تجارب ومواقف غريبة

حكايات عن الحسد والحاسدين

بقلم : جمال البلكى – مصر الاقصر اسنا
للتواصل : [email protected]

كانت نظرته كالسهم القاتل و كان الجميع يخافه ويتجنبه
كانت نظرته كالسهم القاتل و كان الجميع يخافه ويتجنبه

هذه القصص حدثت في قريتنا و في النجوع التي حولها ، و الحسد تمني زوال النعمة ، و هو سهم من سهام أبليس اللعين ، وهناك أحاديث كثيرة عن الحسد منها ، قال صلى الله عليه وسلم : الحاسد والحاقد في النار ، و منها قال صلى الله عليه وسلم : العين تدخل الرجل القبر و تدخل الجمل القدر.
 
الموقف الأول :
 
كانا الرجلين يركبان حماريهما وهما يتحادثان ليطويا طول الطريق البعيدة ، و كان الحديث يدور عن غلاء الأسمدة و ارتفاع سعر الأعلاف ، و كان فوقهما سرب من عصافير النيل يطير ، و خطر في عقل الرجل خاطر شيطاني حيث كان يعرف عن رفيقه أنه حاسد و أراد أن يختبر رفيقه  هل به هذا الداء أما أنها افتراء عن الرجل ؟ و قال لرفيقه وهو يهز رجليه على حماره : ماريك في هذا العصفور الذى يحلق فوقنا ، أتستطيع أن تسقطه من السماء ؟.
و رد الرجل بكل هدوء : بسيطة ، و نظر إلى العصفور المسكين وهو يقول له : تعالى يا فرار يا ابن الفرار ، و ما أن أكمل كلمته الأخير حتى سقط صريعاً أمامهما.
 
الموقف الثاني :
 
كان هذا الرجل يشتهر بالحسد ولكنه كان يقاوم نفسه الأمّارة بالسوء بالصلاة و الأذكار ، و لكن في يوم غلبته نفسه كما أخبر الموجدين في جلسة سمر ، في الصباح الباكر خرج ليستطلع حقله حيث تكثر الأشجار التي تحوم حولها الطيور و منها الغربان التي تشتهر بصوتها المزعج ، وكان أحد الغربان يحوم حول هذا الحقل وهو ينعق بصوت عالي و دار حول الحقل مرتين و هو ينعق فوق الرجل ، فما كان من هذا الرجل إلا أن صاح في الغراب : ما الذى أكلته في هذا الصباح جعلك تنعق بهذه القوة ؟ انتهى الرجل من جملته و خر الغراب ميت على الأرض .
 
الموقف الثالث :
 
هذا الشاب اليافع الذى لم يبلغ العشرين كان ذراع أبيه ، حيث كان ذا همة عالية و نشاط و دائم الحركة ، و كان لا يكف عن العمل ، وكان يقضي حوائج الناس في الأوقات التي لا يكون في العمل ، و كانت تقطن بجواره عجوز شمطاء تشتهر بالحسد والحقد على الناس ، و في ظهيرة أحد الأيام التي لا تُنسى أبداً كان الفتى راجع وهو راكباً حماره محملاً بالبرسيم والحشائش لإطعام حيواناته ، و ما أن سمعت صوته وهو يحادث أحد الموجدين بالشارع حتى خرجت اليه مباشرة و قالت : ألا تكف أيها الغلام عن العمل ليل نهار ؟ وما هي إلا لحظات و هو يدخل حشائشه حتى صرخ و جرى من كانا بالشارع و وجدوا عقرب صغير قد غرز ذنبه في مؤخرة قدم الفتى ، و أسرع الجميع للذهاب إلى الوحدة الصحية ، ولكن الطبيب أنهى الكلام : البركة فيكم ، وسط حالة من الذهول والدهشة غير مصدقين ما حدث !.
 
الموقف الرابع :
 
 منذ سنوات طويلة و هذا الفتاة عالقة بذاكرتي لا تبرحها ، حيث كانت هذه الفتاة بارعة الحسن والجمال و أية من أيات الخالق سبحانه وتعالى . كانت تقترب من السادسة عشر من ربيعها ، المياه كانت شحيحة و لا تصل إلا بصعوبة  و أوقات معينة ، و كانت تذهب و بعض الفتيات من جيرنها إلى الشارع الخلفي حيث يوجد صنبور كبير تأتي منه المياه بغزارة و هن يحملنا أونيهن فوق رؤوسهن ، و كانت هذه المرأة الشمطاء تجلس مرتكزة على عتبة دارها تنظر إلى الذاهب وتتابع الراجع ،

و ما أن شاهدت تلك الفتاة حتى تطاير الشرر من عينها و كأنها أول مرة تشاهدها و أخذت تناديها : من أين أنت أيتها الفتاة الجميلة ، ردي على يا جميلة الجميلات ؟ و سرعان ما شعرن الفتيات اللواتي ترافقنها بالخطر المحدق بالفتاة و قلن : لا تردي عليها ، اتركيها في نارها ، ولكن هذه المرأة ظلت تتابع الفتاة بعينيها وهى تردد : من أين لك بهذا الحسن ؟ و وصلت الفتاة إلى المنزل و هي ترتعش من الخوف ، وما أن أنزلت أنية الماء حتى أسندت رأسها على الحائط و راحت في سبات عميق ، وعم الصراخ طرقات الشارع و كل من ينظر إلى الفتاة يقول أنها نائمة و لم تمت .

 
الموقف الخامس :
 
كان هذا الرجل شديد الثراء من ذوى الأملاك في القرية ، لكنه كان حاسداً بطريقة غريبة ، حيث كانت نظرته كالسهم القاتل و كان الجميع يخافه ويتجنبه .

و ذات مرة كان يعبر مزلقان السكة الحديد وكان المزلقان مغلقاً لعبور أحد قطارات البضائع و التي تشتهر بكثرة العربات التي يجرها القطار خلفه. وتململ الرجل من طول الانتظار وهو على ظهر حماره الأشهب والقطار يسير بسرعة بطيئة ، و صاح الرجل في القطار وهو يقول : ألا يوجد لك نهاية ؟ و ما أن اكمل عبارته حتى انشطر القطار إلى نصفين ، والجميع يصيح : القطار،  القطار ! حيث كان نصف القطار الخلفي يسير نحو الشمال والنصف الأمامي يسير نحو الجنوب في مشهد غريب و فريد.
 
أعاذنا الله و إياكم من شر الحسد والحاسدين .
 تمت بحمد الله.

تاريخ النشر : 2020-10-14

guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى