أدب الرعب والعام

نسناس – صاحب التبيع

بقلم : عطعوط – اليمن

ثورك أتلف الزرع و بدد القرع و رفس اليقطين
ثورك أتلف الزرع و بدد القرع و رفس اليقطين

 
رعى الله من قراء و أثاب من علق ، و أحسن إلى من نشر و دقق ، و سلم من سلم الناس لسانه و يده ، وغفر لمن سمى و أستسمى و على النبي صلى.
…………………………………………
تدور أحداث القصة حول جزار محتال نمام و منتقم تجاوز حدود الانتقام ، فباء بأشد الآثام.
لنبدأ :
 
قالت عيشة : يا درويش ، أريد أن أعلّم أبني الشطارة و أمور التجارة ، أمنيتي أن أراه فطن ، فصيح اللسان ، يجيد الغطس و السباحة ، صائم ، قائم ، عالم بالخناس الوناس من الجنةِ والناس ، إن حضر كفا و إن غاب نبا ، فلا يصلني باكي ولا يأتيني منه شاكي ، فسيكون علي العتب بعد أن ولد نسناس يتيم الأب ، لذلك أتيتك بنسناس  لتضمه إلى طلابك و تعطيه من كتبك و أقلامك ، فقد أوصاني أباه طيب الله ثراه إن وضعت ولد أن اذهب به إلى درويش البلد ، فها قد أتيتك به وعلي نفقته مؤنته.

تهلل وجه الدرويش بعد أن قبض البغشيش و قال : دعي عنك البأس ، على يدي سيغدو نسناس مختلف عن كل الناس.
عادت عيشة إلى البيت بعد أن آمنت على نسناس لدى الدرويش ، فمرت على المقبرة وعلى روح زوجها قرأت الفاتحة بعد أن نثرت للطيور الحب على قبرة.
عيشة.

في الصباح تذهب بالأبقار إلى المرعى  و ظهراً تعود إلى البيت لتحضير طعام الغداء ، فتطعم عمها وعمتها الذي أًصيبا بعد موت أبنهما بالعمى ، و بعد الظهر تزور الحقول تتعهد الزرع ، و في نهاية الموسم تجمع المحصول ، تذهب إلى السوق في نهاية الأسبوع ككل الناس ، تحضر الطلبات ، و أثناء العودة تمر على نسناس ، تصحبه إلى البيت لقضاء عطلة الأسبوع.

دارت السنين و جارت فضاقت الأنفاس بعد موت جدي نسناس ، كان نسناس للدراسة قد أتم بعد أن ختم و حفظ تبارك وطه و ياسين ونون والقلم ، كان لعيشة ثور عتي (تبيع) تمرد عن التطويع فصار أمره فضيع ، قطع الحبال و نطح العجول ، فاضحت حراثة الأرض عليه أمر محال ، احتارت عيشة في أمرة و سبب تبدل أحواله ! داس المزارع والحقول وعبث بثمار المحصول ، سمعت عيشة ضجيج و فتحت بعد أن قالت : يا معين ، فرأت الفلاحين على الباب وقفين و على الثور بالسلاسل رابطين.

قالوا: يا عيشة ، ثورك أتلف الزرع و بدد القرع و رفس اليقطين ، أتيناك شاكيين متضررين فأنظري ماذا ستفعلين ؟.
قالت: الأمر لكم إن رأيتم ذبحة ذبحناه و من تضرر بلحمة عوضناه ، وإن رأيتم نبيعه بعناه و بثمنه من تضرر جبرناه ؟.
قالوا: أنصفتي ، بيعيه و عوفيتي و سُمحتي.
ثم انصرفوا بعد أن أوثقوه إلى جذع الشجرة بإحكام.
مر حكيم من الحكماء و على الباب استقام فأستطعم واستسقى ، فأتته عيشة بالماء والطعام  وبعد أن استقرت الأمعاء وذهب عنه الظماء.
قال : هل لديكم عليل أنال به الثواب الجزيل ؟.

أشارت إلى الثور و قالت : لقد كان ودود أليف ، وبين ليلة وضحاها صار عصي عنيف.
التفت و نظر إلى الثور من بعيد فشاهد على جسده آثار ضرب شديد ، ثم اقترب منه  قليلاً فلاحظ الدمع من عينيه تسيل.
فقال: آتيني بخرقة حمراء ، أشك بأن ثورك أُصيب بالعمى.
فعرض الخرقة أمام عينية فتبين أنه لم يعد يرى.
فقال : نفخت عيني الثور أفعى إما في حضيرة الدار أو أثناء المرعى ، و ليس لسم الأفعى دواء ، إنما اعرف محنش مشهور يخرج الثعابين من الشقوق والجحور ، سأجعله يأتيك و يخلصك مما به بُليت بأيسر الأمور.
عقدت عيشة العزم على بيع الثور بعد أن بخرته باللبان والحلتيت والزعفران و كل أنواع البخور.

فقالت : يا نسناس ، عليك الذهاب إلى السوق في البُكر.
وإحضار الجزار فهو على ذود الثور أقدر ، أقبض ذيل الثور لا تفكه إلا بعد أن تستلم الثمن ، عشرون دينار ، لا تقبل رهن راهن و لا ضمانة ضامن.
ذهب نسناس طريق السوق لأول مرة ، عقل فارغ و نظر زائغ و ثغر ضاحك بدون سبب ، كلما رأى شيء نظر اليه و تعجب !.
سأل صاحب الطبل والمزمار عن مكان تواجد الجزار ؟.
فاصطحبه إلى حفل زفاف ، فشاهد شخص يذبح الخراف ، فأمسك بطرف ردائه و قال : إمي تُقرئك السلام الكثير وتطلب منك  الحضور لتشتري ثورنا البصير.

نظر اليه الجزار فامعن التفكير ، ثم طلب منه الانتظار جواره حتى ينتهى من أمر الجزارة.
أجلس الجزار أحد أبنائه في موضعه و مشى. الجزار مع معاونيه خلف نسناس ملبي طلبه.
وصلا قبل الغداء ، كانت عيشه في المرعى ، شاهد الجزار الثور فأُعجب به ، فكان لا يُرى عظمه من ضخامة لحمه.

فقال : كم ثمنه ؟.
نسى نسناس الثمن الذي وضعته أمه.
فتلعثم وقال : الذي قالته أمي… !.
الجزار: كم ؟.
نسناس : … الذي قالت أمي !.
استمر نسناس بعض الوقت ناسي وأخيراً تذكر و قال: عشرين  … لا راهن و لا ضمين.
أدرك الجزار غباء نسناس فدار برأسه الوسواس.
فقال: آت معنا إلى السوق أسلمك الثمن وافي ، فما لدي الأن غير كافي.
وافق نسناس و مشى معهم ماسك بذيل الثور.
و في السوق احضر الجزار السكاكين فرأهم نسناس لذبح الثور مقبلين ، فاعترض و قال : لن تكونوا له ذابحين قبل أن تكونوا لثمنه دافعين.
قال الجزار : يا نسناس ، لا بد من ذبح الثور وبيع لحمه للناس ، أبقى ممسك للذيل بيديك بينما نبيع لحمة حتى نجمع ثمنه فنعطيك.
وافق نسناس واستمر قابض بينما نظره طائش في السوق لما يراه معروض من العنب والبرقوق .

أكمل الجزار مهمته فقطع الذيل من منبته ثم طلب من نسناس فتح يده ، فوضع نصف دينار في قاع كفه الشمال وقال : قُل تسعة عشر .
ثم وضع في قاع كفه اليمن نصف دينار آخر وقال: قُل عشرين .
وخذ ذيل التبيع لأمك فقد أصبحت من الرابحين.
عاد نسناس ضاحك مسرورقابض في أحد كفيه ثمن التبيع و في اليد الأخر الذيل يحوم به فوق راسه بشكل مريع.
كانت عيشة ناظرة وصول نسناس من حين إلى حين.
فوصل و قال قبل السؤال: يا أمي إلي أفردي يدك و ابسطي و بعدي عدي.
ففعلت وهي مبتسمة وبنسناس متعشمة لعلها ترى ثمرة تدريسه و تعلميه.
فوضع نصف دينار في قاع يدها وقال: قُولي تسعة عشر .
قالت : كيف ؟.
قال: أنتِ قولي تسعة عشر ، قالت : تسعة عشر.
ثم وضع فوقه نصف الدينار الأخر
و قال : قولي عشرين.
هذا ثمن التبيع وهذ الذيل لنا ، فنحن رابحين.

ألقت عيشة بالدينار على العتبة و لسواعدها حمشت  و من يده ذيل التبيع أخذت ، و على وجهه على الأرض بطحت ، فأوسعته جلد في الظهر والأوراك و الرقبة.
سمع الناس الصياح فهبوا وحول نسناس تجمعوا واحتشدوا ، وعن السبب سألوا حتى تبينوا ،
فحالوا بين عيشه ونسناس و أزالوا عنها البأس ، فباتت عيشة من نسناس غاضبة لحظها نادبة وعلى ما فعلته نادمة.
انتشر خبر نسناس فصار مثال يضُرب به من كان غبي من الناس.
استمر نسناس في مساعدة أمه في الحقول و جمع الثمار و جني المحصول و رعي الأبقار و تربية العجول.
كان لعيشة دجاج باضت عشر بيضات ، فوضعتها تحتها ففقست فخرج سبعة كتاكيت ، استمرت الدجاج في رعي الكتاكيت ، افتقدت عيشة أحد الكتاكيت ، فبعد أن كان عددها سبعة صارت ستة.
وفي اليوم التالي نقص كتكوت ، فاستمرت الكتاكيت في التناقص.
شكت عيشة بالثعلب والحداء.

بقي كتكوت واحد فطلبت من نسناس مراقبته من الصباح حتى المساء ، شاهد نسناس دخول الكتكوت بعد أمه حضيرة الأبقار والحمير ، و فجأة سمع صياح الدجاج فخرجت ولم يخرج بعدها الكتكوت الصغير ، هرع إلى الحضيرة فشاهد أفعى كبيرة ملونة لها عينان واسعة وهى للكتكوت ملتهمه.
فر نسناس هارب مفزوع فاخبر أمه بما رأى و مصير الكتاكيت خلال الأسبوع.
حضرة عيشة إلى الحضيرة مسرعة ، كانت الأفعى قد اختفت ، فكانت لنسناس غير مصدقة  فقد أصبح لديها منزوع الثقة.

بعد أسبوع ولدت البقرة ، و خلال يومين مات العجل ، فظهر على عيشة الحزن والحيرة.
تمنعت البقرة عن الحليب وظهر على ضروعها ورم و احمرار عجيب ، فلم تذهب بها عيشة المرعى و أبقتها في الحضيرة ، فدخلت لحلبها وقت الظهيرة ، و قبل الدخول سمعت حفيف الأفعى و عقيق البقرة ، فتأخرت ومن ثقب الباب نظرت ، فشاهدة أفعى ضخمة على أرجل البقرة ملفوفة مقيدة و هي ترضع ضروعها بشدة عالية ، حتى فرغت  ثم انسحبت و إلى أحد الثقوب في الجدار دخلت حتى توارت و اختفت.

هال عيشه ما رأت ! فأرسلت نسناس إلى الحكيم في الحين يطلب منه إحضار محنش الثعابين ، فحضر المحنش في الصباح و خلع جميع ملابسه و لم يبقى إلا ما ستر به عورته.
فدخل الحضيرة متجرد من ملابسة ، ماسك في يده مرآة و في يده الأخرى  جنبيته ( خنجر)
فكان يلف على الصبول و يدور ويتلو عبارات لم يفهمها الحضور ، و فجأة خرج بالأفعى نصفها ملفوف على ساعدة و يجر نصفها الأخر بعده.

ثم قال : تجهزوا بالأحجار و فكوا الزحام ، سألقيها على الأرض فانتقموا منها شر انتقام.
فالقاها فكانت تزحف ببطء و هي من الضخامة بمكان ، فانهالت عليها الأحجار حتى مُزقت و خرج منها شحم الكتاكيت و دسم حليب الأبقار ،
بعدها أحست عيشة بالأمان ، فأطلقت لنسناس العنان في التصرف والقيام بما يراه من الأعمال دون استشارة أو أستاذان.
فجال في خاطرة الانتقام فقد أضحى مفتول العضلات ، قادر على النزال واستخدام الحُسام ،
جميل الوصف ، كحيل الطرف ، نحيل الخصر ، ناعم الكف.

و في أحد الأيام لبس جلباب أمه والحجاب  وتبرقع بالنقاب و وضع على كفيه النقش والخضاب و على معصمه الأساور و تزين بالريحان و الشذاب ، و جمع ثياب في صرة وحملها على راسه و إلى الجزار كانت وجهته.
 كان الجزار مزحوم والناس من حوله تحوم ، فجلس نسناس جوار الجزار بحياء ، التفت الجزار فإذا هو بشابة هيفاء غيداء .
فقال: من أنتِ وماذا تريدي ؟.
رد نسناس بصوت أنثى:  أنا غريبة الديار ، طريدة ، وحيدة بعد أن مات جميع أهلي  يطاردني الأشرار ، و أنا لا زلت عذراء أدافع عن شرفي بإصرار ،
و هذه صرتي فيها ثيابي و جواهري ، فهل لك أن تأويني ومن الأنجاس تحميني ؟.
فوضع اصبع السبابة على عينه تعبير عن موافقته واستعداده ثم قال لأولاده : اذهبوا بها إلى البيت معكم.

حتى إذا ما أتممت بيع اللحم لحقتكم ، والحذر ان ترى أي أذية منكم.
أثناء الطريق حصل شجار بين أولاد الجزار ، كل واحد منهم يريد أن تكون من نصيبه ، فاجمعوا الرأي أن ينتظروا وصول أبيهم فتكون الكلمة كلمته.
كان للجزار سبعة أولاد ذكور شباب جميعهم أعزاب ، فكان البيت بعد موت أمهم شبه خراب.
انهى الجزار البيع مستعجل على غير عادته و حمل ما تبقى من اللحم فوق حماره و ترك أطماره و أدوات جزارته مبعثرة سائبة غير محرزة ، عائد إلى بيته في غير مواعيده ، مشغوف الحال ملهوف البال ، فقد هل عليه الهلال بمن تحل محل إم العيال ، فأشترى من السوق كل طلبات العرس والزفاف ،

و أثناء الطريق عرج على أحد الحمامات فاغتسل ولبس ملابس لائقة و تعطر بأفخر أنواع العطور ليذهب عنه رائحة سخم اللحم و دسم الشحوم ،
فوصل البيت مشلوع القيافة ، و وزع اللحم على الجيران كي يطبخوه و يقوموا بواجب الضيافة ، تلاقاه أولاده السبعة قائلين : من منا يا أبي ستزوجه البنت التي في الغرفة ؟.
وبداء كل واحد يشرح لأبيه رغبته في الزواج.
فبرز الأكبر بتحدي وقال : أنا أكبر أخوتي وهذه البنت من نصيبي ..
تلاه الثاني والثالث ، كلاهما مصرين كل واحد يريد الزواج قبل الثاني.
رفع الأب العصى في العالي و بهيبة الأب المثالي قال : أباكم أولى يا عيالي ، أنتم تعلمون بحالي بعد موت أمكم ماذا جرى لي.
صمتوا مذهولين مذمومين مدحورين.
فقال: عليكم أن تظهروا بمظهر السرور والابتهاج و أن يذهب أحدكم لإحضار الفقية لعقد الزواج.

دخل الغرفة فوجد البنت محجبة منقبة لا يظهر من جسدها غير الكفان المنقشان ، جالسة على حافة الفراش ،  يعتريها الخجل والرعاش ، فأعطاها الحلوى والزبيب وحب السمسم والجلجلان و طلب منها الكشف عن وجهها المصان.
فقالت : كشف الوجه لغير ذي محرم حرام ، لن أكشف لك حجاب و لن يغلق علينا باب.
فأكلت من تحت النقاب و قالت:  أين نساء هذا البيت ؟ أين زوجتك و البنات ؟.
2

سأغادر الأن بيتك ، سأذهب إلى من يجيرني غيرك !.
فتلطف و شرح لها الحال وطلب منها أن تحل محل أم العيال بالزواج الحلال .
فأبدت رضاها واشترطت شروط من ضمنها أن لا تحضر النساء حفل زفافها وحناها ، و أن تبقى معه بمفردها بعد عقد الزواج عليها ، فهي تخشى أن تعرفها احدى النساء فينكشف أمرها  فيأتي أولاد عمها للانتقام منها ، و أن يكن مهرها عشرون دينار.
وافق الجزار بلا تردد أو انتظار ، حضر الفقيه مع الشَهود وكتب الكتاب  بعد أن وكلت للعقد ، فكان الفقيه ولي من لأولي له .
احتفل أولاد الجزار في الباب  على الطبل والمزمار وصوت الرباب ، لم تحضر أحد من النساء و حل المساء.

كان بيت الجزار مكون من طابقين.
فقالت: من عاداتنا أن يبقى العرسان في الطابق الأسفل والمحتفلون في الطابق الأعلى .
وأن لا يدخل العريس غرفة العروس إلا في المساء.
استمر الاحتفال في الطابق العلوي من قبل أولاد الجزار و من حضر من الناس.
و في المساء دخل الجزار غرفة نسناس ، فجلسا يتبادلان نظرات الحبيب إلى الحبيب و يأكلان الحلوى و حب الزبيب ، فطلب منها كشف النقاب و خلع الحجاب.
فقالت : جرت العادة أن يسلم العريس للعروس قبل كشف الحجاب والدخلة كل مفاتيحه و أن يطلعها على كل خزائنه وصناديقه و أمواله كبادرة حُسن ثقة.
فبادر و أعطاها مفاتيحه وكشف لها خزنته أمواله و صناديقه ، ثم قال : حان الأن وقت الدخلة فلم يعد لك أي حجة.

قالت: العادة أنه وقت الدخلة يحيي المحتفلين بالطابق الثاني الحفلة برفع الصوت و عزف الرباب و دق الطبلة ، فإذا صدر من العروس صوت ألم الدخلة فلا أحد يسمعه ، عليك أن تخرج رأسك من النافذة وتطلب منهم أن يحيوا الدقة والدبكة.
أخرج الجزار رأسه من النافذة يتأمل ، فانقض عليه نسناس انقضاض الذئب على الحمل فلم يستطع أن يتحلحل أو يتململ ، حشر رأسه في النافذة وانهال عليه بالضربات القاضية.
كان يصيح وكلما صاح زاد المحتفلون من الصراخ ظناً منهم أنه يطلب منهم زيادة الدبكة والصياح ، تمكن نسناس من الجزار فشد وثاقه بعد أن هشم أنفه و خلع أسنانه و كسر أضلاعه ، و هو يقول: هذا من قيمة التبيع وعاد.
 
فقد الجزار وعيه و أخذ نسناس كلما في خزنة الجزار من أموال و خفية لاذ بالفرار .
استمر المحتفلون إلى الأسحار ، فأتى بعض الجيران بطعام الإفطار ، فوجد الجزار طايح و دمه حوله سائح ، فابلغ أولاده فهرعوا اليه و أفاقوه وعما جرى له سألوه ، فأخبرهم بأن صاحب التبيع هو من ضربه و شد وثاقه و أنه كان رجل وليس أمرأة.
ثم وجدوا الخزنة فارغة والصناديق خاوية.
ظهراً عاد نسناس إلى الباب بعد أن أزال عن كفيه الخَضاب و خلع الجلباب ولبس ثياب الاستطباب و أودع الأموال لدى عيشة وحمل حقيبة حكيم داخلها موس و ريشة ، وقف باب الجزار يسمع الأخبار و أولاده متجمعين يتسألون عمن يكون صاحب التبيع شر الأشرار ؟.
رأوا الطبيب فقالوا : هيت ، والدنا جسده كله كدمات.

مكسر القواطع والأضلاع منزوع الثنايا ، هل لديك القدرة على علاجه و تطبيب جراحة ؟.
قال : دعوني أفحصه  و أقف على أمره.
فدخل فوجده مغطى بلحاف ، مضمد بالبلوط و أوراق الصفصاف.
فطلب ماء ساخن بالملح ممزوج و طلب من الجميع الخروج.
وقال : لا تدخلوا حتى و إن سمعتم صياحه ، ففي صياحه شفائه من علته و بلائه .
بعد أن خلاء به أخرج المشرط و لجسمه قطع ولفمه خاط وهو يقول : تسعة عشر ، عشرين ، أنت من الرابيحين ، فصاح هذا صاحب التبيع ، فلم يكن له أحد من السامعين…
ثم رش الجروح بالماء الساخن المملوح فاحترق وساخ وعلى وجهه صار مبطوح ، فلفه باللحاف وخرج ، فقال: لا ترفعوا عنه غطاه إلا إذا حضر عشاه ، دعوا العقاقير ترفع عنه بلاه.

فدخلوا عليه في الوقت الذي قال ، فوجدوه في شر حال ، شرطات المحجم تعم جسده كأنه خروف نُزع عنه جلده ، مدمي مملوح رائحة النتن عنه تفوح ، هامد خامد عدى بعض الآهات.
استنطقوه فنطق بعد أن ضموا أضلاعه فشهق.
فقال : ليس طبيب إنما هو صاحب التبيع شط جسدي ومزق.
احتاروا بأمرة و من هو صاحب التبيع و ما قصته و خبره !. فاستمروا بتطبيبه و وضع المراهم عليه و تضميده .
مضى شهران و لم يظهر الجزار للاعيان ،
و نسناس يتردد على السوق بين الحين والأخر
لمعرفة ما إذا كان الجزار قد حضر ، بعد مدة حضر الجزار إلى المجزرة يرافقه أولاده يمنته و يساره.

بلغ نسناس الخبر فتلثم بعدما و أتزر ، فكمن له في منتصف الطريق ، وصل الجزار راكب على حماره بمفردة و كان قد سبق عياله.
استوقف الحمار و قال: سيدتي تنتظرك على أحر من النار ، فأرسلتني كي اصطحبك إلى الدار ، فقد بلغها عنك كل الأخبار.
قال الجزار: و لكني لم أراك من قبل لديها.
رغم ترددي عليها باستمرار.
قال : أنا خادمها الجديد ، و دائماً تحدثني عنك وعن كرمك الفريد ، وعن حبكما لبعض الشديد ، فقد طال غيابك و قد اشتاقت كثيراً لوصالك.
تنهد الجزار بعد سماعة أخبار معشوقته ، فأبدا رغبته للترويج عن نفسه حسب عادته ، سبق نسناس و تبعه الجزار راكب على الحمار.
كمن نسناس في مرقب ضيق على جانب الطريق ،
وعند عبور الحمار انتفض نسناس من الحفرة محدثاً كومة من الغبار ، فزع الحمار بشدة فرفع يديه واقفاً على رجليه ، فألقى بالجزار على منحدر فتردى ، فأضحى في أسفل الحيد مغشي عليه مسجى .

فامسك نسناس بالحمار و سار به إلى معشوقه الجزار.
حكى لها بما جرى وصار و مكان تواجد الجزار
و أنه عابر سبيل ، فطلبت منه أن يعود برفقتها كي يساعدها ، فاعتذر و تنكر كون والدته مريضة وهي تحتضر.
فتوجهت مسرعة باتجاه مكان تردي الجزار ، بينما نسناس ذهب إلى دار الجزار فأخبر أولاده بما حدث لأبيهم عندما كان في طريقة إلى معشوقته…
أفزعهم الخبر و لم يسألوا عن هوية من أخبر ، فقد أيقنوا بصحته كونهم على علم مسبق بعلاقة أبيهم بالمقهوية غزال و مدى حبها له وعشقه.
ذهبوا لنجدة أبيهم فوجدوه في أحضان غزال مغمى عليه ، مرضوض العظام تسيل الدماء من أعقابه و الأشواك مغروزة في سائر جسده.
وعندما أفاق سأل غزال عن خادمها الجديد الغدار و شرح لها كيف تسبب بتعثر الحمار.
قالت : ليس لي خادم ولم أعلم بأنك قادم ، و لم تصلني أخبارك و لا أعلم بما جرى لك.
قال : هو صاحب التبيع المارق بعد البلادة صار حاذق.
حمله أولاده إلى البيت عليل و مضى وقت طويل ، لم يحضر السوق كعادته ولم يظهر مع أولاده .

رأى الجزار أن صاحب التبيع صار خطر مهدد لحياته  وأنه يراقبه في ذهابه و إيابه ، و أن أولاده عاجزين عن حمايته.
فلجأ إلى الحيلة ، فطلب من أولاده أن يعلنوا موته و يقوموا بتشييع جنازته كي ييأس صاحب التبيع منه فيكف عن مطاردته.
نفذ أولاده ما أمر فانتشر الخبر و حضر الناس لتشييع الجزار و دفنه ، علم نسناس بموت الجزار فحضر للتحري من صدق الخبر ، حُملت الجنازة والناس حولها وتحتها وخلفها وأمامها.
أراد نسناس التأكد من موت الجزار فدخل تحت الجنازة و بمخيط حديد وغزة بشدة ، فصاح الجزار من النعش صاحب التبيع بينكم.
القى المشيعون الجنازة على الأرض و فروا هاربين .
3

وقالوا : سبحان محيي العظام وهي رميم ! لن نشيع بعد اليوم أي أحد من الجزارين.
بحثوا عن صاحب التبيع فلم يجدوا له أثر.
أجتمع إولاد الجزار و قرروا الانتقال من مرحلة الدفاع الضعيف إلى مرحلة الهجوم العنيف.
حملوا السيوف والمقاصم و تزودوا بالمال و ترجلوا البغال و غدوا على حردٍ صارم.
كان نسناس قد تزوج من أفضال المال الذي أخذه من بيت الجزار ليلة الوصال ، و بنا بيت جديد في وادي بعيد .
في حين وصل إولاد الجزار إلى بيت نسناس القديم بالسلاح مدججين.
فسألوا عنه ؟ فقيل لهم : أنه أنتقل منذ زمن تجنباً لحصول الفتن.
بلغ نسناس تتبعهم له فتحصن ، رقبهم أسفل النقيل لاحقاً حماره و عليه حمل ثقيل.
كان قد حشاء في سوءة الحمار عشرة دنانير.
لحقوا به فسألوه : أنت نسناس ؟.
رد: نعم !.

ثم ضرب الحمار بالعصاء فضرط قاذفاً دينار على الأرض حط.
أنحنا نسناس و أخذ الدينار من الأرض و نظفه  و في جيبه حفظه.
طلبوا منه الوقوف فهوى بالعصا على الحمار
فقذف بدينار آخر ، فأخذه و في موضع الأول وضعه.
فاستلوا السيوف ووضعوها على عنقه.
قال : اتركوني في حالي فقد تبت عن كل أفعالي.
أعلم أنكم أولاد الجزار المكار و أنا صاحب التبيع الغدار ، و إلى هنا يكفي ما جرى و صار ، فقد رُزقت بهذا الحمار يقذف مع كل روثة دينار فلم أعد بحاجة لمكر المُكار وكيد الفُجار.
قالوا: إن أردت ذلك عليك أن تبيعنا الحمار الذي يخرج مع كل روثة دينار.
أبدا انزعاج غير مألوف و قال :
إن بعت حماري ضاع ضماري و رأس مالي و تبدد رزق عيالي .
قالوا: لا مفر لك من بيع حمار العجب
أو تقطيعك إرب.
اذعن نسناس فأعطوه ما معهم من ألوف فلم تفي ثمن الحمار ، فرهنوا السيوف بألف دينار.
أعطاهم نسناس شروط استثمار الحمار.
فقال : ضعوه في غرفة في دور ثالث محكم التبويب و ضعوا له كيسين تمر و قدح شعير و مثلهما زبيب ، فلا تفتحوا عليه الباب إلا بعد مضي مدة شهرين ، ستجدوا الغرفة مليئة بالدنانير.
فأنفقوا أول كيسين زكاة حولين  للفقراء والمساكين والمحتاجين والمدينيين ، و لا تكونوا من القانطين ، فتذهب عنكم النعمة وتحل عليكم النقمة.
عادوا إلى الجزار بالحمار ، فتوجهت اليهم الأنظار.
فتسألوا: هل صاحب التبيع أنسان أم حمار ؟.
ردوا : عليكم بالانتظار ، فهذا الحمار ليس ككل حمار ، هذا الحمار روثه درهم و دينار.
صعدوا بالحمار الدرج كرهاً و ادخلوه غرفة ذات شباك و أغلقوا بابها ، بعد أن وضعوا التمر والزبيب والشعير والماء داخلها.
اكل الحمار فتنعم فاخرج رأسه من الشباك فنغم بصوت جهور من المغرب إلى السحور ، بعض الجيران ترك البيت وسار  بسبب  نهيق الحمار.
 
اكتمل الشهران فحضر الجزار و معه كبار التجار و الأهل والجيران منتظرين فتح غرفة الحمار ليظفروا بما تيسر من درهم أو دينار.
خرج الحمار ضعف أضعاف ما كان عليه من غلظة الجسد يُخشى عليه من العين والحسد و خرج بعدة من الباب آلاف مألفة من البعوض والذباب ، تنبعث منها رائحة النشادر والبول المخمر مليئة بالروث و لا يوجد فيها دراهم مكدسة ولا دنانير مركمة.
جُن حنونهم مما جرى لهم ، فهاجوا و ماجوا ثم انطلقوا نحو نسناس مسرعين ، فبلغوا عقر داره الجديد فوجدوا أمه و زوجته واقفتان ، نظروا اليهما بتمعن ، ثم عن نسناس سألوهن .
كونه أصبح لديهم مطلوب لاقترافه وزر كبير من الذنوب.
قالت زوجته : أنه في اقصى الوادي حارس لشجرة الدراهم.
فجابوا الودي خلف نسناس حاثين الطلب كاشفين السهل بأبصارهم.

في نهاية الوادي وجدوا نسناس الحافي تحت شجرة كبيرة ضخمة الفروع وهو جالس متكي.
اشهروا السيوف وطوقوه ، فاستسلم ، فربطوه و وثقوه ، وهموا بأخذه ، فطلب منهم مهله كي يجمع الغلة ، فاخذ زبرة حديد و بجذع الشجرة دق دقآً شديد ، انهمرت البقش من على الشجرة إلى الأرض بكثرة.
انذهلوا مما رأوا !.

فقال : رزقني الله بالمال الوفير بكثرة ، ففي الصباح هزة و في الظهيرة هزة و في المساء هزة ، و أنا أبحث عن عمال لمساعدتي في لم المال و جمعه.
قالوا: خدعتنا بالحمار ، لم يعطينا درهم أو دينار.
قال : لقد كان أحدكم على جنابه عند فتح بابه.
كل واحد شك بالأخر فقرروا أن يكتموا عن أبيهم الخبر.
فأخذتهم الحمية فقالوا: أيهما تفضل قطع رأسك بالسيف ! أم تبيعنا شجرة الدراهم دون حيف؟.

طأطأ راسه و أجهش بالبكاء وقال :
هل أبيع رزقي الذي وهبني ربي من السماء ؟ هذا هو البلاء لا غيره و لا سوى.
اجمعوا لكم محصول هذه الهزة من على الأرض
ثم اعتبروها عندكم قرضة. 
فتنمروا واستكبروا وعلى موقفهم اصروا ، و تحت وقع الحسام تظاهر نسناس بالخضوع التام.

فأعطوه ما معهم من أموال ، فأخذها و باع الشجرة و نبذهم وشد الرحال.
قبعوا تحت ظل الشجرة فرحين ، حل وقت الظهر السعيد ، فدقوا جذع الشجرة دق شديد ، تساقطت من الأوراق بضعة دنانير.
حل المساء فدقوا فنزل النذر اليسير ، و في  الصباح دقوا ثم هزوا
ولكن لا شيء سقط مما تمنوا.
شعروا أنهم خُدعوا ، أقاموا بعيرهم عجلين نحو نسناس مسرعين ، قفشوه فوثقوه و إلى الصندوق أدخلوه وعلى ظهر البعير حملوه.
فساروا به نحو أبيهم ليريهم فيه ما يشفيه ويشفيهم.
شاهدوا على جانب الوادي منهل فأناخوا على قارعة الطريق الجمل و ذهبوا إلى عين ماء بعد أن شعروا بالظماء.

استمر نسناس بالصياح  الشديد ، كان يتواجد في الشعب راعي فطن لقن ظنان شنان لم يعيبه  شيء عدى رغبته الشديدة للزواج والإحصان ، سمع الصراخ فأتى من بعيد.
اقترب و أمسك على ظهر الصندوق بأيد.
فقال: ماذا جنيت حتى غلوك وإلى الصندوق أدخلوك ، هل قتلت حي من الأحياء ؟.
أم بترت عضو من الأعضاء ، هل هتكت عرض من أعراض النساء ؟ لعلك سارق بيوت محرزة أو مواشي وخيول مسومة.

قد تكون عبد من العبيد البائقين صبأت عن المشتري وعدت إلى البائعين.
أظنك أسير أحاط بك المقاتلين في معركة كنت أنت وأصحابك فيها منهزمين ، أخالك عاق والديك ، للضرع الذي رضعت منه عضيت.
هل خنت أمانه استأمنت عليها واسترعيت.
أجبني فأصدقني قبل أن أعود من حيث أتيت ؟.
رد نسناس: من أنت ؟ لقد تطاولت و تعاليت !.
رد: راعي !.
نسناس: هل أنت متزوج ؟.
رد: كلا ؟.
نسناس: إنهم يريدون تزوجي و أنا لا أريد الزواج !.
الراعي: لماذا ؟ وهل هناك مانع يعرضك للإحراج؟.
نسناس: إن كنت للزواج تتوق عليك إخراجي من الصندوق ، و حل محلي وتزوج بدلاً عني
بسيدة الحسن والدلال ابنة الوالي.
فتح الراعي الصندوق بارتياب و خرج نسناس ينتفض كالسنجاب ، تبادل مع الراعي الثياب
و أخذ منه غرب الماء وشبابة الرباب.
دخل الراعي الصندوق و تقرفص و أحتاس ،
اغلق عليه نسناس بالترباس و نصحه بأن يستمر في الصراخ بشدة مثلما كان يسمعه حتى لا ينكشف أمره.

أخذ نسناس الدلو والعصاء و مشى بعد الغنم في المرعى.
عادوا من عين الماء أنهضوا الجمل و مشوا على عجل ، أوصلوه عند الجزار .
فقال: لا تدعوا عيني تراه ، دعوه في الصندوق ممدود ، ثم اذهبوا فالقوه في ماء البحار فتلتهمه الأسماك كما تلتهم الدود ، فلم يبقى له على الأرض وجود ، أخشى أن قتلناه و قبرناه و أوري ثراه أن يحيي بعد موته و يعود للحياة.
فذهبوا للساحل فالقوا بالصندوق بما فيه في بحر الظلمات.
مر أسبوع زمان فصادفوا نسناس في نفس المكان
و أمامه قطيع أغنام وضان ، فاقتربوا منه غير مصدقين ما تراه الأعيان.
فسأله أحدهم: أأنت نسناس ؟.
رد: نعم؟
فقال : و كيف نجوت من البحر الزاخر ، و لمن هذه الأغنام ؟ أجب و هات من الأخر ؟.
رد: على أيديكم حلت بي النعم ، فقد ألقيتموني إلى بحر الغنم ، فهذه الأغنام هي ما استطعت من البحر إخراجه  بعد جهد وغم.
ولو كنتم ألقيتموني إلى أبعد بكثير  لكنت قد وقعت في بحر البقر على أرجح تقدير.
سمع أولاد الجزار ذكر كلمة بقر فسال اللعاب و زاغ البصر لخوض غمار هذا البحر ليظفروا بأكبر عدد من الثيران والبقر.
ثم قالوا : ليس لك من غضبنا مناص  و لا من انتقامنا خلاص.
عليك أن تدخلنا بحر البقر ما لم  سنأخذ أغنامك ونفصل رأسك عن جسدك.
قال : دعوني أذود الأغنام إلى الديار
ثم أعود أدلكم على المسار.

رقبوه وتعقبوه فأستودع عيشة بعد أن ادخل الغنم الزريبة ، فطفق عائد اليهم ليكمل الأعيبه ، وجدهم قابعين على أحر من الجمر ناظرين .
فقال : هل ما زلتم مصرون على خوض البحر ماضون ؟ هل أنتم سباحون غواصون ؟.
قالوا: أمض بنا لنا مالك وعلينا ما عليك !.
أوصلهم حافة شاهق على الساحل.
فقال : هذا هو بحر البقر سعِد و أسعد من غاص فيه و أستقر.
سيعتريكم الخوف فأخوضه وحدي ولن تتجرأوا على القفز بعدي ، ولكن دعوني أربط أعينكم ليذهب الخوف عنكم.
فغطى أعينهم بإحكام و أوقفهم خلف بعض على التتابع.
وقال : سأكون أول القافزين فإذ ما سمعتم ارتطامي على الماء لحقتم بي مسرعين واحد تلو واحد ، فأن تأخرتم ستكونون من التائهين.
سمعوا وعوا وتهيئوا.

حمل نسناس حجر و تقدم و إلى البحر رجم ، و انحاز على جنب.
فتقاطر السبعة بعد أن سمعوا صوت وقوع الحجر في البحر .
فوقعوا في البحر غارقين لثيابهم مرتدين لا ناصر لهم و لا معين ، فقضوا نحبهم و أنتهى أمرهم .
عاد نسناس إلى زوجته و أمه حاملاً البشرى لقضائه على الأعداء .
وقبل الوصول برز لنسناس الغول فاجتثه عرضاً و طول ، فأفناه و كان جزاه بما اقترفته يداه.

أتى الجزار منتقم فسبى زوجته و تزوج بإمة واستولى على أغنامه وهكذا صار أولاد الجزار في جوف الأسماك لول ، وغدا نسناس هشيماً في أحشاء الغول ، فلم يكن أحد منهم قد أقتبر ، و لم يوجد لهم على وجه الأرض أثر.
انتهت القصة  و من يحب النبي صلى.
 
الحكمة من القصة :

من تجاوز حدود الانتقام حلت به الآثام.
من ذرى الحيلة جنى الفقر.

هوامش : 

نقبل : طريق يمر بمكان مرتفع مثل الجبل أو وادي عميق.
المحنش : هو شخص يجيد التعامل مع الأفاعي و يقوم بالامساك بها و يستعرضها مقابل المال.
 
 
ملاحظة : هذه الرواية مستوحاة من التراث الشعبي اليمني.

تاريخ النشر : 2020-10-30

الفهد

اليمن . للتواصل مع الكاتب : [email protected]
guest
22 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى