الحلم.

306

وقد خبأت الرحلة لنيمس تحديات إضافية ساهمت في تأخير إنجازهم ومنها إنقاذهم ﻷربعة متسلقين كانوا عالقين في أماكن خطرة على ارتفاعات شاهقة معرضا بذلك فريقه للخطر عدا عن التأخير في سبيل إنقاذ المغامرين الاربعة من الموت المحقق..

وواجهوا ايضا تحديا آخر يكمن في كون الفريق سباقا للتسلق خلال موسم التسلق ذاك مما يعني الحاجة لتحديد المسارات وتثبيت الحبال عليها..وهي عمليات تتطلب وقتا وجهدا ولكنها ضرورية بالنسبة اليهم عند النزول …كما إنها تساعد المتسلقين الآخرين الذين سيسلكون الدروب نفسها خلال الموسم نفسه.

ثلاث مراحل ..حلم واحد :

المرحلة الأولى:

بدأت رحلة الـ ١٤قمة بالوصول إلى قمة أنابورنا في بلاده وهي القمة الأخطر في العالم بارتفاع يصل ل ٨٠٩١ مترا حيث أن ٣٠%ممن حاولوا تسلقها قضوا نحبهم قبل الوصول إليها وكان ذلك في٢٣من شهر نيسان ٢٠١٩ وتبعها بلوغ قمم الجبال الخمسة:قمة دولغيري في١٢آيار..قمة كانشينجونغا في ١٥..ثم قمة إفرست ف ٢٢ من الشهر نفسه الساعة الخامسة والنصف صباحا وعند الرابعة إلا ربع من اليوم نفسه بلغ الفريق قمة لوتس وأخيرا أكمل الفريق المرحلة الأولى ببلوغ قمة ماكالو في ٢٤آيار..أي 6من القمم الأعلى في العالم خلال٣١يوما علما أن الثلاثة الأخيرة تم تسلقها في ٤٨ساعة فقط.

المرحلة الثانية:

كانت أقل تحديا من اﻷولى”نسبيا”ف في ٣حزيران بلغ الفريق قمة نانكا بربت..تلتها قمة جاشيربروم1 في ال١٥..ثم جاشير بروم 2في 18..وبعدها قمة كي 2 في ٢٤ ثم قمة برود بيك في ٢٦..والمحصلة كانت خمس قمم في ٢٣يوما من شهر حزيران…

وفي نهاية هذه المرحلة كان نيمس قد استطاع تحقيق ستة أرقام قياسية عالمية عدا عن هدفه غير المكتمل.

بعد هذه المرحلة أضطر الفريق للتوقف مدة طويلةبعد تسلقهم ١١قمة من القمم ولكن للأسف لم يكن ذلك  ﻹستراحة وإنما بسبب الصعوبات التي ذكرناها سلفا من استنفاد اموالهم حيث اضطروا للعمل كمرشدين لتأمين مايلزمهم ..وفي شهر آب وبسبب عدم جمعهم للمال الكافي رغم عملهم وحملات المساعدة عاد نيمس الى بريطانيا ليقوم بحملة تبرعات هناك وبعدها عاد الى كاتماندو من أجل التصريح الأخير والأصعب لتسلق القمة الأخيرة .

المرحلة الثالثة :

بلغ نيمس مع فريقه قمة شوأويو في ٢٣من شهر أيلول وقمة ماناسلو في ٢٧من الشهر نفسه ولكن وبعد تسلقهم ل القمم ١٣في ١٥٧يوما واجهتهم الصعوبة الأخيرة..

الصعوبة الاخيرة في المرحلة الثالثة…كانت خطوة تفصل نيمس وفريقه عن تحقيق حلمهم ف بعد جهد جهيد لحصولهم على التصريح الذي صدر في تاريخ٣٠أيلول لم يتمكن الفريق من بدء رحلة النهاية حيث لم يكن الطقس ملائما أبدا لنشاط كهذا ولم يوافق نيمس على تعريض فريقه للموت حتى لو كان هذا يعني تأخير حلمه القريب البعيد المنال أو كما يقال في العامية(بعد ماوصلت اللقمة للتم)… وفي تاريخ ٢٧ تشرين الأول حينما أصبح الجو ملائما بالحدود الدنيا لإكمال مسيرتهم بأمان انطلق الفريق ليكملوا سعيهم وراء حلمهم الذي تحقق في صباح ٢٩من الشهر العاشر ولينشر نيمس صورته التي انتظرها الآلاف على تطبيق انستغرام مع فريقه المخلص فوق قمة شيشابانجاما وذلك بعد ٧أشهر و٦أيام من وصولهم قمتهم الأولى…

وعند سؤال نيمس عن الأسباب التي دفعته لهذه الرحلة المكلفة المحفوفة بالمخاطر أجاب ب أنه كان رغبة منه بتكريم شعب الشيربا(سكان الجبال في وطنه) الذين لا ينالون حقوقهم في التعليم. وللفت انتباه العالم إلى التأثيرات التي يفرضها التغير المناخي الناتج عن التلوث البيئي على كوكبنا عامة والجبال خاصة وأخيرا أراد إثبات قدرات الإنسان العقلية الحقيقة التي تضمن له تحقيق المستحيل حيث يردد دائما عند سؤاله عن سر نجاحه بـ”القدرات العقلية هي مفتاح النجاح”
وقد وضع تعليقا على أسباب مغامرته ب”أنا هنا ﻹحداث نقلة نوعية في طريقة فهم اﻹمكانات البشرية..هذا المشروع هو للجميع”.

وقد تحدث مؤسس دار بيرمونت للساعات عن أسباب دعمه لنيمس قائلا:(إن ضخامة المشروع الذي كان يحضر له كانت مذهلة ولكن بالنسبة إليه لم يكن هناك اي شك في إمكانية تحقيق الهدف..أعتقد ان الخلفية العسكرية التي يمتلكها تولد لديه تصميما وقوة لا تتزعزع مما ساعده في تحقيق هذا الانجاز الضخم).

وفي النهاية وبعد تحقيق الحلم والاحتفال به في المملكة المتحدة عاد نيمس لعمله في فريق الإرشاد لمحبي المغامرة وحياته الطبيعية وقد علق على ذلك في صفحته(nimsdai@)”علي أن أكسب عيشي الآن).

وبذلك نرى أعزائي الكابوسيين أنه في عصر أصبح فيه صعود الجبال غير ذي هيبة كما كان سابقا..بل أصبح اقل من عادي عند الكثيرين لدرجة أنهم صاروا يبحثون عن أكثرها علوا ليناطحوا قممها..”

المصادر : 

– مجلة المجوهرات العالمية 
– ويكيبيديا

تاريخ النشر : 2020-09-09

guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى