تجارب من واقع الحياة

باحثة عن الأمان

بقلم : ليلى – سوريا

كل ما أريد أن أشعر به هو الاستقرار ، لا يوجد لدي سند أو أحد أثق به
كل ما أريد أن أشعر به هو الاستقرار ، لا يوجد لدي سند أو أحد أثق به

أسمي ليلى و عمري ٣٦ سنة ، عِشت عشرون سنة من عمري مثل الأميرات ، و في سن العشرين تزوج أبي أبنة خالته و خان أمي وأصبح لا يهتم بعمله و دائماً يفتعل المشاكل بالمنزل ، أصبحنا لا نشعر بالأمان ، فأمي تركت المنزل من حزنها و لدي أختين و أنا الكبيرة بينهما ، و واحدة من أخواتي مريضة و لا تستطيع أن تتكلم أو تمشي و أنا التي كنت اعتني بها ، تغيرت حياتي إلى الأسوأ مادياً ومعنوياً ، وكلما تقدم لي عريس كنت أرفضه لأني لا استطيع أن أبتعد عن أختي المريضة و التي أحببتها كثيراً كأنها أبنتي وفكرة الابتعاد عنها مستحيلة ،

تعلمت مهنة التجميل وكنت أعمل قليلاً فأبي لم يكن مهتماً ليؤمن مستقبل لنا و كان همه نفسه فقط ، إلى أن جاءت أحداث سوريا و أبي لم يكن يستطيع أن يعمل فقد كان يعمل بمنطقة أصبحت كلها محتلة من قبل المسلحين و ساءت أحوالنا المادية كثيراً ، وأمي أصبحت إنسانة لا تعيش في هذا الواقع من كثرة الصدمات فقد قُتلت جدتي أيضاً في الأحداث ، إلى أن أصبح عمري ٣١ سنة ، تعرفت على شاب و أحببته و أحسست أنه يمكن أن يتقبل فكرة أن لا أبتعد عن أهلي و أن أراهم كل يوم و أن لا يفكر أن يحرمني من العيش بقربهم ، بصراحة لم يكن يهمني وضعه المادي و همي الوحيد أن أتزوج و أظل قريبة من أختي المريضة ، مع العلم أنني كنت أحلم أن أسافر واشتغل ، ولكن فكرة الابتعاد تزول بمجرد أن أتخيل أني سأتركها ، و بعد أن تزوجت منه طلب مني أن لا اذهب إلا مرة بالأسبوع لزيارة أهلي ، وهذا الأمر بالنسبة لي كان مستحيل فأنا لا استطيع أن أظل بعيدة و لا أعتني بأختي ، أنها بحاجتي و صار كره كبير بين أهلي و بينه لأنه ظهر على حقيقته ،

ثم وجدت نفسي حامل و رُزقت بصبي جميل هو كل حياتي ، ولكن يشهد الله أني لم أتغير مع أختي أبداً و ظللت اعتني بها ، فهي لا تستطيع الاعتناء بنفسها أبداً ، إنها مثل الطفل الصغير لا تعرف شيء ، و زوجي أيضاً مستواه المادي ضعيف ، فعدت إلى العمل في صالون تجميل ، و لكنهم كانوا يأخذون تعبي مع دوام طويل مقابل راتب لا يساوي تعبي أبداً ، لهذا تركت العمل وقررت أن أشتري مكنة خاصة بي و أصبحت اذهب للمنازل حسب طلب الزبونة ، أعمل لها أظافرها ، إلى أن جاء يوم و وجدت فيه الزبونة كانت معي بالمدرسة وقالت لي : أنتِ تشتغلي هذا ! ماذا عمل الزمن بك ؟ بصراحة شعرت بالإحراج جداً والأن أنا أعاني من اكتئاب حاد ، فأنا لا استطيع تحمل هذا العذاب ، همي أختي المريضة وعملي الغير مستقر ، و زوجي الذي علمت مؤخراً أنه يفكر ببيع كليته و أن يهاجر بثمنها إلى ألمانيا و يأخذ أبني معه ، وقال لي : إن ذهبتي معنا أهلاً و سهلاً  ، و إن لم تذهبي سأخذ أبني و أرحل ،

و أنا لا أستطيع العيش بدون أختي و أمي ، لم أشعر بالأمان منذ ١٦ سنة حتى عندما تزوجت ، كل ما أريد أن أشعر به هو الاستقرار ، لا يوجد لدي سند أو أحد أثق به ، أبي لم يعد له حول ولا قوه ، أصبح أنسان يائس فقير ، و أمي إنسانة مريضة و زاهدة بالدنيا ، و زوجي أنسان فاشل وبلا طموح ، و ليس لدي كتف أو أخ أو سند في هذه الدنيا ، و أبني لا يزال صغير جداً ، لا أريد أن يعيش تعيساً ، أحياناً افكر بالانتحار ، لم يعد لدي أي أمل للعيش.

تاريخ النشر : 2020-10-05

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى