أدب الرعب والعام

الكهف

بقلم : علي فنير – ليبيا
للتواصل : [email protected]

أسترعي انتباهه مدخل كهف وسط الصخور
أسترعى انتباهه مدخل كهف وسط الصخور

أتخذ مجلسا له في وسط الصحراء تحت تلك الصخرة الكبيرة التي كانت تنشر الظل في قيض الظهيرة ، السراب يبدو له من بعيد بحيرة من ماء منعش … يتماوج سطحها ويبرق .. أعد لنفسه كأسا من الشاي الاخضر … أحتسي ذلك الكأس ببطء وهو يتأمل الصحراء ويشاركها بقلبه صمتها وخشوعها وغموضها ،ةأسترخى قليلا ثم نهض يتمشى بمحاذاة الصخور الضخمة التي نحتتها الصحراء والتي ظلت صامدة رغم مرور السنين في وجه العواصف الرملية شاهدة على روعة الصحراء وغموضها الأبدي …

أسترعي انتباهه مدخل كهف وسط الصخور …. تخفي مدخله سدرة ضخمة تزيد ذلك الكهف إجلالا وغموضا، ترى أي شيء غامض يخفيه ؟؟

أقترب من مدخل الكهف بدافع الفضول مدخل الكهف مظلم وبارد أحس بالانتعاش خطى إلى داخل الكهف بخطى حذرة مترددة أحس وكأن قوة ما قد دفعته إلى داخل الكهف، تدحرج في الظلام ليسقط في هوة عميقة صرخ من الرعب والخوف هل هي النهاية ؟ أغمض عينيه … توقف تدحرجه إلى داخل الكهف فتح عينيه ببطء ليجد نفسه في عالم آخر عجيب …..

لقد عاد إلى الماضي بكل تفاصيله الرائعة … ها هي أمه كعادتها أمام بيتهم العتيق وقد جمعت أعواد الحطب لتعد لهم طعام الغذاء وأبوه بلحيته البيضاء الجليلة ومسبحته الطويلة في يده قد أفترش قطعة السجاد المزخرفة المصنوعة يدويا والمفضلة لديه أمام باب البيت يراقب إخوته وهم يلعبون وسكون قدسي جميل يلف المكان. 

كم هو في شوق ليحتضن أمه ويغرق في حضنها ويقول لها بأنه يحبها وكم هو في شوق ليحتضن أبيه ويقبل يده ويتوسد ركبته وينام ويد أبيه

تعبث بخصلات شعره بحنان وحب …. وفي شوق للانضمام إلى إخوته ليشاركهم لهوهم …. أتجه الي حيث يجلس أبيه بخطوات مترددة …

خطوات معدودة وسيكون مع أبيه وامه اقترب واقترب وفي تلك اللحظة أحس بنفسه يتدحرج من جديد في ذلك الكهف المظلم نادى على أبيه تردد صدي صوته في الكهف بلا مجيب ….

أستيقظ فزعا ليجد نفسه تحت تلك الصخرة والعرق يبلل وجهه ولحيته قام متثاقلا طاف حول الصخور طويلا يبحث عن ذلك الكهف بلا جدوى وصورة الماضي لاتزال عالقة بذهنه تمنى أن يكون ذلك الكهف موجودا وأن يعود إلى الماضي ولو لمرة
واحدة فقط ليقول لمن رحلوا بأنه يحبهم وأنهم لايزالون يسكنون قلبه وينيرون ظلمة حياته وأنهم لم يغادروه أبدا رغم رحيلهم .. 

تاريخ النشر : 2020-09-26

علي فنير

ليبيا
guest
9 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى