أدب الرعب والعام

هدية فالنتاين

بقلم : رنا محاميد – الأردن

هدية فالنتاين
اليوم يوم الفالنتاين .. أخبرني جاكوب انه يحبني

التاريخ : 15/8/2013

اليوم : الجمعة

“اليوم كان كئيبا و حزينا .. أتممت السابعة عشر من عمري لم يزرني احد و لم أتلق أي هدية و لم يتذكر يوم ميلادي إلا فتاتان اعرفهما أرسلتا إلي (‏happy birthday‏) عبر فيسبوك ..

اعتقد إنهن لا يتذكرانني أصلا و التهنئة بسبب تذكير فيسبوك لهما بيوم ميلادي ..

حسنا ، لا يهم .. لا أريد من احد أي تهنئة أو أي هدية”

كتبت ناي هذه الكلمات في دفتر مذكراتها و أغلقته و الدموع حبيسة عيناها الجميلتين ، رمت بنفسها على سريرها مستسلمة للأفكار السوداوية التي تحيط بها .. تفكر في دراستها و إهمال عائلتها لها و و و .. و تلعن وحدتها القاتلة

ناي تعشق الحب لا بل تقدسه لكنها حبيسة وحدتها ولا تجد من تهديه حبها الصادق النقي .. لم تجد الصديقة المثالية التي تحلم بها ولا ايضا الحبيب المثالي الذي رسمت تفاصيله في مخيلتها الواسعة .. ثم تقول قبل ان تستسلم للنوم : “تصبح على خير جاكوب” ..

ناي تعشق هذا الإسم و من وحدتها صنعت لها حبيبا مثاليا من خيالها فيه كل الصفات التي تحبها ،، حنون ، كله آذان صاغية ، وسيم ، لا يفارقها ، ، ، يعشقها ..

تستيقظ ناي على صوت منبهها المزعج و‎ ‎‏..‏‎ ‎‏ : صباح الخير جاكوب (و هنا تصمت و كأنها تنتظر الرد) و تكمل : يومي سيكون جميلا طالما انت معي ..

ترتدي ثيابها و تشير عليه بأن يساعدها و تركب الحافلة و تترك له متسعا بجانبها لكي يجلس و .. تتظاهر بأنها تنام على كتفه ، تصل للمدرسة ولا تمل كثيرا لأنها تتحدث اليه في عقلها و كثيرا ما تصرخ في وجهها المعلمات على سرحانها المتكرر

تعود الى البيت تتظاهر بأنها تقبله و يساعدها في تغيير ثيابها و يأكل معها و تفسح له مجالا في السرير لكي ينام ..

هي تعلم أنها تكذب على نفسها لكنها تستمتع في تصديق هذه الكذبة ..

و تستمر هكذا أسابيع و أشهر طويلة ..‏‎

…..

الشمس تشرق، تأتي والدة ناي لكي توقظها حتى لا تتأخر عن امتحانها لذي لم تدرس له جيدا بالكاد قرأت عدة ورقات .. تفتح أمها الباب و يغمى عليها من هول ما رأت !!!!

‏.

‏.

‏.

‏.

‏.

ناي ممزقة الثياب منحورة العنق و في قلبها قلم مغروس بشدة بين أضلعها الصغيرة ..

……..

تستفيق الأم من غيبوبتها التي دامت لأسبوع ليخبرها زوجها أن الشرطة حققت في الموضوع وسجلت مقتلها قضية ضد مجهول .. لم يتمكنوا من التعرف على القاتل .. أقمنا عزاءا لها

و ليرحمها الله تعالى ..

انهمرت دموع الأم واحمرت عيناها و أخذت تبكي بحرقة ، لم تعرف أن لديها بنت حتى ماتت .. صدق المثل الذي يقول لا تعرف ماذا لديك حتى تفقده ..

بعد شهر هدأت الأمور في بيت ناي و استجمعت أمها شجاعتها و دخلت غرفتها التي لا تعلم عما فيها إلا قليلا .. تجولت هنا و هناك ، بكت بحرقة و من ثم وقعت يدها على دفتر مذكرات ابنتها الذي كان مخفيا تحت كتاب آخر على مكتبها ، جلست وفتحت الدفتر قرأت و قرأت حتى وصلت لتاريخ: ‏15/8/2013

قرأته وبكت حتى تخللت دموعها المليئة بمشاعر الندم أوراق الدفتر ، هذا كان ميلاد ابنتها البائس من العام الماضي

قلبت الورقة

تاريخ: ‏20/11/2013

“يومي كان سعيدا لقد غنينا أنا و جاكوب أغانينا المفضلة و شاهدنا فيلما جميلا .. و استمتعنا في طريق العودة للمنزل

والآن سينام بجانبي و احكي له عن مدى عشقي له ، أتمنى أن يكون الغد أفضل”‏

تاريخ : ‏10/1/2014

“كان يوما متعبا لقد درسنا كثيرا في المدرسة و أصابني الإرهاق لكن وجود جاكوب معي هون علي كثيرا .. كم أحبه”‏

تاريخ : ‏23/5/2014

‏”ذهبت إلى السوق اليوم و ساعدني جاكوب في اختيار الملابس و كان ذوقه رائع جدا .. لكن اعتقد .. أني سمعت صوته! يقول لي الأحمر جميل عليكي! حسنا أنا اعرف إن حبيبي خيالي .. حسنا حسنا اعتقد أني أصابني التعب و تهيأ لي سماع صوته .. حسنا أتمنى لو انه حقيقي”‏

تاريخ‎ ‎‏ : 5/7/2014

‏”كان يوما جميلا كالعادة برفقة حبيبي جاكوب .. لكني أظن أني بدأت أراه في أحلامي بشكل متكرر .. يا لوسامته”

تاريخ : 28/9/2014

‏”بدأت أهلوس بجاكوب كثيرا .. بدأ يخيفني .. أرى خيالاته في كل مكان .. أسمع صوته كثيرا ..أنام و أشعر به يداعب خصلات شعري الممدة على الوسادة و يمسد على رأسي .. يا إلهي أنا خائفة”

تاريخ : 15/8/2014

‏”اليوم يوم ميلادي .. يوم بائس كالعادة .. لكن أظن أني رأيت جاكوب في طريق العودة للمنزل .. كان ممسكا وردة حمراء لونها كالدم جميلة جدا .. و كان ينظر لي و يبتسم و أخذ يقترب مني في الشارع لكني أسرعت راكضة إلى المنزل”

تاريخ : 11/12/2014

‏”جاكوب يلاحقني منذ شهور .. انه يخيفني .. لقد ولد و عاش في مخيلتي فكيف بي أراه حيا يرزق..! رأيته اليوم على باب المنزل انتظرته نصف ساعة حتى استسلم و ذهب.. يا إلهي ساعدني لا استطيع إخبار أحد .. لا احد سيصدقني، سيستهزئون بي”

تاريخ : 27/1/2015

‏”جاكوب يأتي إلى غرفتي كل يوم .. لا أعرف كيف .. يوقظني قرابة منتصف الليل و يتوعدني بالسوء إن صرخت أو أخبرت أحدا بأمره و أنا اسكت و ابكي .. يكتفي بمراقبتي و التحديق بي بعينيه اللاتي من صنع مخيلتي ..لا استطيع إخبار أي احد .. أظنه سيقتلني إن فعلت”

تاريخ : 14/2/2015

‏”اليوم يوم الفالنتاين (عيد الحب) .. أخبرني جاكوب انه يحبني و سيكون هذا يومنا أنا و هو فقط ، أتى إلي اليوم .. احضر لي وردة جميلة جدا .. اقترب مني قبلني و حاول الاعتداء علي .. مزق ثيابي أصابني بالخدوش لكنه ذهب بعدما ركلته وقلت له بأني لا أحبه ولا أريده .. أخشى أن يعود إلي الآن .. أخشى أن يرى ما أكتبه هنا .. و أخشى أن يعرف اني أخبرت صديقتي على الهاتف ما حدث معي واني أفشيت سره .. إني اسمع صوت نفسه الغاضب في غرفتي الآن .. أنا خائفة .. لقد أمسك بأحد أقلامي و هو واقف بهدوء في الزاوية اعتقد …..

‏(خربشة في آخر الورقة و بضع قطرات دم)

تاريخ النشر : 2015-04-29

guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى